المسلحون السنة يرون في الاستفتاء وسيلة لتجنيد الساخطين وشروط تعجيزية يضعونها للمصالحة

يقول المسلحون من العرب السنة الذين يقومون بحملة دموية لتعطيل العملية السياسية في العراق إن اقرار الدستور الجديد في استفتاء يجري يوم السبت القادم قد يزيدهم قوة في معركتهم ضد الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة.

والسنة منقسمون بشكل عام بشأن استفتاء السبت بين الدعوة لمقاطعة الاستفتاء والتصويت برفض الدستور الذي يرونه اداة أمريكية لتعزيز سيطرة الاغلبية الشيعية وحلفائها الاكراد على العراق.

ولكن المسلحين العرب السنة الذين تزايدت هجماتهم باستخدام السيارات الملغومة والتفجيرات الانتحارية وعمليات الخطف قبل الاستفتاء مما أثار تحذيرات من احتمال نشوب حرب أهلية يقولون إنه إذا تم اقرار الدستور فقد يفيدهم كوسيلة للتجنيد.

وقتل المسلحون مئات المدنيين خلال العامين الاخيرين وخاصة في منطقة "المثلث السني" شمالي بغداد وغربيها.

وتقع بلدة بلد التي تبعد مسافة 90 كيلومترا الى الشمال من بغداد على نقطة تماس بين التقسيمات الطائفية بالعراق. وقد شهدت البلدة التي يقطنها خليط من السنة والشيعة مقتل نحو مئة شخص في هجوم منسق بالقنابل الشهر الماضي.

وفي تصريحات علنية تقول جماعات المسلحين السنة إنها ملتزمة بعرقلة الدستور ولكن شخصيات تزعم أنها على اتصال بزعماء المفجرين والمسلحين تقول إنهم قد يرحبون بالتصويت بالموافقة على الدستور حيث أن ذلك قد يدفع السنة الساخطين للانضمام إلى صفوفهم.

وقال مسلح من القوميين تحدث بشرط عدم نشر أسمه يوم الاثنين "سنزيد العمليات العسكرية ضد القوات الامريكية والحكومة لاحباط الدستور واثبات عدم شرعيته."

ومن شأن اقرار الدستور رغم اعتراض كثير من السنة الذين يقولون إنه يمنح الشيعة والاكراد قدرا أكبر مما ينبغي من السلطة وربما الموارد أيضا أن يزيد احساس العرب السنة بالتجاهل والتهميش.

وقال المسلح "نخطط للعمل على عزل مناطقنا عن المركز لاظهار اننا لا نعترف بسلطة الحكومة."

وكان السنة الذين يمثلون خمس سكان العراق يحكمون البلاد على مدى عقود أثناء حكم صدام حسين وقبل ذلك إلى أن تم الاطاحة بصدام عام 2003.

وتسعى الحكومة العراقية الجديدة التي يقودها الشيعة والاكراد سعيا حثيثا لاقرار الدستور الجديد الذي يشكل جزءا مهما من خطة واشنطن لفك ارتباطها تدريجيا بالصراع الذي تتزايد المعارضة له بين الناخبين الامريكيين.

وفي ظل التأييد القوي للدستور من جانب معظم قادة الشيعة والاكراد الذين يشكلون نحو 80 في المئة من سكان العراق فمن المتوقع على نطاق واسع أن يتم اقرار مسودة الدستور في استفتاء يوم السبت.

وقاطعت معظم الجماعات السنية الانتخابات التي أُجريت في يناير كانون الثاني لاختيار حكومة مؤقتة قائلة إنها لا تستطيع المشاركة في عملية ترى انها عرضة للتلاعب من جانب الولايات المتحدة التي تدعم الحكومة.

ولكن كثيرا من زعماء السنة اتخذوا نهجا جديدا في هذا الاستفتاء وحثوا أنصارهم على إسماع صوتهم على الساحة السياسية بالتصويت برفض الدستور. ويسقط الدستور إذا رفضه ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات عراقية وهو احتمال ضئيل لكنه قائم.

وقال المزارع خالد صالح جاسم "سأصوت بالرفض لممارسة حقي في التصويت... اتوقع أن يذهب ما لا يقل عن 85 في المئة من الناس ويقولوا لا."

وكانت بعض الجماعات السنية قد دعت يوم السبت إلى مقاطعة الاستفتاء تماما على أمل نزع الشرعية عنه.

وفي الاحياء الشيعية بوسط بلد التي تشبه الكثير من البلدات العراقية التي يقطنها خليط من الاعراق والطوائف كانت الرسالة مختلفة تماما.

ووضع مؤديو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق احد الاحزاب الشيعية الرئيسية على المباني لافتات تدعو للتصويت "بنعم" للدستور قائلين إنه سيحمي الشيعة من العودة إلى القهر الذي عانوه على مدى عقود تحت حكم صدام.

وقالت احدى اللافتات "حتى لا يعود أولئك الذين اغتالوا أطفالك وامتهنوا كرامتك إلى السلطة قل نعم للدستور."

ويلعب اسلاميون أجانب دورا في العنف إلا أن الغضب تجاه الواقع السياسي الجديد بالعراق واسع النطاق بين السنة.

وقال الصحفي السني منذر صالح جاسم إن ما يحدث الآن هو جزء من مخطط عزل السنة.

ويقول نشطاء يزعمون إنهم يتحدثون نيابة عن زعماء المسلحين ان مشاعر القلق هذه ليس من شأنها سوى ان تزيد في حالة اقرار الدستور.

وقال مسلح اخر في الرمادي بغرب العراق "أنا واثق من ان كل جماعات المقاومة ستواصل القتال ضد الحكومة المدعومة من جانب الامريكيين وكل تشريعاتها التي تدعمها الولايات المتحدة."

بدورها اعلنت هيئة علماء المسلمين احدى الهيئات السنية الثلاثاء انها على استعداد للمشاركة في مؤتمر المصالحة الوطنية المزمع عقده باشراف جامعة الدول العربية لكن بشروط منها ان يجري داخل العراق وان يتم الاعتراف "بالمقاومة الوطنية".

وقال امين عام الهيئة الشيخ حارث الضاري الذي استقبل مساء الاثنين وفد جامعة الدول العربية برئاسة الامين العام المساعد احمد بن حلي انه ابلغه "استعداد الهيئة للمشاركة في هذه المبادرة وحضور اي اجتماع وعلى اي مستوى بشرط ان يكون داخل العراق او تحت مظلة الجامعة العربية تحديدا".

وحدد الضاري شروط القبول بالمصالحة الوطنية بضرورة "تسمية المحتل باسمه وتحديد جدول زمني لانسحابه ووضع تعريف محدد للارهاب والاعتراف بالمقاومة الوطنية والعمل على اعادة الجيش العراقي باستثناء المجرمين وحل الميليشيات المسلحة لان الشر كله اليوم من هذه الميليشيات".

واكد على ضرورة مشاركة العراقيين دون اي تدخل من اي طرف آخر في هذا الحوار قائلا "اننا نريد الحفاظ على وحدة ومقدرات البلد وعدم السماح لاي طرف عربي او اجنبي للتدخل الا بما ينفع الطرفين".

واوضح الضاري ان "هناك في البلد الان حرب مستمرة او ما يمكن ان نسميه حربا اهلية وانما من كتل سياسية اعتمدت على الاحتلال في مجيئها واعتمد الاحتلال عليها في تحقيق مصالحه".

وشدد على ضرورة ان "تكون هناك مصالحة وطنية من اجل جلب الامن" مشيرا ان "من يقول انه لا يحتاج الى مصالحه فهو غير صادق وهو لا يريد المصالحة".

واشار الضاري الى ان "هناك قتل وتشريد وارهاب واغتيالات (..) وهناك مخابرات دول تقتل وتفجر في البلاد".

وكان وفد الجامعة العربية برئاسة احمد بن حلي الامين العام المساعد للجامعة العربية قد زار مقر هيئة علماء المسلمين في جامع ام القرى (غرب العاصمة).

وتعرض الموكب اثناء توجهه للقاء عصر الاثنين لكمين شنه رجال مسلحون مما ادى الى سقوط قتيلين وسبعة جرحى بين افراد الحرس العراقي المرافق للموكب.

وواصلت البعثة مهمتها الثلاثاء وستلتقي مسؤولين عراقيين ومن الامم المتحدة. وقال بن حلي لوكالة فرانس برس "كنا نتوقع الخطر. لكن اذا اخذنا ذلك كثيرا في الاعتبار نبقى بلا حراك في حين ان الوضع خطر للغاية في العراق".

واضاف بن حلي الامين العام المساعد للجامعة العربية "ان العالم لاسيما العرب يجب ان يدرك هذا الوضع. وفي حال استمر تدهور الوضع فقد يفلت من السيطرة".

وقال بن حلي ان الوفد سيلتقي الثلاثاء خصوصا الممثل الخاص للامم المتحدة في العراق اشرف قاضي وزعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم وممثلين عن المجتمع المدني.

وجدد التأكيد على ان مهمته تهدف الى التحضير لزيارة للامين العام للجامعة العربية عمرو موسى وتنظيم "حوار وطني عراقي برعاية الجامعة العربية".

شبكة النبأ المعلوماتية -الأربعاء 12/ تشرين الأول/2005 -  8/ رمضان/1426