تعامل الحكومة الابوي السلطوي مع الاحزاب والجمعيات الاهلية في مصر يعوق الديمقراطية

تواجه منظمات المجتمع المدني في مصر قيوداً شديدة بموجب قانون تنظيم المنظمات غير الحكومية، إضافة إلى أن الأجهزة الأمنية تتابع الناشطين في هذا المجال متابعة دقيقة وتضّيق الخناق عليهم.

جاء ذلك ضمن تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤخراً، ويتألف من 45 صفحة، تحت عنوان "هوامش القمع: القيود الحكومية على نشاط المنظمات غير الحكومية."

ودعا التقرير الحكومة المصرية إلى وقف تدخل أجهزتها الأمنية في تحديد سياسات منظمات المجتمع المدني وجمعياته.

وتعرض التقرير لأثر قانون تنظيم الجمعيات، المعروف بقانون  رقم 84 لعام 2002، والذي بدأ تنفيذه في يونيو/حزيران عام 2003.

وخلص التقرير إلى أن أخطر العوائق للحرية النقابية في مصر هو منح مزيد من الصلاحيات للدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية.

وقد قامت "هيومان رايتس ووتش" بتوثيق عدد من الحالات التي رفضت فيها الأجهزة الأمنية تسجيل منظمات غير حكومية، وتدخلت في تحديد من يمكنه أن يكون عضواً في مجالس إدارة هذه المنظمات، إضافة إلى التحرش بالناشطين فيها ومضايقتهم، ناهيك عن التدخل بالتبرعات التي تصل إليها.

نائب مدير منظمة "هيومان رايتس ووتش" لشؤون الشرق الأوسط، "جو ستورك"، قال إن "على التشريعات والأنظمة الحكومية أن تساعد المواطنين على تشكيل المنظمات والمؤسسات، وجمع الأموال وتنفيذ الأعمال المطلوبة."

واضاف: "فإذا لم يتمكن الناس من تشكيل منظمات مجتمع مدني، وإدارتها، فإن فرص تطوير ديمقراطية فاعلة ستقل."

ورغم أن القانون 84 يعد متطوراً عن سابقه، فإن بنوده والطريقة العشوائية التي يتم بها تطبيقه تشكل خرقاً للالتزامات القانونية الدولية التي تعهدت بها مصر من أجل حماية حرية العمل النقابي، بحسب التقرير.

فالقانون يمنع على سبيل المثال النشاط السياسي والنقابي، ويسمح للسلطات بحل المنظمات والجمعيات بموجب القانون الإداري، كما أنه يوفر الآلية لتدخل النظام في شؤون هذه الجمعيات والمنظمات.

وكانت "هيومان رايتس ووتش" قد دعت الحكومة المصرية إلى تعديل القانون 84/2002 بحيث تجعل عملية تسجيل وترخيص المنظمات غير الحكومية أمراً اختيارياً، وإزالة العقوبات عن أنشطة المنظمات غير المرخصة.

وقالت ان القانون "يوطد نظاما تعامل فيه المنظمات غير الحكومية كما لو كانت أطفالا لحكومة ذات سلطة أبوية."

وأضافت أن أحد أخطر العوائق التي تعترض المنظمات غير الحكومية يتمثل في دور الاجهزة الامنية التي تراقب تسجيل المنظمات غير الحكومية وتعترض قيامها وتتعقب قادتها ونشاطاتها وتمويلها.

وتابعت "اذا لم يكن بمقدور الناس أن يشكلوا ويديروا ويمولوا منظمات مجتمع مدني فلن تكون هناك فرصة كبيرة لقيام ديمقراطية فاعلة أو تنمية مستقرة تتسم بالمساواة."

وتقول الحكومة المصرية انها ملتزمة بالاصلاح السياسي لكنها تواصل تقييد تشكيل الاحزاب السياسية والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني سواء عن طريق سن القوانين أو من خلال السلطات الواسعة لاجهزة الامن.

ويرصد التقرير حالات رفضت فيها السلطات التصريح بقيام جمعيات أهلية بدون ابداء الاسباب واعترضت نشاطها تعسفيا بمنع تمويلها أو التدخل في اختيار قياداتها.

وأوصت المنظمة الحكومة بتغيير القانون بحيث يجعل التسجيل طوعيا ويزيل مختلف القيود على حق التعبير السلمي وتشكيل الجمعيات.

وقالت ان وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية التي تشرف على تسجيل الجمعيات لم ترد على أسئلة توجهت بها اليها حول الطريقة التي تطبق بها القانون.

من جهة اخرى وافقت لجنة شؤون الاحزاب السياسية المصرية يوم الاثنين على قيام "حزب السلام الديمقراطي" بعد موافقتها يوم السبت على قيام "حزب شباب مصر". لكنها رفضت يوم الاحد تأسيس حزب باسم "حزب السلام الدولي".

وكانت اللجنة التي تتبع مجلس الشورى وهو أحد مجلسي البرلمان وان كان بدون سلطات تشريعية ويهيمن عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قد وافقت قبل نحو 10 أشهر على قيام حزبين في وقت متقارب هما حزب الغد والحزب الدستوري الاجتماعي الحر. وقبل ذلك ظلت سنوات طويلة ترفض قيام أحزاب جديدة.

وقال وكيل مؤسسي حزب السلام الديمقراطي أحمد محمد الفضالي لرويترز انه فوجيء بموافقة اللجنة على الطلب المقدم منه.

وأضاف "كنت أستعد لاقامة دعوى قضائية طالبا الحكم بالغاء اعتراض اللجنة على قيام الحزب لكنني فوجئت بقرار مخالف لما توقعت." وتابع "لم يكن لي وسيط وأنا أتقدم بطلب تأسيس الحزب. اليوم فهمت أن البلد يتحول الى الديمقراطية فعلا."

لكن أحزابا مصرية كثيرة تشكو من حرمانها من حرية الاجتماع خارج مقارها ومنعها من التظاهر السلمي ومن الوصول الى وسائل الاعلام المملوكة للدولة وكذلك من عدم الاخذ برأيها في تعديلات أدخلت أخيرا على القوانين المنظمة للمارسة السياسية.

وقال الفضالي "تضمن برنامج حزبنا النص على مقاومة الفساد في أول بند وتصورت أن هذا النص في صدارة البرنامج سيكون السبب في رفض قيام الحزب ومع ذلك حصلنا على ترخيص بالنشاط من أول عرض."

وقام عدد كبير من الاحزاب المصرية البالغ عددها 21 بأحكام قضائية.

وقال مصدر قريب من لجنة شؤون الاحزاب ان كلمة "الدولي" في اسم حزب السلام الدولي ربما كانت السبب في رفض قيام الحزب باعتبار ذلك ابتعادا عن الهوية الوطنية. لكن وكيل مؤسسي حزب شباب مصر أحمد عبدالهادي قال لرويترز "يؤكد حزبنا في مستهل برنامجه على انهيار الحواجز بين الدول في فترة ما بعد ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات."

وأضاف "حزبنا يؤكد أيضا على سيادة مجتمع ما بعد صراع الحضارات وكيفية التعامل مع الاخر... سنعطي فرصة حقيقية في الحزب للشباب بعيدا عن سيطرة كبار السن... نحن في مرحلة حراك دولي."

ولم يتسن الحصول على تعليق من رئيس لجنة شؤون الاحزاب أو أعضائها حول طريقتها في منح ومنع تراخيص النشاط للاحزاب.

ويرأس اللجنة صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى وتضم وزراء الداخلية والعدل وشؤون مجلس الشعب وثلاثة من الشخصيات العامة.

شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 6/ تموز/2005 - 28/ جمادى الأولى/1426