ذكرى وفاة المجدد الاول الميرزا محمد حسن الشيرازي: رسالته انقذت حياة الملايين الشيعة وأوقفت إبادتهم

يصادف اليوم الرابع والعشرون من شهر شعبان المعظم ذكرى وفاة المجدد الكبير سماحة آية الله العظمى السيد الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سره الشريف صاحب ثورة التنباك ضد الاستعمار الإنجليزي. بهذه المناسبة انتخبنا لكم الموضوع التالي راجين أن ينتفع منه زوارنا الكرام. والله تعالى من وراء القصد.

في عام 1880 للميلاد بعد أن وجدت بريطانيا نفسها مجبرة على الانسحاب من أفغانستان عمدت إلى تنصيب عميل لها على البلاد، يكون مطيعاً لها ومنفّذاً لأوامرها ورغباتها وأهدافها.

وكان الخيار البريطاني المناسب هو (عبد الرحمن خان) الذي كان معروفاً بقساوة القلب وعديم العاطفة والرحمة، كما كان أنانياً ومستبداً وعنيداً وحقوداً، وكان يحتقر شعبه ويشعر بعقدة الحقارة والضعف والدونية أمام الانجليز، كما كان معروفاً بحقده وكراهيته وعدائه لجميع القوميات الافغانية والقبائل البشتونية عدا قبيلته، وكان حقده وعداءه للمسلمين الشيعة والهزارة أشد وأكثر.

محاربة العلم والعلماء

وكان (عبد الرحمن) شديد العداء والكراهية للعلماء، لأن حظّه من العلم كان قليلاً جداً، وكان يشعر بعقدة الحقارة أمام العلماء والمثقفين ولذا كان يحط من مكانة العلماء والمثقفين(1)،  ويكيل عليهم السباب والشتائم والإهانات. وكان أول عمل يقوم به بعد الاستيلاء على منطقة ما، هو تخريب المدارس والمساجد والمراكز العلمية والثقافية وزج العلماء والمثقفين والمفكرين والفنانين وأصحاب المهارات والمهن في السجون(2). وعندما استولى (عبد الرحمن) على مدينة هراة دمّر أكثر من خمسين مدرسة ومسجداً وحسينية(3). كما هدم (مصلّى هراة) الذي كان يعتبر نموذجاً رائعاً وفريداً من نوعه في الفن المعماري في آسيا الوسطى، وتراثاً إسلامياً وحضارياً متميزاً في أفغانستان.

الثورات الشعبية ضد عبد الرحمن خان:

رغم الارهاب الذي كان يمارسه (عبد الرحمن) وسياسة البطش والاستبداد والقتل الذي اعتمده لارساء قواعد نظامه الجائر، لم يستسلم الشعب الأفغاني، وبدأت أصوات المعارضة ترتفع من هنا وهناك، وانطلقت ثورات شعبية عديدة ضد عبد الرحمن، وكان الثائرون من السنّة والشيعة والبشتون والأزبك والهزارة والطاجيك لديهم هدف واحد، هو القضاء على نظام (عبد الرحمن) الجائر، وكانت أهم تلك الثورات: ثورة القبائل البشتوتية، ثورة التركستانيين وثورة المسلمين الشيعة الهزارة.

فتوى التكفير: مبرر لقتل الشيعة

وقد سعى (عبد الرحمن) للحصول على مبرر ديني وشرعي للقضاء نهائياً على المسلمين الشيعة في هزارستان، لأنه كان يدرك بأن التوسل إلى الأساليب الدينية والمبررات الشرعية هو السبيل الوحيد لإثارة جميع القبائل الأفغانية «السنية» ضد المسلمين الشيعة. فاستغل جهل الناس وتخلّفهم الكبير واعتقادهم الراسخ بالعلماء ورجال الدين، في سبيل تحقيق أهدافه المشؤومة.

وبالفعل فقد طلب (عبد الرحمن) من علماء البلاط إصدار فتوى تكفير المسلمين الشيعة، باعتبارهم متمردين وخارجين على السلطان العادل! ومع الأسف ان عدداً من علماء السوء ووعاظ السلاطين استجابوا لطلب (عبد الرحمن) وأصدروا فتوى تكفير المسلمين الشيعة!! ويقال بأن عبد الرحمن كان قد حصل على فتوى تكفير المسلمين من علماء نجد والحجاز ـ كما يفعلون اليوم مع الشعب العراقي المظلوم ـ وإن «علماء» الأفغان استندوا على ذلك وفيما يلي نورد هنا الترجمة العربية لنص الفتوى(4):

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يخفى على المسلمين واتباع المذهب الحنفي الحنيف، ان الأمير عبد الرحمن خان حفظه الله المنان، من شرور البدعة والطغيان، قام بتأديب الهزارة البغاة الأشرار، وبعد أن ظفر على بعضهم، حصل جنود الأمير المنصور على ورقتين من كتاب يسمى (تحفة المواج) في إحدى المناطق التابعة للهزارة الأشرار، وتتضمن الورقتين أبيات كلها سب وشتم وإهانات صارخة للخلفاء الراشدين الثلاثة، سيدنا أبي بكر الصديق، وسيدنا عمر الفاروق، وسيدنا عثمان ذي النورين (رضي الله عنهم جميعاً)، الذين هم أئمة وقدوة المسلمين. وقد قام ظل الله في الأرض الأمير عبد الرحمن خان، بارسال الورقتين الى محكمة الشريعة النبوية العليا في كابل للتحقيق والبت في الأمر، وإبداء رأيها وحكمها الشرعي في المسألة. وبعد أن اطلعت المحكمة على أبيات الكفر والضلال، ومن أجل أن تقطع الطريق على الروافض، وتسلب منهم فرصة الإنكار والتقية والبراءة من مضمون أبيات الرفض، حصلت المحكمة على كتاب (حياة القلوب) تأليف (محمد باقر المجلسي) ووجدنا نص مضامين تلك الأبيات في ذلك الكتاب المعتبر لدى الروافض. وبعد التحقيق والتحري ثبت لدى محكمة الشريعة النبوية العليا وبدون أدنى شك رفض وكفر وارتداد الهزارة، وبناءً على هذا نحكم نحن في محكمة الشريعة النبوية العليا في كابل بكفر وارتداد الهزارة ووجوب قتلهم قبل التوبة وبعدها. إننا واعتباراً من اليوم نعتبر الهزارة مرتدين وبغاة، ومفسدين في الأرض، وإن قتلهم، وتمزيق صفوفهم، وهدم بيوتهم، وسبي نسائهم، هو عين الجهاد، وقوام للدين، ونصرة للإسلام والمسلمين، إن أمر الأمير العادل عبد الرحمن خان بوجوب محاربة الهزارة البغاة فرض واجب على كل من يمكنه القيام بذلك، وان من قتل أحداً من الهزارة أو قتل دون ذلك يعتبر شهيداً ومجاهداً وغازياً وناصراً للدين الحنيف ورسول الإسلام. كما ان قتلى الهزارة مخلدون في النار والجحيم.

إننا نقدم هذا الحكم الشرعي الى الأمير العادل عبد الرحمن خان ونرجو من جلالته ومقامه الكريم، ابلاغ هذا الحكم الى كافة المسلمين في أفغانستان، ليعلم جميع المسلمين الأفغان بكفر وارتداد الهزارة، ووجوب القضاء عليهم في كل مكان.

التوقيع:

المولوي مير فضل الله - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي مير محمد  -  مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي مير نظام الدين  - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي عبد الملك - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي عمر عمران - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي مير سيد ظاهر - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي عبد الحميد   - مستشار محكمة الشريعة النبوية في كابل

المولوي محمد اسلام  -  مستشار محكمة الشريعة النبوية في باميان

حرب الإبادة والمقاومة المستميتة:

بعد حصول (عبد الرحمن) على فتاوى تكفير المسلمين الشيعة، وجد الظروف مناسبة أكثر من أي وقت آخر للانتقام من المسلمين الشيعة. فبادر الى إرسال عدد من وعاظ السلاطين الى أقاليم ومدن البلاد، لابلاغ الناس فتوى التكفير، وحث الناس على التطوع والمشاركة في قتال الهزارة. وقد طبعت عشرات الآلاف النسخ من الفتاوى لتوزيعها في مختلف المدن والقرى والأرياف، واستدعى (عبد الرحمن) زعماء قبائل البشتون ولاسيما الحدودية ودعاهم الى ارسال مقاتليهم للمشاركة في الحرب ووعدهم بتوزيع أراضي وأموال وممتلكات الهزارة عليهم ويكون لهم ما غنموه من الأموال وما أسروه من النساء والغلمان. وبهذه الأساليب الخبيثة تمكن (عبد الرحمن) أن يجنّد عشرات الآلاف من أبناء القبائل البشتونية. لاسيما القبائل البدوية لمحاربة الهزارة، كما أرسل (125) ألفاً من قواته النظامية الى هزارستان. وبدأت الحرب غير المتكافئة بين المسلمين الشيعة الذين كانوا يدافعون عن مقدساتهم ووجودهم وبين جيش مدمج بأحداث انواع الأسلحة. وأمر عبد الرحمن بأسر المئات من أبناء الهزارة الذين كانوا في المناطق الواقعة تحت سيطرته، واستخدامهم كدروع بشرية في القتال. وبدأت المعارك بعد هجوم واسع شنته القوات الحكومية من جميع المحاور على مواقع المسلمين الشيعة الذين لم يكن أمامهم خيار سوى المقاومة المستميتة والتصدي بقوة للحملات الوحشية. ومع ان المسلمين الشيعة كانوا يعرفون عدم جدوى المقاومة وان المهاجمين لن يتركوهم وشأنهم حتى اذا انهزموا لمرات عديدة. لكنهم فضلوا المقاومة حتى الموت في ساحة القتال دفاعاً عن العقيدة والايمان والكرامة على الاستسلام، كما انهم كانوا على يقين بأنهم سيقتلون سواءً قاوموا او استسلموا. وفي ربيع عام (1892م) بدأ الهجوم الواسع لقوات عبد الرحمن من خمسة محاور هي: كابل وغزنة وقندهار وهرات ومزار شريف. وكان (السردار عبد القدوس خان) المعروف بقساوة قلبه وعدائه الشديد للمسلمين الشيعة يقود العمليات. وقد اصدر هذا المجرم وبناءً على تعليمات عبد الرحمن امراً بقتل جميع الرجال الهزارة دون تمييز بين مسلح وغير مسلح، وحرق المزارع واتلاف المواد الغذائية، كما أمر بفرض حصار اقتصادي محكم على هزارستان. وبالرغم من اتساع دائرة العمليات العسكرية والتفوق العددي والتكنولوجي لقوات (عبد الرحمن) الا انها لم تتمكن من التقدم في المناطق الشيعية وكانت تواجه مقاومة عنيفة في جميع المحاور. واستمر هذا الدفاع البطولي والمقاومة المستميتة اكثر من سنة كاملة. وفي صيف عام (1893م) شددت قوات عبد الرحمن من هجماتها واستخدمت المدافع الميدانية المتطورة لضرب مواقع المدافعين، كما ان الحصار الاقتصادي وانتشار المجاعة وأنواع الأمراض المعدية بين سكان المنطقة، أثّر في معنويات المدافعين، وتمكنت قوات (عبد الرحمن) من اختراق بعض المواقع وإيجاد ثغرات في تحصنات الهزارة. واستولى على المناطق الشيعية بالتدريج واضطر المدافعون الى الانسحاب الى منطقة (اورزگان) القلعة الطبيعية الحصينة للمسلمين الشيعة.

وقد ارتكبت قوات (عبد الرحمن) مجازر واسعة في المناطق الشيعية وحولتها الى مسالخ حقيقية وقتلت عشرات الآلاف من الأبرياء من النساء والاطفال والشيوخ وحفرت مقابر جماعية دفن الناس فيها وهم أحياء. بعد انسحاب المقاتلين الشيعة إلى (اورزگان) فرضت القوات الحكومية طوقاً محكماً على المنطقة وجرت اشد المعارك وأشرسها في تلك المنطقة واستمرت عدة أشهر ولكن أخيراً سقط ذلك الحصن المنيع بعد استشهاد المدافعين والمقاومين. واستولى عبد الرحمن على جميع مناطق هزارستان بعد قتال دام اكثر من عام ونصف. وقام (عبد الرحمن) بارتكاب جرائم ومجازر واسعة، ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل قام بمصادرة أفضل الأراضي الزراعية وتوزيعها على القبائل البدوية الحدودية التي كانت تحت حماية الانجليز والمناطق المغتصبة هي (اجرستان، جورة، اورزگان خاص، گيزاب، تيري، دهراود، داي چوپلن) وهذه المناطق تعتبر من افضل مناطق افغانستان من الناحية الزراعية حيث خصوبة الأرض ووفرة المياه فضلاً عن الموقع الاستراتيجي.

من جرائم عبد الرحمن في هزارستان:

بعد سيطرة (عبد الرحمن) على المناطق الشيعية (هزارستان) بادرت مرتزقته الأشرار الى ارتكاب مجازر واسعة وجرائم فظيعة في مختلف المناطق، ولم يتركوا جريمة الا وارتكبوها. لقد كانت التعليمات المعطاة للجنود واضحة وهي القضاء الكامل على الهزارة. وقد استخدمت مرتزقة عبد الرحمن ابشع الأساليب في القتل والتعذيب والتنكيل، وكانت تقوم بحرق القرى وهدم المساجد وحرق المزارع والأشجار وإبادة المواشي، كما أنها كانت تمنع الناس من دفن الموتى والقتلى حتى إن أغلب الجثث كانت تتفسخ وسط البيوت(5). وقد انتشرت نتيجة ذلك مختلف الأوبئة والأمراض حتى ان بعض الجنود اصيبوا بأمراض خطيرة انتشرت في المنطقة. ومن أساليبهم الوحشية، قطع أطراف المعتقل، وتركه ينزف حتى الموت، ومنها تسليط الكلاب المتوحشة على المعتقل وهو مقيد وتنهش الكلاب من لحمه حتى يموت(6). ولعل من ابشع جرائمهم وأفظعها ذبح الاطفال والرضع أمام عيون أمهاتهم واغتصاب الفتيات المسلمات والاعتداء على النساء بحضور أرحامهن(7). ومنها تجريد الطاعنين في السن من النساء والرجال من ثيابهم وشدّ وثاقهم وتركهم في العراء دون طعام وشراب حتى الموت(8). وكان جنود (عبد الرحمن) يتلذذون من قتل الأطفال وكانوا يعتبرونه لعبة مسلية ومثيرة. حيث كانوا يرمون الاطفال الى الأعلى ثم يتلقونهم بسيوفهم ورماحهم ويقطعونهم إرباً إرب(9). أما عن معاملتهم مع أسرى الحرب، فحدث ولا حرج، حيث كانوا يقطعون انف الاسير وأذنيه، ويدخلون سيخاً حديدياً ساخناً في عينيه، بعد ذلك كانوا يقطعون يديه ورجليه ويستمرون في طعنه وضربه بالسيوف والخناجر حتى الموت(10).

وكان لدى كل واحد من الضباط عدد من الكلاب المدربة على أكل لحوم البشر والفتك بالإنسان خلال لحظات. وكان يقدم الى الكلاب في كلّ وجبة أسير شيعي مقيد وكانت الكلاب تفتك به وتأكل من لحمه. وكان في أغلب الأحيان يعلّقون الأسير في غصن شجرة ويبقرون بطنه ويخرجون أحشاءه، ثم يتركون الكلاب المتوحشة لتأكل من أحشائه ولحمه. بعد عام كامل من القتل الوحشي والتصفية الجسدية اصدر (عبد الرحمن) أمراً بوقف قتل الهزارة، وأجاز بيع وشارء أسرى الهزارة، بشرط أن يدفع كل من يبتاع شيعياً (10%) أي عُشر ثمنه للدولة. بعد هذا الأمر الجائر، زادت معاناة ومأساة المسلمين الشيعة، وكان الجنود ومرتزقة النظام يغتصبون الفتيات ونساء الهزارة. وعندما كان أحد من ذوي وأقارب تلك الفتيات يقدم شكوى الى أمراء الجيش، كان الجنود يدعون بأنهم ابتاعوها من شخص آخر(11).

وكان الناس يفضلون الموت على الحياة والعيش الذليل وعلى هذا كانوا يقدمون على الانتحار للتخلص من الاسر، ويقال بأن مرتزقة (عبد الرحمن) اعتقلت (400) امرأة شيعية في منطقة (داية) بولاية غزنة وكان من المقرر نقلهن الى العاصمة لعرضهن في أسواق النخاسة، وعندما وصلن فوق جسر على نهر (جاغوري) رمين بأنفسهن في النهر وغرقن في أمواجه. ويقال بأن (40) فتاة من منطقة (اورزگان) هربن الى الجبال من مرتزقة (عبد الرحمن) وعندما شعرن بأنهن أمام طريق مسدود صعدن الى قمة صخرة عالية رمين بأنفسهن في وادي سحيق، دفعة واحدة فتقطعت أوصالهن والتحقن بالرفيق الأعلى. وكانت كبيرة الفتيات تسمى (شيرين) وقد صار اسمها رمزاً ونشيداً في هزارستان. بعد ان اصدر (عبد الرحمن) مرسوماً بجواز بيع وشراء المسلمين الشيعة، خفت المجازر الوحشية. ونشطت اسواق النخاسة في كابول وقندهار وغزنة وهرات والمدن الأخرى.

وكان الأسرى من النساء والرجال والأطفال يؤخذون الى كابل والمدن ليباعوا في محلات خاصة.

وكانت انشط المراكز هي العاصمة كابل، حيث كان (عبد الرحمن) بنفسه يشرف على البيع. وقد حددت الحكومة أسعاراً للأسرى كالتالي:

ثمن الفتاة الباكرة: 10 روبيات.

ثمن الفتاة الشابة: 5 روبيات.

ثمن الشاب البالغ: 15 روبية.

ثمن الصبي دون الخامسة عشر: 5 روبيات.

أما الأطفال وغيرهم فقد كان يتم بيعهم دون التقيد بسعر معين. وكان يتم ايقاف الاسرى بشكل استعراضي، وكل من كان يرغب بشراء اسير كان عليه ان يدفع المبلغ المحدد للامير عبد الرحمن ثم يقوم باختيار (العبد أو الأمه) من بين الأسرى. وما ان يتم اختيار (العبد أو الأمه) حتى كانت اصوات الطبول ترتفع فرحاً وابتهاجاً. ولا يعلم الا الله وحده كم عدد المسلمين الشيعة الذين تم بيعهم في اسواق النخاسة في مختلف المدن. الا ان هناك بعض الارقام التي تبين جانباً بسيطاً من عدد الاسرى الهزارة الذين تم بيعهم، مع ان مصدر هذه الارقام هو السلطة الظالمة الا انها تكشف مدى مظلومية المسلمين الشيعة الهزارة ومدى حقد وحقارة اعدائهم. فقد ورد في المستندات الحكومية «بأن القاضي (ملا خواجه محمد) قاضي المحكمة الشرعية في (ارزگان) بعث الى الامير عبد الرحمن خان مبلغ 1940 روبية من الضرائب المأخوذة عن بيع (1293) امرأة وطفل شيعي في ارزگان». وفي مدينة قندهار تم بيع (666، 46) بين امرأة وفتاة وشاب وطفل.

رسالة الإمام الشيرازي توقف إبادة الشيعة

وكان مسلسل ابادة المسلمين الشيعة مستمراً بكل وحشية وقساوة وبربرية الى أن اخبر الشيخ الآخوند ملا كاظم الهروي صاحب كتاب (كفاية الأصول) سماحة آية الله العظمى الشيخ ميرزا حسن الشيرازي قدس سره عن الأوضاع المأساوية للشيعة في افغانستان فبعث رسالة شديدة اللهجة الى (ناصر الدين شاه) ملك ايران، وأمره أن يطلب من بريطانيا الايعاز الى عبد الرحمن بوقف مجازر المسلمين الشيعة، وهدد سماحته في حال استمرار المجازر فانه سيتخذ قرارات حاسمة. وابلغ (ناصر الدين شاه) رسالة الإمام الشيرازي الى الانجليز الذين طلبوا من عميلهم عبد الرحمن وقف المجازر فور(12). وبناء على أوامر الانجليز أوقف (عبد الرحمن) مسلسل ابادة المسلمين الشيعة وأمر بانسحاب قوات الجيش من هزارستان.

لقد كانت رسالة الإمام الشيرازي سبباً في وقف ابادة المسلمين الشيعة، ومن الغريب ان وسائل الاعلام والصحف الاسلامية التي تكتب عن حياة الإمام الشيرازي، لم تتطرق حتى الآن الى هذه الرسالة التاريخية الهامة التي انقذت حياة عدة ملايين من المسلمين الشيعة، ولا شك في أنها أهم بكثير من فتوى (التنباك) وغيره(13). مع ان اعمال القتل ومسلسل ابادة المسلمين الشيعة خف الى حد كبير الا ان عملية التجويع والقهر والاذلال استمرت وقد حرم المسلمين الشيعة من جميع حقوقهم الاجتماعية والانسانية وأصبحت مناطقهم محرومة من كل الخدمات وحتى الآن تعتبر المناطق الشيعية من اكثر المناطق حرماناً في أفغانستان.كما رأينا هذه الحالة في العراق أيام حكم المجرم صدام الساقط.


الهوامش

(1) افغانستان في مسيرة التاريخ، مير غلام محمد غبار، ص658.

(2) المختصر المنقول في تاريخ الهزارة والمغول: ملا محمد فضل ارزگاني.

(3) بحر الفوائد، يوسف رياضي، ص95.

(4) يوجد صورة عن النسخة الأصلية لهذه الفتوى لدى العلامة الفاضل السيد غلام حسين الموسوي الأفغاني. وقد حصل عليها في كابل من أحد الأخوة الأزبك. فاستنسخها.

(5) تاريخ شيعة افغانستان، حسين علي يزداني، ص316.

(6) نفسه، ص317.

(7) نفسه، ص318.

(8) نفسه، ص318.

(9) نفسه، ص319.

(10) نفسه، ص320.

(11) افغانستان في خمسة قرون، مير محمد صديق فرهنك، المجلد الأول، ص403.
(12) نظرة على ماضي وحاضر افغانستان، طالب قندهاري، ص24.

(13) تاريخ شيعة افغانستان، حسين علي يزداني، ص334؛ نظرة على ماضي وحاضر افغانستان، طالب قندهاري، ص2

المصدر: s-alshirazi.com

شبكة النبأ المعلوماتية -السبت 1 / تشرين الأول/2005 -  26 / شعبان/1426