في ذكرى جريمة تفجير سامراء.. السلم الاجتماعي وحماية المقدسات

شبكة النبأ: المجتمعات الحيّة هي التي تأخذ من تجاربها عبرة ودروسا، حتى تنهض وتتقدم الى الأمام دائما، فإذا كانت بعض تجاربها تنطوي على مخاطر وأخطاء بعضها يكون قاتلا، فعلى تلك الامة وذلك المجتمع، أن لا يقع مرة اخرى في الخطأ القاتل نفسه، اما اذا كانت التجربة تنطوي على النجاح، فينبغي تكرارها دائما مع إضافة جوانب جديدة، تضاعف درجة ومرتبة النجاح، من اجل تحقيق التفوق المطلوب لذلك المجتمع.

ولأن تجربة المسلمين والعراقيين بصورة خاصة، بحكم التأثير المباشر، مع جريمة تفجير مرقد العسكريين عليهما السلام، في مدينة سامراء المقدسة، تنطوي على عبر ودروس كبيرة في مجالات مهمة وعديدة، فما علينا نحن المسلمين والعراقيين على وجه الخصوص، سوى دراسة هذه التجربة القاسية بدقة وعناية وتمحيص، حتى نأخذ منها ما يفيدنا راهنا ومستقبلا، ويضع اقدامنا وعقولنا وافكارنا، على الطريق الذي لا يسمح بالوقوع في فخ مثل هذه الجرائم البشعة التي تستهدف المقدس الاسلامي في المكان وفي المبادئ وفي الجوهر.

لأننا جربنا التداعيات الخطيرة التي طالت السلم الاجتماعي، بسبب هذه الجريمة النكراء، التي اقترفتها عقول متطرفة، لا تعرف من الاسلام شيئا، ولا تمتلك من الحس الانساني المسالم قدر ذرة، أما الدرس الكبير الذي ينبغي علينا أن نتمسك به كنتيجة حتمية من هذه التجربة، فهي تتمثل بعدم السماح لتكراراها بكل السبل والممكنات التي يتوافر عليها، العراقيون وجميع المسلمين، لسبب واضح جدا، يتمثل بتعريض السلم الاجتماعي الى التهديد الخطير فيما لو اصبحت المدن المقدسة من دون حماية تصونها وتجعلها عصيّة على المتطرفين التكفيريين، الذي لا يبالون مطلقا بعقائد المسلمين، ولا يرون فيها إشعاعا يرفد ارواح وعقول المسلمين بإرادة الايمان والعزة.

لذلك فالمدن المقدسة ومنها مدينة سامراء، ينبغي أن تكون أكثر الأماكن والمناطق أمانا وتطورا واستقرارا، لأنها تمثل جوهر الأمان للمجتمع كله، واذا حدث العكس، اي اذا كانت المدن المقدسة بلا حماية، ومعرّضة للتفجير او التجاوزات المتطرفة دائما، فهذا يعني أن المجتمع كله غير مستقر، وأن الصراعات التي ستطول المجتمع بجميع مكوناته، ستجعل منه في حالة من الفوضى والارباك الدائم، وفي حالة كهذه ستموت الحياة تحت تهديد التعصب والتكفير الذي يتحول الى آلة حرب مستعرّة تحرق الجميع ولا تترك لها فرصة واحد للتطور والتقدم والاستمرار في مواكبة التقدم والتطور العالمي، إذ سيبقى المسلمون مشغولين عن التطور بمكافحة فوضى التعصب والتكفير، وسوف يفقد المسلمون فرصا كثيرة لمجاراة العالم المتقدم، والسبب هو عدم توفير الحماية الكافية للاماكن المقدسة، والانشغال عن تحقيق هذا الهدف الجوهري، بمآرب ومنافع آنية زائلة، تجعل المسؤولين عن حماية المدن المقدسة، في منأى عن القيام بمسؤولياتهم في منع موجات التكفير والتطرف من الوصول الى المدن المقدسة، وهذا خطر كبير ينبغي أن يتنبه عليه المسؤولون بصورة دائمة.

وينبغي أن لا يقتصر على الجوانب الامنية بخصوص المدن المقدسة، لأننا نتفق على أن هذه المدن والاماكن تمثل نموذجا شاملا للمجتمع كله، فإذا أصبحت مدينة سامراء المقدسة، متطورة عمرانيا، وشوارعها واسعة ونظيفة وبنيتها التعليمية والصناعية والزراعية والصحية وغيرها، بدرجة جيدة من حيث التطور، فإن هذا الامر سوف ينعكس على المدن الاخرى كلها، لذلك ينبغي أن يتم تطوير واعمار مدينة سامراء المقدسة وفقا للمكانة التي تحملها في آراء وعقول الآخرين من أفراد ومكونات المجتمع، لذلك لابد أن يضع القائمون والمسؤولون عن مدينة سامراء المقدسة، كثيرا من النقاط والخطوات العملية المهمة في بالهم، وضمن اهتمامهم، منها على سبيل المثال والتذكير:

- تحقيق الاعمار الاستثنائي للمدينة المقدسة.

- توسيع ساحات المدينة والطرق الرئيسة بما يتلاءم مع مكانتها.

- الأخذ عين الاعتبار الاعداد الكبيرة للزائرين القادمين لزيارة مرقد الامامين عليهما السلام.

- استحداث وسائل نقل اضافية، كالقطارات، فضلا عن توسيع النقل البري والجوي، وانشاء المستلزمات التي تضاعف سبل النقل الحديثة.

- بناء ما يكفي من الفنادق والمجمعات السكنية التي تسهم باستقبال الاعداد الكبيرة للزائرين.

- العمل على تطوير البنية الصحية والتعليمية للمدينة المقدسة.

- أهمية توسيع وتطوير المنظومة الامنية القادرة على توفير الحماية اللازمة، بما يجعلها من المدن النموذجية في تحصين الامن الاجتماعي.

- بناء الاسواق الكبيرة بما يجعل المدينة ذات بنية اقتصادية تجارية متداخلة وكبيرة.

- التوافق السياسي الدائم بين القيادات، بما يحقق انسجاما سياسيا يبعد المدينة عن الصراعات كافة.

- ولا شك ان البنية الثقافية في سامراء المقدسة ينبغي ان تكون نموذجا لسواها من المدن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/تشرين الثاني/2014 - 24/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م