صغار السن المتعلمون من العراقيين يفكرون في الرحيل

يسيطر سؤال واحد على اذهان طلبة جامعة بغداد.. هل يجب ان يبقوا ويحاولوا بناء حياتهم واعمالهم وسط الفوضى والعنف في العراق ام يتركوا البلاد سعيا وراء فرص في الخارج...

ويتساءل الاف العراقيين الذين ضاقوا ذرعا بعامين من القتال نفس السؤال.

وقال حيدر محمد (22 عاما) وهو طالب يدرس اللغة الانجليزية وهو يقف ليتحدث في احد اروقة الجامعة قبل محاضرة في الشعر الانجليزي في القرن التاسع عشر "يجب ان ارحل بالطبع فور تخرجي."

واضاف "لا ارى اي امل في المستقبل يشجعني على البقاء هنا بعد الان."

ويبدو ان الهرب هو الاجابة الوحيدة لتساؤلات الكثير من الشبان الصغار الذين يبدأون بالكاد في شق طريقهم في الحياة.

ويعيش نحو اربعة ملايين عراقي في الخارج معظمهم في اوروبا وامريكا الشمالية ولكن هناك جاليات متوسطة الحجم ايضا في ايران والاردن وسوريا وتركيا.

وترك الكثير منهم العراق في اواخر الستينات واوائل السبعينات بعد صعود حزب البعث بقيادة صدام حسين الى السلطة.

وهربت موجة كبيرة من العراقيين بعد حرب الخليج عام 1991 وهرب عدد اكبر خوفا من العنف وعدم الاستقرار الذي اندلع بعد الاطاحة بصدام في 2003.

وعاد بعضهم الى البلاد ولكن الاطباء والعلماء واصحاب مهن اخرى انقسموا بين مقيمين خارج البلاد أو من يصطفون للهرب منها بعد أن استهدفهم المسلحون والمجرمين في حوادث خطف أو سرقة مما أدى إلى حدوث "نقص في العقول."

وهناك أيضا أسباب اخرى للرحيل منها قلة الخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء بعد عامين ونصف العام من سقوط صدام وتعهدات الولايات المتحدة باعادة الاعمار.

اما عمر ضيا (24 عاما) الذي يحمل شهادة في الهندسة الميكانيكية فيشعر بالاحباط من أن معدل اعادة الاعمار البطيء بما يعني أن هناك عددا أقل من الوظائف الشاغرة في مجال عمله.

وقال "ضقت ذرعا بهذا وأشعر انه حان الوقت بالنسبة لي لاجرب حظي في أي مكان غير العراق."

فبعد خمس سنوات من الدراسة زاد احباطه من إرساله طلبات إلى شركات خاصة ومؤسسات عامة مثل وزارة النفط بلا طائل للحصول على وظائف.

ويقول أشخاص مثل ضيا ان الفساد ومحاباة الاقارب عادا للانتشار في العراق الجديد حيث ان عضوية أحد الاحزاب المشاركة في حكومة العراق التي يقودها الشيعة والاكراد اصبحت شرطا مسبقا أو على الاقل يد مساعدة في الحصول على وظيفة.

وقال ضيا "تلقيت تعهدا بالحصول على وظيفة كمهندس في مجلس مدينة بغداد.. ولكن طلب مني دفع 400 دولار مقدما "كجائزة" لصاحب العمل وهو مبلغ لا استطيع أنا ولا والدي ووالدتي دفعه."

ولكن حتى من لهم وظائف يريدون الرحيل أيضا.

وهناك شاب يعمل في شبكة اذاعية دولية يتقاضى راتبا جيدا ويستمتع بعمله. ولكنه يقول إن هناك شيئا مهما ناقصا وهو الامن.

ويتحمل الصحفيون المحليون عبء تغطية حرب العراق لأنه من الخطير جدا على المراسلين الاجانب ان يخرجوا وسط المعارك مما يرفع مخاطر تعرض الصحفيين للاستهداف من القوات الامريكية او المسلحين.

وقال الشاب "شخصيا أنا لا أعتقد ان العراق يمثل بيئة امنة لاي شخص خاصة الصحفيين."

واضاف "انني افكر بجدية في الانتقال الى دبي حيث يمكن للفرد ان يعيش بسلام ويحصل على فرص افضل."

وتشجع بعض المتزوجين الجدد على الهرب وبدء حياتهم الاسرية في الخارج بسبب المقاومة السنية المستمرة منذ عامين وارتفاع معدل أعمال القتل الانتقامية بين الشيعة والسنة.

وتختلف المقاصد التي يلجأون اليها ولكن كثيرين يفضلون الذهاب الى بلاد عربية مثل الاردن وسوريا ومصر والامارات العربية المتحدة حيث الثقافات هناك مشابهة للثقافة العراقية.

وبالنسبة إلى هذا الشاب الذي تزوج قبل 14 شهرا فان الامر الوحيد الذي لا يجب تعجله في العراق هو الانجاب.

وقال "رفضت انا وزوجتي انجاب طفل هنا... لا يوجد ما يدعونا للتعجل... مازال الوقت امامنا."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 24/تشرين الثاني/2005 -  21/شوال/1426