رواية عراقية: سقطت بغداد بسبب الدكتاتورية وأحلام الخلاص الفردي

في نهاية سنوات من اللجوء تعود سيدة عراقية الى بلادها بعد سقوط نظام صدام حسين واستبدال الاحتلال الامريكي بالدكتاتورية فتشعر بأن الوطن لا يختلف كثيرا عن المنافي ويظل الرهان على الامل "هم يرحلون ونحن من سيبقى."

تحمل بطلة رواية (متعتك نفسي) للكاتبة العراقية المقيمة في برلين ايمان محمد وعيا أرهقها كثيرا طوال سنوات لجوئها في عدد من العواصم الاجنبية وحين ترجع لوطن محتل تفاجأ بأن حدوده "مباحة لكل الغرباء" فتتذكر جملة كان أبوها يرددها دائما "تنكشف عورة الوطن حين يركع."

هذه النتيجة من وجهة نظر بطلة دفعت عمرها في المنافي تلخص فشل الخلاص الفردي الذي سعى اليها عراقيون منذ صعود "القائد الاوحد" صدام الى السلطة في نهاية السبعينيات حتى سقوط نظامه على أيدي القوات الامريكية التي قادت تحالفا اجتاح البلاد في مارس اذار 2003 ثم سقطت بغداد بعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء الحرب.

فالخلاص الفردي ربما ينقذ صاحبه مؤقتا ولكنه يفرغ الوطن من كفاءاته كما يدفع الدكتاتور الى التمادي في استخدام ما يتصوره سلطاته الى أن ينهار ويسقط "لان الطغاة هم أبناء ضعفنا الشرعيون."

وحين يعودون من المنافي التي مارسوا فيها قدرا من الحرية الى وطن خلا من الدكتاتور وظلاله يكتشفون المفارقة التي تلخصها البطلة وهي تتساءل بكثير من المرارة "ما قيمة الحرية حين أدخل وطنا محتلا."

والرواية التي تقع في 78 صفحة متوسطة القطع تصدر يوم الجمعة عن المكتب المصري للمطبوعات بالقاهرة وتحمل عنوانا دالا هو جملة طالب مهرب عراقي محترف احدى العراقيات أن ترددها في ظروف صعبة حيث تتساقط الثلوج عليها في عراء بلد أوروبي. وحين قالت له "متعتك نفسي" صارت زوجة له كما أوهمها.

تهريب العراقيين عبر الحدود الى المنافي كان مهنة كثيرين نظرا لكثرة الهاربين من نظام صدام. وكانت رومانيا أول دولة تصل اليها البطلة في رحلة استبدلت فيها بصحراء العراق "التعب والجوع والبرد" والخوض في مياه البحيرات والهروب في القوارب المطاطية وصولا الى تجمع للاجئين في النمسا.

وفي حين تركز الرواية على سيدتين عراقيتين هما الهام ونجاة فانها تعطي بعدا واحدا للمهرب حيدر "زوج" الاخيرة الذي يتخفى في عدة أسماء وأحيانا يسمونه "ماجد متعة... كانت له في كل عملية تهريب فتاة. اذا لم يستطع أن يأخذ منها ما يريد كان يتزوجها بالمتعة."

وعلى امتداد صفحات الرواية نثرت ايمان محمد بمهارة وتلقائية كثيرا من أوجاع العراقيين فبعضهم كان يحارب "دفاعا عن وطن لا يملك فيه شبرا" وصديقة البطلة ماتت في ملجأ العامرية الذي قصفته القوات الامريكية عام 1991 كما قتل الحصار 1461900 طفل ثم "سقطت بغداد وسقطت معها أشياء أخرى" وتحولت البلاد الى ساحة للذين تصفهم بالخونة والجواسيس وبدأ جيل عراقي ينشأ على الكراهية ضاربة المثل بأسير عراقي أوثقه الامريكيون وغطوا وجهه بكيس "وأجلسوا طفله بجواره امعانا في الاذلال."

الا أنها اعتمدت في بعض الاحيان لغة كأنها خارجة من رحم الشعر وهو ما جعل الراوية تفرض ما يشبه الحكم على مواقف وبشر بصورة حالت أحيانا دون تدفق الدراما مثل قولها "أدون عمري للسائلين عن الشمس التي أمسكها ولم أدر أنها هلاكي الاول... اثرت الهزيمة على نصر دنيء أسجله نيابة عن كل الذين يغطون الشمس بغربال... أنت كتابتي الاولى والرغبة ليست سوى عصيان في بوابة الفتح."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 21/تشرين الثاني/2005 -  18/شوال/1426