المغرب: طريق الهجرة من الفقر الى الموت

القلق والوجوم هما القاسم المشترك على وجوه هؤلاء المهاجرين بشكل غير مشروع الذين جمعتهم السلطات المغربية في مراكز مختلفة في وجدة بشمال شرق المغرب قرب الحدود مع الجزائر في انتظار ترحليهم جوا الى بلدانهم.

وداخل احدى القاعات الرياضة تكدس اكثر من 600 مهاجر بشكل غير مشروع تقول السلطات إنهم جميعا من مالي.

وقال موسى سانغاري (35 سنة) من مالي وهو يتناول وجبة غداء من أرز ولحم وموز وخبز وماء توزعها عليهم السلطات المغربية "لا اريد البقاء هنا افضل العودة والعمل في بلدي."

وسنغاري كغيره من المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء قطع مسافات طويلة مشيا على الاقدام تارة ومحشورا تارة اخرى مع اخرين فوق شاحنات حتى وصلوا الى المغرب طمعا في بلوغ اوروبا الغنية القريبة من المغرب.

ويرابض بعض المهاجرين بشكل غير مشروع شهورا واحيانا لسنوات في غابات قريبة من جيبي سبتة ومليلية اللذين تسيطر عليهما اسبانيا في شمال افريقيا انتظارا لفرصة سانحة لتخطي الحواجز الامنية وسياج الاسلاك الشائكة بين الجيبين والاراضي المغربية.

ويشير سنغاري الى ندوب عميقة في كفيه وساعديه يقول ان محاولة تخطي السياج هي التي وشمت يديه واجزاء من جسده.

ويضيف وقد فاضت عيناه بالدمع "لا اريد الاستمرار رأيت بأم عيني اصدقاء واخوان لي قتلوا بالرصاص عندما حاولوا تخطي الاسلاك."

وكان نحو 11 مهاجرا افريقيا بشكل غير مشروع قد لقوا حتفهم في اواخر سبتمبر ايلول واوائل اكتوبر تشرين الاول عندما تعرضوا لاطلاق النار اثناء محاولة يائسة لدخول الاراضي الاسبانية عبر سبتة ومليلية.

وتبادلت السلطات المغربية والاسبانية الاتهامات بشان الجهة التي اطلقت الرصاص على المهاجرين.

وتشكك جمعيات حقوقية بان الرصاص اطلق عليهم من الجانبين.

وقال عبد الله بن عبد السلام الناطق الرسمي باسم الجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة لرويترز عبر الهاتف "بحسب المعلومات المتوفرة لدينا اطلق عليهم الرصاص من الجانبين."

ونفى مسؤول رفيع من السلطات المغربية وقال لرويترز "هده مجرد افتراءات."

ويتعرض المغرب الى ضغط من اوروبا لوقف الهجرة غير الشرعية انطلاقا من اراضيه.

وابرمت السلطات المغربية اتفاقات مع سفارتي مالي والسنغال لترحيل نحو 420 سنغاليا جوا وينتظر ان تواصل في الايام القليلة القادمة ترحيل اعداد اخرى من السنغاليين والماليين والجامبيين وجنسيات اخرى لا تزال تتقاطر على مدينة وجدة حيث تقوم السلطات بتجميعهم من غابات بليونس وغوروغو شمال المغرب وكذلك من على الحدود المغربية الجزائرية.

ومن داخل القاعة الرياضية يروي بشير نداي (19 سنة) تفاصيل ايامه بعد فشله في محاولة دخول اسبانيا عبر مليلية قائلا انها كانت اسوأ من اختبائه في غابة بليونس واقتتاته من القمامة او التسول في المدن القريبة من الغابة.

وقال "نقلتنا السلطات المغربية من هناك الى الحدود المغربية الجزائرية حيث اعطتنا السلطات الجزائرية بعض الاكل واعادتنا الى الحدود المغربية وبدورها السلطات المغربية اعادتنا الى الحدود الجزائرية وهناك هددتنا السلطات الجزائرية باطلاق النار في الهواء واعادتنا الى المغرب الى ان اتفقت سفارتنا مع المغرب على اعادتنا الى بلداننا."

لكن بشير رغم هذا الوضع اليائس يحدوه الامل والاصرار "مادمت حيا ساحاول مرات ومرات الى ان اصل الى اوروبا."

وفي الليل عندما كان بشير وعدد من رفاقه يستقلون الطائرة بدوا اكثر وجوما وهم مجردين سوى من افرشة اعطتهم اياها السلطات المغربية للتدثر بها في طقس خريفي متقلب اذ فضلوا الاحتفاظ بها بدل العودة صفري اليدين.

ويقول "لمين كامارا (29 سنة) ما يحز في نفسي اننني عائد صفر اليدين سوى اسمال بالية متسخة بعد اكثر من سنتين من الغياب."

ويضيف "عائلتي فقيرة جدا وتعول علي لاعالتها لكنني ساعيد الكرة الى ان اتمكن من الهجرة الى اوروبا."

وعند سلم الطائرة تبتسم لهم مضيفة الطيران وتحييهم بحرارة لكن الدموع تغلبها وتقول انها كانت تتمنى لو لم تتواجد في هذه الرحلة "هذا حزين انهم مساكين .. حتى السماء باكية وحزينة اليوم."

وكان بعضهم متكئ على عصا لاصابته بجروح او كسور طفيفة اثناء محاولة تخطي الحاجز الامني في سبتة ومليلية او اثناء الرحلة المحفوفة بالمخاطر عامة.

وتقول السلطات المغربية ان عملية ترحيلهم تكلفها الكثير وانها لم تتلق حتى الان اي مساعدات اجنبية.

وقال مسؤول طلب عدم نشر اسمه لرويترز ان عملية الترحيل جوا كلفت المغرب نحو 1.2 مليون دولار.

وبينما يغادر اخرون جوا تصل اعداد اخرى الى وجدة في انتظار ترحيلها هي الاخرى.

ويقول بولي بالو (30 سنة) من السنغال الذي وصل صباح الثلاثاء الى مركز ثقافي في وجدة حيث يقيم رفقة عشرات اخرين "السلطات الاسبانية قامت بترحيلي رفقة عدد اخر من المهاجرين بعد تخطي الحاجز والوصول الى اراضيها."

ويضيف "الامر متعب للغاية وافضل الان العودة الى بلدي وانتظار حل سماوي."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 13/ تشرين الأول/2005 -  9/ رمضان/1426