نزيف العقول والتفاوت التكنولوجي من اخطر مشكلات العالم الفقير

يتوقع تقرير لمنظمة دولية استمرار عدد من الظواهر المثيرة للقلق كالتفاوت بين دول العالم في مجالات تطبيق التكنولوجيا ونزيف العقول الذي قال انه يستنفد موارد بشرية من الدول النامية لصالح البلدان المتقدمة.

وصدر التقرير لأول مرة بالانجليزية عام 2004 عن طريق (المجلس المشترك بين الأكاديميات) ومقره أمستردام حيث دعا أكاديميات الدول التسعين الأعضاء لتسمية مرشحين يقومون بأعداد هذا التقرير. وكان مدير مكتبة الاسكندرية اسماعيل سراج الدين قد رأس عام 2001 لجنة بهدف دراسة سُبل تعزيز قدرات العلم والتكنولوجيا على الصعيد العالمي في القرن الحادي والعشرين وانتهت الى كتابة مشروع شارك في صياغته 29 خبيرا.

وصدرت الترجمة العربية للتقرير هذا الشهر بعنوان (نحو مستقبل أفضل.. استراتيجية لبناء قدرات العلم والتكنولوجيا على الصعيد العالمي) في 212 صفحة كبيرة القطع عن مكتبة الاسكندرية والمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة.

وأشار التقرير الى أن "الواقع العالمي يكشف عن فشل وصول كثير من الابتكارات الى من يحتاجونها بشدة."

وتوقع التقرير أن يستمر النمو السكاني الى أن يستقر تعداد سكان العالم بين ثمانية بلايين و9.5 بليون نسمة حوالي منتصف القرن الحالي ومن المُرجح أن يصل عدد السكان في افريقيا جنوب الصحراء الى حوالي 1.5 بليون نسمة مقابل استقرار التعداد السكاني في اليابان ومعظم دول أوروبا.

وقال سراج الدين في مقدمة ان التقرير عرض على الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان في الخامس من فبراير شباط الماضي "في الأمم المتحدة بنيويورك وعلق كوفي عنان عليه مؤكدا أن التقرير يعبر عن رأي العلماء وأنه موجه لصُنَاع القرار في العالم حول قضايا البحث العلمي والتكنولوجيا."

وأشار التقرير الى معاناة 38 بالمئة من سكان العالم من سوء التغذية وشبح الجوع إذ لاتزال المجاعات تخيم بدرجة كبيرة على كثير من المناطق حيث ان "سُدس أفراد الأسرة الانسانية يعيش الفرد منهم على أقل من دولار واحد في اليوم وتعيش نصف البشرية تقريبا على ما لا يقل عن دولارين للفرد في اليوم بينما يكسب خُمس واحد فقط من سكان العالم ما يزيد عن 70 مرة من دخل أفقر خُمس."

واعتبر التقرير التنمية البشرية الفردية مسألة جوهرية للتطور الاقتصادي لأي دولة على المدى الطويل.

وأضاف أن التقدم العلمي يتسم الان بالنزاع والعنف والحرمان والفقر وما أطلق عليه عدم اليقين الاقتصادي حيث تفتقد المجتمعات الفقيرة الى الأمان الكافي أو الضروري لتطبيق التكنولوجيا.

وأشار الى أن وجود دائرة مغلقة "تسقط بمقتضاها الدول النامية متخلفة عن ركب الدول الصناعية التي تملك الموارد المالية أو التنمية البشرية... عادة ما يهاجر العديد من المتخصصين الشبان من الدول النامية الى الصناعية ويبقون فيها بعد حصولهم على قسط من التعليم والتدريب بدلا من تطبيق مهاراتهم في أوطانهم حيث الحاجة اليهم أكبر.

"نزيف العقول يستنفد بعض الموارد البشرية لدى الدول النامية ويتفاقم الامر مع تزايد المتقاعدين في البلدان الغنية نظرا لوصول كثير من سكانها الى سن التقاعد وبالتالي تبرز فرص توظيف جذابة للوافدين."

ورجح التقرير أن يزداد اتساع الفجوة الحالية "وربما تصبح هوة سحيقة وواسعة يتعذر عبورها مع استمرار سيطرة الدول الصناعية على أدوات العلم والاختراع وتسبق الدول النامية بدرجة هائلة في ميدان البحث والتطوير بل حتى في الاستيلاء على بعض أثمن الموارد البشرية المتوفرة لدى الدول النامية من أجل مصلحتها الخاصة."

وأورد التقرير 25 دولة هي الأكثر إنفاقا على البحث العلمي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي حيث جاءت السويد في المرتبة الأولى بنسبة 3.7 تليها اليابان بنسبة 3.013 ثم الولايات المتحدة بنسبة 2.63 وتايوان والصين في المرتبة السابعة بنسبة 1.97 بالمئة. وخلت المقارنة من دولة عربية أو افريقية باستثناء جنوب افريقيا التي احتلت المرتبة التاسعة عشرة بنسبة 0.69 من اجمالي الناتج المحلي.

وقال التقرير ان هذه المقارنات "لا تُبَشِر بالخير بالنسبة الى قدرة الدول النامية على المشاركة في عصر التكنولوجيا الجديد بحيث تصبح أكثر من مجرد دول مستهلكة للصادرات والتكنولوجيا."

وأضاف أن المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية في الدول النامية التي يمثل سكانها نحو 80 بالمئة من تعداد البشر لا تفيد بوجود تحسن وأن "الأرقام تثير القلق."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 20/كانون الاول/2005 -  17/ذي القعدة/1426