هل تتأثر امريكا بخطاب العرب الموجّه ضد ايران

اسعد راشد

كل الاقلام  العربية  تكتب عن ايران وتنتقدها لما يشاع ويدعى بتدخلها في العراق‘ الخطاب العربي الرسمي والشبه الرسمي وحتى الشعبي السني موجه ضد ايران ولومها بانها تتدخل في الشان العراقي .. المسؤولون في الدول العربية بدأوا يتحدوثون عن الدور الايراني في زعزعة امن العراق وبدورهم اخذوا يلومون واشنطن لتمكينها "ايران" من مد نفوذها في العراق وخاصة الجنوب .. ليس دفاعا عن ايران ولا التقليل من الدور السلبي الذي قد تلعبه في العراق او في بعض مناطقه ‘ نحن ننتقد ايران ونلومها في كثير من مواقفها السلبية تجاه العراق وشيعته وتجاه  عدد من الملفات المتعلقة بقضايا دولية او محلية ‘ لا نلومها لما يدعى بوجود نفوذ ايراني في العراق بل نلومها لعدم تعاونها مع واشنطن بشكل وثيق للقضاء على الارهاب العربي ونلومها لعدم وضع مصالح شيعة العراق بعين الاعتبار عندما تتمادي في موقفها المتشدد ازاء الملف النووي نلومها لعدم قدرتها على ضبط حدودها لمنع دخول المخدرات وعناصر تعمل على افساد المجتمع الشيعي في العراق من خلال تلك السموم ..

الخطاب العربي منافق وكذاب وخبيث كخبث ابناء العروبة جميعا .. فنعدما يتحدث الخطاب العربي عن النفوذ الايراني في العراق فهو بذلك يعلم ان لا نفوذ لايران بتلك القوة التي يراد تصويرها .. العرب في خطابهم الجديد ضد ايران لا يستهدفون ايران او للتأثير عليها من اجل وضع حد لـ"نفوذها" في العراق ولا انهم يسعون من اجل انقاذ العراق من محنته التي تتمثل في الارهاب الطائفي العربي ولا انهم يسعون لانتشال العراق من حالة الفوضى والخراب والدمار والانهيار الاقتصادي ‘ انهم بالدرجة الاولى يستهدفون شيعة العراق ويحاولون القضاء على النفوذ الشيعي العراقي الذي بدأ ياخذ دوره الطبيعي في العراق الجديد..

لذلك فان العرب بخطابهم الجديد الموجه ضد ايران هو ليس ضد ايران بل هو ضد شيعة العراق يقف خلفه دول اقليمية من مصر والسعودية والاردن ‘ فهم بخطابهم هذا يريدون التأثير على الموقف الامريكي باسلوب اخر واخبث لكي يتحول من محاربة العدوا الاول والاخطر وهو الارهاب الطائفي العربي الذي يشكل اكبر تهديد لامن العالم  الى محاربة عدو وهمي هو ضحية هذا الارهاب الاخرق والاعمى والحاقد ..

هذا التوجه الجديد القديم للخطاب العربي  يقوده كما قلنا دول تضررت مصالحها بسقوط صنم العرب صدام وحكم البعث الا ان الدوافع خلف هذا الخطاب هي طائفية بالدرجة الاولى وليست لها اي علاقة كما يدعون بالنفوذ الايراني ..

التصعيد الجديد في الخطاب العربي ضد ايران يتزامن مع التصعيد الكبير وغير الطبيعي في عمليات التفجير والقتل التي تطال الشيعة  وكأن هناك نوع من التنسيق بين ان يقوم الخطاب العربي باالتلويح بالخطر الايراني والهجوم الاعلامي على شيعة العراق من خلال هذا الخطاب الطائفي والخبيث وبين قيام الزرقاوي وجماعة القاعدة والبعثيين والسلفيين الوهابيين باستهداف الشيعة وتنفيذ ما اعلنوه بحرب شاملة ضد الشيعة .. ومن يتابع الاعلام العربي وخاصة الاعلام الذي يقع تحت النفوذ السعودي او يموله  نظام مملكة السعودية يلمس بوضوح ان الهدف من تضخيم الخطر الايراني ونفوذه هو التعتيم على عملية الابادة والتطهير الطائفي التي يقوم بها الوهابيون والسنة العرب ضد شيعة العراق ولاعادة اجواء حرب الخليج الاولى والتي لعب الاعلام العربي دورا محوريا في تذكية نارها واستمرارها والتي ذهب ضحيتها شيعة البلدين وكان الممولين لها هم العرب السنة وانظمة الجوار... واليوم ذات النوعية من الخطاب تتكرر وهي موجهة في الاساس ضد نفوذ الشيعة في العراق وليس وليس ضد نفوذ ايران في العراق ‘ فهم يروجون مصطلحات شوفينية وطائفية من اجل ربط شيعة العراق بايران كي يسهل ضربهم ومن خلاله يتم التأثير على الموقف الامريكي لاعادة العراق الى  "الزريبة" العربية السنية والى حكم العنصريين والفاشيين والطائفيين العرب  ولكن هذه المرة يقوده اناس اكثر شراسة ودموية من صدام واكبر خطرا منه قد تخرجوا من مدارس تمتد جذورها الى كهوف ترابورا ومكاتب  "قندرهار" لها منشأ واحد وهي الوهابية والسلفية القائمة في السعودية ..

والغريب  ان هذه الحملة الجديدة التي يقودها الاعلام العربي السني وعلى راسه الاعلام الموالي للسعودية كالشرق الاوسط والعربية نت وموقع ايلاف  وفضائياتهم لا تتحدث عن الارهاب الوهابي والعربي السني الذي يهدد السلم والامن العالميين ولا تدين هذا الارهاب بل تشجعه وتخلق له مبررات الاستمرار في عمليات الارهاب والقتل والتفجير من خلال ما تروج له من خطر  "ايران" ونفوذ ايران وعملاء ايران ولا تنسى ايضا ان تصور شيعة العراق كعملاء ايران وبذلك تمنح فرصة جديدة لجماعات الارهاب والقتل والذبح للتدفق على العراق لـ"الجهاد" ولقتال  "الكفار" اي الشيعة "الروافض" والامريكان  "الصليبيين" .. هذا الاعلام لا ينظر الى تداعيات ما يروج له وما يريد تحقيقه من خلف هذا الموقف العدائي ضد شيعة العراق ووقوفه ضد العملية السياسية الجارية في العراق كما ان الانظمة التي تقف خلف هذا الاعلام وتحاول تمرير اجندتها لا تراعي مصالح شعوب المنطقة ولا تعير اي اهتمام للامن والسلم العالميين اذا ما تعرضا للخطر من جراء اي سقوط للعراق في ايدي ارهابية او قيام حكم يقوده القتلة الجدد والذين يمارسون اليوم في العراق القتل والذبح الابادة ضد السكان الابرياء..

باالطبع ان العرب واعلام ستخيب امالهم  وستفشل ما يرمون اليه من خلال رفع الشماعة الايرانية ‘ فالامريكيون الذين ذاقوا الامرين من الارهاب السني في عمليات 11 سبتمبر الارهابية وغيرها واليوم يرون بام اعينهم ما يفعله هذا الارهاب  في العراق من اعمال ارهابية وجرائم بشعة ويلمسون بوضوح كيف ان هذا الارهاب الطائفي الذي يقف على هامش العملية السياسية ويحاول اجهاضها  ماذا سيكون موقفه اذا ما قيض له ان يأتي الى السلطة ويحكم العراق .. اي احمق يقبل ان يأتي من يمارس اليوم المذابح ويدمر الحياة ويحرق الاخضر واليابس ويحارب الحضارة والانسانية ان يأتي غدا ليحكم العراق ؟ هذا ما يفعله اليوم بعض سنة العراق ومن يقف خلفهم ومن يدعمهم ..

اذن هل تتأثر امريكا بالخطاب العربي الطائفي العنصري ام انها قد ادركت اللعبة والخباثة العربية التي لا مثل لها في العالم ؟ وهل حقا هناك خطر ايراني على العراق وليس خطر عربي ارهابي سني ؟

ياترى هل الامريكان اغبياء لهذه الدرجة كي يتلاعب بعقولهم الاعلام الخبيث العربي بتضخيم الخطر الايراني ونفوذه في العراق في الوقت  الذي يشهد كل العقلاء ان الذي اخذ يدمر العراق هو الارهاب العربي وان الذي يفجر ويذبح ويمارس الابادة الجماعية والطهير العرقي هو الطرف العربي السني ومن يدعهم من العرب في دول الجوار؟

ما لكم كيف تحكمون ؟؟

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية -الأثنين 3 / تشرين الأول/2005 -  28/ شعبان/1426