امراض السرطان والقلب تنتشر في شرق اسيا بسبب التلوث الصناعي

قالت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء ان دول اسيا والمحيط الهادي تكافح لكبح جماح انتشار السرطان وامراض القلب التي تودي بحياة 25 الفا يوميا في المنطقة.

وذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول الامراض غير المعدية في غرب المحيط الهادي الذي يمتد من الصين الى فيجي ان الخدمات الصحية يمكن ان تنهار تحت وطأة الامراض المزمنة التي يمكن الوقاية من الكثير منها بصورة كبيرة ما لم تخصص موارد اضافية بسرعة.

واضاف التقرير الذي صدر خلال مؤتمر صحفي في نوميا عاصمة نيو كاليدونيا بالمحيط الهادي "يبدو ان هناك خطرا حقيقيا من الخدمات الصحية التي لا تتمتع بالموارد الكافية في كثير من الاقتصاديات الانتقالية التي يغمرها الطلب على الرعاية من الامراض المزمنة.

"الامراض غير المعدية خاصة امراض القلب والسرطان تشكل بالفعل سبعة من بين كل عشر وفيات في منطقة غرب المحيط الهادي ومن المتوقع ان يسوء الوضع."

ودرس التقرير خمس دول هي الصين والفلبين وساموا وتونجا وفيتنام ووجد زيادة في الامراض المزمنة غير المعدية.

واشار التقرير الى انه في الصين كان هناك ارتفاع بنسبة 31 بالمئة في الاصابة بارتفاع ضغط الدم لدى 160 مليون شخص فوق سن 18 بين عامي 1991 و2002. وخلال ستة اعوام حتى 2002 كانت هناك زيادة بنسبة 40 بالمئة في الاصابة بالسكري في الصين شملت نحو 20 مليون شخص.

كما ارتفعت الاصابة بالسمنة في الصين 97 بالمئة لتشمل 60 مليونا بين عامي 1992 و2002.

وقال التقرير "ويبدو ان الاستجابات الحالية في البلاد وعلى المستويات العالمية ضعيفة وغير فعالة للتعامل مع ابعاد المشكلة بصورة مناسبة."

واضاف التقرير ان تزايد اعداد كبار السن بين السكان في اسيا والمحيط الهادي سيزيد الامر سوءا محذرا من ان الامراض المزمنة ستضيف اعباء اقتصادية على كاهل الدول النامية.

هذا ويعيش سكان قرية هوانجمينينج تحت خط الفقر حتى بالمقاييس الصينية لكن الكثيرين منهم يختارون انفاق الكثير من الاموال على المياه المعبأة في زجاجات بدلا من الشرب من مياه الآبار المحلية.

ويقول هؤلاء السكان ان مياه البئر ستصيبك بالسرطان.

ويدعم مخاوفهم تلك وجود أعداد كبيرة بشكل غير عادي لحالات اصابة بالسرطان في القرية التي يقل عدد سكانها عن 2500 نسمة والتي تقع في وسط اقليم هينان. وتحصل القرية على معظم مياهها من رافد ذي مياه كريهة الرائحة يستقي مياهه من نهر هواي والذي ربما يكون أكثر انهار الصين تلوثا.

ولا تستطيع كونج هيكين البالغة من العمر 30 عاما والتي تعاني من سرطان في الحلق والامعاء تحمل تكاليف مرشحات المياه باهظة الثمن وتقوم بضخ المياه التي باتت رائحتها كريهة بسبب ما القي فيها من بيض فاسد وما تجمع فيها من رواسب من بئر عامة في دلو احمر اللون مصنوع من البلاستيك.

وباتت كونج غير قادرة على ازالة المخلفات الصلبة من المياه بعد خضوعها لثلاث عمليات جراحية للسيطرة على السرطان تركت ندبة متعرجة على بطنها. ويمكنها الشعور بان الورم لا يزال ينمو داخل بطنها لكن لم يعد لديها أموال للانفاق على العلاج.

وقالت "انفقت 70 ألف يوان (8700 دولار)على ثلاث عمليات جرحية ولا يمكنني الاقتراض أكثر من ذلك.

"قال زوجي انه يمكننا ان نبيع ابننا الاكبر لزوجين اخرين يرغبان في التبني من أجل تدبير الاموال.. لكنني رفضت. انني افضل الموت على بيع ابني."

وسافر زوج كونج مثل رجال كثيرين غيره من اهل القرية الى شنغهاي ليشتغل كعامل لكنه يكاد لا يغطي الضروريات التي تحتاجها زوجته وابنان بلغا سن دخول المدارس.

ويقول الناشط المحلي هو دايشان ان 118 شخصا توفوا بسبب السرطان في هوانجمينينج منذ عام 1990.

ويعتقد هو ان تلك الوفيات مرتبطة بشكل مباشر بالتلوث المتفشي في نهر هواي وفرعه المحلي المعروف باسم شاينج والذي يقول انه تلوث بسبب المدابغ ومصانع الورق ومصنع للمواد الكيمياوية والتي تتمتع جميعها بحماية من جانب المسؤولين المحليين.

وابلغ هو رويترز "بمجرد ان تتمكن المصانع من اشراك الحكومة المحلية وربط مصالحهما.. يصبح من العسير السيطرة على الوضع. هذا هو السبب في صعوبة حل المشكلة خلال السنوات الاخيرة."

والحماية المحلية والتلوث الصناعي هما مشكلتان لا يمكن فصلهما عن بعضهما في الصين.

وقال مسؤولون كبار ان 90 في المئة من الانهار التي تمر عبر مناطق حضرية في الصين ملوثة بشكل حاد وان قرابة 300 مليون شخص في أنحاء البلاد لا يحصلون على مياه نقية.

واقرت بكين بالازمة واطلقت حملة تحت اسم "مياه نظيفة للشعب" ولكن اذا كانت جهود مستمرة منذ عقد من الزمان لتنظيف نهر هواي وحده لم تسفر عن شيء فان ذلك يشير الى أن الصين امامها طريق طويل في هذا الصدد.

واقرت السلطات المركزية في الربيع بان الاجراءات المشددة وانفاق نحو 60 مليار يوان (7.4 مليار دولار) في تحسين نهر هواي لم تقدم سوى القليل بخصوص اجتثاث التلوث. ويمد نهر هواي وحده سدس سكان الصين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة بالمياه.

وكان هو موظفا سابقا في الاقليم ويعمل حاليا مصورا صحفيا وقام بتوثيق الحالة السيئة للنهر. وقال هو ان المياه تحسنت بدرجة ما بعد تحرك الحكومة لكن في بعض الاوقات ظلت سيئة كما كانت دوما.

واضاف "عندما تكون المشكلة اكثر حدة... يتحول لون المياه الى الاسود مثل صلصة فول الصويا... ويغطيها كثير من الرغاوى. وتكون لها رائحة بغيضة."

واظهرت التجارب ان نهر هواي يحتوي على نسب خطيرة من المعادن والامونيا والزيوت.

وتتحمل قوانين حماية البيئة المتساهلة في الصين بعض المسؤولية. وقال هو ان المدابغ ومصانع المواد الكيماوية التي لوثت النهر سمح لها بالقدوم من خارج البلاد بعد أن حظرتها حكومات أجنبية بسبب التلوث.

واضاف "كثير من الانشطة الصناعية ترفص تحمل المسؤولية... انها ترفض تنقية مخلفاتها وتقوم بالقاء المياه التي سحبتها للاستخدام من النهر فيه مرة أخرى."

وفي مناطق أخرى من الصين اثارت المصانع المسببة للتلوث والمسؤولون غير المهتمين اعمال شغب قام بها سكان غاضبون.

ولكن السكان في هوانجمينينج لم يثوروا وانما فقط ماتوا أو فروا.

وعلى طول ممر من القرميد الاحمر اطلق عليه اسم "شارع السرطان" نمت الاعشاب بكثافة امام منازل خاوية سدت أبوابها ونوافذها بالواح من الخشب بعدما راح اصحابها ضحايا للسرطان أو فروا الى مناطق اكثر امنا.

اما الذين بقوا في القرية فاما أنهم لا يمكنهم المغادرة او اكتشفوا طريقة ما للتكيف مع الوضع. فهم يقومون بشراء المياه المعبأة في زجاجات بمعدل جعل لاو شين وهو صاحب متجر بالقرية يبيع نحو 100 زجاجة كبيرة في اليوم الواحد.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 22 / ايلول/2005 -17/ شعبان/1426