العاقل او الناجح من يضع الامور مواضعها...
والشعب اليقض هو الذي يسهر على مصالحه ويراقب ما يدور حوله.
اما ان يضع حبلها على غاربها ويلقي الامور على عواهنها فذلك مما
يورث الندم ويخلق الخسارة والفشل.
ان ثمّة سؤال عريض يلح في ذهن اليقض النبه من العراقيين فيقول: بعد
ان دخل الشعب المحكوم المقهور بعمومه الى ميادين الاقتراع، وصوّت لمن
يريد ويحب ويرغب، بمحض ارادته.. فهل انتهى كل شيء ؟ ؟
وهل انتهت مهمة أهلنا في العراق؟ ؟
الجواب..
كلا... فهذا هو اول الغيث.. بل هو قطرة في بحر واجبات الشعب، وذلك
أن أمامه مسؤوليات كثيرة منها:
المسؤولية الأولى: المزيد من اليقضه
لما يدور حوله في الكوالبيس من اتفاقات او معاهدات وتحالفات، ورسم
معالم للعراق الجديد بما يخالف رأي الشعب ويناقض ارادته ويلغي ثقافته..
المسؤولية الثانية: المزيد من الحذر
من المتربصين به الدوائر، ومن وراءه كل
الذين لا يريدون بالعراق والعراقيين خيرا قط، وكل الذين يريدون بالعراق
التشرذم وبالعراقيين التمزق، ويريدون العراق نهبا..
والمزيد من الرقابة لمجريات الأمور
وصياغة الدستور والدولة والحكم ونظامه والحاكم وتصرفاته..
المسؤولية الثالثة: المزيد من الوعي
لمسوؤلياته وواجباته التاريخية، وانه قد قال كلمته في الانتخابات،
وعليه ان يواصل باقي مسؤولياته في رقابة ممثليه الذين لم يصعدوا الا
بصوته ولم يتكلموا الا بلسانه، وعليه يجب ان يعرف الشعب ان على ممثليه
في المجلس ان لا يتكلموا الا بارادته ومصلحته، لا باراداتٍ شخصيةٍِ
تمليها اهواء وتطلعات لا تَمُتُّ الى مصلحة الشعب بِصِلَةٍ لا سمح الله..
كما يجب على ممثلي الشعب ان يدركوا حقيقة مسؤوليتهم امام الله الذي
سيحاسبهم وينتقم منهم اذا ما خانوا شعبهم.. ولو بعد حين...
المسؤولية الرابعة: أن يعوفوا أنهم
مسؤلون اما التاريخ الذي سيلاحقهم ويخزيهم.. وما ديار الظالمين عنهم
ببعيد.
المسؤولية الخامسة: كما عليهم ان
يعرفوا أنهم مسؤولون امام الشعب الذي قدم الضحايا والقرابين، وملايين
الضحايا المجهولة القبور، وملايين الارامل مع ملايين اليتاما والعذاى
الطاهرات الاتي استبيح شرفهن وعِزّهن وأُمتهنت كرامتهن في سجون الذين
تفردوا بارادة الشعب، واستبدوا بمصالحه، وأبادوا آلآف من العلماء،
والمئات من المفكرين، والعشرات من أعاظم التاريخ.
فالشعب الذي دفع الثمن الباهض، يجب ان لا يغفل عن المراقبة
والمحاسبة، كما يجب ان لا يهدأ لَهُ بالٌ ويخلد الى المفاجئات التي لم
يحسب لها حساب. وان سنة الله قضت : ان َ لله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) 8 /المنافقون.
وليتعلّم رجال المجلس من أخلاق رجال الحضارة، وائمة المعارف، وقمم
الاخلاق، ومربي الناس على الحياة، معلمي الامم والشعوب اليقضة والنباهة
والحذر وقد ورد عن ابن عباس معالي صفات اولئك الأئمة يوم قام إليه رجل
فقال:
يا ابن عباس أخبرني عن آل محمد ؟
فقال ابن عباس: آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
المعلِّمون التقى..
الباذلون الجِدى..
التاركون الهوى..
الناكبون الردى..
لا خُشّع لمظ..
ولا طُمّح حظظ..
ولا غُلَّظ فظظ..
في كل حين يُقّظ..
أحلاسُ الخيل..
أنجمُ الليل..
وبحر النَيل..
بِعاد الميل..
هاماتٌ هاماتٌ..
وساداتٌ ساداتٌ..
وغيوثُ جارات..
وليوثٌ غابات..
المقيمون الصلاة..
المؤتون الزكاة..
والمقرِّبون الحسنات..
والممُيطون السيئات)
وأولئك هم بُناة الحضارات.. وأئمة الحياة..
وواضعوا البشرية على المحجة الواضحة.. والمناهج اللائحة. |