ديناميات الصيرورة الديمقراطية والتطور الاقتصادي

إعداد بسام محمد حسين:

تشير الوقائع على أهمية الربط بين الصيرورة الديمقراطية ودرجة التطور الاقتصادي وهذا ما يؤكده على أن تطور حال الأمة الاقتصادية ستجد انعكاساتها على فرص تعزيز الديمقراطية، وتأتلف عدة عوامل بصيرورة التطور الاقتصادي لتفسر وتعلل أمر نشوء الديمقراطية:

1- تغير القيم بسبب النمو الاقتصادي، يصبح المواطنون أكثر تثميناً للديمقراطية ويصبحون أكثر تسامحاً واعتدالاً وامتلاكاً للذات وأكثر عقلانية بخصوص السياسة والمعارضة السياسية وتتخلص الثقافة السياسية الديمقراطية.

2- يهيئ النمو الاقتصادي الفرصة لمستوى أعلى من الدخل ومن الأمن الاقتصادي لجماهير السكان، لأن الذي يفضي إلى تخفيض حدة الصراع ويمكن سواد الناس من تطوير منظورات أبعد زمنياً ووجهات نظر أكثر غنى وتعقيداً ومتسمة بالتدرجية السياسية والتغيير.

3- يغير النمو الاقتصادي أيضاً وجهات نظر من هم في عداد الطبقة الاقتصادية – الاجتماعية الأعلى وتشجعهم ليروا الطبقة الأدنى أقل تهديداً وتستحق حقوقاً سياسية ومشاركة في السلطة.

4- ازدياد الثروة بخفض مستويات مفعول اللامساواة، وبالتالي التمايزات ويزيد حجم الطبقة الوسطى التي تلطف الصراعات بمساندتها لأحزاب معتدلة والمسار الديمقراطي.

5- ازدياد الثروة والتعليم يزيد من فرص تعرض القوى الشعبية إلى طيف واسع من التأثيرات والضغوط المختلفة والتي من شأنها أن تجعلها أقل تأثراً بالأفكار الراديكالية.

6- ازدياد الثروة الناجمة عن النمو الاقتصادي يقلل من الفوائد التي تجنيها السلطة السياسية بسبب خفض الآلاف المترتبة على ضروب الأنشطة الحكومية، وإذا ما سعت الحكومة إلى تطبيق سياسة إعادة توزيع الثروة فإن نتائجها ستكون أعظم في المجتمعات الفقيرة منها في الغنية، لأن الجماعات المسيطرة ستحصل في هذه الحالة، على نفع أقل مما تعتمد عليه وتحتاجه لضمان بقائها.

7- لا تستطيع البنى السلطوية تحمل أو احتواء الضغوط الناجمة عن صيرورة النمو الاقتصادي.

8- يؤدي النمو الاقتصادي إلى نشوء عدد واسع من المنظمات الاجتماعية الحرة المستقلة التي لا تراقب عمل الحكومة فحسب، بل تزيد وتصقل المشاركة والمهارات السياسية وتقدم وتنشر آراء جديدة، وعلى هذا النحو يغدو النمو الاقتصادي وسيلة هامة تساعد وتسهم في نشوء المجتمع المدني، الذي يمكن تعريفه على أنه المجتمع الذي يضم جماعات حرة مستقلة يلتقي أفرادها على آراء وضروب أنشطة يعملون من أجل تأكيد مصالحهم والدفاع عنها، يعني أن نقوم في المجتمع إمكانية لمناقشة علنية للقضايا ومساءلة حول السياسة العامة، يجري تداولها بشكل واسع داخل المجتمع ولا تقررها النخب النظم وحدها، ومن خلال هذه المناقشة العامة للقضايا تقوم الجماعات المستقلة بالدفاع عن مصالحها، ومن أجل أن تتوافر للجماعات المستقلة إمكانية الدفاع عن المصالح الخاصة بها في المجال السياسي وعلى صعيد المجتمع لا بد من الاعتراف كل من الدولة والمجتمع المدني بمشروعية حقه في العمل والنشاط دون معوقات ضمن مجالات معلومة محددة لأهليته واختصاصه، مع ضرورة أن تشمل هذه المجالات الجانب السياسي، ومن هنا ممكن أن نعتبر المجتمع المدني حلقة وسيطة بين النظم وبين جماهير الشعب ويعتبر المجتمع المدني المهاد الأساسي للديمقراطية الناجعة والأداة الفاعلة لتحقيق تلك العوامل المتبادلة بين التطور الاقتصادي والديمقراطية، والتي تسمح بعمل جماعي يؤسس على ضرورة التحول إلى الديمقراطية استناداً إلى أن الديمقراطية جسر العبور نحو مجتمع يتصف بالعدل والتسامح والتطور المتكامل.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 10/ تشرين الأول/2005 -  6/ رمضان/1426