الناخبين الشيعة غير متحمسين للائتلاف الموحد والأكراد حذرين

لم يتردد سعد رسول وهو صاحب مكتبة في اعطاء صوته لاكبر تحالف شيعي في انتخابات يناير كانون الثاني بعد أن شجعه دعم اية الله العظمى علي السيستاني للتكتل.

لكن بعد عشرة أشهر يبدو أن رسول الذي يسكن في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة قد طفح به الكيل من الحكومة التي ساعد هو على جلبها الى السلطة.

ويقول رسول وهو واحد من بين كثير من العراقيين فتر حماسهم لاول حكومة انتخبت بعد سقوط الرئيس السابق صدام حسين انه لم يحدث تغيير يذكر منذ تولى الائتلاف العراقي الموحد السلطة.

ويضيف أن التفجيرات وعمليات القتل مستمرة يوميا كما ان امدادات الحكومة من الاحتياجات الاساسية مثل المياه والطاقة لا يمكن الاعتماد عليها في احسن الاحوال.

وقال "لن أصوت للائتلاف العراقي الموحد لانه لا يلتزم بتعهداته.. لم أحسم أمري بعد بشأن من سأصوت لصالحه."

ويتحول الاحباط المتزايد بشأن أعمال العنف التي لا تنتهي وعدم ظهور أي تحسن يذكر على ظروف المعيشة بسرعة الى أكبر خطر يهدد امال الائتلاف الحاكم في الاحتفاظ بالسلطة بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجرى بعد أسبوع.

وفاز الائتلاف بأكثر من نصف مقاعد البرلمان في انتخابات يناير كانون الثاني التي جاءت بحكومة مؤقتة. ويضم الائتلاف أقوى حزبين شيعيين وهما المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الموالي لايران وحزب الدعوة الذي يقوده رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري.

وصعد الائتلاف الذي حظى بتأييد ضمني من السيستاني وهو زعيم شيعي يحظى بنفوذ هائل رغم ميله الى العزلة الى السلطة على أمل أن تستطيع حكومة ديمقراطية أن تجلب نوعا من الاستقرار وتنشط الاقتصاد الراكد.

لكن منتقدين يرون أن الحكومة أمضت معظم وقتها في محاربة مسلحين تقودهم الاقلية من العرب السنة الغاضبين الامر الذي أدى الى تفاقم الانقسامات الطائفية.

وترى ايناس التي تعمل مترجمة بالقطعة في بغداد أن "هذه الحكومة كانت فاشلة على مدى هذا العام. لم تفعل شيئا لاجل الناس بل ان الاوضاع تدهورت الان."

وبعيدا عن سخط قاعدة الناخبين الشيعة المؤيدة له فان الائتلاف يواجه أيضا عداء من الاقلية العربية السنية التي كانت لها السطوة السياسية فيما مضى. وزادت مخاوف العرب السنة وكراهيتهم بسبب الكشف عن قبو في وزارة الداخلية الشهر الماضي كان به معتقلون من السنة تعرضوا للتعذيب والاساءة.

وقاطع العرب السنة انتخابات يناير كانون الثاني على نطاق واسع لكن يتوقع أن يتسع نطاق مشاركتهم هذه المرة. ولا يبدى عدد يذكر منهم تعاطفا مع الحزب الحاكم الذي يتهمونه بدعم فرق اغتيالات لتعذيب وقتل اخوانهم من السنة.

ويقول سعدون حامد (34 عاما) وهو عامل في محل لقطع غيار السيارات في مدينة الفلوجة المضطربة التي يغلب عليها السنة "زادت حوادث قتل المدنيين على اساس الانقسامات الطائفية."

وحامد على قناعة شأنه في ذلك شأن الكثير من السنة بأن وزارة الداخلية ترعى فرق الاغتيالات رغم نفيها ذلك.

ويقول "أداء الحكومة كان فاشلا والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتدهور."

وأبدت المترجمة ايناس انزعاجها من اعتقال القوات الامريكية لاحد أقربائها ليصبح واحدا من بين عشرات الالاف من الاشخاص الذين اعتقلتهم القوات الامريكية دون توجيه التهم لهم في العراق. لكنها ممتنة لانه لم يقع في أيدي الكوماندوز العراقيين الذين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم.

وقالت "على الاقل نعرف الان أين هو (ونعرف) أنه لا يزال على قيد الحياة."

لكن رغم سجله المتفاوت فان الائتلاف العراقي الموحد لا يزل أقوى تكتل سياسي سينافس في الانتخابات.

ويفضل البعض منح الائتلاف فرصة لانه أتى الى السلطة قبل أقل من عام. ويقول البعض مثل حسن محمد من مدينة النجف انهم سيصوتون للائتلاف رغم تحفظاتهم عليه لانه لا يزال خيارا أفضل من معظم القوائم الموجودة على الساحة.

وهناك اخرون مثل اياد كاظم (42 عاما) وهو شيعي من بغداد لا يثقون كثيرا في الائتلاف لكنهم يميلون الى رئيس الوزراء الحالي ابراهيم الجعفري.

ويقول كاظم "الحكومة مشوشة لانها جاءت الى السلطة في وقت كان البلد فيه في حالة فوضى. لابد أن تمنحهم فرصة."

من جهة اخرى تفيد واحدة من الرسائل التي يوجهها أكراد العراق الى خصومهم قبيل الانتخابات التي تجرى الاسبوع المقبل بانهم لا يريدون رؤية حكومة اخرى يقودها الاسلاميون الشيعة.

وقالت هيرو طالباني زوجة الرئيس العراقي جلال الطالباني الذي يقود أحد حزبين يهيمنان على المنطقة الكردية الشمالية "أنا كردية حتى النخاع لكنني لا ارضى بالعيش في دولة كردية اصولية ولو ليوم واحد."

وكان الاكراد الذين تعرضوا للاضطهاد لعشرات السنين على يد صدام حسين أبلوا بلاء حسنا في اول انتخابات تجرى بعد الحرب في يناير كانون الثاني اذ حصلوا على ما يقرب من 30 في المئة من الاصوات وشكلوا في نهاية الامر حكومة مع الائتلاف الاسلامي الشيعي الفائز.

وعندما تجرى الانتخابات لاختيار برلمان جديد يوم 15 ديسمبر كانون الاول فان الاكراد الذين يشكلون خمس السكان يأملون ان يتمكنوا من حماية مكاسبهم السياسية على اقل تقدير.

واذا نجحوا في الظهور ثانية كقوة سياسية مؤثرة فان هذه الكتلة التي تحتاجها احزاب اخرى لتشكيل حكومة ستعيد التفكير مرة اخرى قبل الانضمام مجددا الى حليف اسلامي لا سيما في ظل تفاقم التوترات الدينية يوما بعد الاخر.

واذا كان لدى احد اي شكوك حول موقفهم فانهم يتمسكون بالتهديد بالانفصال وهو الحلم الكردي القديم المتمثل في الانفصال عن العراق وتشكيل دولة خاصة بهم.

وقال كسرات رسول رئيس الوزراء السابق في كردستان العراق والعضو البارز في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني "اذا تولى اي حزب اسلامي رئاسة الحكومة في العراق .. او اذا اندلعت حرب اهلية بين السنة والشيعة فاننا سننفصل."

وفي حين تحمل كلمات رسول لهجة التهديد فان الاكراد يعرفون انهم كتلة قوية لها نفوذ. ونظرا لان كردستان تجنبت الكثير من اعمال العنف التي تمزق باقي ارجاء العراق فانهم يعرفون ان لديهم على الاقل اسبابا قوية للنظر في الانفصال.

واذا اقدموا في اي وقت على هذه الخطوة فان لديهم ايضا ميليشات منظمة جيدا تتألف من 250 الف فرد تعرف باسم البشمرجة للدفاع عن منطقتهم الواقعة في شمال شرق العراق حيث تزدهر التجارة وتندر هجمات المسلحين.

لكن حلم الانفصال يظل كامنا في القلب وبالنسبة للوقت الراهن فان الاكراد وهم حلفاء قدامى لواشنطن يلتزمون بنهج العراق الموحد مالم تتسبب حرب اهلية في تفكيكه او يؤدي الاستقرار في المستقبل الى جعل التصويت على الانفصال ممكنا.

وقال رسول "عندما تسود الديمقراطية والحرية في كافة ارجاء العراق فسيكون للاكراد حينئذ الحق في تقرير مصيرهم."

والموقف التحذيري لكل من رسول والطالباني له دور مزدوج على ما يبدو فهو يحذر الشيعة في الحكومة بان الاكراد ربما لن يكونوا شريكا سهلا هذه المرة ويحد في الوقت نفسه من اي تحديات سياسية يشكلها الاتحاد الاسلامي الكردستاني.

والاتحاد الاسلامي الكردستاني هو ثالث اكبر الاحزاب في كردستان بعد الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وكان على نفس قائمة منافسيه الاثنين في الانتخابات الماضية لكنه انفصل ليخوض الانتخابات بمفرده هذه المرة.

ورغم قلقهم من الاسلاميين فإن الاكراد ومعظمهم من العلمانيين لم يستبعدوا العمل ضمن حكومة اخرى تضم احزابا دينية ما دامت الديمقراطية الهدف الاسمى.

وبعد ان تولوا مناصب حكومية كبيرة في العام الماضي فانهم لن يسمحوا لمثل هذا النفوذ ان يتلاشى.

وقال رسول "هناك منصبان كبيران في العراق..الرئيس ..ورئيس الوزراء. وهناك قوميتان رئيسيتان هما العرب والاكراد." وتابع "الاكراد يجب ان يشغلوا واحدا وان يشغل العرب الاخر."

ورغم هذا فإن القائمة الكردية ربما لن تحقق الاسبوع القادم النجاحات التي حققتها في يناير كانون الثاني. فمعظم السنة لم يشاركوا في الانتخابات الماضية لكن من المتوقع ان يشاركوا بقوة هذه المرة.

وحصل الاكراد على 75 مقعدا في يناير كانون الثاني ومع ذلك فانهم اذا حصلوا هذه المرة على 50 مقعدا على الاقل في البرلمان المؤلف من 275 مقعدا سيشكلون قوة يحسب لها حساب.

ومن المرجح ايضا ان يتقلص عدد مقاعد الائتلاف الشيعي الرئيسي عما حصل عليه في يناير كانون الثاني عندما حصل على اقل قليلا من نصف الاصوات وذلك لان النزاعات الداخلية قد تؤدي الى تفتت قوته.

وقال مياس لارجاني وهو صحفي كردي يشارك في نقاش سياسي تلفزيوني "ليس المستقبل ان تقاتل هنا ولكن ان تقاتل في بغداد."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 11/كانون الاول/2005 -  8/ذي القعدة/1426