الانتخابات: العراقيون يختارون بين الديمقراطية أو الموت

تقدم الدعاية الانتخابية التي يبثها التلفزيون العراقي صورة وردية لكنها أبعد ما تكون عن المهارة لما قد تعنيه الانتحابات البرلمانية التي تجرى هذا الشهر من اجل مستقبل البلاد.

ويظهر في أحد الاعلانات صبي ينظر من نافذة حافلة تقله بعيدا عن التفجيرات والفوضى. ويظهر في اعلان اخر رجل مقيد الى جدار يتهيأ للحرية عندما تحطم "مطرقة الديمقراطية" أغلاله.

الرسالة واضحة: العراقيون أمام اختيار بين عنف الماضي ومستقبل ديمقراطي وان كان غامضا.

لكن موجة العنف تعلو قبل أسبوعين على موعد الانتخابات المهمة في 15 ديسمبر كانون الاول الجاري فيما يسعى المسلحون لتعطيل الانتخابات.

فقائمة التفجيرات وأعمال القتل اليومية والاتهامات بالتعذيب الذي يحظى بموافقة رسمية والمخاوف المتزايدة من تفجر حرب أهلية كاملة تتعارض مع الاختيار الواضح بين الفوضى والسلام كما يصوره التلفزيون العراقي.

وكل ما يتطلع اليه مسؤولو الانتخابات على المدى القصير هو أن يتمكنوا من ادارة انتخابات امنة وشفافة.

والى جانب الاضطراب الامني هناك أيضا مشكلات عملية في تنظيم اقتراع في بلد تنقطع فيه الكهرباء والمياه وتعتمد كشوف ناخبيه على قوائم بطاقات الحصص التموينية.

قال أشرف قاضي الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق ورئيس بعثة المساعدة التي تقدم معونة فنية في الاعداد للانتخابات "العملية الانتخابية تحرز تقدما."

وعلى الرغم من التحديات الخاصة بالشؤون الادارية للانتخابات يتعرض نحو 15 مليون ناخب عراقي لوابل من التوجيهات التي تدعوهم للمشاركة وانتخاب أول برلمان يتمتع بصلاحيات كاملة منذ الاطاحة بصدام حسين في عام 2003.

وفي بغداد حول منظمو الحملات الانتخابية الجدران المسلحة المصممة لحماية الناس من التفجيرات التي تتكرر كثيرا الى لوحات من الملصقات والصور الملونة للمرشحين.

وتنهال على محطات الاذاعة والتلفزيون العراقيين رسائل انتخابية في صورة مناقضة للدعاية قبل الانتخابات التي أجريت في يناير كانون الثاني الماضي لانتخاب برلمان مؤقت وهي الانتخابات التي قاطعتها غالبية العرب السنة وهم الاقلية التي كانت مهيمنة في عهد صدام.

وهدد مسلحون من العرب السنة بقتل كل من يشارك في تلك الانتخابات. ولكن من المتوقع الان بعدما فشل العرب السنة في انزال الهزيمة باستفتاء على الدستور العراقي في أكتوبر تشرين الاول الماضي أن يشاركوا بأعداد كبيرة في الانتخابات القادمة رغم المخاوف الامنية المستمرة.

وبالاضافة الى الهجمات التي يشنها المسلحون على القوات التي تقودها الولايات المتحدة والجيش الوطني العراقي الناشيء هناك مخاوف متزايدة من أن يؤدي الانقسام الطائفي الى نشوب حرب أهلية كاملة بين العرب السنة والشيعة الذين يقودون الحكومة العراقية المؤقتة.

ويضع المسؤولون العراقيون خطة أمنية تعتمد على ثلاث "حلقات" متحدة المركز لحماية الناخبين حيث ستتولى الشرطة المحلية تأمين مراكز الاقتراع يدعمها على مسافة أبعد الجيش العراقي ونشر القوات التي تقودها الولايات المتحدة على مسافة أبعد حيث تستدعى فقط عندما تكون هناك طواريء.

وقال زعماء سياسيون أكراد وشيعة أمام اجتماع لمسؤولي الانتخابات في بعقوبة وهي مدينة محتلطة للشيعة والعرب السنة شمالي بغداد ان مشاركة القوات الامريكية عن كثب في الانتخابات قد يعزز الاتهامات بالتلاعب بل قد يؤثر على نتيجة الانتخابات.

قال مهدي صالح الجبوري وهو سني وعضو في الحزب الاسلامي العراقي للصحفيين ان العراقيين جادون الى حد أن القوات المتعددة الاطراف تنصت لهذا.

وقال عز الدين محمدي وهو عضو كبير في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية انه من المستحيل استبعاد شن هجمات أخرى. وكان محمدي يتحدث بعد ساعة فقط من نجاته شخصيا من هجوم بقنبلة زرعت على طريق على قافلة كانت تقله هو ومسؤولين أمريكيين لحضور الاجتماع في بعقوبة.

وأضاف أن المفوضية العليا تهتم بكل شيء من حيث الشؤون الادارية ولم يتبق شيء سوى الامن.

ومن أشد التحديات كان التغلب على الصعوبات الخاصة بالشؤون الادارية لثالث انتخابات تجرى في العراق خلال عام واحد.

وقال محمدي انه كان من الصعب اعداد كشوف انتخابية دقيقة من قاعدة بيانات خاصة ببطاقات الحصص التموينية. وأضاف أنه لا توجد في العراق معرفة دقيقة بهذا الامر.

كما تعين على المسؤولين التعامل أيضا مع عودة مئات المهجرين وتتبع الاف المرشحين من أكثر من 200 حزب و21 ائتلافا سيشاركون في الانتخابات.

وقال محمدي ان المفوضية العليا المكلفة بادارة الانتخابات ارتكبت اخطاء اثناء انتخابات يناير كانون الثاني وهي أول انتخابات تجرى بعد الاطاحة بصدام حسين واثناء الاستفتاء على الدستور في أكتوبر تشرين الاول.

وفي بعض المحافظات أدى خطأ في النسخ الى وجود كشوف للناخبين غير مرتبة أبجديا مما جعل العثور على الاسماء صعبا ويمثل مضيعة للوقت.

وأحدى الشكاوى الاكثر شيوعا هي أن بعض المناطق مثل محافظة ديالى وعاصمتها بعقوبة لم تحصل على عدد كاف من المقاعد في البرلمان المكون من 275 مقعدا ويعبر عن حجم سكان هذه المناطق.

ويتوقع الجبوري حدوث مثل هذه الاخطاء.

وقال "الناس في طفولتها تحبو قبل أن تتمكن من أن تخطو خطواتها الاولى... نحن الان في مرحلة خطواتنا الاولى لذا فستقع اخطاء في مسيرتنا."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 4/كانون الاول/2005 -  1/ذي القعدة/1426