أثارت أرقام نشرتها اليوم صحيفة (أوبزفر) البريطانية التي تصدر كل يوم
أحد من الأسبوع حول حالات "القتل الرحيم" هلعا في مختلف الأوساط
السياسية والطبية والقانونية على امتداد المملكة المتحدة، حيث أشارت
إلى أن الأطباء البريطانيين يساهمون في موت تطوعي لحوالي 20 ألف من
المرضى كل عام.
ويقول تقرير الصحيفة ان هذه الحالات من الميؤوس بشفائها من أمراض
مستعصية "ولذلك فهم يطلبون من أطبائهم أن يموتوا بكبرياء وشرف حتى لا
يصلوا مرحلة أرذل العمر ومواصلة المعاناة".
والأرقام حول حالات ما يسمى "القتل الرحيم" التي يمارسها بعض الأطباء
البريطانيين أثارت ليس هلعا في مختلف الأوساط، بل جدالا قد يتصاعد
فصولا في الأيام المقبلة حول ما إذا كانت هنالك ضرورة تستوجب استصدار
قوانين تحظر ذلك، خصوصا مع الحجم الهائل لتلك الحالات التي يبدو أنها
تتزايد كل عام.
وقالت البروفيسورة هيزيل بيغز عميد كلية القانون الطبي في جامعة كينت
في مقاطعة كانتربري في جنوب شرق إنجلترا ومؤلفة كتاب (القتل الرحيم ..
موت بين الكبرياء والقانون) أنه أحصي ما لا يقل عن 18 ألف حالة وفاة
تمت في عام واحد على أيدي أطباء ممن يعالجونهم من أمراض مستعصية تحت
مقولة "القتل الرحيم". وكانت البروفيسورة قدمت تقريرا في هذا الخصوص في
وقت سابق للجنة متخصصة في مجلس اللوردات البريطاني تعنى بقضية قانون "القتل
الرحيم" وهي لجنة اللورد جوفي الخاصة بالمصابين بالأمراض المستعصية،
وقد نشرت خلاصة تقرير البروفيسورة البريطانية في المجلة الأوروبية
المتخصصة بقوانين الصحة.
وقال مراقبون بريطانيون اليوم ان الأرقام المثيرة التي تضمنها وثيقة
البروفيسورة بيغز ستركز الاهتمام وكذلك ستطرح الجدل مجددا في شكل حقيقي
حول شكل علاقات الأطباء بمرضاهم، حيث تنادي جماعات الضغط المؤيدة للقتل
الرحيم بوضع قوانين جديدة لها "تسمح للعاملين في المجالات الطبية
بمساعدة مرضاهم من اختصار حياتهم وإنهاء معاناتهم وآلامهم، وخصوصا إذا
كانت أمراضهم مستعصية الشفاء".
وتقول صحيفة (أوبزرفر) البريطانية ان الأرقام التي وردت في دراسة
البروفيسورة بيغز، استندت على معلومات من بلدان مثل هولندا وأستراليا
حيث نشرت هناك أبحاثا عن القتل الرحيم متضمنة إحصائيات عن حالات جرت
بواسطة أطباء بريطانيين أو بشهادات منهم.
والغريب في دراسة البروفيسورة بيغز هو أن بعض الأطباء يعمدون إلى
ممارسة القتل الرحيم لتخليص مرضاهم من المعاناة مع المرض بقرار "ليس
بالضرورة أن يكون بموافقة شخصية من المرضى المعنيين".
وعلقت الرئيسة التنفيذية لجمعية "القتل الرحيم" في بريطانيا دوبيرا
آنيتس على الدراسة قائلة "إنها تؤكد على ضرورة وضع قوانين لمساعدة
الراغبين في التخلص من المعاناة مع المرض، وهو أمر يجب أن يؤخذ بعين
الاعتبار ويوضع تحت دائرة الضوء، لصالح الطرفين، حيث الأطباء في هذا
المجال لا يرغبون أن يكونوا معرضين للنقد من جانب الجمهور لاتخاذهم
قرارات في القتل الرحيم، كما أنه يجب إيضاح حقيقة أن المرضى هم أصحاب
القرار أولا وأخيرا في مسألة إنهاء حياتهم".
يشار في الختام، إلى أن القانون البريطاني يفرض عقوبة السجن 14 عاما ضد
من يساعد أحدا على الانتحار الذي يعتبر جريمة إنسانية، وتتفرد بريطانيا
في هذه العقوبات من دون جميع الدول الأوروبية ما عدا إيرلندا. وإلى
اللحظة فإن اللجنة الخاصة في مجلس اللوردات والكنيسة الأنجليكانية
وكذلك الكنيسة الكاثوليكية لم تتلق أية معلومات أو بيانات واضحة من
جهات محددة عن كيفية السماح لأطباء بان ينهوا حياة أي مريض ولو كان
مرضه مستعص على الشفاء من دون قوانين تنظم ذلك من قبل، وهذه الجهات
تستغرب "كيف ممكن مساعدة شخص على الانتحار تحت مقولة "القتل الرحيم". |