عناصر استراتيجية النصر الامريكية في العراق

*الدكتاتوريات تبدو منظمة وعندما يقوم شخص واحد باتخاذ جميع القرارات أما الديمقراطيات فتبدو وكأنه يسودها الفوضى وقلة النظام..

* حكومة جديدة ستبزغ من الفوضى في العراق وستكون ممثلة لإرادة جميع العراقيين وليس لإرادة ديكتاتور واحد قاس فقط..

* يجب أن يكون لدينا الصبر بينما يكافح العراقيون لبناء الديمقراطية في منطقة مضطربة من العالم..

ألقى الرئيس بوش يوم 10 الجاري خطابا رئيسيا أمام أعضاء جمعية المحاربين القدماء في الحروب الأجنبية في واشنطن العاصمة، شرح فيه بصورة مسهبة تفاصيل العناصر الأمنية والسياسية والاقتصادية لاستراتيجية الولايات المتحدة من أجل تحقيق النصر على الإرهاب في العراق.

وأوجز بوش في خطابه ما تحقق من تقدم حتى الآن والتحديات الماثلة أمام حكومته مع بداية العام 2006. وقال في هذا الصدد: "رغم العقبات التي يواجهها العراقيون، فإنهم أثبتوا أنهم يستطيعون التكاتف في سبيل الوحدة الوطنية. تذكروا ما حدث بعد الانتخابات. لقد بسط الزعماء الشيعة والأكراد الذين فازوا في انتخابات كانون الثاني/يناير، 2005، يدهم للعرب السنة الذين لم يشاركوا فيها، فمنحوهم مناصب في الحكومة ودوراً في صياغة الدستور الجديد. 

ويتعين على العراقيين أن يبسطوا يدهم مرة أخرى ويتواصلوا عبر الانقسامات السياسية والدينية والطائفية وأن يشكلوا حكومة وحدة وطنية تمثل وجهات نظر جميع العراقيين. ونظراً لكون العرب السنة شاركوا بأعداد كبيرة في انتخابات كانون الأول/ديسمبر، فإنهم سيلعبون الآن دوراً أكبر في البرلمان الجديد وسيكون لهم نفوذ أكبر في الحكومة العراقية الجديدة".

أما بالنسبة لأهداف الولايات المتحدة في العراق في المرحلة المقبلة، فقال الرئيس الأميركي: "سنسستمر في تسليم المواقع إلى العراقيين كي يستطيعوا الدفاع عن الديمقراطية، ويستطيعوا القيام بالعمل الصعب. جنودنا سيتمكنون من العودة إلى الوطن بالشرف الذي استحقوه. وقد قلت إن اسستراتيجيتنا في العراق يمكن إجمالها بهذا الشكل: عندما يتمكن العراقيون من الوقوف بمفردهم سنتمكن نحن من تسليم الأمانة لهم".

وأهم ما ورد في هذه الاستراتيجية حسب خطاب بوش:

إن عملنا في العراق سيتركز على ثلاثة مجالات حاسمة الأهمية:

- في الناحية السياسية، سنساعد العراقيين في تعزيز المكاسب الديمقراطية التي حققوها في العام الماضي ونساعدهم في تشييد مؤسسات ديمقراطية وحكومة موحدة (حكومة وحدة وطنية) ومجتمع حر دائم.

- وفي الناحية الأمنية، سنبقى في موقف الهجوم ضد الإرهابيين والصداميين. وسنواصل تعزيز قوات الأمن العراقية مع التأكيد على قدرات الشرطة العراقية بحيث تتمكن القوات العراقية خلال الاثني عشر شهراً القادمة من تسلم السيطرة على مزيد من المناطق من تحالفنا ومن تصدر القتال.

- وفي الناحية الاقتصادية، سنواصل جهود إعادة التعمير ونساعد الحكومة العراقية الجديدة في تطبيق الإصلاحات الصعبة الضرورية لتشييد اقتصاد حديث وحياة أفضل. ونحن نتعلم من تجاربنا في جميع مجالات استراتيجيتنا الثلاثة، مجالات الديمقراطية والأمن وإعادة التعمير، ونقوم بتصحيح ما لا يفي بالمرام. وفي العام القادم، سنواصل إدخال التغييرات التي ستساعدنا في إتمام مهمتنا وتحقيق النصر الذي نبغيه جميعا.

وقد شاهدنا، في المجال السياسي، تغيراً جذرياً لا سابق له في العراق خلال الاثني عشر شهراً الماضية. فكروا بما كان الأمر عليه قبل عام. ففي مثل هذا الوقت من العام الماضي كان لدى الشعب العراقي حكومة معينة، ولم يكن لديه مجلس تشريعي منتخب ولا دستور دائم ولا خبرة حديثة بالانتخابات العامة.

وبعد ذلك بعام فقط، كانوا قد أجروا ثلاثة انتخابات عامة ناجحة. وصوت العراقيون لانتخاب حكومة انتقالية، ووضعوا صيغة دستور هو أكثر الدساتير ديمقراطية وتقدمية في العالم العربي، ثم وافقوا على ذلك الدستور في استفتاء عام، وانتخبوا حكومة جديدة على أساس دستورهم الجديد. وشهدت كل انتخابات منها قدراً من العنف أقل مما شهدته الانتخابات السابقة، وإقبالاً أكبر ومشاركة أوسع مما شهدته الانتخابات السابقة.

وقد وصف أحد الناخبين العراقيين في بلدة تلعفر انتخابات كانون الأول/ديسمبر الماضي على النحو التالي: "نريد الديمقراطية. وهذا هو ردنا على عقود من العبودية التي كانت لدينا في الماضي."

ولدى توفر نتائج الانتخابات النهائية، سيبدأ الزعماء العراقيون العمل على تشكيل حكومة جديدة. وفي الأسابيع القادمة، سيشاهد الأميركيون على الأرجح الكثير من الاضطراب السياسي في العراق أثناء تنافس الفئات المختلفة والزعماء المختلفين على المواقع والسلطة.

وقد قال أرفع قادتنا العسكريين منصباً في المنطقة، الجنرال جون أبي زيد، إنه يتوقع أن تسفر الأسابيع القادمة عن أصعب وأشد الحملات السياسية التنافسية التي شهدها العالم العربي عبر تاريخه. وعلينا أن نرحب بذلك لماهيته: لكونه أسلوب الحرية. 

إن الدكتاتوريات تبدو منظمة. وعندما يقوم شخص واحد باتخاذ جميع القرارات، لا توجد ضرورة للتفاوض أو الحلول الوسط. أما الديمقراطيات فتبدو أحيانا وكأنه يسودها الفوضى وقلة النظام مع دفع جهات مختلفة عجلة برامج عمل متنافسة وسعيها للفوز بحصتها من السلطة السياسية. وقد شاهدنا ذلك على امتداد تاريخنا. وشاهدنا ذلك في ديمقراطيات أخرى حول العالم. 

ولكن حكومة جديدة ستبزغ من الفوضى في العراق وستكون ممثلة لإرادة جميع العراقيين وليس لإرادة ديكتاتور واحد قاس فقط. والعراقيون يعكفون على القيام بهذه العملية بخبرة لا تتجاوز السنة في العملية السياسية الديمقراطية، وفي وقت ما زالت فيه التركة التي خلفتها ثلاثة عقود في ظل حكم أحد أكثر الأنظمة الاستبدادية قسوة مهيمنة فوق رؤوسهم لم تختف بعد.

ورغم العقبات التي يواجهها العراقيون، فإنهم أثبتوا أنهم يستطيعون التكاتف في سبيل الوحدة الوطنية. تذكروا ما حدث بعد الانتخابات. لقد بسط الزعماء الشيعة والأكراد الذين فازوا في انتخابات كانون الثاني/يناير، 2005، يدهم للعرب السنة الذين لم يشاركوا فيها، فمنحوهم مناصب في الحكومة ودوراً في صياغة الدستور الجديد. 

ويتعين على العراقيين أن يبسطوا يدهم مرة أخرى ويتواصلوا عبر الانقسامات السياسية والدينية والطائفية وأن يشكلوا حكومة وحدة وطنية تمثل وجهات نظر جميع العراقيين. ونظراً لكون العرب السنة شاركوا بأعداد كبيرة في انتخابات كانون الأول/ديسمبر، فإنهم سيلعبون الآن دوراً أكبر في البرلمان الجديد وسيكون لهم نفوذ أكبر في الحكومة العراقية الجديدة.

ومن المهم أن يرى الآن السنة الذين تخلوا عن العنف للانضمام إلى العملية السياسية فوائد المشاركة السلمية. وعلى السنة أن يتعلموا كيف يستخدمون نفوذهم بصورة بناءة في نظام ديمقراطي لتحقيق مكاسب لجاليتهم وللبلد ككل.

وعلى الشيعة والأكراد أن يدركوا أن المجتمعات الحرة الناجحة تحمي حقوق الأقلية من استبداد الأكثرية. إن بشائر وعد الديمقراطية تبدأ بالانتخابات الحرة وحكم الأغلبية. ولكن ما ينجزها ويفي بها هو حقوق الأقلية والعدالة المتساوية والمجتمع الشمولي الذي ينتمي إليه كل شخص. والبلد الذي ينقسم إلى فئات ولا يتجاوز المظالم القديمة بلد لا يستطيع التحرك قدماً ويواجه خطر الانزلاق مجدداً إلى الطغيان. إن التنازلات والترضيات وتوافق الآراء وتشاطر السلطة هي السبيل الوحيد إلى الوحدة الوطنية والديمقراطية الدائمة، وسيتحقق نجاح الديمقراطية العراقية في نهاية الأمر عندما تصبح عجلة الانقسامات السياسية في العراق مدفوعة لا بالخصومات الطائفية وإنما بالأفكار والقناعات وبرؤيا مشتركة للمستقبل. 

إن الصداميين والرافضين يجدون أنفسهم أكثر تهميشاً مع مشاركة العرب السنة الذي كانوا يرفضون العملية السياسية في وقت من الأوقات في الحياة الديمقراطية في بلدهم الآن. ومع ترسخ الديمقراطية في العراق، يمنى الإرهابيون، كالزرقاوي وشركائه في القاعدة، بهزائم رئيسية. وقد حاول الزرقاوي منع الانتخابات طوال عام 2005، ولكنه أخفق. وحاول منع صياغة وإقرار دستور جديد، ولكنه أخفق. ويقوم تقدم الحرية الآن بالقضاء على أضخم ادعاءاته وادعاءات القاعدة. إن هؤلاء الإرهابيين لا يقاتلون في سبيل الشعب العراقي ضد احتلال أجنبي؛ إنهم يحاربون إرادة الشعب العراقي التي تم الإعراب عنها في انتخابات حرة.

وقد بعث العراقيون، في مواجهة هؤلاء المجرمين والإرهابيين والقتلة، برسالة واضحة إلى العالم: إن العراقيين لن ينكمشوا خوفاً أمام القتلة، وإن الإرهابيين والموالين للنظام ليسوا نداً لملايين العراقيين المصممين على العيش بحرية. ونحن، أثناء مساعدتنا العراقيين على تعزيز حكومتهم الجديدة، إنما نساعدهم أيضاً في الدفاع عن ديمقراطيتهم الفتية.

وهناك مزيد من العمل الذي ينبغي إنجازه في العام القادم. وقد أبلغني قادتنا العسكريون أن قوات الجيش والشرطة العراقية تزداد قدرة على الدوام في تصدر القتال. ولكن قوات الشرطة العراقية ما زالت متخلفة عن الجيش في التدريب والقدرات. وبالتالي، فإن أحد أهدافنا الرئيسية في عام 2006 هو التعجيل في تدريب قوات الشرطة العراقية. وسوف نركز جهودنا على تحسين أداء ثلاث فئات في الشرطة العراقية.

- أولا، سنعمل على تحسين الشرطة الخاصة، التابعة لوزارة الداخلية. ونحن نحارب إلى جانب قوات الجيش العراقي ضد الإرهابيين والصداميين.

- ثانيا، سنزيد عدد شرطة الحدود المكلفة مهمة السيطرة على الحدود العراقية ونعززها. 

- وثالثا، سنزيد من تركيزنا على تدريب قوات الشرطة في مراكز الشرطة المحلية كي تقوم بحماية مجتمعاتها من المجرمين والإرهابيين.

وقوات الشرطة الخاصة التابعة لوزارة الداخلية هي الأكثر قدرة بين قوات الشرطة العراقية. وهناك الآن حوالى 19 ألف شرطي مدرب ومجهز في قوات الشرطة الخاصة، وهو عدد يقارب العدد النهائي الذي نهدف إلى التوصل إليه.

والكثير من عناصر قوات الشرطة الخاصة هذه محترفون. وهم يمثلون جميع أوجه المجتمع. إلا أنه تم اتهام بعضهم أخيراً بارتكاب إساءة معاملة غير مقبولة بحق مدنيين عراقيين. وذلك أمر غير مقبول. ويجب علينا أن نضمن أن قوات الشرطة تدرك أن مهمتها هي خدمة قضية عراق حر، لا معالجة مظالم قديمة بالاقتصاص من الناس خارج شرعة القانون.

وقد بدأنا، لوضع حد لإساءة المعاملة ولزيادة الاحترافية بين جميع عناصر قوات الشرطة الخاصة، بإدخال عدة تعديلات على طريقة تدريب هذه القوات. ونعمل حالياً مع الحكومة العراقية لزيادة التدريب الذي يتلقاه أفراد قوات الشرطة العراقية الخاصة حول حقوق الإنسان وحكم القانون. ونعكف على إنشاء معهد جديد للمهارات القيادية والسلوك الأخلاقي للشرطة في بغداد سيساعد في تدريب الضباط العراقيين على القيام بدور الشرطة في نظام ديمقراطي ويضع دروساً واضحة في السلوك الأخلاقي المهني لجميع أكاديميات الشرطة العراقية التسع.

ولتحسين قدراتهم، سنبدأ قريباً بتطبيق برنامج أثبت فعاليته مع قوات الجيش العراقي، وهو يقيم شراكات بين كتائب من القوات الأميركية وكتائب من قوات الشرطة العراقية الخاصة. وستعمل هذه القوات الأميركية مع نظرائها العراقيين وتقوم بتدريبهم، وتساعدهم على أن يصبحوا أكثر قدرة واحترافية كي يتمكنوا من خدمة وحماية جميع العراقيين دون تمييز بينهم.

وثانياً، نعمل حالياً على زيادة عدد أفراد شرطة الحدود القادرين على الدفاع عن حدود العراق ومنع الإرهابيين الأجانب من عبورها إلى ذلك البلد. ولدى العراق حالياً حوالى 18 ألف شرطي حدود يقومون بتلك المهمة، وينتشرون في مواقعهم على الحدود البرية والبحرية وفي المطارات في مختلف أنحاء البلد. وهدفنا هو أن يصل عدد قوات شرطة الحدود المدربين والمجهزين إلى 28 ألف شرطي بحلول نهاية هذا العام.

ولتدريب قوات الشرطة العراقية بشكل أفضل، أنشأنا أكاديمية جمارك جديدة في البصرة. ونقوم حالياً بدمج فرق شرطة حدود مؤقتة عراقية مع وحدات عراقية تتألف من قوات تحالف ويساعدها خبراء من وزارة الأمن الوطني الأميركي. 

وتزداد قدرات شرطة الحدود العراقية بصورة متزايدة وقد بدأت تتولى المزيد من المسؤوليات. وقد تصدرت هذه القوات في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عملية حماية الحدود العراقية السورية في حين لعبت قوات التحالف دوراً مسانداً لها في تلك العملية.

وبعبارة أخرى، لقد بدأت تتصدر العمليات وتتولى مسؤولية القيام بواجبها في حماية الديمقراطية الجديدة، ومع إتمام تدريب وتجهيز مزيد من أفراد شرطة الحدود المهرة، سنقوم بتسليم المسؤولية الأساسية في صيانة جميع الحدود العراقية إلى قوات شرطة الحدود العراقية في وقت لاحق من هذا العام. 

وأخيراً، إننا نساعد العراقيين حالياً على زيادة عدد وقدرات الشرطة في مراكز الشرطة المحلية. وهذه هي قوات الشرطة العراقية التي تتطلب أكبر قدر من المجهود. وهناك الآن أكثر من 80 ألف شرطي في مراكز الشرطة المحلية في مختلف أنحاء العراق، وهو عدد يزيد قليلاً على نصف العدد الذي نهدف إليه وهو 135 ألف شرطي.

سنسستمر في تسليم المواقع إلى العراقيين كي يستطيعوا الدفاع عن الديمقراطية، ويستطيعوا القيام بالعمل الصعب. جنودنا سيتمكنون من العودة إلى الوطن بالشرف الذي استحقوه. وقد قلت إن اسستراتيجيتنا في العراق يمكن إجمالها بهذا الشكل: عندما يتمكن العراقيون من الوقوف بمفردهم سنتمكن نحن من تسليم الأمانة لهم.

ومع وجود مزيد من القوات العراقية تظهر قدرات تدعو إليها الحاجة لتحقيق النصر، قرر قادتنا على الأرض أننا نستطيع أن نخفض عدد قواتنا المقاتلة في العراق من 17 لواء إلى 15 لواء بحلول ربيع العام 2006. ذلك هو ما قرروه. وعندما يقررون شيئا ما أنا أصغي إليهم. وسيؤدي هذا التعديل إلى انخفاض قدره عدة آلاف من الجنود دون الخط القاعدي وقدره 138,000 جندي في العراق. وهذا الانخفاض يأتي إضافة إلا انخفاض قدره حوالى 20,000 جندي كانوا في العراق للمساعدة إلى حد كبير بالأمن أثناء انتخابات كانون الأول / ديسمبر.

وفي وقت لاحق من هذا العام، إذا استمر العراقيون في إحراز تقدم في المجالين الأمني والسياسي – نتوقع أن نناقش مزيدا من التخفيضات الممكنة مع قادة الحكومة العراقية الجديدة. أما وقد قلت هذا، فإن جميع  قراراتي ستكون مرتكزة على الأوضاع على الأرض، وليس على جداول زمنية مصطنعة يضعها زعماء سياسيون في واشنطن (تصفيق وهتاف).

إن قادتنا على الأرض ستكون لديهم القوات التي يحتاجونها لانجاز المهمة وتحقيق النصر في العراق. وإذ نساعد العراقيين في الدفاع عن ديمقراطيتهم، سنستمر في مساعدة العراقيين على بناء بنيتهم التحتية واقتصادهم في العام القادم.

إن العراقيين يواجهون تحديات من الخراب الاقتصادي الطويل الأمد الذي أحدثه نظام صدام حسين. وهم يواجهون تحديات بسبب أعمال التخريب التي ارتكبها أعداء عراق حر. ومع ذلك، رغم هذه التحديات، حقق تحالفنا والقادة العراقيون تقدما في عدد من المجالات. العراق الآن لديه عملة مستقرة، وبورصة مستقلة، وبنك مركزي مستقل. والعراقيون لديهم قانون استثمار جديد للترحيب بالرأسمال الأجنبي، وقوانين ضرائبية وتجارية للتشجيع على نمو القطاع الخاص، ونظام تجارة منخفضة التعريفات فتح اقتصاد العراق أمام العالم. في عهد صدام الممتلكات الخاصة لم تكن محمية. أما اليوم فإن دستور العراق الجديد يضمن حقوق الممتلكات الخاصة التي هي الأساس لأي مجتمع حر.

وقد بدأ القادة العراقيون أيضا يتخذون الخيارات الصعبة الضرورية لإصلاح اقتصادهم، مثل تخفيض الإعانات الحكومية للبنزين. وكانت الإعانات الحكومية قد حددت أسعار الوقود في العراق بمستويات منخفضة بصورة اصطناعية – إنها منخفضة حقا – مما أوجد حوافز للفساد في السوق السوداء والجريمة، وإن تغيير هذه الإعانات هو خطوة ضرورية على الطريق من أجل إصلاح اقتصادي. وهكذا بدأ القادة العراقيون سلسلة من الزيادات في الأسعار بهدف إزالة نظام إعانة الغازولين، وذلك عمل سياسي صعب. غير أن إعانات البنزين، مع إعانات أخرى، تستهلك أكثر من نصف الميزانية السنوية العراقية. وهي تحول موارد مهمة عن الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والأمن. وستتيح معالجة هذه الإعانات للقادة العراقيين أن يخدموا شعوبهم على نحو أفضل وبناء مجتمع عصري.

ومن أكبر التحديات التي تواجه العراق هي استعادة البنية التحتية النفطية والكهربائية للبلاد. فهذان القطاعان دمرتهما عقود من الإهمال، ومنذ التحرير استهدف إرهابيون هذه المناطق للتدمير. ونتيجة لذلك فإن انتاج النفط والطاقة هو دون مستويات ما قبل الحرب. وللمساعدة على زيادة الإنتاج، فإننا نساعد العراقيين على المحافظة على مصافيهم بشكل أفضل، وبناء إمداداتهم النفطية وقدراتهم في مجال النقل، وتحسين قدرتهم على توليد الطاقة، وتحسين بنيتهم التحتية الاستراتيجية بشكل أفضل.

إن كفاحهم بصدد إنتاج النفط ونقص الكهرباء يبقى مصدر إحباط للمواطنين العراقيين، ومع ذلك هم يضعون هذه التحديات في إطارها الصحيح. فاليوم 7 من كل 10 عراقيين يقولون إن حياتهم تسير بشكل جيد. وحوالي الثلثين يقولون إنهم يتوقعون أن تتحسن الأوضاع في العام القادم أكثر من ذلك، وغالبية العراقيين العظمى تفضل الحرية مع سلطة متقطعة على الحياة في الظلام الدائم للطغيان والإرهاب. والعراقيون متفائلون بشأن المستقبل وتفاؤلهم له ما يبرره.

ولتحقيق أحلامهم، ما زال العراقيون بحاجة إلى مساعدة. وفي العام القادم ينبغي على المجتمع  الدولي أن يخطو إلى الأمام ويقوم بواجبه. فحتى الآن، تعهدت دول أخرى في المنظمات الدولية بتقديم 13 بليون دولار كمساعدة للعراق. والعراقيون ممتنون لهذه المساعدة الموعودة، وكذلك الولايات المتحدة، ومع ذلك، دول كثيرة كانت بطيئة في تنفيذ تعهداتها.

إنني أدعو جميع الحكومات التي تعهدت بالمساعدة لأن تنفذ وعودها بأسرع وقت ممكن كي يستطيع العراقيون أن

يعيدوا بناء بلدهم ويوفروا مستقبلا أفضل لأطفالهم. ودول كثيرة لم تعد بعد الممتلكات العراقية التي جمدت في عهد نظام صدام حسين. وإنني أهيب بهذه الدول أن تعيد جميع تلك الممتلكات إلى أصحابها الحقيقيين. إن شعب العراق الحر يملك تلك الممتلكات، وليس الحكومات الأجنبية.

إن كثيرا من أصغر الدول في العالم كانت من بين الدول الأكثر سخاء. ففي الشهر الماضي مثلا، أعلنت سلوفاكيا عن خطط لمسامحة العراق 100 بالمئة من دينه البالغ 145 مليون دولار. وهذا يجعل سلوفاكيا البلد الثالث فقط مع الولايات المتحدة ومالطة ليسامح العراق دينه كليا. ينبغي على مزيد من الدول أن تفعل الشيء نفسه كي لا يغل يد العراقيين العبء الهائل للديون التي كبلهم بها صدام حسين.

كذلك مؤسسات الإقراض الدولية تتقدم بمساعدات تدعو إليها الحاجة. ففي الشهر الماضي وافق صندوق النقد الدولي على طلب العراق الحصول على قرض مقداره 680 مليون دولار لتنفيذ إصلاحات اقتصادية.

ووافق البنك الدولي مؤخرا على تقديم أول قرض للعراق منذ 30 عاما، مقرضا الحكومة العراقية 100 مليون دولار لتحسين نظام المدارس العراقية وتوفير ما يصل إلى 400 مليون دولار لتمويل مشاريع المياه، الكهرباء، الطرق، والصحة.

على المجتمع الدولي أن يلبي مسؤولياته في العراق، وهنا في أميركا لدينا نحن مسؤوليات أيضا. وهذا العام القادم سيختبر خلق بلدنا وإرادة مواطنينا. لدينا استراتيجية للنصر، لكن لتحقيق ذلك النصر يجب أن يكون لدينا التصميم للاستمرار بهذه الاستراتيجية.

العدو في العراق يعرف أنه لا يستطيع أن يهزمنا في ساحة المعركة، ولذلك فهو يحاول أن يزعزع إرادتنا بأعمال العنف وإجبارنا على التراجع. ذلك يعني أن تصميمنا في عام 2006 يجب أن يبقى قويا. يجب أن يكون لدينا الصبر بينما يكافح العراقيون لبناء الديمقراطية في منطقة مضطربة من العالم.  وعلينا ألا ندع صور الخراب بأن تثبط عزيمتنا أو تحجب التقدم الحقيقي الذي يحققه جنودنا في العراق. علينا أن نستمر في تزويد هؤلاء الجنود بجميع الموارد التي يحتاجونها للدفاع عن بلدنا والانتصار في الحرب العالمية على الإرهاب.

لدينا أيضا الفرصة هذا العام لأن نبين للشعب العراقي كيف يكون النقاش المسؤول والديمقراطية.

في مجتمع حر هناك كبح واحد فقط لخطاب سياسي وهو حكم الشعب الأميركي. وعليه فإنني أطلب من جميع الأميركيين بأن يحاسبوا قادتهم المنتخبين ويطلبوا نقاشا يجلب الفخر لديمقراطيتنا، وليس العزاء والبلسم لخصومنا.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 13/كانون الثاني/2006 - 12/ذي الحجة/1426