استهداف المدنيين حول بعقوبة الى مدينة أشباح بعد المغرب

بالرغم من أن حظر التجول في مدينة بعقوبة العراقية التي تزين شوارعها أشجار النخيل لا يسري الا في العاشرة ليلا فان احسان علي يغلق متجره ويتجه الى منزله مع ظهور أولى علامات الغروب.

فبعد أن زادت الهجمات التي تستهدف مدنيين وانفجرت قنبلة مؤخرا عند نقطة تفتيش قريبة للشرطة الامر بات فتح المتجر بعد المغرب كما يقول أمرا ينطوي على خطورة كبيرة. فقد انقضت الايام التي كان الناس يتجولون فيها لشراء الحلوى والارز بعد منتصف الليل.

وقال علي وهو مدرس تحول إلى صاحب متجر وفقد ذراعه خلال الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات "في السابق اعتدت أن أذهب إلى بغداد ليلا وقتما شئت... الآن انا لا أذهب إلى أي مكان."

ويشاركه قلقه كثير من أصحاب المتاجر والسكان في بعقوبة وهي بلدة بها مزيج عرقي تقع الى الشمال من بغداد وتقول القوات الامريكية انها أحرزت تقدما فيها في مواجهة المسلحين من السنة حتى رغم ارتفاع عدد القتلى من المدنيين باطراد.

وفي حين توضح الارقام التي يعلنها الجيش الامريكي أن عدد الهجمات اليومية في الاقليم انخفض منذ العام الماضي فان عددا متزايدا منها يستهدف الان المحال التجارية بالمنطقة مثل صالونات الحلاقة وتصفيف الشعر للنساء والمتاجر التي تبيع الملابس النسائية بل واستهدفت حتى متجرا للسجاجيد.

ففي أكتوبر تشرين الاول قتل 70 مدنيا عراقيا في هجمات بمحافظة ديالى وعاصمتها بعقوبة إلى الشمال الشرقي من بغداد وهو ما أدى إلى زيادة عدد القتلى المدنيين في أكثر الشهور دموية بين المدنيين منذ بداية العام الماضي.

وجاء ذلك في أعقاب مقتل 69 مدنيا في سبتمبر ايلول وهو عدد ماثل الرقم القياسي الذي تحقق في يوليو تموز الماضي لاكبر عدد من القتلى المدنيين منذ يناير كانون الثاني عام 2004.

وتلك الارقام لا تشمل ضحايا الهجمات الدموية التي وقعت في الأسابيع الاخيرة مثل تفجير سيارة ملغومة أمام مسجد للشيعة خلال جنازة أحد الشيوخ ببلدة صغيرة قرب بعقوبة يوم 19 نوفمبر تشرين الثاني والذي أسفر عن مقتل 50 على الاقل واصابة 75 اخرين.

وقال الميجر دين وولان الذي يشرف على المخابرات الامريكية بالمحافظة ان الكثير من الهجمات الاخيرة تزامنت مع نهاية شهر رمضان وربما كان عدد من التفجيرات مرتبطا بالاستفتاء على الدستور في أكتوبر تشرين الاول والانتخابات البرلمانية التي تجرى في ديسمبر كانون الاول.

ولكنه يرى أيضا أن المسلحين أصبحوا يستهدفون بشكل متزايد المدنيين بتفجيرات واغتيالات لان الهجمات التي تستهدف القوات التي تقودها الولايات المتحدة أصبحت أقل فاعلية.

وأضاف أن العبوات الناسفة بدائية الصنع عادة ما تنفجر على الطرق الرئيسية ونقاط التفتيش في المحافظة ولكنها نادرا ما تحدث التدمير نفسه الذي يسببه الهجوم على مدنيين لا يتمتعون بالحماية.

ويقول سكان محليون ان الخوف تغلغل في بعقوبة محولا اياها إلى مدينة أشباح بعد المغرب. فقد أصبحت بلدة تقف فيها أعمدة انارة جديدة ومركز طبي جديد وسط الحفر الكبيرة والهياكل المحترقة للسيارات التي دمرت في تفجيرات.

وعلى مسافة بسيطة من متجر علي توقف سؤدد السماحي عن العمل بمطعمه الذي يقدم الارز والكباب. وهو يقول إن مسلحين داهموا متجرا للحلوى وقتلوا صاحبه في الجهة المقابلة من الشارع مؤخرا مما زرع الخوف في قلوب كل أصحاب المتاجر بالمنطقة.

وأضاف السماحي "أسرتي لا يهمهما ما اذا كنت أقدم العشاء في مطعمي أم لا... انهم يهتمون أكثر بحياتي."

وفي الجانب الاخر من البلدة يقوم علي حسين بأعمال تجارية بسيطة مثل بيع المصابيح الخضراء الصغيرة التي تستخدم عند انقطاع الكهرباء ولكنه أيضا بدأ يشعر بأثر ذلك على تجارته بسبب الاغلاق مبكرا كل يوم.

وقال حسين "الامن والسلامة.. هذا ما يتحدث عنه الجميع هنا."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين  28/تشرين الثاني/2005 -  25/شوال/1426