النهوض الشيعي ادى الى توترات سنية شيعية على ضفاف حدود العراق

 يكفي لدول الخليج العربية التي يحكمها السنة أن ترى العراق في قبضة النفوذ الشيعي بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في عام 2003 والتي أطاحت بالرئيس العراقي صدام حسين كي تشعر بالصدمة.

وهي الان تخشى أن تنفجر التوترات المتزايدة بين الاقلية السنية المستاءة والاغلبية الشيعية المنتصرة في العراق في صورة حرب أهلية شاملة قد تمتد عبر الحدود وتهز ميزان القوى الهش في المنطقة.

ويواجه حكام الخليج من السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم الى البحرين الصغيرة التي توجد بها أغلبية شيعية واقعا ظلوا يعملون لعقود على تجاهله.

قال المحلل مصطفى علاني ومقره دبي لرويترز "هذا التوتر الشيعي السني يمتد في المنطقة." واضاف "اذا كان شيعة العراق قادرين على الوصول للسلطة فان الشيعة في الدول المجاورة في البحرين والسعودية والكويت سيشعرون أن في مقدورهم أيضا ان يفعلوا نفس الشيء."

وعندما فازت أحزاب اسلامية شيعية في الانتخابات في يناير كانون الثاني الماضي لتهيمن على حكومة العراق كان ذلك أول مرة منذ أكثر من 800 عام يصل فيها الشيعة للسلطة في دولة عربية رئيسية.

والحكومة التي يقودها الشيعة هدف رئيسي لمسلحين من السنة العرب ومتشددين أجانب مثل أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي أعلن حربا شاملة على شيعة العراق.

وقال الاصلاحي السعودي منصور نجيدان "اخطر ظاهرة ليست الحرب بين المتمردين السنة والقوات الامريكية بل النزاع الطائفي بين السنة والشيعة."

ودقت السعودية الدولة السنية الكبيرة في الخليج جرس الانذار هذا الشهر محذرة من أن العراق يتجه نحو التفكك مما يثير مخاوف من اندلاع صراع أكبر.

وتشاركها في هذا القلق حكومات أخرى في المنطقة بعضها لديه أقليات شيعية شجعها التحول الزلزالي في ميزان القوى بين السنة والشيعة.

وأضاف نجيدان "دول الجوار متخوفة من المد الشيعي والايراني. واكبر المخاوف في السعودية حاملة لواء الاسلام السني."

واستطرد قائلا "بالنسبة لهم الخطر الاكبر هو خسارة نفوذ الاسلام السني لصالح الاسلام الشيعي."

وأعرب الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي أيدت بلاده ودول خليجية أخرى صدام حسين في حربه ضد ايران التي استمرت فيما بين 1980 و1988 عن مخاوف الرياض بعبارات صريحة يوم الاحد الماضي.

وقال بعد اجتماع لوزراء الخارجية العرب "ان تزايد المخاوف من نشوب حرب اهلية طائفية فى العراق ليست اضغاث احلام بل مسارا بدأت تتضح معالمه يوما بعد يوم."

ومضى يقول "اننا فى الوقت الذى نتفهم فيه المصالح المشتركة لدول الجوار مع العراق فاننا نؤمن كذلك بان التدخلات فى العراق تنذر بصراع اوسع فى المنطقة ولا بد ان يعى جيران العراق ان التاريخ سوف لن يغفر لاولئك الذين استثمروا مأساة العراق ووظفوها لخدمة اهداف قصيرة المدى ذات رؤية قاصرة ومحدودة."

وتابع وزير الخارجية السعودي قائلا ان "ايقاد نار الفتنة بين ابناء الشعب العراقى وتأجيج نار الحرب الاهلية فيه سيكون وبالا على الجميع ولن يخدم مصلحة أحد."

وكان وزير الداخلية العراقي باقر صولاغ جبر وهو شيعي هاجم الامير سعود بسبب تصريحاته السابقة عن دور ايران قائلا ان بغداد لن تتلقى محاضرة من "واحد من البدو راكب جمل".

وقال ان السعودية تعامل مواطنيها الشيعة كمواطنين من الدرجة الثالثة. ويشكو الشيعة السعوديون الذين يعتقد انهم يشكلون ما يصل الى عشر سكان المملكة البالغ عددهم 17 مليونا من تهميشهم من جانب حكومة متحالفة مع رجال دين من السنة الوهابيين.

وتنفي ايران تدخلها في شؤون العراق لكن لديها علاقات وثيقة مع القيادة العراقية الجديدة التي تسيطر عليها أحزاب شيعية اسلامية لجأت الى ايران ابان حكم صدام حسين.

ويقول دبلوماسيون ومحللون ان ايران تتمتع كذلك بنفوذ ديني على رجال الدين العراقيين وقدرة على الحصول على معلومات مخابرات عسكرية من خلال فيلق بدر الذي أسسه الحرس الثوري الايراني كجناح عسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق أكبر حزب شيعي في البلاد.

وكانت دول الخليج تحظر على الشيعة حتى وقت قريب ممارسة الشعائر الدينية علنا. وهم محرومون في بعض البلدان من شغل الوظائف في الحكومة وفي أجهزة الامن.

وبعد وصول اية الله الخميني للسلطة في ايران في عام 1979 ساندت دول غربية وخليجية صدام حسين في حربه التي استمرت ثمانية أعوام لمنع "تصدير" الثورة الاسلامية.

وفي السنوات التالية قبل الزعماء العرب سياسات صدام ببساطة لانهم رأوا أنه ضمانة ضد قوة الشيعة.

وعندما انقلب الغرب والمنطقة على صدام حسين بعد غزو الكويت في عام 1990 عارضت مصر والسعودية حليفا الولايات المتحدة الرئيسيان القضاء على الزعيم العراقي بعد حرب الخليج عام 1991 خوفا من أن يملا الشيعة الفراغ الذي سيخلفه.

ويعتقد السعوديون الان أن السياسة الامريكية في العراق توسع الانقسامات الطائفية وتسلم البلاد لايران بالفعل.

وقال علاني ان الامريكيين "يسلمون العراق لايران على طبق من ذهب مجانا. فعلوا ما فشل الخميني في تحقيقه."

وجدد وزير الداخلية العراقي هجومه على السعودية خلال مقابلة أذيعت يوم الثلاثاء ركزت على معاملة المملكة للنساء والشيعة بعد يومين فقط من وصفه أحد أفراد الاسرة السعودية الحاكمة بأنه "واحد من البدو راكب جمل".

وقال وزير الداخلية العراقي بيان باقر صولاغ جبر لقناة الجزيرة الفضائية انه يتعين على السعوديين أولا اقامة نظام ديمقراطي واتاحة الحريات والا يقتروا في منح الحقوق قائلين إنه يمكن لامرأة أن تقود سيارة لكن لا يمكنها أن تعمل إلا في حدود.

وأضاف الوزير العراقي الشيعي أنه يطالب بالديمقراطية والحرية في كل الامة العربية متهما الرياض بمعاملة الاقلية الشيعية كمواطنين من الدرجة الثانية.

واجرت السعودية اصلاحات محدودة بعد دعوات من الولايات المتحدة طالبت بالديمقراطية وحقوق المرأة.

وكان وزير الخارجية العراقي قد اضطر لتقديم اعتذار للمملكة في مطلع الاسبوع بعدما أشار جبر للامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بأنه "واحد من البدو راكب جمل". وهاجم المملكة باعتبارها دكتاتورية اسرة واحدة.

وكرر جبر الذي كان يتحدث للجزيرة تصريحاته السابقة قائلا انه فوجيء بهذا الهجوم غير المبرر بدلا من العمل على حل مشكلات الشيعة في السعودية الذين يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية.

كما اشار إلى أن طائفة الشيعة الاسماعيلية الصغيرة في السعودية تعامل معاملة مواطنين من الدرجة الرابعة.

ويعيش غالبية الشيعة السعوديين في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط القريبة من العراق.

 وحذر صولاغ في كلام سابق من ان الهجوم على الشيعة العرب الذين يشكلون أكثر من 60 بالمئة من العراقيين قد يدفعهم الى أحضان ايران.

وقال "هذا الموضوع خطير جدا يا ناس. نحو وين رايحين. اذا نريد العراق بلد عربي فليس من الممكن ان نسلخ منه 65 بالمئة ونقول لهم انتم فرس و20 بالمئة نقول لهم انتم اتراك والباقي بالفعل اكراد وتركمان."

وقال صولاغ ان على السعودية الاهتمام بشؤونها ومشاكلها الداخلية كالمساواة بين جميع مواطنيها مثل الشيعة والاسماعيلية الذين قال انهم "مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة" كما انتقد النظام السعودي واصفا إياه "بالديكتاتورية".

وقال "هذا هو العراق الديمقراطي الحكومة تتحرك حركة واحدة البرلمان يستدعيها. هناك أنظمة ديكتاتورية الله واحد عندهم هو الملك رب السماوات والارض ويحكم بما يشاء وتسمى دولة كاملة باسم عائلة."

وأضاف صولاغ ان على السعودية ان تعطي المرأة حقها في قيادة السيارات والانتخاب ودورها السياسي "كما هو الحال في العراق الجديد".

وقال "السيارة ليس من حق المرأة ان تسوق في السعودية...اعطوا حقوق المرأة كما هو موجود في العراق حيث حقها وحق الرجل متساو بالكامل في كل الحقوق والواجبات."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 6 / تشرين الأول/2005 -  2/ رمضان/1426