ما وراء الإرهاب في العراق

بقلم :م.غريبي عبد الملك*

إنه عنوان الإرهاب الذي أصبح اليوم يعرف به خوارج هذا الزمان(السلفية الأصولية) والأمريكان وأذنابهم البعثيين في العراق، عنوان يمثل إحدى أقطابه البعثيون الذين كانوا  قبل سنين في حكم خلفاء البيت الأبيض، وثانيه الوهابية المجرمة التي أصبحت شيئا حيوانيا، بعدما كانت شعارا ينادي بالكتاب والسنة ويقيس بمقياس الشرع الوهابي، وثالثها فرعون الزمان الناطق بمصطلح التغيير.

يمكن أن تكون نظرة أقطاب الإرهاب في العرق قد تعدت السطحية التي ينظر بها العراقيون، بحيث أن تجربتهم في مجال الإرهاب قد أهلتهم أن يقرروا المسك بدفة السفينة لتغيير مسارها بما يتلاءم مع اتجاه الريح الصهيونية وهذا مقبول من وجهة معينة، بيد أن لعبة السياسة ولعبة المصالح ولعبة الجهاد تتقاطع خيوطها في كثير من محطات العراق (كتابة الدستور، قانون الجنسية، الإقتصاد، الثقافة، الإجتماع، وما إلى ذلك)، وإن بدا أحيانا التنافر بينها حتمي طبيعي، فإن دورانها على محور واحد " المنفعة "يجعل الالتقاء بينها أمرا قطعيا حتى وإن تباعدت الطروحات، هذا حال السياسة إذا امتزجت بالمصلحة، ومما يزيد الطين بلة إذا علقت بعنوان " الجهاد " الذي يضفي عليها هالة إعلامية عالمية مميزة، خصوصا لوكان الغلاف من النوعية الجيدة التي تموه الطبخة السياسية وتحميها من أن تفقد ذوقها فينقشع الضباب عن الطامعين والخاضعين وما أكثرهم في العراق.

 الآن في أقبية الكنتونات السياسية وعلى المنابر المذهبية، الفتنة الطائفية مادة للترويج وسلعة للمتاجرة وصك الغفران يمنحه الزرقاوي لكل من يريد أن ينجوا من مغول الوهابية، المهم في الأخير أن تمارس الوهابية دورها، وأن يصل جرمها إلى أكبر شريحة في العراق وبأقصر الطرق لتزداد الأصفار على اليمين بالقتلى الأبرياء وتحشد الحشود ليوم الحجاج الكبير يوم الإبادة العظيم لشيعة العراق، والغريب في هذا كله ليس قوة الإجرام وواقعية الحقد الوهابي فقط، بل في وزن الحكومة ورجالها وكثرة سفرياتهم وتنامي الوافدين إليهم وإكثار التقارير التي تبعث الهيبة في القلوب.

هذا هو بعض ما وراء الإرهاب في العراق الحبيب،إنه مشروع حلية المحرمات وسيناريو مؤتمر الضحية والجلاد. وإن ما يحز في قلب كل عراقي واع  وغيور على هذا المشروع أن يصل ببعض الوزراء إلى الحد الذي أصبح أكبر همهم أن يسافروا كل يوم خارج العراق، ويأمروا بتحسين أوضاع الدبلوماسيين، بينما أوضاع العراقي لا تهم..!؟

وما يدمى القلب له أكثر هو أن تصور صفقات مجموعة من الأفراد على أنها صفقات للشعب العراقي الذي لم يتغير حاله ليزداد سوءا على سوء.

بينما يتواصل صمت العواصم العربية والإسلامية إزاء الإرهاب المتفاقم في العراق وحملة الاضطهاد المذهبي ضد شيعة العراق فإن علماء المسلمين السنة بكل مذاهبهم يتحملون عبئا عظيما من مسؤولية ما يعانيه شيعة العراق من واقع مرير.

ومن غريب الأمور أن تجد رؤساء المجامع الفقهية ومجالس الفتوى في العالم الإسلامي يتحرجوا من الحديث عن حرمة المسلم الشيعي  كحرمة المسلم السني، فضلا على أن يبادروا للعمل على نشر الوعي الإسلامي بالمشروع الإستكباري المتخفي وراء الإرهاب. وهذا ما يسمح لأعداء الأمة  وخصوم الحق وقادة الإرهاب والجهل أمثال الزرقاوي وإبن لادن والظواهري أن يتحركوا في الفراغ العلمائي لمذهبهم والإنحراف الفكري والسلوكي الذي تصنعه مدارس الوهابية من تعصب وتشدد وتكفير وتبعية وجهل وسفك للدماء، وكما ورد في الحديث " إذا فسد العالِم فسد العالَم ".

 في الأخير نوجه دعوة لشيعة العراق للاعتماد على أنفسهم في حفظ الأمن العراقي والصمود والكفاح من أجل البقاء مع عراق السنة وعراق الأكراد لبناء العراق الجديد، لأنه حسب سماحة آية الله الحاج السيد رضا الشيرازي: " إننا أمام حرب وجود لا حرب حدود ".

وأخيرا على الدكتور الجعفري أن يتحمل مسؤوليته كاملة في هذا الظرف العويص إزاء ما يحدث في العراق، ولن يرحم التاريخ كل من يستبدل الدفاع عن قيم الإسلام والتشيع الذي هو صميم الإسلام ومبادئه بالدفاع عن الكيانات الوهمية والهياكل الفارغة،فولايتنا تقول:"لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ".ختاما نقول :

 "اللهم إنا نتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة والعلوية البيضاء ونتوجه إليك بهما أن تعيذ المسلمين والعراق وكل البلاد الإسلامية من شر الوهابية المجرمة، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك ولا يتكأدك في قدرتك وأنت على كل شيء قدير فهب لنا يا إلهنا من رحمتك ودوام توفيقك ما نتخذه سلما نعرج به إلى رضوانك ونأمن به من عقابك يا أرحم الراحمين".

*كاتب جزائري

الجزائر: 28/07/ 2005

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية - الاحد 31/ تموز/2005 - 23/ جمادى الأولى/1426