صعوبات اصلاح الامم المتحدة وضررورات الامن الدولي ومحاربة الارهاب ومكافحة الفساد

جاهد دبلوماسيو الامم المتحدة لانقاذ القمة العالمية التي تعقد في الامم المتحدة هذا الاسبوع من الانهيار وأغفلوا فقرات مثيرة للجدل حول الارهاب وحقوق الانسان وقضايا أخرى من الوثيقة التي سيصدق عليها 150 من زعماء العالم.

ومن المتوقع ان تتواصل المفاوضات طوال الليل بين مجموعة العصبة التي تضم 32 دبلوماسيا قبل القمة التي تستمر ثلاثة أيام وتبدأ يوم الاربعاء. ويخشى دبلوماسيون ان تتمخض مسودة الوثيقة الطموحة عن الامن العالمي وحقوق الانسان والفقر عن مجرد الحديث عن آمال وتوقعات زائفة.

وقال جون بولتون المندوب الامريكي لدى الامم المتحدة للصحفيين "هذه ليست مباراة كرة قدم مدتها 60 دقيقة. لدينا وقت وسنواصل العمل."

وفيما يتعلق بالارهاب اسقطت الوثيقة تعريفا يقول ان القتل العمد للمدنيين غير مبرر لكنها في الوقت نفسه اغفلت اقتراحات عربية بالاشارة الى حق مقاومة المحتل الاجنبي.

ويضغط المندوب الامريكي أيضا من اجل الاتفاق على إصلاحات أساسية بشأن طريقة إدارة الامم المتحدة بعد عام كامل من التحقيقات حول سوء الادارة والفساد في برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي.

وصرح شون مكورمك المتحدث باسم الخارجية الامريكية بأن كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية التي اجتمعت مع قادة من باكستان وتنزانيا ودول أخرى طالبت باصلاحات إدارية "حقيقية" حتى تتبنى الولايات المتحدة الوثيقة.

وفيما يتعلق بحقوق الانسان ستنص الوثيقة على تشكيل مجلس لحقوق الانسان ليحل محل لجنة حقوق الانسان التي تتخذ من جنيف مقرا لها وتضم 53 دولة والتي فقدت مصداقيتها.

لكن ورغم استياء الولايات المتحدة وكندا والاوروبيين أصرت روسيا والصين على ان تحدد الجمعية العامة في وقت لاحق معايير العضوية في مجلس حقوق الانسان. ويطالب الغرب بأغلبية ثلثي الاعضاء في الجمعية العامة التي تضم 191 دولة لضمان عدم سيطرة دول تنتهك حقوق الانسان على المجلس.

ووافق مندوبو الدول الاوروبية بشكل عام على مجموعة الاصلاحات التي اقترحها عنان بشأن الفقر وخفض نسبته الى النصف خلال العشر سنوات القادمة وخفض مخاطر الحرب والارهاب وتعزيز حقوق الانسان في القرن الواحد والعشرين.

لكن الولايات المتحدة قاومت عبارات تحتم زيادة المساعدات الخارجية والتي تراها الدول النامية ضرورية في مقابل الموافقة على اصلاحات الامم المتحدة وحقوق الانسان.

كما حدث تطور جديد تمثل في الاتفاق العام على مسؤولية التدخل بطرق عدة حين يتهدد المدنيين خطر الابادة الجماعية. لكن الهند لا تزال تعترض على "مسؤولية الحماية" بعد ان اسقط تمسكها بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن في حالة التدخل لمنع الابادة الجماعية.

وعلى الرغم من التشاؤم الذي عبر عنه الوفد الاميركي سابقا الا ان الشعور العام هو انه تم احراز تقدم كاف لانقاذ القمة من فشل ذريع.

والهدف من وثيقة الاصلاحات المؤلفة من 39 صفحة هو التوفيق بين المصالح المتنافسة للدول الغنية والفقيرة عبر اقامة توازن بين محاربة الفقر والارهاب على المستوى العالمي من جهة وتعزيز حقوق الانسان واصلاح كيفية ادارة الامم المتحدة في ظل فضيحة برنامج "النفط مقابل الغذاء" التي طالت هذه المنظمة العالمية.

وحول موضوع الارهاب شدد المفاوضون على ضرورة التوصل الى معاهدة شاملة حول الارهاب خلال انعقاد الدورة المقبلة للجمعية العامة.

غير انه لم يتم حل الموضوع المثير للجدل حول التمييز بين الارهاب وحق الشعوب المحتلة في المقاومة في سبيل استقلالها وتقرير مصيرها.

هذا وقد أكد خبيران اهمية اصلاح منظمة الامم المتحدة اداريا ودعمها ماليا حتى تستمر بتحقيق مهامها الاصلية في حفظ السلم والأمن الدوليين وطالبا بضرورة توسيع مجلس الامن ليكون معبرا عن كافة قارات العالم وخصوصا افريقيا وآسيا.

وأكد السفير السابق المتخصص في الشؤون الدولية أحمد حجاج لـ(كونا) "اعتقد أن الأمم المتحدة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية قد ساعدت الكثير من الدول خاصة النامية على نيل الاستقلال" موضحا أنه لم يكن ممكنا أن تحصل على استقلالها بدون جهود الأمم المتحدة .

واضاف أنه بالرغم من أية مآخذ فانها قد أدت دورها مشيرا الى وجود ما يسمى بسيطرة عدد من الدول القليلة على قرارات أعلى جهاز بالأمم المتحدة وهو مجلس الأمن بما يخالف ما يسمى بديمقراطية العولمة فى منظمة تجمع كل دول العالم وعلى أساس من المساواة .

وحول اصلاح الأمم المتحدة أكد حجاج أنه سيأخذ وقتا طويلا وموضوع العضوية الدائمة لبعض الدول يأتى كجزء مهم فى اطار العملية الشاملة للاصلاح مشيرا الى أن مصر الدولة الافريقية الأولى فى الاستحقاق للحصول على العضوية الدائمة .

واوضح حجاج مبررات رؤيته بأنها أكبر دولة افريقية وفق المعاييرالدولية ولديها أكبر جيش فى افريقيا كما لديها خبرات فى أعمال حفظ السلم والأمن الدوليين ولها أكبر بعثات دبلوماسية وأكثرها عددا على مستوى العالم من أى دولة افريقية أخرى .

من جانبه قال أستاذ القانون الدولى والمنظمات الدولية الدكتور نبيل حلمى لـ(كونا) أنه "لا شك أن الأمم المتحدة قد نشأت بعد الحرب العالمية الثانية فطغت عليها أجواء الحرب والانتهاء من الحرب وكان الهدف الأساسى فيها العمل على انهاء النزاعات المسلحة ووضع ضمانات لعدم دخول الدول فى هذه النزاعات".

وذكر حلمى أن العالم قد عانى من ويلات الحروب ولذلك كان لابد من وجود الدول المنتصرة فى موقع متميز فى المنظمة الدولية الجديدة آنذاك وهو ما جعل مجلس الأمن هو السلطة المهيمنة على المنظمة الدولية ويضم الدول الخمس كأعضاء دائمين ولا يسمح لعضوية دائمة أخرى .

من ناحية أخرى أوضح حلمى أن الأمم المتحدة نشأت فى ظل قوتين عظمتين وبدأ التوازن الدولى من خلال وجود القوتين ولكن مع تطور المجتمع الدولى والعلاقات الدولية وانهيار الاتحاد السوفيتى ومعها أصبحت أمريكا هى القوة العظمى الوحيدة بدأت الأمم المتحدة تحتاج الى اعادة نظر فى نظامها لكى يتناسب مع التطور الدولى.

وتابع "ومن ثم بدأت الدول تعمل فى نطاق اصلاح المنظمة الدولية من خلال المطالبة باعطاء قوة أكبر للجمعية العامة وزيادة عدد الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن ووضع ضوابط لمكافحة الارهاب وتطوير عمل محكمة العدل الدولية لكى تتناسب مع العصر الحالى ومع هذه التطورات وهذه الآراء يأتى انعقاد مؤتمر رؤساء الدول لمناقشة هذه الجوانب لمحاولة الوصول الى طريق يحافظ على استمرار الأمم المتحدة فى ظل هذه المتغيرات الدولية".

ورأى أن تطوير الأمم المتحدة واستمرار عملها له أهمية قصوى فى المحافظة على السلم والأمن الدوليين فقد يكون هناك نقاط ضعف فى عملها الآن لكن الدور الذى تقوم به المنظمة الدولية فى جوانب أخرى كثيرة يكلل بالنجاح ويحاول أن يخمد الكثير من الخلافات الدولية ولكن فى نفس الوقت يجب أن نقاوم الاتجاه الذى يحاول أن يقصر عمل الامم المتحدة على أنها مجرد منظمة انسانية خيرية.

وطالب باستقلال مالى للمنظمة الدولية لتجنب السيطرة وقد كان هناك بعض الاقتراحات ومن بينها اقتراح أثناء وجود الأمين العام السابق للمنظمة الدولية الدكتور بطرس غالى فى منصبه على سبيل المثال أن يفرض دولار واحد على تذاكر الطيران فى العالم لدعم ميزانية الأمم المتحدة فلا تحتاج لأى دعم مالى من أى دولة لأن السيطرة دائما تأتى من خلال الدعم المالى الذى تدفعه الدول.

وحول مدى نجاح الأمم المتحدة فى حفظ الأمن والسلم الدوليين فى الفترة الأخيرة قال حلمى أن المجتمع الدولى فقد التوازن بين القوى وهذا ليس عيب فى الأمم المتحدة.

بدورها كانت وزارة الخارجية الأميركية أصدرت بيانا بشأن ما تراه أولويات لإصلاح الأمم المتحدة بعنوان أولويات الولايات المتحدة في سبيل أمم متحدة أقوى وأكثر فعالية:

وقا البيان: إن الأمم المتحدة منخرطة حالياً في واحد من أهم النقاشات في تاريخها: كيف تقوم بإصلاح نفسها، وتعزيز نفسها كمؤسسة، وضمان كونها تعالج تهديدات وتحديات القرن الحادي والعشرين بفعالية. والولايات المتحدة على استعداد للمساعدة في قيادة الجهد الرامي إلى تعزيز وإصلاح الأمم المتحدة. وفي ما يلي مسائل أساسية حددتها الولايات المتحدة كأولويات أثناء عملنا مع الأمم المتحدة والدول الأعضاء الأخرى في سبيل تحقيق هدف ضمان أمم متحدة قوية وفعالة وخاضعة للمساءلة والمحاسبة.

إصلاح الإدارة والميزانية:

تتعلق مقترحاتنا بثلاثة مواضيع رئيسية: المساءلة والنزاهة، والفعالية المحسَّنة، وتعزيز صلة الأمم المتحدة بالعالم المعاصر. وبناء على هذه المواضيع الرئيسية، نعتقد أنه من الضروري تطبيق الإجراءات المحددة التالية:

يجب غرس السلوك الأخلاقي في هيئة موظفي الأمم المتحدة وفرض تطبيقه بصرامة.

يجب أن تكون الرقابة الداخلية أكثر استقلالية؛ ومن شأن مجلس إشراف يتمتع بسلطة منفصلة لتقديم التوصيات حول مستويات الميزانية أن يساعد في إنجاز هذا الأمر.

يجب تأكيد سلطة الأمين العام وواجبه في رفع الحصانة كي يمكن التحقيق بشكل تام في أمر مسؤولي الأمم المتحدة الذين يُشتبه في كونهم ارتكبوا نشاطات إجرامية، ومحاسبة المذنبين منهم.

تجب مراجعة نشاطات الأمم المتحدة لضمان استمرار كونها ملائمة ومؤدية لمهمتها، وهو ما حث عليه الأمين العام، كما تجب مراجعة تفويضات الجمعية العامة بصورة دورية للتأكد من فعاليتها وتأديتها لمهمتها (ملحوظة: لا يُقصد من ذلك فقط إلغاء التفويضات التي تم تحقيق الهدف منها، وإنما أيضاً تلك التي ثبت أنها غير مثمرة أو غير فعالة...إلخ).

مجلس أمن دولي يشبه عالم عام 2005: النهج الأميركي:

إن الولايات المتحدة متقبلة لفكرة إصلاح مجلس الأمن الدولي وتوسعته كعنصر واحد في برنامج شامل لإصلاح الأمم المتحدة. ونحن ننادي بنهج قائم على أساس المعايير يجب أن يكون الأعضاء المحتملون بموجبه على أعلى درجة من الأهلية، وذلك على أساس عوامل مثل: الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان، الحجم الاقتصادي، عدد السكان، القدرة العسكرية، المساهمات المالية إلى الأمم المتحدة، الإسهام في عمليات حفظ السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة، وسجلها في مكافحة الإرهاب ومنع انتشار (الأسلحة النووية). وفي حين أن توازن المجلس الجغرافي الكُلي عامل يؤخذ بعين الاعتبار، إلا أن الفعالية تظل المعيار لأي إصلاح.

مفوضية بناء السلام:

إننا ندعم بقوة فكرة الأمين العام المتعلقة بلجنة بناء سلام من شأنها أن تتيح للأمم المتحدة تنشيط الجهود الدولية بشكل أكثر فعالية لمساعدة الدول على الانتعاش والتعافي بعد النزاعات المسلحة. وهناك حاجة ملحة لمثل هذه اللجنة لضمان تنسيق أكبر داخل نظام الأمم المتحدة، ولتوفير الدعم بشكل أفضل لإعادة البناء والمساعدات الإنسانية، وللتهيئة للتنمية الطويلة الأمد.

الاتفاقية الشاملة ضد الإرهاب:

يجب أن تحظر الدول الأعضاء بشكل جلي لا لبس فيه أعمال الإرهاب الدولية، وقد حان الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن اتفاقية حول الإرهاب الدولي. وسيشكل تبني هذه الاتفاقية إنجازاً رمزياً مهماً في جهود الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.

التنمية:

تدعم الولايات المتحدة أهداف التنمية المنصوص عليها في إعلان الألفية، وقد أوضح الرئيس بوش أن توسعة دائرة الحرية والرخاء من مصالح الولايات المتحدة الأساسية. ويشكل النشاط الرفيع المستوى في شهر أيلول/سبتمبر فرصة لتجديد التزامنا المشترك باجتثاث الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية المستديمة.

صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية:

إن الولايات المتحدة مساند قوي لصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية الذي تم إنشاؤه أخيراً، والذي سيقدم المنح للمنظمات غير الحكومية والحكومات والمنظمات الدولية لتنفيذ مشاريع إحلال الديمقراطية، خاصة تلك التي تساعد في تنمية المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية. وسوف ينسق الصندوق أعماله مع مكاتب الأمم المتحدة الأخرى التي تشجع الديمقراطية وسيولّد مزيداً من الاهتمام والالتزام بالتمويل والتطبيق.

مجلس حقوق الإنسان:

إننا ندعم مبادرة الأمين العام الخاصة باستبدال لجنة حقوق الإنسان بمجلس لحقوق الإنسان يتخذ الإجراءات ولا يسمح بالانضمام إلى عضويته للدول ذات السجل الزاخر بانتهاكات لحقوق الإنسان. وينبغي أن تكون المهمة الموكلة إلى مجلس حقوق الإنسان معالجة حالات الطوارئ في مجال حقوق الإنسان وأفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الفنية؛ وتشجيع حقوق الإنسان كأولوية عالمية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 14 / ايلول/2005 -9/ شعبان/1426