العالم لم ينصف شيعة العراق واطفاله..!

اسعد راشد

بعد العملية الارهابية الاجرامية التي نفذها التطرف في لندن وبمشاركة ودعم التيارات الاصولية السلفية المنتمية لتنظيم القاعدة وسقوط عدد كبير من الضحايا بلغ لحد هذه الساعة 53 قتيلا جرت عمليات ارهابية مماثلة خلال اقل من اسبوع في العراق  سقط  من الضحايا اعداد مضاعفة لتلك التي سقط في بريطانيا ‘ العالم اعتبر ما جرى في لندن من تفجيرات بانها ارهابية فيما لايزال يعتبر ما يجري في العراق بـ"المقاومة" او ترويج المفردة الخبيثة  "المسلحة" و"الهجمات الانتحارية" دون وصمها او وصفها بانها ارهابية ..

هذا الاستخفاف بدماء الالاف  التي تسفك في العراق علي ايدي الاصولية المتطرفة والتي تقف اليوم خلف كل عمليات الارهاب والقتل والذبح في العالم  ‘وهذا الموقف الظالم لمعظم بلدان العالم واعلامها لما يجري  في العراق من عمليات ارهابية وتطهير طائفي وقتل على الهوية ونشر ثقافة الذبح وقطع الرؤوس قد اعطى للارهابيين المبرر الكافي  والشرعية للاستمرار في اجرائمهم وارهابهم واعتبار ان ما يقومون به ضد شيعة العراق وبنحو ضد الكورد بانه يحظى برضى العالم وبمباركة البلدان العربية وفضائياتها التي  تنافق وتخادع  وتسارع في وصف عمليات التفجير الاجرامية في اي بلد غير العراق بانها ارهابية  ولما يصل الدور الى العراق ويتساقط بفعل الارهاب عدد كبير من الابرياء واخيرا الاطفال في عمليات تفجير جبانة وانتحارية   فانها ترفض اطلاق صفة الارهاب عليها بل ويصفها البعض بانها "مقاومة" ..

لماذا هذا الموقف المجانب للحقيقة والانصاف الذي يتخذه العالم تجاه عمليات الذبح والقتل والارهاب التي تذفذها الجماعات المتطرفة الاصولية ضد العراق والعراقيين ؟  لماذا هذه الازدواجية والثنائية البغيضة في التعاطي مع قضية الارهاب  رغم ان الارهاب مصدره واحد و ان تعددت الاسماء؟

فاذا كان النظام السعودي يعتبر ان القادمين من العراق هم اسوء من اؤلئك الذين كانوا في السابق في افغانستان  فلماذا  اذن لا يعتبرهم ارهابيين  ولماذا يكونوا ارهابيون عندما يعودون  الى  "السعودية" ‘ وهل هناك  فرق بين  "قتل" واخر ‘ بين سقوط ضحايا تفجيرات هنا ومثلها هناك؟ اليس الفاعل واحد وان تعددت الاماكن وتباينت الاسماء؟  فهل ذلك العائد الذي يقتل  الشيعة في العراق  "مقاوم" ولمّا يعود الى السعودية ويمارس المهنة ذاتها ولكن ضد نظام بلاده يتحول الى ارهابي؟

وهل  دماء الاخرين التي يريقها الارهابيون في العالم  "مقدسة" ودماء الشيعة التي يراقها نفس الاقوام غير مقدسة ولا حرمة لها ؟

تفجيرات لندن قد لا تكون الاولى ولا الاخيرة التي ابرزت ذلك النوع من التماهي العالمي مع  ثنائية الخطاب التي استطاع العرب بخبثهم ترويجها وتغريز مفاهيمها الشوفينية والفاشية في اذهان العالم  بحيث اخذت اجهزة اعلام  حرة  في الدول الديمقراطية   تتأثر بها وتستخدم ذات الخطاب  في وصف ما يجري في العراق بانه "اعمال مسلحة" دون اي اضفاء لصفة الارهاب عليها  كما تفعله اليوم وسائل الاعلام العربية وفضائيتها..

فاذا كان مقتل واستشهاد العشرات من الاطفال الابرياء الذين تجمعوا في حيهم لتناول قطع من الحلوى قدمها لهم بعض جنود قوات متعددة الجنسيات لم يرجف للعرب ولا للعالم عين ويصفه احد ابرز الصحف العربية التي تعتبر في نظر البعض"معتدلة" ـ الشرق الاوسط ـ بانها"عملية انتحارية"  ولم تتوانى في سوق مبرر لتلك العملية الارهابية الاجرامية الجبانة من خلال سرد غير مهني  للحدث يتوافق مع اجندة خاصة لا تخدم الا اهداف القتلة والارهابيين حيث نص الخبر الذي اوردته الصحيفة بخصوص قتل الاطفال الابرياء على ايدي مجموعات سلفية  يقول  "شهدت بغداد امس اكبر مذبحة من نوعها خلال السنتين الماضيتين راح ضحيتها نحو 100 شخص بين قتيل وجريح معظمهم من الاطفال حصدهم (هجوم انتحاري)! ـ وليس ارهابي انتحاري ـ بسيارة مفخخفة استهدف دورية (عسكرية امريكية) ـ بمعنى ان الهدف ليس الاطفال وانما الاحتلال ! ـ في منطقة بغداد الجديدة  ".. بينما نفس الصحيفة تصف ما جرى في لندن  من تفجيرات غير  الوصف الذي اطلقته على تفجيرات بغداد الابشع حيث تقول في عددها الصادر بتاريخ 8/7/2005  "أطل وجه (ارهاب القبيح) في لندن امس وعاشت العاصمة البريطانية اجواء اعادت الى الاذهان هجمات سبتمبر 2001 في نيويورك

وواشنطن وهجمات مارس 2004 في مدريد ‘ اذ تحولت هدفا لواحد من اكبر( الهجمات الارهابية) في تاريخ بريطانيا  " ..

استرخاص الدم الشيعي العراقي غدى ظاهرةعالمية لا تثير الشفقة ولا الرحمة  بل اصبح امرا مألوفا يمر عليه الاعلام مرور الكرام دون ان يحفزه للتساؤل ان باي ظلم يراق هذه الدم ؟

ديبلوساسي مصري يقتل تقام له دنيا العرب والعالم اما الدماء الزكية للاطفال ولرجال وشباب ونساء الشيعة تسفك لم يتحدث عنها احد وكأن هناك ثمة اجماع بل واتفاق غير معلن ان يبقى  "الدم الشيعي" غير مقدسا ولا حرمة به ..

فهل بعد ذلك انصف العالم لشيعة العراق مثلما ينصف اليوم لغيرهم هنا وهناك ؟

شبكة النبأ المعلوماتية - السبت 16/ تموز/2005 - 8/ جمادى الأولى/1426