ضعف اداء الأحزاب المصرية في قضية الاصلاح: لا تتبع منهجا علميا

يرى خبيران اعلاميان مصريان أن البيئة الاعلامية في بلدهما غير مهيأة للتحول الديمقراطي بسبب غياب مفاهيم التسويق السياسي الشائعة في الغرب منذ عقود.

ودلل راسم محمد الجمال وخيرت معوض عياد وهما أستاذان بكلية الاعلام بجامعة القاهرة على ذلك بضعف أداء الأحزاب المصرية فيما يتعلق بقضية الاصلاح السياسي حيث تفتقد المنهج العلمي في عرض أفكارها على الجماهير من خلال الصحف التي لاتزال تخاطب فقط المتفقين مع أيديولوجيتها.

وقال الخبيران الاعلاميان ان الأحزاب السياسية المصرية في خطابها ومعاركها المتعلقة بقضية الاصلاح السياسي "لا تتبع منهجا علميا لعرض أفكارها جماهيريا بحيث بدت طروحاتها وكأنها جدل بين نخب سياسية ومفتقرة الى التوجه المباشر للمواطن باعتباره المستهلك الاساسي في السوق السياسي المصري."

وأضافا في كتاب (التسويق السياسي والاعلام.. الاصلاح السياسي في مصر) أن التسويق السياسي وهو اختراع أمريكي ربما يؤدي الى "فقدان الثقة في العملية السياسية في الديمقراطيات الغربية لانه يستخدم أساليب التسويق لبيع الأحزاب والمرشحين للناخبين."

وصدر الكتاب يوم الاربعاء عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة ويقع في 184 صفحة من القطع الكبير.

وقال الناشر في تصدير الكتاب ان نشر الثقافة الاعلامية أصبح ضرورة بعد أن أصبح الاعلام ظاهرة مؤثرة في جميع الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مشيرا الى أن انشاء عدد كبير من كليات وأقسام الاعلام في الجامعات العربية يسهم في بلورة نظرية عربية لعلوم الاتصال.

وفي مقدمة الكتاب اشارة الى أن عياد تقدم الى كلية الاعلام عام 1994 لتسجيل رسالة دكتوراه تحت عنوان (وسائل الاعلام والتسويق السياسي) بهدف معرفة كيف تم استخدام وسائل الاعلام المصرية في "بيع" مشروع السلام مع اسرائيل للشعب المصري ولكن الفكرة لم تحظ بالموافقة انذاك بحجة عدم وجود "شيء اسمه التسويق السياسي".

ووقعت مصر عام 1979 اتفاقات سلام منفردة مع اسرائيل بعد الزيارة الشهيرة للرئيس المصري الراحل أنور السادات لاسرائيل عام 1977.

وقال الكتاب ان تخطيط وتنفيذ حملات تدفع الجماهير الى تأييد مؤسسة أو حزب أو مرشح عبر التلويح بمزايا تنافسية من أبرز أهداف التسويق السياسي كنشاط اعلامي بين طرفين حيث أصبحت الخدمات الاستشارية الاحترافية في المجال السياسي "تشكل جزءا كبيرا من صناعة التسويق السياسي في الولايات المتحدة والتي بلغ دخلها (الصناعة) في عام 1996 ستة مليارات دولار."

ونوه الى أن هناك انتقادات موجهة الى التسويق السياسي منها أنه "يؤدي الى بيع الانتخابات وأن الأحزاب السياسية والمرشحين الأغنياء وحدهم هم الذين يستطيعون الاستفادة منه. السوق السياسي تهيمن عليه الأحزاب والمرشحون من أصحاب القدرات المالية الاكبر وليس أصحاب البرامج السياسية الافضل."

وقال ان كثرة الانفاق على الحملات السياسية لا يؤدي بالضرورة الى نجاحها.

وأرجع الكتاب فوز رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون الى استعانتهما بخبراء اتصال اتبعوا تخطيطا جديدا "وفقا للاتجاه التسويقي... فاز كلينتون وبلير وأنهيا حالة من الهزائم والفشل لفترة طويلة لحزبيهما."

وفي المقابل يرى الكتاب أن البيئة الاعلامية في مصر "غير مهيأة للتحول الديمقراطي أو ما يطلق عليه الاصلاح السياسي بصفة عامة وهي بالتالي غير صالحة للتسويق السياسي حتى لو منحت أحزاب وحركات المعارضة فرصا لطرح وتقديم منتجاتها وعروضها السياسية. النظام الاعلامي المصري المملوك للدولة والخاضع لهيمنة الحزب الوطني (الحاكم) لا يوفر سوقا حرا لطرح كل المنتجات والعروض السياسية."

ووصف السوق المصري بأنه مقيد يحكمه حزب واحد "ويطرح خطابا سياسيا واحدا. وعلى الرغم من الانفتاح (الاعلامي) النسبي فانه لم يغير شيئا من مضمون وسائل الاتصال الاكثر جماهيرية الراديو والتلفزيون بحكم تبعيتها المباشرة للسلطة السياسية التي توظف النظام الاعلامي باعتباره نظاما فرعيا لها وظيفته الاساسية انتاج مضامين الدعاية السياسية ولو باستخدام ذات الاساليب الدعائية ذاتها التي انتهت منذ عقد الثلاثينيات من القرن الماضي."

وخلص الباحثان الى أن الخطاب الاعلامي المصري الخاص بقضية الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي يدعم الاتجاهات الموجودة فعلا "فالأفراد الذين يطلعون على صحيفة العربي (التي يصدرها الحزب الناصري) هم ناصريون أو متعاطفون مع الفكر الناصري والذين يتعرضون للمضامين السياسية لصحيفة الوفد اما أعضاء في حزب الوفد أو متعاطفون مع أفكاره وليس من المتوقع أن يغير أحد أعضاء حزب التجمع مثلا اتجاهاته السياسية أو قراره الانتخابي بعد قراءة صحيفة مايو (التي يصدرها الحزب الوطني الحاكم) عدة مرات."

ولكن الاحكام القاطعة السابقة لم تستند الى دراسة ميدانية احصائية في ضوء الاختلافات بين صحيفة ناصرية أسبوعية ذات طابع سياسي انتقادي وأخرى وفدية يومية تنشر مواد تتسم بالعمومية الى حد ما.

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 7/ تموز/2005 - 29/ جمادى الأولى/1426