صراعات تشكيل الحكومة وتوزيع المقاعد: مسلحون يذبحون 11 شيعيا من عائلة واحدة جنوبي بغداد

قالت الشرطة العراقية إن ستة مسلحين اقتحموا منزلا الى الجنوب مباشرة من بغداد يوم الخميس وذبحوا 11 شيعيا من عائلة واحدة.

وأضافت الشرطة ان الاسرة كانت قد تلقت تحذيرا من وجودها في حي اللطيفية الذي يغلب عليه السنة لكنها لم تغادر المكان.

ووصل المسلحون الى المنزل في سيارتين حيث اقتحموا المنزل وأوثقوا ايدي افراد الأسرة وقتلوهم قبلوا ان يفروا تاركين الجثث غارقة في الدماء في المنزل.

وقالت الشرطة ان من بين القتلى سبعة رجال واربع سيدات.

ويعتقد ان الشيعة يمثلون نحو 60 في المئة من سكان العراق ويعيشون اساسا في جنوب البلاد بينما تقدر اعداد العرب السنة بنحو 20 في المئة ويعيشون اساسا في المنطقة المحيطة ببغداد ومحافظة الانبار الغربية.

ومع غضب السنة من نتائج الانتخابات وسعي الشيعة لتأكيد وضعهم المتميز بعد هيمنتهم على الانتخابات التي جرت في 15 ديسمبر كانون الاول يحظى الاجتماع بين الطالباني والزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم بمنتجع دوكان الجبلي الكردي بأهمية خاصة.

وقال الحكيم في مؤتمر صحفي بعد اللقاء ان من بين القضايا التي بحثها مع الطالباني إمكانية مشاركة أطراف أخرى في تشكيل الحكومة القادمة.

ويشارك المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق بزعامة الحكيم في الائتلاف العراقي الموحد الذي يضم الأحزاب الدينية الشيعية والذي يتجه للفوز بالانتخابات. ويريد الائتلاف تشكيل الحكومة القادمة ويُصر على حقه في اختيار رئيس الوزراء القادم.

لكن سياسيين من الأحزاب السنية والعلمانية يقولون ان الانتخابات شهدت تلاعبا ويطالبون باعادتها. ونظم عشرات الالاف من السنة الغاضبين مسيرات في عدة مدن في أنحاء العراق احتجاجا على نتائج الانتخابات.

وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مرة أخرى يوم الخميس على ان الانتخابات كانت نزيهة الى حد كبير. وقالت المفوضية انه رغم وجود مخالفات منفردة قد تؤدي الى إبطال بعض صناديق الانتخاب إلا ان ذلك لن يؤثر على النتيجة بشكل عام. وتتفق الأمم المتحدة معها في الرأي.

ورفضت المفوضية أيضا في بيان الاتهامات الموجهة اليها بالانحياز. وقال البيان ان الاتهامات الموجهة الى اللجنة فيما يتعلق بالانتخابات غير حقيقية.

وأيَد رئيس الوزراء السابق إياد علاوي وهو علماني شيعي اقتراحا بضرورة ان يبحث مراقبون دوليون أية انتهاكات وقعت في العملية الانتخابية.

ومع إحساسهم فيما يبدو بأن إعادة الانتخابات أصبح الآن أمرا غير مطروح خفض بعض زعماء العرب السنة سقف مطالبهم يوم الخميس وقالوا انهم سيشعرون بالارتياح لو راجعت الامم المتحدة النتائج التي لم تتأكد بعد بصفة رسمية.

وقال هؤلاء الزعماء انهم يعتزمون التوجه الى كردستان للانضمام الى المناقشات الجارية لكن لبحث نتائج الانتخابات فقط وليس لبحث شكل الحكومة القادمة.

وقال حسين الفلوجي العضو البارز في جبهة التوافق العراقية أكبر ائتلاف سني انه لن يكون هناك مفاوضات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.

وأضاف ان الجبهة لن تجري أي حوار بهذا الشأن لا مع الأكراد ولا مع الشيعة مشيرا الى ضرورة مراجعة نتائج الانتخابات وإعلانها أولا.

وفتح الحكيم ساحة جديدة من المحادثات يوم الثلاثاء عندما اجتمع مع الزعيم الكردي مسعود البرزاني في معقله بأربيل قبل أن يتوجه الى دوكان على رأس وفد شيعي يضم 20 عضوا لمقابلة الطالباني الزعيم الرئيسي الآخر للأكراد.

وقبل دخوله الاجتماع كرر الحكيم تعهده بالسعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية لإرضاء جميع الطوائف والجماعات العرقية بالعراق بما في ذلك الأقلية السنية التي تشكل 20 في المئة من السكان.

وكان السنة يأملون أن تؤدي مشاركتهم في انتخابات 15 ديسمبر كانون الاول الى منحهم وضعا أقوى في البرلمان الجديد. لكن بسبب تفوق الشيعة عليهم عدديا بنسبة ثلاثة الى واحد وتصويت الشيعة الى حد كبير على أسس طائفية فيما يبدو فانهم يواجهون احتمال تهميشهم مرة أخرى وان كان بدرجة أقل.

وتشير النتائج المؤقتة الى أن جبهة التوافق السنية ستحصل على حوالي 40 مقعدا في البرلمان الجديد المؤلف من 275 مقعدا مقابل 130 للائتلاف الشيعي. ومن المتوقع أن يحصل الأكراد بزعامة الطالباني على حوالي 50 مقعدا وأن يحصل التحالف العلماني الموسع الذي يقوده رئيس الوزراء السابق إياد علاوي على حوالي 25 مقعدا فقط.

ومع بدء ظهور نتائج الانتخابات وعودة العنف بسرعة، يواجه العراقيون الآن تحدي اقامة ديموقراطية ذات تعددية حزبية في واحدة من دول الشرق الأوسط ذات المجتمع الأكثر تعددية.

وما يهم الآن ليس عدد المقاعد التي يحصل عليها الفائزون، ولكن مدى تقبّل الاحزاب التي حصلت على نجاحات محدودة لنتائج الانتخابات والتي كانت أقل من توقعاتها بكثير.

وفي الوقت نفسه، قد تواجه الاحزاب الشيعية ذات الصبغة الدينية، التي كانت ابرز الفائزين في هذه الانتخابات، التحدي الأصعب والمتمثل باتاحة الفرصة لاحزاب الأقلية لتوسيع التمثيل السياسي وتقليص الدوافع التي تغذي التمرد والعنف الداخلي.

وقد تكون التجربة البرلمانية العراقية الأولى من نوعها في المنطقة حيث يتمثل 12 حزبا في البرلمان منها سبعة أحزاب لديها عدد من المقاعد يقل عن خمسة مقاعد. وفي الوقت الذي يثار الجدل بين الاحزاب الكبرى حول النتائج، قد تلعب الاحزاب الصغيرة ادوارا رئيسية في عملية بناء التحالفات الجديدة.

ويتساءل الزعيم السني العلماني مثال الألوسي «ما مدى ايجابية ان يهيمن الشيعة والأكراد وحدهم على الحكومة، خاصة بعد المفاوضات التي جرت بينهما مؤخرا لتشكيل الحكومة، وكان الطرفان قد أعلنا رغبتهما في اشراك الجميع في الحكومة الجديدة».

وتشير التقديرات الأولية الى ان حزب الألوسي «الحزب الوطني العراقي» سيحصل على مقعد واحد، لكنه قال ان جهات عرضت عليه منصبا وزاريا، اما الاحزاب الصغيرة الأخرى فتتراوح بين الحزب المسيحي الى اليزيدي الى التركمان الى حزب «التقدميين» الموالي لمقتدى الصدر.

ومن المشكلات التي يعاني منها العراق، غياب الاحصاء السكاني الدقيق، فعلى الرغم من ان الانتخابات الثلاثة التي اجريت حتى الآن، تعكس حصة كل فئة من مكونات الشعب العراقي، مازال السنة يرفضون الاقرار بانهم يشكلون أقلية في العراق.

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد نبيل يونس «لا يمكنك القول ان السنّة هم أقلية، فالأكراد هم سنة، في معظمهم»، لكن الأكراد يعتبرون أنفسهم أكرادا قبل كل شيء، ويخشى السنّة كذلك، من ان يسعى الأكراد والشيعة الى نظام فدرالي يترك السنة دون ثروة نفطية.

ويبدي يونس تشاؤمه ازاء المستقبل، قائلا ان احزاب الأغلبية ستهيمن على المشهد السياسي ولن يكون للأحزاب الصغيرة تأثير، لان الاحزاب الكبيرة ستشتري صوت الاحزاب الصغيرة، ومن يرفض الاذعان فسيتعرض للاغتيال «فلا يمكنك الحديث عن ديموقراطية في ظل غياب الأمن».

لكن آخرين ومنهم احزاب الاقليات الدينية يعتقدون انه سيكون لهم تأثير كبير على الحكومة المستقبلية. ويقول زعيم كبرى الاحزاب المسيحية وهو يونادوم كنا، ان حزبه سينضم الى جهود أخرى لتعديل الدستور باتجاه تعزيز حقوق المرأة والاقليات وتوضيح دور الشريعة الإسلامية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 1/كانون الثاني/2006 -  29/ذي القعدة/1426