ناقش قادة الكتل البرلمانية العراقية الثلاثاء موضوع الدستور في
العمق وذلك في اجتماعهم الثاني لتقريب وجهات النظر فيما حصد العنف
المستمر في العراق 28 قتيلا عراقيا وجنديا اميركيا.
وقال المتحدث باسم الرئيس العراقي كيروان قيراه داغي ان "الجميع
متفقون على ان العمل يجب ان يتم في وقته".
واضاف قيراه داغي في مؤتمر صحافي "اليوم دخل في مناقشة المواضيع
وطرحت نقاط الخلاف والنقاش لم يدخل في مراحل الاتفاق او عدم الاتفاق
ومن غير المتوقع ان ينتهي اجتماع اليوم باتفاق".
وينص الدستور العراقي الموقت على احالة مشروع الدستور على البرلمان
ليقره في منتصف اب/اغسطس قبل اجراء الاستفتاء عليه في منتصف تشرين
الاول/اكتوبر المقبل.
وشارك في الاجتماع الرئيس العراقي جلال طالباني (اكراد) ورئيس
الوزراء ابراهيم الجعفري (شيعة) ونائب رئيس الوزراء احمد الجلبي (شيعة)
والنائب فؤاد معصوم (اكراد) وعدنان الجنابي (سنة) ونائب الرئيس عادل
عبد المهدي (شيعة) اضافة الى شخصيات سياسية اخرى انضمت لاحقا الى
المجتمعين.
واشار قيراه داغي الى ان "شخصيات سياسية اخرى انضمت الى الاجتماع
بعد الساعة 19,00 (15,00 ت غ)". ووصل رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني
بدوره الى بغداد مساء الثلاثاء بعدما اجبره سوء الاحوال الجوية على
البقاء في شمال العراق منذ الاحد الفائت كما افاد مصدر كردي.
واكد بارزاني السبت الفائت امام البرلمان الكردي انه سيدافع في
بغداد عن رفض الدولة الاسلامية وقضية البشمركة (المقاتلون الاكراد)
والموارد الطبيعية والمادة 58 من الدستور الموقت التي تنص على عودة
الاكراد الى مدينة كركوك النفطية بعد تهجيرهم منها ابان حكم صدام حسين.
وكان القادة السياسيون الرئيسيون عقدوا اجتماعا اول الاحد الفائت
لاعداد جدول الاعمال الذي يركز خصوصا على قضية الفدرالية ودور الاسلام
في التشريع وقرروا عقد اجتماعات دورية لتقريب وجهات النظر.
واعلن الرئيس العراقي جلال طالباني مساء اليوم نفسه البدء بسلسلة من
اللقاءات بين قادة الاحزاب السياسية في البلاد لتسوية الخلافات حول
الدستور.
وكان المتحدث باسم الحكومة ليث كبة تطرق قبيل اجتماع الثلاثاء الى
القلق الذي يبديه الغرب على تضييق حقوق المراة في العراق وعلاقة الدين
بالدولة فقال ان "هناك الكثير من الاصوات تتعالى وقلق على حقوق المرأة
وكأن العراق سيسدل الستار على حقوق المرأة".
واضاف "لا اشعر بهذا القلق بل بالعكس فكل المؤشرات لا تدعو الى
القلق" مشيرا الى ان المسألة لا تعدو كونها "مساومات على نصوص الدستور
او ضغوط من طرف على اخر من اجل وضع ضمانات بهذا الخصوص".
وتابع انه نقل الى رئيس الوزراء العراقي مخاوف الاعلام الغربي "فوعد
بالعمل على تثبيت حقوق المرأة بل اكد ضرورة مشاركتها" في السلطة.
اما في ما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة فاكد كبة ان "في كل الدول
العربية والاسلامية يكاد يكون هناك نص دستوري يشير الى ان دين الدولة
الرسمي هو الاسلام". واضاف ان "النص اعتباري والتشريع الفعلي هو بيد
الجمعية الوطنية العراقية ولن يكون هناك رجل دين يصدر التشريعات".
واوضح ان "هناك اجماعا من كل القوى السياسية على احترام الدين الاسلامي
الذي حكمنا 1400 سنة". وقال ان "الكل يريد وجود دولة عصرية حديثة يكون
النظام فيها حديثا وينافس دول العالم في اقتصادياتها".
في هذا الوقت كانت عشرات العراقيات المؤيدات للعلمانية يتظاهرن في
بغداد مطالبات بان يلحظ الدستور احترام حقوق النساء فيما طالبت اخريات
في مدينة النجف الشيعية بان يستند النص الدستوري الى مبادئ الاسلام.
وعلق السفير الاميركي في العراق زلماي خالد زاد على الية مناقشة
الدستور فاوضح ان بارزاني "قرر عدم اثارة موضوع مطالبة الاكراد بحق
تقرير المصير". وحول موقع الاسلام قال ان هناك نقاشا حول جعله "مصدرا
رئيسيا للتشريع او احد المصادر الرئيسية".
ويتوقع ان يعكف الاجتماع على دراسة 18 نقطة خلاف على الاقل كما
افادت وثيقة اعدتها لجنة صياغة الدستور خصوصا بشأن مكانة الاسلام في
التشريع والنظام الفدرالي.
ومعظم النقاط العالقة في مسودة كتابة الدستور لها علاقة بالاكراد
مثل الفدرالية وقضية كركوك ومسألة اللغة وعلاقة الدين بالدولة وهوية
العراق واسمه وتوزيع الثروات الطبيعية خصوصا النفط. لكن طالباني قال
الاحد ان "اللجان اتفقت من حيث المبدأ على فدرالية الاكراد لكن الخلاف
منصب حول فدرالية الجنوب".
وكان تم الاتفاق على ان يعمل القادة السياسيون على حل الخلافات في
مسودة الدستور حتى الثاني عشر من الشهر الجاري لرفعها الى لجنة الصياغة
التي يفترض ان تعد المسودة النهائية لعرضها على الجمعية الوطنية في 15
آب/اغسطس كحد اقصى كما هو وارد في قانون ادارة الدولة.
وبعد ان تقر الجمعية الوطنية مسودة الدستور تعرض على استفتاء شعبي
في الخامس عشر من تشرين الاول/اكتوبر المقبل للموافقة عليها.
وتعتقد الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة ان المضي قدما في
العملية السياسية التي بدأت بالانتخابات في يناير كانون الثاني سينزع
فتيل العنف الذي يقوده تحالف فضفاض بين الاسلاميين المتشددين الاجانب
والعراقيين الموالين لصدام حسين والذي لا تشير أي بوادر إلى تراجع
وتيرته.
وقال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد وهو يحذر من أن عنف
المسلحين يمكن أن يزيد في الفترة السابقة على الاستفتاء المزمع على
الدستور في منتصف أكتوبر تشرين الاول ان المضي قدما في العملية سيساعد
في تقويض التمرد.
وقال في مؤتمر صحفي في واشنطن "من المهم الالتزام بالجدول الزمني."
وقال السفير الامريكي زالماي خليل زاد للصحفيين "ثمة تصميم في هذه
المرحلة على الوفاء بموعد 15 أغسطس" مشيرا إلى أن دور الاسلام في
المجتمع والقانون من القضايا الرئيسية التي ما زالت محل خلاف.
وسئل إن كانت ستة أيام كافية لحل الخلافات فقال "اعتقد ذلك.. مع
التصميم والعمل الجاد والمرونة.. اعتقد ذلك."
وتأمل الولايات المتحدة أن يتمكن الشيعة والاكراد الذين فازوا
بالسلطة في الانتخابات من تكوين جبهة متحدة مع العرب السنة الذين
يشعرون بالاحباط بعد أن فقدوا ما كان لهم من هيمنة ابان حكم صدام حسين
لهزيمة المقاتلين حتى يمكن للقوات الامريكية ان تنسحب.
وعلى الرغم من تمكن الشيعة والاكراد من اجتذاب مزيد من العرب السنة
إلى العمل السياسي السلمي فما زالت مجموعات من السنة تمارس العنف عازمة
على الاطاحة بالحكومة.
وتثير التفجيرات الانتحارية التي لا تفتر وتيرتها وحوادث الاغتيال
والقتل لاسباب طائفية المخاوف بخصوص احتمال تفجر حرب أهلية.
ويريد الاكراد الذين يتمتعون بحكم الواقع بالاستقلال في شمال البلاد
تحت الحماية الامريكية منذ عام 1991 أن يكفل الدستور اقامة نظام
اتحادي.
ويطالب بعض الشيعة العلمانيون بالحكم الذاتي في الجنوب.
ويريد العرب السنة حكومة مركزية قوية تسيطر سيطرة صارمة على الموارد
النفطية في الشمال الكردي والجنوب الشيعي.
ومن شأن هذه القضايا أن تحرك صراعا طائفيا إذا لم يتسن الموازنة بين
المصالح المتباينة في العراق من خلال الدستور. |