عندما يموت الطاغية..!

اسعد راشد

هل صحيح ان ذكر محاسن  "الموتى" من مبادئ الخلق الكريم ومن قيم الاسلام الحنيف ؟

وهل كل الموتى بلا استثناء وان كانوا طغاة ورعاة للفكر التكفيري  لهم محاسن دون مساوئ؟ وهل لمن ترعرع في ظل جبروته الفكر الوهابي الذي يهلك اليوم الاخضر واليابس ويقتل البريء والمسيء ويذبح الطفل البريء له شيء من المحاسن كي يذكر بــ"خير"؟..

الملك فهد الرجل الذي تولى في الستينات منصب وزارة الداخلية وقاد الجهاز الامني السعودي بيد من حديد وفي عهده نمى وترعرع الفكر الوهابي السلفي التكفيري واعطى فسحة بحجم الدنيا لأتباع المذهب الارهابي لكي ينتشروا كالسرطان في جسم الامة وهو الذي اسس اكبر  مجمع للتكفيريين في الجزيرة العربية  وتحركوا تحت غطاءه لتأسيس خلايا ارهابية في كل مكان تفتك حتى بالجنين الذي في بطن امه سمي ذلك المجمع بـ"مجمع ملك فهد لطباعة القران الكريم في المدينة المنورة" ‘ المجمع يقوده رجال يعرفون بلحاهم الطويلة  والدشاديش القصيرة له افرع في كل السفارات السعودية في العالم وقد طبعوا القران الكريم بلغات كثيرة واهمها تلك اللغات التي  اصبحت اليوم  جهادية  "مقدسة" لدي المتطرفين السنة والتكفيريين السلفيين من اتباع تنظيم القاعدة  كـاللغة الشيشانية والبوسنية والكشميرية  ولغات اخرى اصبحت طباعة القران الكريم من اجلها مدخلا لنشر الفكر الوهابي ولزرع  بذور لخلايا تكون في المستقبل منطلقا للارهاب ولقتل البشر بعد ان يتم تكفيرهم واخراجهم من الملة‘ وفي مواسم الحج في كل عام يصطفون الوهابيون التكفيريون في قاعات المطارات السعودية وبيدهم نسخ من تلك  "القراءين" وبيد اخرى  "كراريس" ـ اخطر سلاح ـ  مطبوعة باوراق من نوع الفاخر والراقي وبالوان لا توحي ان وراءها  "مؤسسة خيرية" بسيطة بل امكانيات دولة  تتضمن ـ الكراريس ـ وصايا  مؤسس الفكر الارهابي وبانيه  "ابن تيمية" وهي تحمل رسل الموت لمن يختلف مع ما جاء في تلك الوصايا ويلقى مصيره المحتوم اما قتلا بسيارة مفخخة او جسم ملغم  واما اقصاءا عن الحياة وتهميشا في كل مناحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما هو حال شيعة الجزيرة العربية وخاصة في المنطقة الشرقية ..

 هذا  "الملك" المتوفى رحل وترك خلفه موروثا ثقيلا وموبوءا يسمى الفكر الوهابي او القاعدي اوالسلفي ‘ اسماء مختلفة ‘ ساهم هو والنظام الذي قاده والذي يقوده اليوم خلفه في ايصال العالم الى حافة حرب الحضارات  والى فتن وبراكين من الدماء وقتل وذبح بالجملة في كل مكان ومن خلال ذلك الفكر وتنظيماته العسكرية العقائدية التي هي نتاج الدولة السعودية التي اسسها "عبد العزيز" وسار على نهجه من تولى قيادة تلك الدولة الوهابية لهذا اليوم ..

ان اهم منجزات  الدولة السعودية التي قادها  "فهد" هي احداث 11 سبتمبر الارهابية ومن بعدها كارثة مدريد وبالي وانتهاءا ـ وليس اخيرا ـ بتفجيرات لندن ‘ تلك المنجزات هي من نتاج الفكر الذي تتبناه لهذا اليوم الدولة السعودية وتسير على نهجه تنظيمات القاعدة وكل السلفيين التكفيريين وقد انضمت اليهم اخيرا تنظيمات حزب البعث تحت اسماء  "الجيش الاسلامي" و"المجاهدين" و"انصار السنة" وغيرها من العناوين التي يتخفى من وراءها القتلة التكفيريون والارهابيون ..

وحتى في موت ملك فهد ومراسيم تشييع جنازته لم يتخلى قادة  دولة التكفيريين عن ذلك الفكر ومخلفاته بل حتى نعشه حولوه الى  "رمز" للفكر الوهابي التكفيري ومنعوا قادة العالم والقادمين للمشاركة في  "العزاء" من القاء نظرة وداع على  "جثمانه" ‘ وحرموا دقيقة صمت ومنعوا تنكيس الاعلام وبرروا ذلك بتضمن لفظة  "الجلالة"! ولم يعلنوا الحداد رسميا ثلاث ايام  انطلاقا من الفكر الوهابي التكفيري  المتطرف ..

ماذا يعني ان لا تكون  "دقيقة صمت" ولا نظرة وداع ولا عزف موسيقى الجنائزية ؟

الا يعني ذلك ان كل الدول التي تتبع مثل هذا النهج الكلاسيكي  وهذه الظاهرة الانسانية  هي كافرة  وتعتبر في  نظر الوهابيين مشركين يجوز قتلهم او اراقة دمهم واستباحة حرماتهم ؟

الم يقف الشعب العراقي وحكومته  في كل العراق  "دقيقة صمت" على ضحايا العملية الارهابية التي نفذها الارهابيون الوهابيون في بغداد ضد الاطفال والتي ذهب ضحيتها اكثر من 32 طفلا بريئا ‘ هل هذا الشعب  المسلم وكل شعوب العالم التي تقف "دقيقة صمت" على ارواح شهداءها وامواتها هي شعوب في نظر الدولة السعودية كافرة لانها مارست  "بدعة" دقيقة صمت ؟

الا يدل هذا الاجراء الذي اتخذته الدولة السعودية في مراسيم تشييع او عزاء او دفن الطاغية بمنع  "دقيقة صمت" وتحريم  "عزف موسيقى الجنائزية" وحظر  "القاء نظر وداع" ان الارهاب يحظى برعاية رسمية في السعودية وان فكره الذي يفرخ الارهابيين هو المسئول عن الماَسي والكوارث الارهابية التي تحدث في العالم ..

 تقول صحيفة الشرق الاوسط السعودية في عددها 9744 الصادر بتاريخ 2/08/2005 ((ان الحداد سيتم من دون تكنيس الاعلام على المباني الحكومية والاهلية على السواء.. فيما تأكد ايضا ان جنازة فقيد الامتين العربية والاسلامية سوف تتم من دون تعزيف على الموسيقى ‘ ولن تكون هناك دقيقة صمت ‘ او القاء نظرة وداع يلقيها زعماء العالم على  الفقيد ‘ وذلك (لاعتبارات دينية) .. )) !!

اي ان زعماء العالم الذين يحضرون لمراسيم الجنازة يجب ان يسيروا وفقا للنهج الوهابي  وعليهم ان يلتزموا بما يقره هذا الفكر والا فان  "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" الذي يقودها تنظيم القاعدة السلفية الوهابية لهم باالمرصاد وسوف يأخذون الى زنزاناتها لاجراء الحد الشرعي ضدهم ! ..

انظروا الى اي مدى تعشعش هذا الفكر الخطر والارهابي حيث يتدخل حتى في بروتوكولات  هي عالمية ورسمية لها صفة اممية لا علاقة لها بما تدعيه تلك الصحيفة  "اعتبارات دينية" ..

وعندما يتصدر الفكر التكفيري جنازة  "رئيس" دولة او ملك يحضرها قادة العالم وزعماء الدنيا ‘ هذا يعني ان هناك رعاية رسمية واحتضان على مستوى دولة لذلك الفكر ‘ فكان من المفترض في موته ان يثبت النظام السعودي انه ضد التطرف  بكل اشكاله وانه يؤسس  البلاد لمرحلة جديدة تفتتح بدقيقة صمت ونظرة وداع وتنكيس للاعلام  يبعث من خلالها رسالة ايجابية الى العالم بانه يحارب التطرف والفكر التكفيري لا ان يشدد عليه و يأخذ بالاعتبار رضى  "التكفيريين" ومشايخ  "الجهاد" واصحاب فتاوي القتل تحت عنوان  "اعتبارات دينية "..

واذا كانت هذه هي البداية لعهد  "الملك" الجديد عبدالله  فعلى العالم السلام ولينام  "ابن تيمية" في قبره  "قرير العين" ولبشر الوهابيون السلفيون والقاعديون بان  "دولتهم" مازالت بـ"خير" وعافية وان فكرهم مازال يتصدر كل شيئ حتى جنازة "الطاغية" !

شبكة النبأ المعلوماتية -االخميس 4/ اب/2005 - 28/ جمادى الأولى/1426