شهود الدجيل يكشفون جرائم الطاغية واعوانه.. صور من العذاب والوحشية

اعتلت أول امرأة تدلي بشهادتها في محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين منصة الشهود يوم الثلاثاء لتدلي بأقوالها من وراء حجاب ووصفت كيف أجبرت على التجرد من ملابسها وضربها وصعقها بالكهرباء خلال تحقيقات استمرت عدة أسابيع.

وقالت "الشاهدة أ" امام المحكمة كيف أنها كانت تحسد الحيوانات على حريتها عندما كانت محتجزة مع مئات اخرين اعتقلوا بعد محاولة اغتيال فاشلة لصدام في قرية الدجيل عام 1982.

وأضافت أنها ظلت تنقل من سجن لآخر على مدى أربع سنوات خلال حكم صدام وأنها أمضت شتاء مريرا في سجن أبو غريب بغرب بغداد قبل نقلها الى سجن اخر في الصحراء.

وقالت "اقسم بالله اني رأيت حمارا في الطريق وحسدته على حريته."

ومضت تقول ان السجناء في الصحراء كانوا يبحثون عن الطعام وسط القمامة وكانوا يمشون ثلاثة كيلومترات لجمع الحطب لإشعال النيران.

وأخضعت نبرة صوتها لتعديلات مكثفة من خلال جهاز كمبيوتر لحمايتها. وبكت وهي تروي كيف أجبرها محقق عقب احتجازها على التجرد من ملابسها في الحجز فيما كان خمسة ضباط يراقبونها.

وقالت "ارغموني على خلع ملابسي ورفعوني من اقدامي الى الاعلى وبدأوا يضربوني بالصوندات (الكابلات) الكهربائية." ثم عذبوها بالصدمات الكهربية.

بعد ذلك ألقي بها في غرفة صغيرة بها ضوء أحمر فحسب حيث كانت تستخدم حذاءها كوسادة مضيفة أنها خضعت للاستجواب لأسابيع.

ومضت تقول "كانوا يرمون لنا كل يوم قطعتين من الخبر من فتحة صغيرة في اعلى الحائط... كيف يستطيع الواحد ان يأكل بعد كل هذا التعذيب."

وذكرت أنها نقلت فيما بعد الى أبو غريب حيث كانت المياه متجمدة في الشتاء وكان شعر السجناء ممتليء بالقمل وكانت النساء تسحب خيوطا من البطاطين لحياكة ملابس.

وأردفت قائلة "عندما كنا في (سجن) ابو غريب كنا حفاة ولم يكن لدينا نعال (شباشب) نلبسها. كنا عندما نريد الذهاب الى المرأف (المرحاض) نضع اوراق الكارتون (المقوى) تحت اقدامنا ونربطها بالبلاستيك ونذهب للمرافق (دورات المياه)."

وعادة ما كانت الشاهدة أ تشير الى التعذيب الذي تعرض له سجناء اخرون ولكن القاضي طلب منها الاكتفاء فقط بسرد ما تعرضت له هي شخصيا.

ولكنها بالرغم من ذلك تحدثت عن تعليق رجل أبكم وأصم بحبل من قضيبه وعرضه أمام النساء والاطفال للسخرية منه. وفي أحيان أخرى كان الرجال يجبرون على الاصطفاف وكانوا يهددونهم بالضرب ما لم يجروا.

وقالت ان الحرس منعوها من مساعدة امرأة على الولادة حتى بالرغم من أن الرضيع كان محشورا بين رجليها.

وجلس صدام الذي يعتبر المحاكمة مجرد خدعة وشكك مرارا في سلطة المحكمة دون ابداء اي رد فعل ازاء هذه الشهادة.

واعترض برزان التكريتي على هذا وقال للقاضي "هذه تخرصات.. نحن نحترم المرأة.. فكيف لو كانت عراقية.. انهن اخواتنا."

واعترض جعفر الموسوي ممثل الادعاء على برزان عندما ناداه بكلمة "رفيقي" وهي الكلمة التي كان اعضاء حزب البعث السابقون يستعملونها عند نداء بعضهم البعض.

ورد علية برزان "لماذا تتنكر لكلمة رفيقي.. كلمة رفيقي كلمة سامية.. وانت كنت عضوا سابقا في حزب البعث.. وكنا نعمل سويا."

ولم تظهر الشاهدة على كاميرات التلفزيون كما لم يسمع صوتها بشكل طبيعي بسبب المؤثرات الصوتية.

وبدأت الشاهدة بتلاوة أبيات من قصيدة للامام علي لكن القاضي طلب منها وقبل ان ينقطع بث الارسال ان تقتصر شهادتها على الوقائع وتجنب الخوض في تفاصيل بعيدة عن المحاكمة.

وأبلغ أول شاهد اثبات يواجه الطاغية صدام هيئة المحكمة يوم الاثنين بان النساء والرجال كانوا يعذبون لايام بينما كان الرضع يتركون حتى الموت في منشأة يتم فيها استجواب الاشخاص ضمت ماكينة على هيئة مفرمة لتقطيع اجساد البشر.

وقال الشاهد ويدعى احمد حسن (38 عاما) "اقسم بالله انني شاهدت ماكينة اشبه بالطاحونة تحتها دم يابس وشعر." واضاف انه ظل في الغرفة رقم 63 في مبنى المخابرات بالحاكمية ببغداد.

وقال حسن وهو اول شاهد يواجه صدام في المحكمة انه كان في الخامسة عشرة من عمره عندما زار صدام البلدة في يوليو تموز عام 1982 وحاول متشددون شيعة اغتياله.

وقال حسن انه وعائلته كانوا من بين مئات الاشخاص الذين اعتقلوا في عملية امنية اشرف عليها برزان ابراهيم التكريتي بعد محاولة اغتيال صدام حسين في البلدة.

وبرزان هو واحد من ثلاثة اخوة غير اشقاء لصدام ورئيس جهاز المخابرات السابق ومن بين السبعة المتهمين مع الرئيس المخلوع في القضية المتعلقة بقتل 148 شخصا معظمهم رجال شيعة من الدجيل.

وقال حسن وهو عامل قصير عريض المنكبين ذو وجه مستدير ولحية بيضاء للمحكمة المحصنة بشدة وسط بغداد ان برزان كان موجودا ويرتدي حذاء احمر كالذي يرتديه رعاة البقر وبنطالا ازرق اللون وبندقية قناصة.

وقال حسن ان صدام وهو من الاقلية السنية سأل صبيا يبلغ من العمر 15 عاما عما اذا كان يعرفه فقال الصبي "صدام" وحينئذ ضربه صدام على رأسه بمنفضة سجائر.

وبينما كان برزان يبدى اعتراضاته المستمرة من داخل قفص الاتهام ويصف الشهادة بانها اكاذيب قال حسن انه كان من بين مئات الاشخاص الذين تم اقتيادهم من بلدة الدجيل الى مقر المخابرات الذي اداره برزان في الحاكمية.

وقال انه ما ان ارتقى درجات السلم هناك حتى رأي ماكينة تقطيع البشر. واضاف ان احدا لم ينجو من التعذيب.

وقال انهم وضعوا قناعا على عينيه ولانه كان صغيرا سقط القناع وشاهد نساء يتعرضن للتعذيب.

وقال حسن "تعرض اخي الى صعقات كهربائية وكانوا يرغمون ابي على مشاهدة التعذيب." واضاف انهم سألوهم لماذا لا يعترفون وانهم سيعدمون على اي حال.

وتابع "احد الحراس اطلق النار على احد المسجونين واصابه بطلقتين في قدمه."

وقال انه جرى احتجازهم في الحاكمية لمدة 70 يوما. وبينما كانوا هناك شاهدوا امرأة تبلغ احد الحراس بان رضيعها يحتاج الى لبن والا فانه سيموت.

وابلغ حسن المحكمة بان الرضيع مات والقى به الحارس من النافذة. واشار الى ان سيدات حوامل كن يضعن مواليدهن في السجن ثم يموت الرضع.

وقال صدام والمتهمون الاخرون إنهم غير مذنبين فيما نسب اليهم من اتهامات. ويواجهون جميعا عقوبة الاعدام اذا ثبتت ادانتهم.

وقال حسن الذي خاطر بامكانية تعرضه لعمليات انتقامية بالسماح بظهور وجه على شاشة التلفزيون انه تم اقتياده هو وأسرته إلى مبنى للمخابرات في بغداد يشرف عليه برزان ابراهيم التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام ورئيس المخابرات السابق.

وقال حسن للمحكمة "اقسم بالله انني شاهدت ماكينة أشبه بالطاحونة تحتها دم يابس وشعر."

وتابع "تعرض أخي إلى صعقات كهربائية وكان يرغمون ابي على مشاهدة التعذيب. أحد الحراس أطلق النار على أحد المسجونين واصابة بطلقتين في قدمه.. وقسم اخر عوقوا لان أيديهم وارجلهم تكسرت اثناء التعذيب."

ويواجه صدام والاخرون اتهامات بقتل 148 رجلا من بلدة الدجيل الشيعية بعد محاولة اغتياله. ومن المتوقع أن تعقب ذلك محاكمات اخرى تتعلق بالقمع الذي تعرض له الشيعة والاكراد على يد نظام الاقلية السنية بزعامة صدام حسين.

وخلال شهادته قال حسن إنه رأي برزان في الدجيل يوم الهجوم في يوليو تموز 1982 يرتدي حذاء أحمر كالذي يرتديه رعاة البقر وبنطالا ازرق ويحمل بندقية قناصة. وقال إن صدام كان هناك أيضا وروى واقعة شملت طفلا عمره 15 عاما.

استطرد حسن قائلا إن صدام أبلغ الطفل قائلا "هل تعرف من أنا؟" فاجاب الطفل "صدام" وعندها قام الرئيس العراقي المخلوع بالتقاط طفاية سجائر وضرب بها الصبي على رأسه.

وأثناء سماعه الشهادة ضحك صدام ضحكة خافتة وظهر على وجهه شبح ابتسامة.

وبينما كان ممثل الادعاء الشيعي الذي يرتدي نظارة يلقي الاسئلة هاجمه صدام في احدى المرات قائلا له ألا تعرف قائدك لمدة 30 عاما.

ومن المقرر ان يدلي ما يصل إلى 11 شخصا بشهاداتهم خلال الايام القادمة. وقال مسؤولون ان ثمانية على الاقل من هؤلاء الشهود سيدلون بشهادتهم من وراء حجاب أو لن يظهروا أمام الكاميرا حتى لا يمكن التعرف على هويتهم من اجل حمايتهم.

وجاءت شهادة حسن أمام المحكمة في أعقاب ساعات شهدت مواقف هزلية عندما انسحب فريق الدفاع من قاعة المحكمة ثم عاد بعد 90 دقيقة للطعن في شرعيتها.

قاد الانسحاب كلارك وهو مدافع مخضرم في القضايا التي تحظى باهتمام اعلامي واسع ومعه نجيب النعيمي وزير العدل القطري السابق الذي انضم إلى فريق الدفاع عن صدام حسين الشهر الماضي.

وعندما خرج كلارك والنعيمي والدليمي صاح صدام بان المحكمة من صنع أمريكا وقال يحيا العراق.

وصاح برزان من خلفه قائلا يعيش صدام حسين. وقال برزان "لماذا لا تعدمونا وتنهون القضية."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 7/كانون الاول/2005 -  4/ذي القعدة/1426