تداعيات تراجع اسعار النفط.. تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي

 

شبكة النبأ: يؤثر انخفاض اسعار النفط على نمو الاقتصاد العالمي كما يؤثر على نمو الدول المصدر للنفط (والتي تعتمد جل ميزانياتها على عوائد تصدير النفط)، وبخلاف المتوقع، فان الاسواق العالمية لم تشهد نمو او انتعاش اقتصادي، بل ان طابع التشاؤم هو الغالب في اسواق النفط والعملة (بعد ارتفاع سعر الدولار الى مستويات قياسية)، وحتى في منطقة اليورو، خفض البنك المركزي الالماني مؤخرا توقعاته لنمو أكبر اقتصاد في اوروبا في 2015 من 2% إلي 1%، وابدت الكثير من شركات الطاقة خوفا من استمرار تداعيات انخفاض اسعار النفط (الذي تدعمه السعودية بشدة، سيما وانها خفضت اسعار نفطها الخام قبل ايام مع وفرة المعروض وانخفاض اسعار النفط)، والذي اربك تعاملاتها في قطاع الطاقة، بعد ان كان (هذا القطاع) من اكثر القطاعات الاقتصادية ربحية واستقرارا.

وتسبب هبوط جديد في أسعار النفط الخام في ضياع عشرات المليارات من الدولارات من القيمة السوقية لشركات النفط وكان مؤشرا على أن القطاع لم يعد في نظر المستثمرين ملاذا آمنا إذ اشتدت المخاوف بشأن الأرباح وتوزيعات أرباح الأسهم في المستقبل، ووصف مديرو صناديق الاستثمار التعاملات بأنها "تخارج مذعور" وهي المرحلة التي تصبح فيها عمليات البيع واسعة النطاق ويحركها الذعر والخوف مما يخبئه المستقبل حيث يعمد المستثمرون إلى إعادة تقييم السوق وهل سيستمر القطاع في تحقيق أرباح بعد قرار منظمة أوبك عدم خفض الإنتاج لمكافحة الوفرة في إمدادات المعروض، وقال كريستيان إستوكر المحلل في يوني كريديت "أسهم شركات النفط تمر الآن بالمراحل النهائية لعملية التخارج المذعور"، وتشهد أسعار النفط تراجعا منذ بضعة أشهر لكن أكثر من شعر بآثار هذا التراجع هم موردو الخدمات النفطية وليس شركات النفط الكبرى مثل رويال داتش شل وتوتال، وما زال المستثمرون على تفاؤلهم بشأن أسهم هذه الشركات بالنظر إلى سجلها في دفع توزيعات أرباح يعتد بها، ويبدو أن هذا التفاؤل بدأ ينحسر مؤخرا حينما فقد قطاع النفط في أوروبا 33 مليار دولار من قيمته السوقية، وفقدت شتات اويل النرويجية 8.2 في المائة وبي.بي 3.7 في المائة وشل 3.3 في المائة، وهوى مؤشر ستوكس-600 لقطاع النفط والغاز إلى ادنى مستوى له منذ منتصف أكتوبر تشرين الأول، وإجمالا كانت محصلة عمليات البيع الواسعة ضياع نحو 67 مليار دولار من القيمة السوقية حسبما أظهرته حسابات، وذلك بالمقارنة مع إجمالي توزيعات الأرباح من القطاع والبالغة 41.6 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2014 وفقا لتقديرات مؤسسة هندرسون جلوبال انفستور.

المنتجين الاكثر ضعفا

فقد يهدد تدني اسعار النفط الدول التي تعتبر الحلقة الضعيفة بين منتجي الخام وهي التي تملك ثروة نفطية غير انها لا تملك موارد مالية مثل دول الخليج تسمح لها بمقاومة تراجع العائدات فتجد نفسها في وضع هش ما ان تتراجع الاسعار، وان كانت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) قررت الابقاء على سقف انتاجها، ما ادى الى تدهور جديد في اسعار الخام، فذلك فقط تحت ضغط اعضائها الخليجيين الساعين الى كبح ازدهار النفط الصخري، وقال جيمس ويليامز الخبير الاقتصادي المتخصص في الطاقة لدى شركة "دبليو ار تي جي ايكونوميكس" ان قرار اوبك "يزيد مخاطر حصول اضطرابات في الدول الاعضاء التي لا تملك الاحتياطات المالية الضرورية للصمود في حرب الاسعار هذه"، وقال المصرفي السابق ابولاجي اولاديميج اودوميسي ان "العبرة لمنتجي النفط هي ان الاعتماد على مادة اولية واحدة لضمان الاستمرارية امر غير حكيم".

وبدأت ايران منذ الان الاخذ بهذه القاعدة فزادت صادراتها غير النفطية التي تستمد قسما منها من منتجات بتروكيميائية ومتكثفات الغاز، وقال المحلل سعيد ليلاز ان "الميزانية تقلص اعتمادها على الغاز بشكل متزايد" مؤكدا ان "بوسع هذا البلد الصمود في وجه سعر للبرميل يصل الى 75 دولار"، وهبط سعر برميل النفط في لندن كما في نيويورك عن عتبة 70 دولار، غير ان محللا اخر راى ردا على اسئلة صحيفة فاينانشل تريبيون الايرانية انه مع اعتمادها المزدوج على النفط والبتروكيميائيات، فان البلاد تبقى رهن تقلبات اسعار النفط، واعلنت الحكومة في منتصف كانون الاول/ديسمبر الماضي "عزمها على اعتماد سياسة نقدية تقوم على التقشف للسنة المقبلة وزيادة الضريبة على الدخل"، ويبدو ايضا ان طهران تبحث عن دعم من الصين التي اعلنت مؤخرا مضاعفة استثماراتها في ايران.

وفي روسيا الدولة المنتجة من خارج اوبك، فان النفط يؤمن نصف عائدات الميزانية، وفور اعلان قرار اوبك تسارع هبوط سعر الروبل بعدما خسر منذ مطلع العام اكثر من 40% من قيمته ازاء اليورو واكثر من 60% من قيمته ازاء الدولار، وسعيا للحد من العرض في السوق من اجل دفع الاسعار نحو الارتفاع تعتزم موسكو خفض صادراتها النفطية بمقدار خمسة ملايين طن، ورات بترا كوراليوفا من مكتب ترايد نكست للسمسرة انه "مع هبوط اسعار النفط وديون مجموعة روسنفت المملوكة للدولة البالغة 60 مليار دولار فان الوطأة على اقتصاد روسيا قد تكون بالغة وتطاول قدرتها على التوسع في العالم"، كما لفت جيمس ويليامز الى ان هذا الوضع هو "بوضوح كارثة لفنزويلا"، واوضح مكتب السمسرة كزارنيكوف ان "مصدري النفط مثل فنزويلا ونيجيريا بحاجة الى سعر يفوق مئة دولار للبرميل من اجل ان تكون ميزانيتهم الوطنية متوازنة"، واعلنت فنزويلا التي تعتبر الاكثر هشاشة بين منتجي النفط عن اقتطاعات في ميزانيتها. بحسب فرانس برس.

وان كانت فنزويلا تملك اكبر احتياطات من النفط الخام في العالم فان ماليتها في وضع سيء للغاية اذ تعتمد على العائدات النفطية التي تشكل مصدرا ل96% من العملات الاجنبية في هذا البلد، وقال ديفيد ريس المحلل في كابيتال ايكونوميكس ان "هبوط اسعار النفط يقرب فنزويلا اكثر من التعثر في سداد مستحقاتها" لان "الحكومة لا تملك مدخرات حققتها في ظل فورة اسعار النفط خلال العقد الاخير"، واعرب اوليفر جاكوب المحلل في بتروماتريكس عن المخاوف ذاتها موضحا ان "فنزويلا هي الحلقة الاضعف في السلسلة واحتمالات ان يشهد هذا البلد فوضى اهلية خلال 2015 تزداد"، وقال خوسيه غيرا المسؤول السابق في البنك المركزي في فنزويلا "يتهيأ لي اننا سنشهد المزيد من النزاعات الاجتماعية لاننا سنشهد تفاقما في الانكماش والتضخم وانقطاع المواد"، كما يهدد تدهور اسعار النفط نيجيريا وقال الامين العام لمؤتمر العمل النيجيري بيتر اوزو-ايسون ان "الحكومة اتخذت تدابير وسط الهلع، ومنها تخفيض قيمة النايرا (العملة المحلية) بشكل قوي" وهي اداة لجأت اليها فنزويلا ايضا مع البوليفار.

هبوط العملة

فيما حذر وزير الاقتصاد الإيراني من التهافت المذعور على بيع الريال بعد أن أقبل الإيرانيون على البيع لشراء عملات اجنبية مع تهاوي أسعار النفط واحتمال استمرار العقوبات الاقتصادية على طهران لعدة أشهر أخرى، وفتح سعر الريال في السوق الحرة على ارتفاع طفيف مقابل الدولار عند 34الفا و900 ريال بحسب مواقع تداول العملة الايرانية، وكان قد انخفض امس بواقع 2100 ريال إلى 35 ألفا و600 ريال، وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن سعر الريال كان الأقل أمام العملة الامريكية خلال عام، ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن وزير الاقتصاد علي طيب نيا قوله "لم تطرأ أي تغيرات أساسية علي أسواق النقد الاجنبي والاستثمار ونتوقع أن نهيئ وضعا مستقرا في اسواق الاستثمار والعملة"، وحسب الموقع الرسمي لبورصة طهران ارتفع المؤشر 0.03 بالمئة إلى 72211.5 نقطة بعد أن نزل 1.46 بالمئة إلي 72189.5 نقطة، وترى ايران أن الريال تضرر جراء عاملين سببا احباطا الأول هبوط النفط العمود الفقري لاقتصاد إيران والثاني احتمال استمرار العقوبات التي تقيد تعاملات ايران التجارية لعدة اشهر مقبلة. بحسب رويترز.

فيما نزل الروبل الروسي لمستويات قياسية جديدة إثر هبوط أسعار النفط وصدور بيانات ضعيفة لقطاع الصناعة في الصين، ونزل الروبل 3.1 بالمئة إلى 52 روبلا مقابل الدولار كما انخفض 2.5 بالمئة إلى 64.55 روبل مقابل اليورو، ونزل النفط أكثر من دولارين لأقل مستوى في خمسة أعوام في التعاملات في آسيا وتضرر الروبل بشدة إذ ان النفط الخام يظل أهم سلعة تصدرها روسيا، وكتب جليب زادويا كبير المحللين في بروفيت للاستثمار في موسكو في مذكرة هذا الصباح "الأمر الوحيد الذي يهم المتعاملين في السوق الروسية الآن هو سرعة تدخل البنك المركزي"، وسمح البنك المركزي بتعويم الروبل ولم يتدخل في سوق الصرف الاجنبي منذ ذلك الحين قائلا إنه لن يفعل إلا اذا كان هبوط الروبل يشكل تهديدا للاستقرار المالي، وقال زادويا "حسنا لنرى إذا كان الانهيار الحالي للروبل يشكل مثل هذا التهديد".

اعادة التفكير في موازنة

الى ذلك أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعضاء البرلمان بأن تراجع أسعار النفط أرغم العراق على الغاء مسودة ميزانية 2015 التي كان ينوي تقديمها إلى البرلمان، وكانت الموازنة تستند إلى توقعات بأن سعر النفط 70 دولارا للبرميل لكن الأسعار تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ أربعة أعوام بعد قرار الدول الاعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عدم خفض الانتاج، وقال عبادي "قبل يومين سعر البرميل نزل إلى 64 والفرق البسيط هذا ربما يبدو فرقا بسيطا لكن الموازنة في الاصل كانت مبنية على أساس جدا ضيق، مع هذا الهبوط اصبح غير ممكن عرض الموازنة بهذا الشكل"، وأبلغ البرلمان بأن مجلس الوزراء اتفق على تشكيل لجنة للنظر في صياغة موازنة جديدة "من الصفر" وان يتركز الانفاق على الاولويات المطلقة ويتم تقديمها الى البرلمان خلال أسبوع أو عشرة أيام، وقال عبادي إن تراجع اسعار النفط والذي اقترن بتعطل الانتاج في كركوك هذا العام كان له تأثير مدمر على الايرادات في وقت تواجه في الحكومة تكاليف ضخمة في قتال مقاتلي الدولة الاسلامية للسيطرة على انحاء كثيرة من شمال وغرب العراق، وأضاف أن نصف الدخل تلاشى دفعة واحدة، وكان وزير المالية هوشيار زيباري قال إن الموازنة الأصلية تقضي بإنفاق اكثر من 100 مليار دولار، وقال العبادي إن الرقم يبلغ 150 تريليون دينار عراقي (125 مليار دولار).

وقد يعني تراجع أسعار النفط تقليص الميزانية السعودية للمرة الأولى منذ عام 2002 لكن من المستبعد أن تكون التخفيضات من الضخامة بحيث تعطل النمو في أكبر اقتصاد بالعالم العربي، وتأتي 90 بالمئة من الإيرادات الحكومية من صادرات النفط ومن المعتقد أن متوسط سعر الخام الضروري لضبط الميزانية هذا العام يتجاوز 90 دولارا للبرميل، لكن خام برنت نزل إلى 67 دولارا من 115 دولارا في يونيو حزيران وإذا استمرت الأسعار الحالية فإن خطة ميزانية العام القادم المتوقع إعلانها أواخر الشهر الحالي ستتضمن عجزا للمرة الأولى منذ 2009، وقال جون سفاكياناكيس المستشار السابق لوزارة المالية السعودية والمدير الإقليمي الحالي لشركة إدارة الأصول أشمور في الرياض "من المستحيل أن تعلن السلطات السعودية عن ميزانية أكبر في 2015 مقارنة مع 2014، وكان صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ فائض الميزانية السعودية 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 والآن يتحدث الاقتصاديون عن عجز فوق الواحد بالمئة، لكن رجال الأعمال والاقتصاديين لا يتوقعون تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام لأن الحكومة كونت احتياطيات مالية ضخمة لتغطية أي عجز في حين أن تدني مستوى الديون يسمح بالاقتراض بسهولة عند الضرورة، ويعني هذا أن الاقتصاد الذي نما 3.8 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام سيواصل النمو وأن مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل خطة قيمتها 22.5 مليار دولار لبناء شبكة مترو في الرياض بحلول 2019 لن تكون في خطر، ويعتقد بعض المحللين أن السعودية راضية عن تراجع أسعار النفط لتضييق الخناق على منتجي النفط الصخري المنافسين في الولايات المتحدة وأنها واثقة من امتلاكها احتياطيات كافية لاجتياز فترة من النفط الرخيص. بحسب رويترز.

وحتى من قبل أن يبدأ تراجع النفط في يونيو حزيران كانت السعودية تكبح نمو الإنفاق بعد عدة سنوات من الزيادات الكبيرة إثر الأزمة المالية العالمية وانتفاضات الربيع العربي في 2011، وتتوقع خطة ميزانية العام الحالي إنفاقا قدره 855 مليار ريـال (227.8 مليار دولار) بزيادة 4.3 بالمئة فقط عن خطة 2013 وهي أيضا أقل زيادة في عشر سنوات، ويتكتم المسؤولون السعوديون بشأن خططهم لعام 2015، وكان وزير المالية إبراهيم العساف قال لصحيفة محلية "الأوضاع النفطية في العالم تؤثر بشكل أو بآخر على إيرادات الدول وكذلك على المديونيات في العادة لكن المملكة كانت باستمرار حريصة كل الحرص على أن تبني موازنتها على تقديرات تأخذ في الاعتبار جميع الاحتمالات"، وغالبا ما يتجاوز الإنفاق الحكومي خطة الميزانية بكثير وبلغ متوسط الإنفاق السنوي الزائد 25 بالمئة بين عامي 2004 و2013، لذا قد تتغير خطة 2015 سريعا إذا انتعشت أسعار النفط، لكن من الجلي أن الحكومة لن تكون تحت ضغط لتقليص الإنفاق على نحو حاد، وبلغت احتياطيات الحكومة لدى البنك المركزي 905 مليارات ريـال في نهاية أكتوبر تشرين الأول بما يكفي لتغطية عجز سنوي في الميزانية نسبته ثلاثة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لنحو عشر سنوات، ولا يشمل ذلك الأصول الأخرى للدولة ولا قدرتها على الاقتراض، ويقول الاقتصاديون إن السعودية تمول بعض مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل الإسكان والنقل خارج الميزانية عن طريق حساب منفصل للبنك المركزي أنشئ لعزلها عن تقلبات الميزانية، وحوى ذلك الحساب 514 مليار ريـال في أكتوبر تشرين الأول، ومن شأن أي تراجع في الإنفاق (بنسبة واحد أو اثنين بالمئة على سيل المثال) أن يكبح نمو الاقتصاد لكن ليس بدرجة كبيرة نظرا لازدهار القطاع الخاص غير النفطي، وتسارع معدل النمو السنوي للقطاع إلى 4.7 بالمئة في الفترة من ابريل نيسان إلى يونيو حزيران.

ويعتقد الاقتصاديون أن السعودية ستبدي ترددا في تقليص الإنفاق على مجالات مثل الرعاية الاجتماعية والإسكان إذ تراها ضرورية للاستقرار السياسي، وكذلك مشاريع البنية التحتية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي في المدى الطويل عن طريق تنويع الموارد، لكن ميزانية المساعدات الخارجية قد تشهد تخفيضات، ويقول صندوق النقد إن الرياض تعهدت بما قيمته 22.7 مليار دولار لحلفائها السياسيين في المنطقة بين يناير كانون الثاني 2011 وابريل نيسان 2014 أنفقت منها بالفعل 10.9 مليار دولار معظمها لمصر، وقال فهد التركي مدير الأبحاث لدى جدوى للاستثمار في الرياض "نعتقد أن المساعدات المالية ستكون أول ما يشمله الخفض إذا استمر تراجع أسعار النفط"، ويمكن تحقيق وفورات عن طريق تقليص دعم أسعار الطاقة المحلية التي تكلف الحكومة مليارات الدولارات سنويا، ومع تراجع أسعار النفط أخذت الكويت وسلطنة عمان وأبوظبي خطوات صوب خفض الدعم، لكن الاقتصاديين يقولون إن الحكومة السعودية قد تحجم عن ذلك، وقال التركي "لا أعتقد أن تراجع أسعار النفط لأشهر قليلة فحسب كما هو الوضع حاليا سيفرض ضغوطا حقيقية يمكن أن تؤدي إلى أي تغيير في سياسة الدعم، يحتاج ذلك إلى مدى أطول".

كما أمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو باجراء اقتطاعات في الموازنة عقب انهيار اسعار النفط العالمية بسبب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) عدم خفض سقف الانتاج، وقال الرئيس اليساري خلال اجتماع مع موظفين "لقد امرت باجراء عدد من الاقتطاعات في موازنة البلاد"، واضاف انه امر ايضا ب"اعادة النظر في تقديمات ورواتب جميع موظفي الوزارات والمؤسسات العامة بدءا من الرئيس"، مشيرا الى انه ينتظر "اقتراحا بخفض كبير لتقديمات ورواتب كبار الموظفين والوزراء والوزراء المنتدبين ورؤساء المؤسسات الحكومية ونوابهم"، وفنزويلا التي تمتلك اكبر احتياطي من الذهب الاسود في العالم وتعتمد اعتمادا كبيرا على صادراتها النفطية التي تدر 96% من مواردها من العملات الاجنبية فشلت في اقناع بقية اعضاء اوبك ال11 بخفض سقف الانتاج، اذ ان المنظمة التي اجتمعت في فيينا قررت الابقاء على سقف انتاجها اليومي عند 30 مليون برميل، حتى بعد هبوط اسعار النفط باكثر من الثلث منذ حزيران/يونيو، ومع ان مادورو اكد ان بلاده "قادرة على الصمود ازاء تراجع اسعار النفط"، الا انه اعلن عن تشكيل لجنة مهمتها النظر في كيفية خفض النفقات العامة، وكان مادورو اكد في السابق ان اسعار النفط لن تؤثر على بلاده حتى لو انخفض سعر البرميل الى 40 دولارا، لكنه عاد وطالب بأن يكون سعر برميل النفط مئة دولار.

وادى قرار اوبك الى انخفاض اسعار النفط الى ادنى مستوى لها منذ اربع سنوات (اقل من 70 دولارا لخام برنت وحوالى 66 دولارا لخام غرب تكساس) وأثار عاصفة في الاسواق المالية مع تراجع سعر صرف عملات البلدان المنتجة للخام الاسود واسهم الشركات النفطية، من جهة ثانية اعلن مادورو ان وزير الاقتصاد الفنزويلي رودولفو ماركو توري سيتوجه الى الصين "لتعميق الاتفاقات الاقتصادية والمالية" مع بكين، الامر الذي من شأنه اعانة كراكاس على مواجهة تراجع موارد الذهب الاسود، وسبق لبكين ان اقرضت كراكاس ما مجموعه 40 مليار دولار، علما بأن نسبة العجز في الموازنة الفنزويلية بلغت في العام الماضي 16% من اجمالي الناتج المحلي، وتعتبر اسعار النفط بالغة الاهمية لفنزويلا التي تواجه مديونية متزايدة وعجزا في توفير المواد الاساسية ومعدلات تضخم مرتفعة، ووعد مادورو بأن لا تشمل الاقتطاعات برامج الاسكان الشعبي ودعم المواد الغذائية التي اطلقها سلفه هوغو تشافيز الذي توفي بالسرطان العام الماضي، وتراجعت شعبية مادورو بنسبة 30% في حين بلغ معدل التضخم 63,4%، وخسر النفط الفنزويلي ثلث قيمته في النصف الثاني من العام الجاري.

وقالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية إن أسعار النفط الضرورية لضبط ميزانيات الدول المصدرة للخام تكشف عن مستويات شتى من المخاطر الناجمة عن انخفاض الأسعار، وأضافت فيتش أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر في المقام الأول على العوامل الأساسية للتصنيفات الائتمانية السيادية بسبب تداعياته على الأوضاع المالية والتجارية لتلك الدول، وتتركز أكبر المخاطر في الدول التي تحتاج إلى أسعار نفط مرتفعة لتحقيق تعادل الإيرادات والإنفاق في ميزانياتها والتي تعاني بالفعل من عجز مالي في ضوء الأسعار الحالية مثل البحرين وأنجولا وفنزويلا، وصنفت الوكالة الكويت وأبوظبي والنرويج ضمن الفئة الأقل تضررا نظرا للاحتياطيات الضخمة التي كونتها في السنوات الأخيرة وقالت إنها ستواصل تحقيق فوائض مالية وخارجية قياسية وتعزيز الاحتياطيات حتى إذا استقرت الأسعار عند مستوياتها الحالية، وتخص الفئة الثالثة تلك الدول التي ستدفعها أسعار النفط المنخفضة صوب تسجيل مستويات عجز في 2015 بعد أن كانت تحقق فوائض أو كانت ميزانياتها شبه منضبطة، وبالنسبة لتلك الدول فإن تصنيفاتها قد تتعرض لضغوط متزايدة في 2015 ما لم تتعافى الأسعار لكن سرعة حدوث ذلك ومداه ستتوقف على عوامل منها حجم الاحتياطيات القائمة وتأثير تراجع النفط على الاقتصادات المعتمدة على تجارة السلع الأولية والإجراءات المتخذة في مواجهة ذلك، وتدخل السعودية وروسيا في تلك الفئة، وتراجعت أسعار النفط تراجعا حادا حيث نزل خام برنت من 115 دولارا للبرميل في منتصف يونيو حزيران ليقترب حاليا من 80 دولارا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/كانون الأول/2014 - 17/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م