تحليل الثورة الحسينية في ضوء نظرية تأثير الفراشة

في الملتقى الاسبوعي

كربلاء/ باسم الحسناوي

 

شبكة النبأ: قدم مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية يوم السبت الموافق 15/11/2014 " ورقة في الملتقى الفكري الاسبوعي وكان تحت عنوان " تحليل الثورة الحسينية في ضوء نظرية تأثير الفراشة " وقد أدار الملتقى وقدم له مدير المركز الدكتور خالد عليوي العردواي.

وتضمن الملتقى ورقة بحثية أعدها وقدمها الدكتور العرداوي تناول فيها أبعاد الثورة الحسينية وكيف كانت ولازالت تحمل الأمة مسؤولية الإصلاح التي نادى بها الإمام الحسين عليه السلام قبل أكثر من 1400 عام ولازال هذا النداء ملزما لكل الإنسانية من اجل التخلص من الظلم والجور والفساد، ووفق تحليله لهذه الثورة في ضوء نظرية الفراشة تلخصت الورقة في عدد من المحاور هي:-

المحور الأول:- تعرض المحاضر إلى نظرية الفراشة التي ابتكرها عالم الأرصاد الجوي الأمريكي ادوارد لورينز عام 1963 ميلادية والتي تقوم على وصف الظواهر والتأثيرات المتبادلة التي تنجم عن حدث أول يكون بسيطا في حد ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتاج والتطورات المتتالية التي تفوق بمراحل مستوى حدوثها في البداية، وبشكل قد لا يتوقعه احد، وفي أماكن وأزمان ابعد مما نتوقع.

المحور الثاني:- تناول الأثر الذي تركه المنهج الإصلاحي من قبل القيادة الحسينية، وثباتها المبدئي واستعدادها العالي للتضحية في سبيله، من خلال تحليل القضية الحسينية استنادا إلى هذه النظرية، بالشكل الذي تجسد في العاشر من محرم الحرام على مسار الإحداث التي أعقبته، وكذلك معرفة الأثر الذي تركه تخاذل الأمة وعدم التفافها حول قيادتها المصلحة على مسار الإحداث فيما بعد.

المحور الثالث:- تعلق بالقيادة الحسينية، التي جسدت الثبات على مبادئها ونهجها، ومضيها بخط التضحية حتى النهاية وما ترتب عليه من استشهاد القائد والأتباع، لكن هذا الاستشهاد لم يكن إلا الأثر الأولي للفعل في القضية الحسينية، لان موت القيادة لم يعني موت المبادئ، بل تحولت القيادة بمسؤوليتها العالية من قيادة آنية مرتبطة بظروفها الزمانية والمكانية إلى قيادة النموذج الإصلاحي الملهم للثورة والتمرد على قيادات الانحراف والجور.

المحور الرابع: تناول الباحث فيه تخاذل الأمة عن قيادتها الإصلاحية، وعدم التفافها حولها، وعدم تحملها لمسؤوليتها في الإصلاح، إذ خسرت بموقفها هذا قيادتها الصالحة وسلمت أمرها لقيادة الفاسدين، وتجرأت القيادة الأخيرة عليها، وأن هذا الأثر السلبي لتخاذل الأمة استمر متواليا عبر التاريخ القادم كله والى الوقت الحاضر، فتراه اليوم في هذه الحكومات المنحرفة ذات المنهج الاستبدادي الكارثي التي تعم معظم بلدان العالم الإسلامي.

الاستنتاجات:

توصل الدكتور العرداوي من خلال ورقته البحثية إلى:

- أن الإصلاح مسؤولية الجميع، فكما يحتاج المجتمع إلى قيادة مصلحة، عليه أن يكون على مستوى المسؤولية في تحمل دوره الإصلاحي في الالتفاف حول قيادته، والمضي معها في تطبيق منهج الإصلاح حتى النهاية

 - إن ما يعتقده البعض من مصالح آنية تترتب على عدم تحمل مسؤوليته الإصلاحية سواء بصورة الحصول على مكاسب مادية مرتبطة بالسلطان والمال أو بصورة ابتغاء السلامة والبعد عن الأذى، لن يجلب مستقبلا إلا الخراب على الجميع، وبشكل مؤلم وبشع لا يمكن تصوره وتوقع تأثيراته، فلكل فعل تأثيراته المتوالية المتراكمة السلبية أو الايجابية على المدى القريب والبعيد.

- إن انتصار الحكومات الظالمة وقضائها التكتيكي على معارضيها، لا يعني انتصارها على المستوى الاستراتيجي، بل لا يعدو هذا الأمر مجرد نشوة آنية لابد أن تكشف الأحداث المتوالية أنها كانت تحفر قبرها بيدها، وتمهد لتطورات مستقبلية تقصر فترة بقاء حكامها في السلطة.

المداخلات:

وبعد إن أتم الأستاذ الباحث عرض ورقته البحثية تم فتح باب النقاش والحوار والتبادل الفكري حولها مع الحضور الذي تمثل في عدد من الأساتذة المختصين والباحثين والإعلاميين والناشطين في مؤسسات المجتمع المدني. ففي مداخلته قال الشيخ مرتضى معاش مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام: إن الإصلاح عمل فردي تطوعي لنشر الثقافة الحسينية، وتحدث أيضا عن الحداثة تلك التي تعني الربط بين الماضي والحاضر وتطوير الماضي إلى حاضر، كذلك تحدث عن قيم الثورة الحسينية وكيفية استرجاعها من خلال الإصلاح وكيفية تغييره وبرمجته داخل السلوك الجمعي في الأمة، وعلى الأمة أن تفكر بالآجل وليس بالعاجل.

وتساءل الدكتور علي عبد الكريم التدريسي في جامعة كربلاء عن تجاهل الفرد والمجتمع في مسألة الإصلاح، وذكر إن الأغلب لم يمارس هذا الدور بدافع الخوف أو التجاهل، وتحدث عن ثوابت الإسلام الدالة على هذا الجانب والمتمثلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كذلك ركز في مداخلته على الأثر الجمعي للإصلاح الذي يبدأ من الفرد.

وفي مداخلة للسيد محمد الطالقاني عضو مجلس محافظة كربلاء ورئيس لجنة التعليم العالي في المجلس تحدث عن الأثر الايجابي للثورة الحسينية وقال أنها تستغل ولا تستثمر من قبل البعض لبسط نفوذها وتنفيذ مصالحها وفرض رأيها على الآخرين، وان المنادين بهذه الثورة بصورة حقيقية هم أصوات قليلة، والسؤال المهم هو كيف يمكن أن تصل هذه الأصوات لتعم مبادئ الثورة الحسينية من خلالها.

أما الدكتور علي السعدي المتخصص في علم الاجتماع السياسي فركز على موضوع العقل والإيمان، وذكر إنهما حالة فطرية، وقال إن العقل يحتاج إلى تدبر وصبر وجهد لفهم الثورة الحسينية، والمجتمع عامة بحاجة ونخبه المثقفة خاصة بحاجة إلى تبني فكر سياسي معاصر لفهم واستثمار العقيدة والإيمان، وتحديث العقل، وقال أمامنا فرصة حقيقية أن نرجح من موروثنا الفكري الحسيني كفكر أنساني، وذكر أن مسالة الإصلاح مسالة مهمة في العالم، وتحدث عن مسالة الدولة وماذا بعد الدولة، ومسالة الأمة وهل أن الأمة تحددها بوطن ودستور؟ وقال إن الأمة تحتاج إلى (حضن، نبع، ظل، إرادة) وقصد بالحضن هو الأرض أما النبع فهو موارد الدولة أما الظل فهو الثقافة والعادات والتقاليد والإرادة هي كيف تطور هذه الأمة من هذه المعطيات لتعيش الحاضر وتزدهر في المستقبل.

وأكد الدكتور قحطان اللاوندي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بابل في مداخلته على إن الإصلاح أمرا ضروريا في المجتمع ولابد منه وانه من العبادات التي أمر الله بها رسوله الكريم محمد (ص) في تحمل مسؤوليتها في دعوة الأمة إليها وتساءل هل العراق بحاجة إلى إصلاح وان الكل يدعو ويريد الإصلاح، وتساءل أيضا عن التناقضات الشخصية والحزبية واصطدامها مع مصالح النخب السياسة والاقتصادية وغيرها، وقال: إن الإصلاح يحتاج إلى منهج وأسلوب.

 المهندس والتربوي عبد الأمير حسوني من جهته تحدث عن المسائل التربوية في الإصلاح، منها معالجة قضية قبول الأخر، والتركيز على الشباب في المدارس الذي يعاني من فقدان الرأي العام، كذلك دعا المرجعيات الدينية إلى تحمل دور كبير في عملية الإصلاح من خلال الثورة الحسينية كونها تمثل الجانب الروحي في توجيه المجتمع وعن كيفية ملء الفراغ. أما الدكتور احمد المسعودي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية فتطرق إلى نظرية البطل في التاريخ وكيف أن الإمام الحسين عليه السلام جسد هذه النظرية في كل معانيها وهي تعني إحداث الأثر الذي يصنعه الفرد والذي يغير تغييرا جذريا في مسيرة المجتمع.

 ومن جانبه تحدث الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث عن الجانب الإنساني للثورة الحسينية، وكيفية تحديد الأولويات والطرق والآليات، وخاصة لدى المذهب الشيعي لغرض نشرها والولوج بها إلى العالم الآخر غير الشيعي سواء كان مسلم أو غير مسلم وتحدث عن التناقض في تحديد الأولويات. كما تحدث الأستاذ حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات عن مسألة الحرية، وتساءل هل المجتمعات الإسلامية مجتمعات حرة ؟، وإذا لم تمتلك الحرية فإنها لن تستطيع ممارسة أعمالها بحرية.

 أما الكاتب والصحفي الأستاذ علي حسين عبيد فأكد في مداخلته على أهمية جانب التنظيم وجانب الإيمان، والبداية في الإصلاح من الفرد نفسه، وعليه أن يكون لديه إيمان بما يقدم عليه. أما الأستاذ احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن حقوق الإنسان فذكر إن الثورة دائما ما تتبعها ثورات وهذا ما عليه الثورة الحسينية التي سعت ولازالت تسعى إلى الإصلاح، وان المجتمع يقع بين سلطتين دينية وسياسية وينبغي أن يتم الإصلاح من خلال صاحب القرار.

هذا وحضر الملتقى الفكري عدد من المسؤولين الحكوميين وأساتذة الجامعات وباحثين وإعلاميين وناشطين في منظمات المجتمع المدني، وختم الملتقى أعماله بشكر الدكتور خالد العرداوي مدير المركز جميع الحضور على نقاشاتهم وملاحظاتهم البناءة على ورقته البحثية، وأكد إن الإصلاح مسؤولية كبرى وبحاجة إلي إيمان عميق، لذا يجب أن يتحملها الجميع ولا يتهرب منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/تشرين الثاني/2014 - 24/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م