لماذا عداء نيويورك تايمز للشيعة؟

اسعد راشد

منذ فترة وصحيفة نيويورك تايمز تنشر تقارير مشوهة عن المكونات الشيعية في جنوب العراق وخاصة البصرة وتقدم صورة مغلوطة عن دور التجمعات والفعاليات الشيعية في تلك المنطقة استنادا الى معلومات خاطئة يتم اخذها من قنوات اما بعثية خبيثة او شيوعية مفلسة فقدت رصيدها في الوسط الشيعي بعد الانتخابات الديمقراطية التي جرت لاول مرة في العراق واتت بحكومة منتخبة  تقود البلاد وفقا لقانون الادارة المدينة للدولة العراقية ..

 ومن خلال متابعاتنا لتقارير تلك الصحيفة حول الشأن الشيعي في الجنوب نلمس بوضوح  ان هناك توجه داخل الصحيفة يسعى  لدق الاسفين في علاقة الشيعة بالادارة الامريكية  وبسلطات قوات متعددة الجنسيات في العراق من اجل اهداف غير واضحة قد تكون لها صلة ببعض اجندة الدول العربية المجاورة للعراق وبمخططات بعض الجماعات المفلسة والحاقدة على الشيعة .. ويأتي مقتل الصحفي الامريكي ستيفن الذي عرف بعداءه الشديد لنظام البعث ووقوفه بجنب العراقي ودعمه عملية تحرير العراق من نير صدام ليطرح السؤال التالي: من المستفيد من مقتل الصحفي الامريكي  "ستيفن" ؟

هناك اطراف تهمها  اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في البصرة ومدن اقليم جنوب العراق من اجل ان يعود الوضع بما يخدم مصالح  معينة خاصة اطراف بعثية  وجماعات اقلية متطرفة محسوبة على السنة والتي  تثار الشكوك كثير ا حول دورها في اغلب العمليات الارهابية والاغتيالات التي تجري في البصرة ضد ضباط وعناصر الامن في المدينة وكذلك استهداف علماء دين شيعة تتم تصفيتهم ‘ كما ان هناك احزاب صغيرة تعتبر نفسها  "ديمقراطية ويسارية"! ليست لديها شعبية  سوى ضجيج اعلامي تحاول بشتى الطرق القذرة واساليب رخيصة تشويه صورة الشيعة في  فيحاء البصرة  تساندها في ذلك جهات اقليمية واعلام  مدجن مرتبط باجهزة مخابرات تلك الجهات لها مصلحة في ان لايكون للشيعة دور في العراق الجديد وخاصة في مشروع  الاقاليم والفيدرالية التي يسعى  اليها الشيعة من اجل الخروج من النفق المظلم الذي ادخلهم فيه البعثيون والاقلية الطائفية طوال 80 سنة من الحكم الطائفي الشوفيني الدموي ..

فليس من مصلحة الشيعة  واحزابهم وفعالياتهم الشيعية ان تسود الفوضى في البصرة خاصة وان انهم يشكلون الثقل السكاني والشعبي وان الذين يتولون ادارة المحافظة هم من الذين انتخبهم الشعب وجاءوا الى مناصبهم من خلال اننخابات حرة نزيهة وحتى التقارير التي تحاول التلميح في اتهام الشيعة وبعض الاحزاب الشيعية بانهم يقفون وراء اغتيال الصحفي الامريكي تتغافل  العلاقات الحميمة والصديقة التي تربط بين تلك الاحزاب وخاصة المجلس وحزب الدعوة وبين الدول الصديقة التي حررت العراق وبالذات امريكا وبريطانيا ..

ان تنشر صحيفة نيويورك تايمز  "تقرير" قبل اربعة ايام من مقتل الصحفي الامريكي حول تنامي دور ما تسميه الصحيفة زورا  "الاصولية الشيعية" في محافظة البصرة تزامنا مع مقتله بعد اربعة ايام لا يعطي اي دليل ان يكون الشيعة يقفون خلف تلك العملية الجبانة والتي عرف البعثيون والزرقايون والسلفيون السنة  انهم يقفون خلف اغلب العمليات الارهابية والاغتيالات التي استهدفت الصحفيين ورجال الاعمال والمترجمين وعناصر الامن من مختلف الاطراف والدول .. ان مواقف الصحفي الامريكي الانسانية ووقوفه بجنب مظلومية الشعب العراقي وخاصة دعمه في كتاباته عملية تحرير العراق  تسخّف بل تطعن فيتلك الاتهامات الباطلة الي يثيرها بعض المستفادين من عملية اغتيال  "ستيفن" .. فقد ذكرت بعض الصحف ان ستيفن الصحفي الامريكي كان  "من اشد المدافعين عن حرب العراق بين الصحافيين الامريكيين وبرر وقوفه الى جانب الحرب بانه رأى بعينه من امام منزله في منهاتن اهوال الحادي عشر من سبتمبر وتيقن بان المتطرفين الاسلاميين ـ يقصد بهم الاصوليون السنة والسلفيين الوهابيين ـ يقفون وراء الهجمات فقرر محاربة التطرف بطريقته  " (( وفي العام الماضي تنكر ستيفن في ملابس حاج شيعي لزيارة الاماكن المقدسة في النجف وكربلاء فتصادف وجوده هناك مع حدوث ست انفجارات كان يقف وراءها اتباع ابومصعب الزرقاوي  فسجل  مشاهداته عنها في مقابلاته وكتاباته ‘ كما كان ينتقد الصحافة الامريكية الليبرالية بسبب استخدامها عبارة الاحتلال الامركي للعراق وطالب باستخدام تحرير العراق بدلا من ذلك قائلا ان الوجود الامريكي في العراق لا يعني احتلالا ابدا)) ..

اذن هذه القراءة السليمة لستيفن للوضع في العراق  والمفردات التي يطالب استخدامها للمشهد العراقي تسسجم بشكل كبير مع ما يذهب اليه عدد كبير من جمهور الشيعة وخاصة الرموز وزعماء الاحزاب الشيعية التي تتولى السلطة في بغداد اليوم وهذا الامر بحد ذاته يكفي لكي يبعد اي شك حول اي دور شيعي في مثل تلك العملية الجبانة التي استهدفت ستيفن ‘ والواضح ان الصحفي ‘ شهيد الكلمة الحرة ‘ كان يتحرك بغطاء شيعي  ‘ ملابس وتغيير شكل ‘ وكان الشيعة يوفرون له ذلك الغطاء لكي يحافظ على حياته ‘ ولا شك  ان هناك ثمة جهات غير مكشوفة كانت تعلم بتحرك ستيفن ولا يستبعد ان تكون لها علاقة بالارهابيين السنة بل بعمالة مزدوجة  وقد تكون الصحيفة ذاتها وبتنسيق مع بعض العناصر التي تعتبر نفسها  "ديمقراطية ويسارية  " هي التي سربت معلومات عن تحرك ستيفن لكي يغتالوه ويرموا تبعات ذلك على الشيعة واحزابهم التي تحظى بشعبية كاسحة في المحافظة بغض النظر عن الاخطاء والسلبيات التي تسود سلوكياتها ..

 

نحن لا نشك ان المستفاد الاول من اغتيال الصحفي الامريكي هم البعثيون والشيوعيون وجهات مخابراتية وحاقدة في الجوار العراقي ‘ وليس الشيعة الذين يكون هم المتضررون بالدردجة الاولى من مثل هذه الاعمال الارهابية الجبانة والتي لن يقدم عليها لحد هذا اليوم الشيعة بل ولم تسمح لهم مبادئهم الانسانية واخلاقهم النبيلة وحسهم الحضاري ان يغتالوا بريئا او يقوموا بعمل ينافي منهجهم السلمي الذي اختاروه منذ سقوط صدام وقبله الى يومنا هذا حيث يتعرضون للقتل والابادة الجماعية والتطهير الطائفي على ايدي السنّة المتطرفين وجماعات البعث والزرقاويين دون ان يقوموا باي عمل انتقامي بل التزموا بنهج علماءهم ومرجعياتهم الدينية الداعي للتهدئة وضبط النفس ..

اما لماذا اتخذت نيويوك تايمز الموقف المعادي للشيعة فهذا يعود الى بعض المصالح التي تربط اطراف في الصحيفة مع بعض اجندة دول الجوار  والاموال التي تدفع لبعض المحررين في الصحيفة  للترويج لمواقف  "السنة العرب"  وهذا ما لسمناه بوضوح في تقارير عديدة تنشرها الصحيفة تهاجم فيها الشيعة وتدافع فيها عن مواقف العرب السنة  بعكس ما يكتبه الصحفي البارز واللامع توماس فريدمان والذي رشح في احد مقالاته الامام السيستاني لجائز نوبل للسلام .. ومن هنا ايضا فان اتهام الشيعة وتسميتهم بـ"الاصولية الشيعية المتشددة"! يلتقي مع ما تسعى اليه جهات في الصحيفة وحتى في احزاب يسارية واطراف في دول الجوار لتشويه صورة الشيعة وتلميع دور الاطراف الاخرى المتهمة بوثائق وادلة انها تقف خلف اكثر اعمال التفجير والجرائم الارهابية ..

شبكة النبأ المعلوماتية -االسبت 6/ اب/2005 - 1/ رجب/1426