الناصرية تلك المدينة التي تغفو على ضفاف الفرات وتشرب من مياه دجلة..
أحبها الله في كل شيء ولكن النظام الصدامي البائد حاربها بكل شئ، فرغم
المياه الوفيرة والأراضي الصالحة للشرب وهذه من نعم الله عليها، الاان
النظام البائد جفف أراضيها واهوارها وارغم أهاليها على الهجرة من
بيوتهم وأراضيهم الى محافظات أخرى وجلب إليها اعتئ وأقسى رجالات الأمن
من اجل تعذيب وتدمير كل ابناء الناصرية، ففي عقد الثمانينات كانت
المدينة تودع في كل أسبوع خمسين شابا من أبنائها الى ميدان الرمي في
مركز تدريب مشاة البصرة الكائن في طريق قاعدة الإمام علي(ع) بالقرب من
الناصرية تودعهم مع نسمات الصباح الى أعواد المشانق التي انشاُت
خصيصا لهم..
في صبيحة كل يوم أربعاء يتم إعدام خمسين شابا من شباب الناصرية
بميدان رمي ذلك المركز وبحضور المحافظ وأمين سر الفرع ومدير الأمن او
من ينوب عنة، إضافة الى جمع من الرفاق الذين ينفذون الاعدام بهؤلاء
الشباب ،ولا ادري أين يتم دفن المعدومين الذين كانوا ضحايا تقارير
الرفاق، ومنهم الرفيق والوزير الحالي طاهرخلف جبر البكاء الذي كان
مسوؤلا عن رفع التقارير عن الطلبة والشباب في محافظة الناصرية الى
مدريرية الأمن فيها والتي راح ضحيتها الاف من خيرة الشباب، وأذكر أثناء
انتفاضة آذار 1991 عندما تقدم ابناء الناصرية لمحاصرة الفريق نزار
الخزرجي وضباط الأمن والمخابرات وبعض الرفاق في مديرية الطرق والجسور،
تقدم شقيق طاهر وهو احد عملاء الأمن للبناية من اجل تخليص المجرمين
وتهريبهم منها، الأمر الذي دعا احد الثوار إلى قتله. أما شقيقه (طاهر
البكاء) ، فبعد ان تقدم المجرم علي الكيمياوي الى الناصرية مع قوات
الحرس الجمهوري في السابع من آذار 1991، كان أول المستقبلين له،
ومن الذين اعدوا قوائم بأسماء المنتفضين لكي يتم إعدامهم والتنكيل
بعوائلهم، وقد قدمت له مكافئة من السلطة في وقتها، وبقدرة قادر
تقدم طاهر حتى أكمل دراسته، ومعلوم للجميع أن النظام أوصى بضرورة ان
يحصل قسم من الموالين له على شهادات عليا ولو على حساب العلم والكفاءة،
وكان نصيب الرفيق طاهر ان أتم دراسته في التاريخ ليصبح معيدا
بنفس الجامعة وبعدها أصبح مسوؤلا عن الجامعة بقدرة تقاريره
التي رفعها الى أسياده ضد ابناء الناصرية،وبعد ان هرب الطاغية
وكل أزلامه وتأسست لجنة اجتثاث البعثيين من الوظائف الحكومية برئاسة
الدكتور احمد االجلبي الذي كان له الدور البارز في تحرير العراق من
ابناء العوجة كما له الدور البارز في لجنة تنظيف العراق من البعثيين،
ولكن للأسف كان هنالك أشخاص يسبحون عكس التيار وضد رغبات الشعب العراقي
،فبدل ان يتم تقديم هؤلاء القتلة الى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل
راحوا يكرمون القتلة والمجرمين ،ويسندون إليهم مواقع حساسة بل وصل
أربعة منهم الى منصب وزير في الحكومة الجديدة فوزير الدفاع بعثي بدرجة
عضو ووزير التعليم العالي بعثي صدامي ووزير الدولة عدنان الجنابي اخو
خالد عبد المنعم رشيد رئيس ديوان صدام ومنسق زواجه من سميرة الشابندر
الزوجة الثانية لصدام اضافة لوزير النفط ثامر عباس غضبان، فبعد ان تم
ابعاد الوزراء المضحين الذين ضحوا بحياتهم لعشرات السنين جئ بهذه
الأسماء والذين كانوا لغاية سقوط صدام يرقصون على أنغام القائد الضرورة،
والعجب انك لو زرت مكتب الوفاق في مدينة الناصرية والذي يتبع لرئيس
الوزراء لوجدت لافتة كبيرة علقت في غرفة مسوؤل المكتب كتب عليها (عودة
البعثيين للحكم مثل حلم إبليس بالجنة) ولا ادري من هو إبليس
وماهي جنته... وقد عادوا البعثيون الى مختلف وظائف ودوائر الدولة
العراقية قبل ان يتم تجميع رفات ضحايا المقابر الجماعية؟!
فهل ان سرعة عودة هؤلاء الصداميين يعني ان العراق لايمكنه الاستغناء
عنهم وهم سبب خرابه... أم ان عودتهم جاءت من الأبواب الخلفية دون رغبة
الشعب العراقي، علما ان العراق يظم الاف من الخبراء والعلماء وحملة
الشهادات العالية والتي لم تكن يوما ما قد أساءت للشعب العراقي،فيا
مدينة الناصرية ان التضحيات والدماء والرجال التي علقت على أعواد
المشانق من خيرة أبنائك،قد كافأك بريمر جراءها بتعين وزير عفلقي(
يمثل) ابنائك الذين ضحوا،فابقي غافية على فراتك واشربي واشكري بريمر
على هذه المكرمة!! |