العربيزي في لغة الشبان في احياء الاردن الراقية

يتحرك النادل الذي يصفف شعره على شكل ضفائر مرتديا قميصا مرسوما عليه صورة المغني الشهير بوب مارلي بخفة بين مجموعة من الاردنيين المتأنقين الذين يحتسون القهوة الايطالية ويدخنون النارجيلة.

وفي الوقت ذاته يتردد صوت الاذان ممتزجا بصوت صاخب لاغنية من فريق الروك كولد بلاي البريطاني وأصوات الزبائن الشبان في المقهى الذين يتجاذبون أطراف الحديث بمزيج من الانجليزية والعربية. فيقول أحدهم بالانجليزية "واتس اب.. كيفك.." و"ثانك يو.. حبيبي".

وتمثل هذه الطريقة شكلا من أشكال الحديث الذي يمزج العربية والانجليزية. وهي طريقة شائعة بين النخبة من أبناء المجتمع الاردني الذين تلقوا تعليما غربيا مما يثير حفيظة المدافعين عن اللغة العربية ويكشف عن فجوة اجتماعية واقتصادية تزيد حدة في تلك المملكة.

وهذا الشكل يطلق عليه البعض مصطلح "عربيزي" أي المزيج بين العربية والانجليزية ويعني نوعا من التعبير عن الذات بالنسبة للكثير من الشبان الاردنيين الذين تلقوا تعليما خارج البلاد والذين لا يتفقون مع القيم المحافظة في المجتمع الاردني.

قالت داليا الكوري (25 عاما) مخرجة الفيلم التسجيلي القصير "عربيزي" "عندما عدت من الجامعة في كندا أدركت أن الجميع يمزجون بين الانجليزية و العربية. انه أمر شائع جدا. لم تكن هذه هي الحال قبل خمس سنوات."

وأضافت "من السهل أن يعبر المرء عن نفسه بالانجليزية في قضايا تعتبر محرمة مثل الجنس. لا يمكنني الحديث مع أصدقائي عن الجنس بالعربية. تبدو الكلمات ثقيلة للغاية ومشحونة بالايحاءات الثقافية. كل الكلمات تعطي انطباعا بالحرام. أشعر بحرية أكبر في الانجليزية. العربيزي طريقة للابتعاد عن المحرمات."

ويلقي علماء اللغة باللوم في الاستخدام المتزايد للانجليزية بين الشبان الاردنيين على الثقافة الامريكية التي تغرق العالم العربي.

وقال هيثم سرحان وهو استاذ في علم اللغة بجامعة الاردن "يحتقر بعض الشبان اللغة الغربية. انهم يعتقدون أنها عتيقة وأن الانجليزية تمثل الحياة والرغبات."

ومضى يقول "اذا ما استمر هذا الاتجاه فيمكن أن تكون العربية في خطر. يعتقد الشبان أن العربية مملة."

وقال ان هذا الاتجاه دليل على أزمة الهوية في الدول العربية وهي قضية كانت بارزة في تقرير التنمية البشرية العربية الذي أصدرته الامم المتحدة في وقت سابق هذا العام.

وكان المزج بين العربية ولغات أجنبية أمر شائع للغاية بين النخبة من المجتمع الذين تلقوا تعليما غربيا في دول مثل لبنان أو الجزائر.

ففي بيروت التي تضم كافة الاطياف يحيي الشبان بعضهم بعضا أحيانا بتحية تمزج بين الانجليزية والعربية والفرنسية مثل "هاي.. كيفك.. سا فا".

ولكن في الاردن وهو بلد صحراوي فقير نسبيا فان الشعبية المفاجئة لما يطلق عليه "العربيزي" تجسد التغييرات العميقة التي مر بها المجمتع منذ أوائل التسعينات عندما عكفت السلطات على برامج التحرر الاقتصادي.

وأدى تدفق الموظفين وأصحاب المهن المختلفة من الكويت خلال حرب الخليج عام 1991 ومن العراق في السنوات الاخيرة الى تشكيل طبقة وسطى أكثر ثراء.

ويدرس التلاميذ في المدارس الحكومية والخاصة الانجليزية من سن صغيرة في الاردن وهي مملكة معتدلة يحكمها الملك عبد الله الثاني الذي تلقى هو نفسه تعليمه في انجلترا والولايات المتحدة.

ولكن مدارس النخبة في أحياء راقية في عمان حيث يشيع استخدام "العربيزي" في المقاهي الشبابية والاسواق التجارية ذات النمط الامريكي تدرس الكثير من موادها مثل العلوم بالانجليزية.

أما في المناطق التي تسكنها الطبقة العاملة الكادحة في عمان أو في منطقة العشائر لا يسمع بالعربيزي ونادرا ما يتحدث أحد الانجليزية.

يقول موسى شتيوي وهو استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية ومدير المركز الاردني للدراسات الاجتماعية ان استخدام اللغة الانجليزية أصبح مؤشرا على مكانة الشخص بين الاردنيين في الطبقة المتوسطة والرفيعة والكثير منهم يلحقون أبناءهم بالجامعات في الولايات المتحدة.

وقال شتيوي "انه تعبير عن انتماء الشخص لاي طبقة ويمثل خطا فاصلا في المكانة الاجتماعية. انها طريقة لوضع مسافة ثقافية بينك وبين العالم الرعوي والبدوي في الاردن."

ومضى يقول "انها ظاهرة جديدة. الخط بين الفقير والغني أصبح أكثر وضوحا في الوقت الذي نتجه فيه نحو مجتمع طبقي. في الماضي كانت الطبقات الرفيعة تنتمي الى الموظفين الحكوميين. الطبقة الجديدة لا تخجل من التباهي بمكانتها والانجليزية دلالة أخرى على المكانة."

وسيعرض الفيلم التسجيلي القصير "عربيزي" على التلفزيون الحكومي الاردني في أوائل العام المقبل. وهو يتناول استخدام "العربيزي" من خلال سلسلة من المقابلات وأحيانا يعرض الفيلم الاباء الذين يتحدثون بالعربية جنبا الى جنب أبنائهم الذين يتحدثون "العربيزي".

وقالت داليا الكوري انها تتحدث العربية في المنزل مع والديها. ولكن بالرغم من أنها تستخدم الانجليزية أو "العربيزي" أغلب اليوم فانها فخورة بموروثها الثقافي وباللغة العربية لغتها الام.

وقالت "أتحدث العربيزي طوال اليوم ولكني أشعر بأني أردنية صميمة. لو كنت أكتب الشعر لما تمكنت من كتابته الا باللغة العربية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 19/كانون الاول/2005 -  16/ذي القعدة/1426