مفاوضات الملف النووي الإيراني تراوح عند محطته الأخيرة

 

شبكة النبأ: الغموض والسرية التي تحيط المفاوضات الدولية حول برنامج إيران النووي، لا تختلف كثيرا عن بداية انطلاقها، بعد ان تواصلت ايران والولايات المتحدة الامريكية، سرا، الى المباشرة بالمفاوضات بوساطة عمانية، كما لا تختلف أيضا عن طبيعة برنامج ايران النووي، الذي يشكك الغرب بطبيعته السلمية فيما تؤكد ايران خلاف ذلك تماما، فبعد عام من المفاوضات، والتصريحات المتناقضة بين التفاؤل والتشاؤم، لم يبقى على الموعد النهائي سوى أيام قليلة، حيث سيجتمع المفاوضون (وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية ووزير الخارجية الإيراني برعاية وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي السابقة كاثرين اشتون) للفترة من 18-24 تشرين الثاني، للبت بحل يقرب وجهات النظر حول المسائل الخلافية العالقة، والتي اجملها خبراء بالنقاط الأربعة الاتية:

1. الخلاف حول عدد أجهزة الطرد المركزي

2. الخلاف حول مفاعل اراك، الذي يمكن إيران من انتاج مادة اليورانيوم عالي التخصيب من اجل صنع القنبلة النووية

3. نظام (عمليات التفتيش) للأمم المتحدة الذي قد تخضع له إيران بعد التوصل الى اتفاق

4. رفع العقوبات المفروضة على طهران

ويرى خبراء ان كل نقطة من هذه المسائل الخلافة متداخلة مع الأخرى بشكل كبير، والتي شبهها أحد المفاوضين الامريكان "بأحجية مكعب روبيك، فلا اتفاق على اي شيء ان لم يتم الاتفاق على كل شيء"، سيما وان الطرفين (إيران ومجموعة 5+1) يعتقدان ان تقديم تنازل امام الطرف الاخر من دون الحصول على ضمانات كافية بالمقابل، اشبه بخسارة كل شيء، ويبدو ان المفاوضين امام طريق مسدود بالنسبة لتمديد المهلة الزمنية من دون التوصل الى اتفاق، وفي نفس الوقت لا يمكن لهم ابرام اتفاق شامل بهذه الفترة القياسية، لذا يرى محللون ان الذهاب الى اتفاق جزئي حول النقاط التي تم التوصل اليها، مع تمديد لفترة أخرى حول القضايا الخلافية، يمكن ان يمثل تسوية عادلة بالنسبة للطرفين في حال ارادت الأطراف المفاوضة التوصل الى نتائج ملموسة.

التوصل لاتفاق نهائي

في سياق متصل ورغم مرور قرابة عام على بدء المفاوضات بين إيران والقوى العالمية الست يقول مسؤولون إن الجانبين لن يلتزما على الأرجح بمهلة غايتها 24 نوفمبر تشرين الثاني للتوصل إلى اتفاق نهائي لرفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، وقال مسؤولون غربيون وإيرانيون إن الجانبين ربما يكتفيان باتفاقية مؤقتة أخرى تقوم على التخفيف المحدود للعقوبات الذي تم الاتفاق عليه قبل عام فيما يسعيان لحل خلافاتهما العميقة خلال الشهور المقبلة، وقال مسؤول غربي "يمكن أن نرى إطار اتفاق نهائي بحلول 24 نوفمبر لكن ربما ليس الاتفاق نفسه"، وتجري إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ومسؤولة السياسة الخارجية السابقة في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون محادثات تتنقل بين بروكسل وسلطنة عمان وفيينا.

ويصرح كل الأطراف بأن التوصل لاتفاق شامل لا يزال ممكنا لرفع كل العقوبات في مقابل وضع قيود بعيدة المدى على البرنامج النووي الإيراني لضمان ألا تصنع إيران أبدا سلاحا ذريا، لكن في الجلسات الخاصة تظل التوقعات أكثر تواضعا بكثير إزاء ما يمكن تحقيقه عندما يبدأ كبار مسؤولي وزارة الخارجية آخر أسبوع للمحادثات في فيينا، وفي إشارة إلى الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في جنيف قبل عام ونص على بدء المحادثات الحالية قال مسؤول إيراني كبير "الأرجح هو أن يتم التوصل إلى نسخة أكثر تفصيلا من اتفاقية جنيف بما يكفي لمواجهة الركود في إيران وأيضا تمديد المحادثات"، وتنفي إيران سعيها لصنع أسلحة نووية لكنها ترفض وقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم مما أدى إلى فرض عقوبات شديدة عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فتراجعت عوائد النفط الإيراني وارتفعت معدلات التضخم والبطالة في البلاد.

وقال بعض الدبلوماسيين إن مجرد تمديد المفاوضات ممكن وذكر مسؤول إيراني كبير أنها قد تمتد حتى مارس آذار من العام المقبل، وجرى تمديد المحادثات بالفعل لمدة أربعة أشهر في يوليو تموز، وأصر دبلوماسي غربي كبير مقرب من المحادثات على أن القوى العالمية الست ما زالت تفعل كل ما هو ممكن للتوصل إلى اتفاق شامل متماسك هذا الشهر كما هو منشود، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "يمكنني أن أنفي تماما أن الطموحات خلف الأبواب المغلقة أكثر تواضعا، يبذل الجميع جهدا كبيرا جدا للالتزام بيوم 24"، وكان سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي وهو مفاوض كبير قال إنه متفائل بشأن إمكانية التوصل لاتفاق في فيينا، وذكر مسؤولون غربيون وإيرانيون أن فشل المحادثات مستبعد لأن كل الأطراف تريد إنهاء النزاع المستمر منذ 12 عاما.

وقال دبلوماسي غربي إنه لم يتضح بعد إذا كان فريق التفاوض الإيراني بقيادة وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه عباس عراقجي يملك تفويضا لتقديم شكل التنازلات المطلوب لابرام اتفاق، وتابع "لا نعلم إن كان (الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي) سيسمح لهم بالتوصل إلى شكل الاتفاق الذي نريده"، وتظل النقاط الشائكة في المحادثات هي عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن السماح لإيران بامتلاكها ووتيرة رفع العقوبات خاصة على صادرات النفط وقطاعي البنوك والتأمين، وتريد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ألا يتجاوز عدد أجهزة الطرد المركزي لدى إيران عدة آلاف لكن إيران تريد امتلاك عشرات الآلاف منها قيد التشغيل، وتملك إيران حاليا نحو 19 ألف جهاز بينهم عشرة آلاف جهاز قيد التشغيل.

ومن الأفكار المطروحة نقل بعض اليورانيوم الإيراني المخصب إلى روسيا لتخزينه، وقال مسؤولون إيرانيون إنهم منفتحون من الناحية النظرية لهذا الاقتراح كما قال مسؤولون غربيون إنه قد يكون خطوة على الطريق الصحيح، وذكر مسؤول أمريكي كبير إن معظم الملحقات التقنية للاتفاق استكملت وإنهم يعملون حاليا على الوثيقة السياسية، وأوضحت إيران أنها مستعدة للمساعدة في الجهود الدولية لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية داخل سوريا والعراق وربطت هذا العرض بتنازلات محتملة في المحادثات النووية لكن مسؤولين غربيين رفضوا الفكرة، وقال مسؤول أوروبي إن إيران تخشى تأثر قدرة الإدارة الأمريكية على التوصل لاتفاق بنتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي جرت مؤخرا ويسيطر الجمهوريون حاليا على مجلسي النواب والشيوخ في الولايات المتحدة ويتبعون نهجا أكثر صرامة إزاء الشأن الإيراني بالمقارنة مع الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس باراك أوباما. بحسب رويترز.

قضايا الشرق الأوسط

بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انه لا توجد صلة بين المحادثات الخاصة ببرنامج إيران النووي وقضايا اخرى في الشرق الأوسط، ورفضت الولايات المتحدة بالفعل اقتراحا طرحه مسؤولون إيرانيون تعرض من خلاله طهران المساعدة في الحرب ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مقابل ابداء الغرب مرونة إزاء برنامجها النووي، وقال كيري للصحفيين في بكين "لا توجد مناقشات او اتفاقات او تبادل او اي شيء افضى للتوصل لصفقة او اتفاق من اي نوع فيما يتعلق بأي أحداث على المحك في الشرق الأوسط، وامتنع كيري عن التعليق على التقارير التي ذكرت أن الرئيس الامريكي باراك اوباما بعث برسالة للزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي بشأن التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.

ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال ان اوباما بعث برسالة للزعيم الإيراني يوضح فيها المصالح المشتركة بين البلدين فيما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية، ويجتمع كيري مع وزير الخارجية الإيراني في مسقط قبل انقضاء المهلة المحددة للتوصل لاتفاق نووي شامل بين طهران والقوى العالمية الست في الرابع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني، ومن المرجح ان يبدي مجلس الشيوخ الجديد (الذي سيطر عليه الجمهوريون عقب انتخابات التجديد النصفي) تشككا إزاء اي اتفاق بين اوباما وإيران، ويحرص الرئيس الامريكي وكيري علي تفادي اي انطباع باجراء مقايضات في إطار الاتفاق النووي. بحسب رويترز.

تشديد العقوبات

فيما قال عضوان في مجلس الشيوخ الأمريكي (أعدا مشروع قانون يدعو لعقوبات مشددة على إيران) إنهما سيعملان مع أعضاء اخرين في الكونجرس للمطالبة باتخاذ إجراء صارم ضد طهران إذا لم يؤد اتفاق محتمل إلى تفكيك برنامج إيران النووي، وقال السناتور الديمقراطي من نيوجيرزي روبرت منينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والسناتور الجمهوري من إيلينوي مارك كيرك إن "اتفاقا جيدا" يستلزم فرض قيود صارمة على الابحاث وعمليات التطوير والشراء ذات الصلة بالبرنامج النووي ووضع نظام محكم للتفتيش لعشرات السنين في إيران، وقال المشرعان في بيان "إذا لم يحقق الاتفاق المحتمل هذه الأهداف فإننا سنعمل مع زملائنا في الكونجرس للتحرك بشكل حاسم كما فعلنا في الماضي"، وقالت جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ردا على سؤال بشأن ذلك إن المشرعين لا يعرفون بعد ما الذي سيتضمنه اي اتفاق لان المفاوضات لا تزال مستمرة، وأضافت في مؤتمر صحفي يومي "لم يروا محتويات الاتفاق النهائي لأنه لم يتم التوصل بعد لأى اتفاق نهائي".

وقالت مؤسسة بحثية أمريكية إن إيران ربما تكون قد انتهكت اتفاقا نوويا مؤقتا أبرمته العام الماضي مع ست قوى عالمية عن طريق تعزيز الجهود لتطوير جهاز يمكنها من تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر بكثير لكن مجموعة خبراء أخرى تقول إنه لم يحدث اي انتهاك، وتطوير ايران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة للتخصيب قضية حساسة لأنه إذا نجح فإنه قد يمكنها من انتاج مواد يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية بمعدل أسرع كثيرا من معدلات الطراز العتيق المستخدم حاليا، ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من مسؤولين غربيين على زعم مؤسسة معهد العلوم والأمن الدولي التي تتابع برنامج إيران النووي ومقرها واشنطن، ولم يصدر تعليق فوري من إيران، وأشار المعهد (الذي كثيرا ما يقدم مؤسسه ديفيد اولبرايت إفادات لأعضاء الكونجرس الأمريكي وآخرين بشأن قضايا الانتشار النووي) إلى نتيجة توصل إليها تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إيران.

وذكرت الوثيقة السرية التي اطلعت عليها الدول الاعضاء في الوكالة أن إيران عملت (منذ صدور التقرير السابق للوكالة في سبتمبر ايلول الماضي) على تغذية جهاز واحد للطرد المركزي يعرف باسم آي.آر-5 بغاز اليورانيوم الطبيعي "على نحو متقطع" في منشأة أبحاث، وهذا الطراز من أجهزة الطرد المركزي هو أحد الأنواع التي تسعى إيران إلى تطويرها حتى تحل محل طراز آي.آر-1 الذي يعود تاريخه للسبعينيات وتستخدمه حاليا لانتاج اليورانيوم المخصب، لكن بخلاف الطرز المتطورة الاخرى قيد التطوير -وهي آي.آر-2 إم وآي-آر-4 وآي.آر-6 - في الموقع البحثي في نطنز للتخصيب فلم تقم ايران حتى الآن بتغذية آي.آر-5 بغاز سادس فلوريد اليورانيوم، وذكرت المؤسسة البحثية الأمريكية في تحليل لتقرير الوكالة أن "إيران ربما انتهكت (الاتفاق المؤقت) بالبدء في تغذية أحد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لديها (بغاز اليورانيوم الطبيعي) وهو جهاز الطرد المركزي آي.آر-5، وينص الاتفاق المؤقت على أنه يجب على إيران ألا تغذي هذا الجهاز (بالغاز) كما ورد في تقرير الضمانات".

إلا ان جمعية الحد من انتشار الاسلحة ومقرها واشنطن قالت إنها لا تعتقد ان ايران قد انتهكت الاتفاق، وقالت المجموعة البحثية في رسالة بالبريد الالكتروني "التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية يقول بوضوح إنه لم يجر سحب أي يورانيوم مخصب من الجهاز"، وتقول ايران إنها تنتج اليورانيوم المنخفض التخصيب لصنع وقود لمحطات الطاقة النووية، لكن اذا جرى معالجة هذا اليورانيوم بدرجة أكبر فيمكن تحويل هذا اليورانيوم المخصب الى المادة المتفجرة لأي قنبلة وهو ما يخشى الغرب ان يكون الهدف النهائي لإيران، وتنفي ايران سعيها لانتاج اسلحة نووية، وينص اتفاق العام الماضي مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمانيا وبريطانيا على انه يجوز لايران ان تواصل "انشطتها الحالية للتخصيب والابحاث والتطوير"، وهي الصياغة التي تتضمن الا تقوم ايران بالتوسع في هذه الأنشطة، ولم يتطرق نص الاتفاق المعلن الى أي تفاصيل في هذا الصدد.

لا عودة الى الوراء

من جانبهم قال مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب نما ثمانية بالمئة إلى حوالي 8.4 طن في نحو شهرين ومن المرجح ان تطلب القوى العالمية من طهران تقليصها في ظل اي اتفاق نووي يبرم مع طهران، وقدمت الوكالة تقريرا سريا عن ايران للدول الاعضاء قبل أقل من ثلاثة أسابيع من انتهاء المهلة المحددة للتوصل لاتفاق بين إيران والقوي العالمية الست في 24 نوفمبر تشرين الثاني، وكميات اليورنيوام المخصب التي تحتفظ بها ايران احد العوامل التي قد تحدد الوقت الذي تحتاجه إيران لمحاولة تصنيع أسلحة نووية، وتقول إيران انها لا تسعى لتصنيع اسلحة نووية ولكن الغرب يريد أن تقدم الجمهورية الإسلامية ما يثبت ذلك لكي يتأكد من عدم قدرة طهران على انتاج اسلحة نووية في اي وقت قريب، وتجتمع إيران مع القوى العالمية الست في فيينا في الثامن عشر من نوفمبر تشرين الثاني من أجل وضع اللمسات النهائية علي اتفاق ينهي الخلاف الذى كان طيلة العقد الماضي مصدر تهديد بنشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط، وقالت الوكالة ان مخزون إيران من غاز اليورانيوم المخصب لدرجة تركيز قابل للتحول لمادة انشطارية تصل إلى خمسة بالمئة بلغ 8390 كيلوجراما بزيادة 626 كيلوجراما منذ التقرير السابق في سبتمبر ايلول.

وتقول إيران إنها تستخدم اليورانيوم المخصب لصنع وقود لمحطات الطاقة، ولكن إذا جرى تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى فمن الممكن أن يستخدم في صنع سلاح نووي وهو ما يخشى الغرب أن يكون هدف إيران، واوقفت ايران انشطة اكثر حساسية حيث تصل درجة التخصيب إلى 20 بالمئة بموجب اتفاق مؤقت مع القوى العالمية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي ولكنها ما زالت تخصب اليورانيوم لدرحة أقل، ويقول خبراء غربيون إن ايران يمكنها الان جمع مادة انشطارية عالية التخصيب تكفي لتصنيع قنبلة واحدة في اشهر قليلة اذا ارادت انتاج قنبلة نووية، والمخزون الآن اعلى من الذي حدده الاتفاق المؤقت ولكن لا يزال أمام ايران الوقت لخفضه قبل انتهاء الاتفاق المؤقت الشهر الجاري والذي يفترض ان يحل محله اتفاق دائم، وقال مارك فيتزباتريك مدير برنامج وقف الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية انه يعتقد ان القوى الست سترغب في ان ينص الاتفاق الدائم على خفض حاد للمخزونات، وأضاف "اذا تخلصنا من المخزون قد يكون ممكنا السماح لايران بعدد أكبر من اجهزة الطرد المركزي "في اشارة للاجهزة التي تنتج اليوارنويم المخصب". بحسب رويترز.

واعلن عباس عرقجي احد المفاوضين الايرانيين الرئيسيين ان ايران لن تقبل اي "عودة الى الوراء" في برنامجها النووي لا سيما في تخصيب اليورانيوم، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية، وكان عرقجي يرد على تصريحات كبيرة المفاوضين الاميركيين وندي شيرمان التي دعت طهران الى "اعتماد الخيار الصحيح" للتوصل الى اتفاق، وقال "لن نتراجع خطوة واحدة بشان حقوقنا النووية، لكننا على استعداد لاظهار كل الشفافية واتخاذ اجراءات الثقة، ما يعني انه لن يكون هناك اي عودة الى الوراء" في البرنامج النووي، وتتفاوض الدول الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا) منذ اشهر مع ايران في محاولة للتوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني المثير للجدل، واعلنت مساعدة وزير الخارجية الاميركي وندي شيرمان "اذا كانت ايران تريد حقا حل مشاكلها مع المجتمع الدولي ورفع العقوبات المفروضة عليها بشكل اكثر سهولة، فلن تجد فرصة افضل من تلك المتاحة من الآن حتى 24 تشرين الثاني/نوفمبر"، المهلة النهائية المحددة للتوصل الى اتفاق، واجاب عرقجي "نعتقد ايضا ان الفرصة المتاحة لن تتكرر بهذه السهولة لكل الاطراف"، وقال ايضا ان "كل القدرات النووية سيتم الاحتفاظ بها، لن تقفل اي منشأة او حتى تتوقف، ولن يجري تفكيك اي آلة، ولن توجه اي أذية للابحاث والتطوير العلمي في البلاد"، وتابع ان "تخصيب اليورانيوم عند مستوى صناعي سيجري وفقا لحاجات البلد".

واعلنت شيرمان ان برنامج التخصيب الايراني في وضعه الحالي غير مقبول، وتسعى الدول الغربية الى التوصل الى اتفاق يضمن ان يواصل البرنامج النووي الايراني اهدافا مدنية حصرا مقابل رفع العقوبات الدولية التي تلقي بثقلها على الجمهورية الإسلامية، وبهذا سيتم وضع حد للخلاف الذي يسمم العلاقات الدولية منذ 12 عاما، واتاحت المفاوضات المكثفة التي بدات في كانون الثاني/يناير احراز بعض التقدم، الا ان نقاطا مهمة عدة لا تزال عالقة ولا سيما القدرة التي ستحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق، لانتاج اليورانيوم المخصب وهي المادة التي تستخدم للنووي المدني وكذلك لتصنيع قنابل ذرية وانما بمعدل تخصيب اكثر ارتفاعا، ولم يتم التوصل ايضا الى اتفاق حول الوتيرة التي سيتم بموجبها رفع العقوبات رغم اقتراحات اميركية جديدة في هذا المجال، واكد عرقجي ان "كل العقوبات يجب ان ترفع"، ولا يرغب الاميركيون في تمديد عملية المحادثات الى ما بعد 24 تشرين الثاني/نوفمبر، لكن عددا من المراقبين يؤكدون ان ارجاءها الى موعد اخر امر لا يمكن تفاديه.

فشل المحادثات

من جانب اخر  قالت كبيرة المفاوضين الأمريكيين في المحادثات مع إيران ويندي شيرمان إنه سينظر على نطاق واسع إلى إيران على انها المسؤولة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل للحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأضافت شيرمان وهي وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية أن القوى الكبرى التي تتفاوض مع إيران قدمت لها أفكارا "منصفة وقابلة للتنفيذ وتتفق مع الرغبة التي ابدتها طهران من اجل برنامج نووي مدني يمكن تنفيذه"، وتسعى بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع إيران بحلول 24 نوفمبر تشرين الثاني، وقالت شيرمان إن أفضل فرصة لإيران لتجنب عقوبات اقتصادية هي ابرام اتفاق قبل ذلك الموعد، وأكدت شيرمان في كلمة أن الولايات المتحدة والقوى الكبرى الاخرى مستعدة للتوصل إلى اتفاق وقالت إن عدم حدوث ذلك سيفسر في نهاية الأمر على انه تقصير من إيران.

وقالت "نأمل أن يوافق الزعماء في إيران على الخطوات الضرورية لطمأنة العالم بأن هذا البرنامج سيكون سلميا فحسب ومن ثم انهاء عزلة إيران الاقتصادية والدبلوماسية وتحسين حياة مواطنيها"، وأضافت "إذا لم يحدث ذلك فإن الجميع سيرى إن المسؤولية تقع على عاتق إيران"، وقالت إن أفضل فرصة لدى إيران لتخفيف العقوبات هي ابرام اتفاق مع القوى الكبرى يضمن ان برنامجها النووي لا يمكن ان ينتج قنبلة، وقالت في مؤتمر نظمه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومدرسة ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة بجامعة سيراكيوز "هدفنا الان هو إعداد اتفاق دائم وشامل يغلق على نحو فعال كل الطرق الممكنة أمام إيران للحصول على سلاح نووي"، وأوضحت أن مثل هذا الاتفاق سيمنع إيران من انتاج وقود لقنبلة باستخدام اليورانيوم أو البلوتونيوم وسيوفر عمليات تفتيش ومراقبة تقدم أفضل فرصة لمنع إيران من معالجة هذه المواد سرا، وقالت "اذا كانت إيران تريد حقا حل خلافاتها مع المجتمع الدولي وتسهيل رفع العقوبات الاقتصادية فلن تكون هناك فرصة افضل من الفترة بين الأن و 24 نوفمبر، هذا هو وقت انهاء المهمة"، ولم يتضح بعد ما اذا كان سيتم الوفاء بهذا الموعد الذي سبق تمديده بالفعل من 20 يوليو تموز.

وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو ان ايران لم تطبق بعد كل اجراءات الشفافية النووية التي وافقت على تنفيذها بحلول اواخر اغسطس آب وهو ما يشير الى بطء سير التحقيق بشأن أبحاث سابقة مزعومة عن تصنيع قنبلة ذرية، وقال مسؤولون غربيون ان على ايران ان تتعاون أكثر مع مفتشي الوكالة التابعة للامم المتحدة إذا أرادت حل نزاعها مع القوى العالمية الست الكبرى بشأن برنامجها النووي والتخلص من العقوبات الاقتصادية التي تشل اقتصادها، ورغم مرور شهرين على انتهاء مهلة 25 اغسطس اب للرد على اسئلة بشأن نشاط مزعوم يمكن ان يستخدم في تطوير اسلحة ذرية أوضح امانو ان ايران لم تفعل ذلك بشكل كامل بعد، وقال "من أجل حسم كل القضايا الهامة من الضروري جدا ان تنفذ ايران وفي اطار الجدول الزمني كل الاجراءات العملية التي اتفق عليها بموجب اطار التعاون"، وتم التوصل الى هذا الاتفاق مع طهران العام الماضي للمساعدة على دفع التحقيق المستمر منذ فترة طويلة قدما، وقال امانو في كلمته امام مؤتمر عن الضمانات النووية في فيينا ان الوكالة الدولية التابعة للامم المتحدة ليست في وضع يسمح لها "بتقديم تأكيدات ذات مصداقية عن عدم وجود مواد نووية وأنشطة لم يعلن عنها في ايران"، وتحاول الوكالة منذ سنوات التحقق من مزاعم غربية بأن ايران كانت تجري ابحاثا لتصميم رأس نووي، وتقول طهران ان خصومها اختلقوا تلك المعلومات، لكنها وعدت منذ العام الماضي بالتعاون مع الوكالة، وقالت طهران إن الوكالة الدولية تفتقر الى أدلة "ملموسة"، وقال دبلوماسيون ان الولايات المتحدة وحلفاء غربيين بالإضافة الى اسرائيل قدموا معلومات عن ايران للوكالة.

وقد تجد ايران بعض الدعم في تصريحات مبعوث روسي طالب الوكالة التابعة للامم المتحدة بالكشف عن مصدر معلوماتها إذا كانت تريد استخدام معلومات لم يجمعها مفتشوها، وقال السفير الروسي جريجوري بردينيكوف لمؤتمر الضمانات دون ان يذكر اي دولة بالاسم ان هناك "بعض الدول" تريد ان تحول الوكالة الدولية الى فرع في مخابراتها، وروسيا من ست دول كبرى تحاول التوصل الى حل دبلوماسي مع ايران لانهاء النزاع النووي، لكن لروسيا والصين علاقات تجارية مع ايران أوثق من الدول الاخرى وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا، كما انتقدت موسكو وبكين العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على طهران.

نتنياهو يحذر

الى ذلك حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة من اتفاق دولي محتمل مع إيران يرفع عنها العقوبات دون أن يمنعها من الحصول على أسلحة نووية، وكان نتنياهو يتحدث من القدس عبر القمر الصناعي الى مؤتمر الاتحادات اليهودية لأمريكا الشمالية في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وخمس قوى كبرى أخرى للتوصل إلى اتفاق مع إيران بحلول مهلة حددها الجانبان تنتهي في 24 من نوفمبر تشرين الثاني، وقال "من الواضح أن إيران تريد رفع العقوبات التي كان لها تأثير مدمر على اقتصادها، لكن ينبغي أن يكون واضحا بنفس القدر أن إيران ليست مستعدة لتفكيك برنامجها للأسلحة النووية في مقابل ذلك"، وتأتي تصريحات نتنياهو وسط جدل سياسي متنام في واشنطن بخصوص اتفاق محتمل في ظل ارتياب كثير من الجمهوريين (الذين انتزعوا الأغلبية في مجلس الشيوخ في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس) بشأن اتفاق بل انهم يدرسون تشديد العقوبات على ايران، وقال نتنياهو إنه سيكون خطأ فادحا إنهاء العقوبات ثم الاعتماد بعد ذلك على المخابرات وعمليات التفتيش الدولية للتأكد من ان ايران لا تمضي قدما في صنع أسلحة نووية، وأضاف أن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية فشلت في اكتشاف منشآت سرية إيرانية في الماضي وأن عمليات التفتيش لم تمنع كوريا الشمالية من صنع سلاح نووي، وتنفي إيران أن يكون برنامجها النووي له أغراض عسكرية.

بدورها قالت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء ان أجهزة الامن الايرانية اعتقلت عدة أشخاص يشتبه بأنهم جواسيس في اقليم بوشهر الجنوبي حيث تقع أول محطة كهرباء نووية في البلاد، وأشارت ايران مرارا الى علامات على ما تقول انه مؤامرات لتخريب برنامجها النووي الذي تخشى القوى العالمية من انه قد يستخدم في تطوير قدرات لصنع قنبلة نووية وتسعى تلك الدول لتقليص البرنامج من خلال مفاوضات تجرى على مستوى عال ومهلة للتوصل الى اتفاق تنتهي في 24 نوفمبر تشرين الثاني، وتقول الجمهورية الاسلامية انها تطور الطاقة النووية للاستخدام فقط في توليد الكهرباء والاغراض الطبية، وقال وزير الاستخبارات محمود علوي علوي لوكالة فارس للانباء دون ان يخوض في تفاصيل "بفضل يقظة قوات وزارة الاستخبارات التي تراقب تحركات أجهزة المخابرات الاجنبية تم اعتقال بعض العملاء الذين كانوا يزمعون مراقبة وجمع معلومات مخابراتية لصالح أجانب"، وقال ان اقليم بوشهر هو محور ايران النووي ولذلك "له مكانة خاصة على المستوى الوطني"، ورغم ان الغرب يشتبه في ان ايران تحاول تطوير وسائل لتجميع سلاح نووي وراء واجهة برنامج مدني للطاقة الذرية فان الدول الغربية لا تعتبر محطة الكهرباء النووية في بوشهر التي أقامتها روسيا في حد ذاتها تنطوي على مخاطر انتشار خطير. بحسب رويترز.

وفي عام 2010 تم تعطيل منشآت تخصيب اليورانيوم في ايران مؤقتا بفيروس عرف باسم ستاكسنت الذي يعتقد على نطاق واسع انه تم تطويره بمعرفة الولايات المتحدة واسرائيل وان كانت لم تعلن أي دولة مسؤوليتها عنه، ونقلت وسائل اعلام ايرانية عن مسؤول كبير قوله انه في مارس اذار هذا العام تعرضت مضخات في مفاعل اراك النووي في ايران لمحاولة تخريب فاشلة، وينظر الغرب الى هذا المفاعل على انه مصدر محتمل للبلوتونيوم قد يستخدم في صناعة قنابل نووية، وتحاول ايران والقوى العالمية التفاوض على نهاية لمواجهة مستمرة منذ عشر سنوات أدت الى عقوبات أضرت بالاقتصاد فرضت على الجمهورية الإسلامية، وهذه الدول هي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولم يعرف بعد ان كان الجانبان سيلتزمان بمهلة تنتهي في 24 نوفمبر تشرين الثاني للتوصل الى اتفاق يقلص قدرات طهران النووية ويزيل احتمال صنع قنابل مقابل رفع تدريجي لجميع العقوبات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/تشرين الثاني/2014 - 23/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م