انتخابات افغانستان.. خطوة واسعة لكن الديمقراطية هشة

أدلى ملايين الافغان يوم الاحد المقبل باصواتهم لاختيار برلمان وطني ومجالس اقليمية فيما يمثل خطوة واسعة في طريق افغانستان الصعب نحو الاستقرار بعد سقوط نظام طالبان.

والانتخابات خطوة نحو توسيع الحكومة الممثلة ولكن المحللين يقولون ان الديمقراطية الوليدة مازالت هشة وتحتاج لدعم دولي لعدة سنوات قبل ان تصبح قادرة على الصمود بمفردها.

وقال بارنيت روبن الخبير في شؤون افغانستان بجامعة نيويورك "الناس يبالغون جدا في توقعاتهم لما ستحققه هذه الانتخابات."

واضاف "المؤسسات الاساسية في مرحلة متدنية جدا من التنمية. والى أن يكون لدى افغانستان اقتصاد قانوني قادر على العمل ومؤسسات اساسية لن يكون هناك شيء حقيقي يمكن أن يفعله البرلمان سوى العمل كمسرح للعرائس يمثل اراء الشعب."

وسجل نحو 12 مليون افغاني اصواتهم للانتخاب من اصل سكان افغانستان الذين يبلغ تعدادهم بين 25 و28 مليون نسمة. وسيدلي هؤلاء باصواتهم في الانتخابات التي تشرف عليها الامم المتحدة وهي اول انتخابات من نوعها منذ عام 1969 وتأتي في اعقاب الانتخابات الرئاسية في اكتوبر تشرين الاول الماضي والتي فاز فيها حامد كرزاي المدعوم من الولايات المتحدة.

ويرجح بعض المنتقدين ان يتمخض النظام الانتخابي عن برلمان مفكك محافظ ومحدود الافق قد يكون عائقا امام الحكومة لا عاملا مساعدا لها.

ولن تجرى الانتخابات على اساس حزبي ولكن الاحزاب لها مرشحون وتتوقع تشكيل تكتلات في البرلمان. ويأمل الزعيم المعارض يونس قانوني رئيس ائتلاف جبهة التفاهم الوطني في الفوز بخمسين بالمئة من المقاعد.

وتأتي الانتخابات بعد نحو اربعة اعوام من اطاحة قوات تقودها الولايات المتحدة بحكم حركة طالبان بعد رفضها تسليم اسامة بن لادن الذي تتهمه واشنطن بأنه وراء هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 .

ومنذ ذلك الوقت انفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها عشرات المليارات من الدولارات في ملاحقة اعضاء طالبان ومقاتلي القاعدة كما قدمت عدة مليارات اخرى كمساعدات لاعادة بناء افغانستان.

وساهم هذا في حدوث اطول فترة من الاستقرار النسبي في افغانستان منذ اكثر من ربع قرن.

ولكن بن لادن لا يزال طليقا كما لم يتمكن الاف الجنود الاجانب من القضاء على تمرد مقاتلي طالبان والذي تفاقم قبل الانتخابات. ومن جهة أخرى يتزايد الاحساس بالاحباط وسط الافغان لعدم تحقيق تقدم يذكر لتحسين ظروف حياتهم.

ويقول محللون انه اذا نجحت الانتخابات وكان الاقبال على التصويت عاليا على الرغم من تهديدات طالبان فسيعطي ذلك دفعة كبيرة للادارة الامريكية التي تعاني من اثار الاعصار كاترينا وتورطها في العراق.

وتقول الامم المتحدة ان الانتخابات لن تكون مثالية نظرا لتهديدات طالبان والتساؤلات المثارة حول ماضي بعض المرشحين وعددهم 5800 مرشح.

ولكنها تقول ان افغانستان تحتاج بشدة لحكومة ذات تمثيل أوسع بعد سنوات من الحكم بالمراسيم الرئاسية.

وقال جان ارنو مبعوث الامم المتحدة الخاص في مقابلة "بالرغم من انعدام الامان الحالي فان اجراء هذه الانتخابات هو الخطوة الصحيحة... معظم الافغان حريصون عليها."

وكانت ادارة كرزاي قد واجهت انتقادات بسبب اساءة استخدام اموال المعونات وشعر الكثيرون بالاحباط لعدم محاكمة المسؤولين عن جرائم حرب ولحقيقة ان بعضهم من المرشحين للانتخابات.

كما شعرت الحكومات الغربية بخيبة أمل لعدم اتخاذ مزيد من الاجراءات للسيطرة على تجارة المخدرات.

ومن المرشحين للانتخابات العديد ممن انقلبوا على طالبان ومن بينهم نائب وزير سابق كان مسؤولا عن فرق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي شابها الكثير من الروايات السيئة وهو امر اذهل كثيرا من الافغان.

وقال عبد المجيد غفوري البالغ من العمر 58 عاما "اذا فازوا ستعود افغانستان الى المأساة التي عانتها في الماضي ولكن الناس لن يعطوا أصواتهم لاناس أيديهم ملطخة بالدم."

ويقول محللون ان الاقتصاد الذي يعتمد في جانبه الاكبر على المخدرات يمثل تهديدا للاستقرار ربما أكبر من التهديد الذي تمثله طالبان.

وقال اوليفييه روي من المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي "عنف طالبان يمكن التعامل معه مادامت الدول الغربية ملتزمة بالبقاء... ولكن المخدرات تعني الفساد ومادام بمقدور الحاكم المحلي او ضابط الشرطة كسب اموال عن طريق المخدرات أكبر مما يحصل عليه من مرتبه فلن تفلح الحكومة."

وكانت المشاكل الناتجة عن الاعصار كاترينا والوضع بالعراق قد اثارت مخاوف من ان تسعى واشنطن للحد من التزاماتها في افغانستان حيث تمثل قواتها ثلثي القوات الاجنبية بالبلاد.

وهناك شكوك من ناحية أخرى بشأن استعداد دول غيرها من اعضاء حلف شمال الاطلسي للالتزام بتوفير الجنود والموارد للتحالف للاضطلاع بدور اكبر في مكافحة المقاتلين.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 13 / ايلول/2005 -8/ شعبان/1426