داعش والفساد.. يضعان العراق أمام تحدي البقاء أو الفناء

 

شبكة النبأ: يبدو ان التقدم الذي أحرزته القوات العراقية المدعومة بالمتطوعين (الحشد الشعبي)، في معاركها البرية الأخيرة قد اعطى انطباعا إيجابي للولايات المتحدة الامريكية وقياداتها العسكرية والسياسية، والتي ظهرت مع البوادر الامريكية الأخيرة وتصريحات الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الذي أكد بالقول "الان أعتقد بأن الأمور بدأت تؤتي ثمارها، هذا جيد"، واضاف "ان من المهم اظهار ان الدولة الإسلامية ليست قوة لا تقهر ولا يمكن ايقافها بل انها "مجموعة من الاقزام تتبنى في واقع الأمر فكرا متطرفا"، وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع زيارة مفاجأة للعراق، زار خلالها مركز العمليات المشترك في بغداد واربيل أيضا، لكن من دون ان ينسى بالتذكير بان الولايات المتحدة لا تستطيع تقديم المزيد من الدعم من دون التوحد السياسي الذي يعتمد على الحكومة والقادة السياسيين في البلاد، وأصر ديمبسي على ان القوة العسكرية لن تقضي على الدولة الإسلامية ما لم تنجح الحكومة العراقية في انهاء الانقسام بين السنة والشيعة في البلاد، وأضاف أن بناء الثقة سيحتاج إلى وقت وكذلك المهمة الأمريكية، وتابع "ما المدة ؟ عدة سنوات.

وقد جاءت النجاحات العسكرية العراقية الأخيرة، بعد ان استطاع العراق الخروج من عنق الازمة السياسية، التي عصفت بالعملية السياسية قبل أشهر إثر الخلاف على تشكيل الحكومة، والتي انتهت بتشكيل برلمان وحكومة متكاملة ومنسجمة الى حد ما، فيما جاءت المزيد من القرارات التي أصدرها رئيس الوزراء حيدر العبادي لتعزيز الثقة بين جميع مكونات الشعب العراقي، ومكافحة الفساد، خصوصا في الأجهزة الأمنية والجيش العراقي، الذي وصفة مراقبون، بانه مستشري بشكل كبير، حيث اقال واحال الى التقاعد 26 قائد كبير في الجيش العراقي، وقال العبادي إن هناك اتهامات على نطاق واسع بالفساد داخل مؤسسات الجيش، وقال إنه يجب ألا يخشى أحد محاربة الفساد مؤكدا دعمه المطلق لمن يحاربون الفساد، وأضاف "يجب علينا إعادة الثقة بقواتنا المسلحة عبر اتخاذ اجراءات حقيقية ومحاربة الفساد على صعيد الفرد والمؤسسة ونحن سنكون داعمين بكل قوة لهذا التوجه الذي يجب العمل به في أقرب وقت ممكن"، وتابع قائلا إن الجيش سيتفرغ لمهمة الدفاع عن الوطن بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، وقال "الجيش هو المدافع عن الوطن وطموحنا على المدى المنظور أن ينحصر عمله بمهمة الدفاع عن الحدود وترك المهمة الأمنية لوزارة الداخلية وبقية الأجهزة الأمنية".

بدورها رحبت الحكومة العراقية بارسال الدول المنضوية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية مدربين لتدريب الجيش العراقي، رغم اعتبارها ان الخطوة "متأخرة بعض الشيء"، وذلك غداة موافقة الرئيس الاميركي باراك اوباما على ارسال 1500 جندي اضافي الى العراق، وجاء في بيان وزعه المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي "تؤكد الحكومة العراقية انها طالبت التحالف الدولي قبل فترة بالمساهمة في تدريب وتسليح القوات العراقية لمساعدته في الوقوف بوجه ارهاب داعش، وان التحالف قد وافق على ذلك وتم تحديد اربعة الى خمسة معسكرات عراقية للتدريب"، واضاف البيان "وبناء على ذلك بدأوا الان بارسال المدربين، ومع كون هذه الخطوة متأخرة بعض الشيء الا اننا نرجب بها ونعدها جاءت بالسياق الصحيح"، وكانت الولايات المتحدة اعلنت انها ستضاعف قريبا عديد عسكرييها في العراق، بارسال 1500 مستشار عسكري اضافي لتدريب القوات العراقية، بما فيها قوات البشمركة الكردية، وتقديم المشورة لها في حربها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

واشار بيان للبيت الابيض انه "ضمن استراتيجيتنا لدعم الشركاء على الارض، أجاز الرئيس أوباما نشر حتى 1500 عسكري اضافي للقيام بدور غير قتالي يتضمن التدريب وتقديم النصح ومساعدة القوات العراقية وبينها القوات الكردية"، وبحسب بيان لوزارة الدفاع الاميركية، سيتولى هؤلاء تدريب 12 لواء عسكريا، تسعة من الجيش العراقي، وثلاثة من قوات البشمركة الكردية، وستكون مراكز التدريب في شمال العراق وغربه وجنوبه و"سينضم شركاء في الائتلاف الى الجنود الاميركيين في هذه المراكز للمساعدة في عملية بناء قدرات وامكانيات عراقية"، وينتشر حاليا في العراق نحو 1400 جندي اميركي بينهم 600 مستشار عسكري في بغداد واربيل (عاصمة اقليم كردستان)، اضافة الى 800 جندي يتولون حماية السفارة الاميركية في بغداد ومطار العاصمة العراقية، وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية اثر هجوم كاسح شنه في حزيران/يونيو، على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، لا سيما في محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى والانبار، وبدأ تحالف دولي بقيادة واشنطن في آب/اغسطس، توجيه ضربات جوية ضد مواقع التنظيم في العراق، توسعت بعد اسابيع لتشمل مواقعه في سوريا المجاورة حيث يسيطر على مساحات واسعة في الشمال والشرق. بحسب فرانس برس.

فساد الجيش

في سياق متصل قالت مصادر أمنية إن انتحاريا يقود شاحنة محملة بالمتفجرات قتل قائدا كبيرا بالشرطة العراقية يشارك في عملية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية الذين يحاصرون أكبر مصفاة نفط في البلاد منذ أشهر، وقتل الهجوم اللواء فيصل مالك أحد المشرفين على عملية تهدف إلى كسر قبضة المسلحين السنة على المصفاة التي تقع على مشارف مدينة بيجي وإنقاذ قوات الأمن المحاصرة داخلها، وأضافت المصادر الأمنية أن شرطيين قتلا أيضا في الهجوم، وقال ضابط كان تحت قيادة مالك "كان اللواء في عربته الهمفي مع اثنين من رجاله، واستهدفه مهاجم انتحاري كان في شاحنة مباشرة"، وحاولت القوات العراقية مرارا إبعاد مقاتلي الدولة الإسلامية عن مجمع المصفاة حيث تعيش قوات الأمن المحاصرة على إلقاء مساعدات من الجو، وجاء مقتل مالك بعد أن جربت قوات الأمن العراقية استراتيجية جديدة لكسر حصار مقاتلي الدولة الإسلامية للمصفاة القريبة من بيجي التي تقع على بعد 200 كيلومتر شمالي بغداد، وسيطرت القوات الحكومية مدعومة بميليشيات شيعية وطائرات هليكوبتر حربية على منطقة صحراوية غربي بيجي على أمل استعادة السيطرة على البلدة وقطع خطوط الإمداد عن الدولة الإسلامية.

وقال عقيد في الجيش العراقي إن قوات الأمن كانت تتطلع كذلك إلى السيطرة على طريق يؤدي إلى الموصل أكبر مدينة في شمال العراق والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وكان مقتل اللواء مالك أكبر ضربة معنوية للحكومة بعد أن استثمرت الضربات الجوية الأمريكية لتنظيم الدولة الإسلامية واستعادت السيطرة على بعض الأراضي، وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان إن القوات المسلحة العراقية تمكنت من رفع العلم العراقي على الجسر الذي يربط بلدة عامرية الفلوجة ببغداد، وكان مقاتلو الدولة الإسلامية يحاصرون منذ أسابيع المنطقة الواقعة بالقرب من مدينة الفلوجة حيث معقلهم، ويقول مسؤولون غربيون إنه لا يمكن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية إلا إذا أدخل الجيش العراقي تحسينات جذرية على آدائه، وفي تعبير عن هذه المخاوف قال مسؤولون أمريكيون إن الجيش الأمريكي وضع خططا لزيادة عدد قواته في العراق بشكل كبير -والتي يبلغ عددها الآن حوالي 1400 جندي- في إطار مساعدة الجيش العراقي على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية. بحسب رويترز.

وقال المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني إن الفساد في القوات المسلحة العراقية مكن تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على مناطق كبيرة في شمال البلاد في انتقاد من شأنه الضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات في مواجهة التمرد، وزاد السيستاني من انتقاده لقادة العراق منذ أثار تقدم الدولة الإسلامية أسوأ أزمة تعيشها البلاد منذ الغزو الأمريكي الذي اسقط نظام صدام حسين عام 2003، وانهار الجيش العراقي الذي تلقى تمويلا وتدريبا أمريكيا تكلف 25 مليار دولار أمام مقاتلي الدولة الإسلامية، وبعد أن تقدمت الدولة الإسلامية أكثر وذبحت رهائن غربيين قادت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد التنظيم، وتلا مساعد للسيستاني في بث تلفزيوني مباشر من مدينة كربلاء في جنوب البلاد خطبة الجمعة للمرجع الشيعي العراقي الأعلى طرح خلالها تساؤلا افتراضيا عما إذا كان الجيش فاسدا، وقال" نعتقد ان ما حصل من تدهور أمني قبل أشهر هو الكفيل بالاجابة عن ذلك"، واضاف "إن الموضوعية تقتضي ان يتسلم المواقع العسكرية المختلفة من يكون مهنيا وطنيا مخلصا شجاعا لا يتأثر في أداء واجبه بالمؤثرات الشخصية أو المادية."

واعتاد السيستاني (84 عاما) الذي يعيش في عزلة أن يوجه خطبه من خلال مساعديه وتعد كلمته القول الفصل لملايين الأتباع، وقال "في الوقت الذي نشد على ايادي ابنائنا المخلصين وهم كثر في القوات المسلحة نتمنى ان تعالج بعض المشاكل التي تضعف هذه المؤسسة والقضاء على كل مظاهر الفساد وإن صغرت فإن صغير الفساد كبير"، وخلال الاشهر القليلة الماضية انتقد علانية القادة العراقيين ورجال السياسة قائلا إن صراعاتهم وخلافاتهم الطائفية تقوض البلاد، وتكشف هذه التصريحات بشأن الجيش عن قلق عميق على استقرار العراق، ومنعت الغارات الجوية الأمريكية الدولة الإسلامية من التقدم أكثر والسيطرة على مزيد من الاراضي منذ أغسطس آب حين تمكن التنظيم المنشق عن القاعدة من الحاق الهزيمة بقوات البشمركة الكردية العراقية وفجر نزوحا جماعيا للاقليات، وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن الولايات المتحدة ودولا حليفة نفذت ثماني ضربات جوية على أهداف للدولة الإسلامية في سوريا خلال الأيام الثلاثة المنصرمة فضلا عن ست ضربات على الجماعة المتمردة في العراق، وقالت بريطانيا إنها سترسل مزيدا من المدربين العسكريين الى العراق خلال الاسابيع القليلة القادمة لمساعدة القوات المسلحة على التصدي للدولة الإسلامية، لكن حتى لو ارسل المزيد من الدول الغربية مساعدات الى الجيش العراقي يظل السؤال الملح هو هل ستتمكن حكومة يقودها الشيعة من إحياء تحالف مع رجال العشائر السنية ساعد في الحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة خلال سنوات الاحتلال الأمريكي.

ضربات جوية

الى ذلك ذكرت قناة العربية الحدث التلفزيونية أن ضربات جوية بقيادة الولايات المتحدة استهدفت تجمعا لزعماء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق في بلدة قرب الحدود السورية، وأضافت أن التجمع كان يضم على ما يبدو زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من المسؤولين الأمنيين العراقيين عن تقرير القناة وهي جزء من قناة العربية التي يملكها سعوديون، لكن شاهدي عيان أبلغا بأن ضربة جوية استهدفت منزلا كان يجتمع فيه كبار قادة الدولة الإسلامية قرب بلدة القائم الحدودية الواقعة في غرب العراق، وأضافا أن مقاتلي الدولة الإسلامية أخلوا مستشفى حتى يتسنى علاج جرحاهم، وقال الشاهدان إن مقاتلي الدولة الإسلامية استخدموا مكبرات الصوت لحث السكان على التبرع بالدم، وقال سكان إن ثمة تقارير غير مؤكدة عن مقتل الزعيم المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الانبار بغرب العراق ونائبه.

ولم يؤكد المسؤولون الأمريكيون أو ينفوا ما اذا كان قد تم استهداف البغدادي الزعيم الرئيسي للتنظيم، وقال مسؤول أمريكي كبير إن ضربات جوية نفذت ضد قافلة قرب مدينة الموصل الشمالية على بعد نحو 280 كيلومترا من القائم وضد وحدات صغيرة من الدولة الإسلامية في مكان اخر لكن الضربات الجوية بقيادة الولايات المتحدة لم تستهدف تجمعا للدولة الإسلامية، وقال أحد أنصار الدولة الاسلامية ان الغارة الجوية ضربت سوقا محلية وأدت الى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، وقالت قناة الحدث إن عشرات الأشخاص سقطوا بين قتيل ومصاب في القائم وإن مصير البغدادي غير معروف، وتقع القائم وبلدة البوكمال السورية الحدودية على طريق امدادات استراتيجي يربط بين اراضي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وساهم مسعى تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد لإقامة خلافة في الدولتين في عودة العنف الطائفي إلى الأيام السوداء في عامي 2006 و2007 عندما بلغت الحرب الأهلية في العراق ذروتها، وقالت الشرطة ومصادر طبية ان تفجير سيارة ملغومة أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص في حي مدينة الصدر الذي تقطنه أغلبية شيعية ليصل عدد الأشخاص الذين قتلوا في تفجيرات في العاصمة العراقية ومدينة الرمادي بغرب البلاد إلى 28، وذكر مصدر من الشرطة أن سيارتين ملغومتين انفجرتا في هجومين منفصلين بحي العامل الذي تقطنه أغلبية شيعية في بغداد، وأضاف المصدر واصفا أحد الهجومين "أوقف سائق سيارته وتوجه إلى كشك لبيع السجائر ثم اختفى، وبعد ذلك انفجرت سيارته وقتلت المارة"، وفي حي الأمين الذي تسكنه أغلبية شيعية في بغداد قالت مصادر طبية إن انفجار سيارة ملغومة أخرى تسبب في مقتل ثمانية أشخاص. بحسب رويترز.

وأسفر هجوم نفذه انتحاري على نقطة تفتيش في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار عن مقتل خمسة جنود، وقال مسؤول في الشرطة "قبل الانفجار تم استهداف نقطة التفتيش بعدد من قذائف المورتر، ثم هاجمها الانتحاري بسيارة همفي ملغومة"، وتابع "هرع بعض الجنود إلى مسرح الحادث وتعرضوا لهجمات بقذائف المورتر، وحدثت مواجهة استمرت ساعة"، ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن التفجيرات لكنها تشبه عمليات نفذها متشددون إسلاميون، وفي بلدة بعقوبة التي تبعد 65 كيلومترا شمال شرقي بغداد ذكرت مصادر طبية ان مسلحا قتل عضوا بميليشيا شيعية كما أدى تفجير سيارة ملغومة كانت تستهدف ضابطا بالشرطة إلى مقتل ابنه البالغ من العمر عشرة أعوام، ويقول مسؤولون غربيون وعراقيون إن الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ليست كافية لهزيمة التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا ويقاتل لتوسيع رقعة ما يطلق عليه اسم دولة الخلافة، ويقول المسؤولون إن على العراق أن يحسن من أداء جيشه وقواته الأمنية للقضاء على خطر التنظيم الذي يريد إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط، ووافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إرسال زهاء 1500 جندي إضافي للعراق ليزيد عدد القوات الأمريكية على الأرض بواقع المثلين، وسيقوم هؤلاء الجنود بتقديم المشورة وإعادة تدريب العراقيين في معركتهم ضد الدولة الإسلامية التي لم تجد مقاومة تذكر من الجيش عندما اجتاحت شمال العراق في يونيو حزيران.

وذكر التلفزيون العراقي نقلا عن المكتب الصحفي لرئيس الوزراء ان ارسال المزيد من المدربين الأمريكيين أمر محل ترحيب لكنه أشار إلى انها تأخرت كونها جاءت بعد مرور خمسة أشهر على استيلاء الدولة الإسلامية على الكثير من شمال العراق، وأنفقت الولايات المتحدة 25 مليار دولار على الجيش العراقي خلال الاحتلال الذي أطاح بالدكتاتور السابق صدام حسين في عام 2003 وفجر أعمال عنف من جماعات مقاتلة شملت تنظيم القاعدة، وتريد واشنطن من الحكومة التي يقودها الشيعة أن تحيي تحالفا مع العشائر السنية في محافظة الأنبار كان قد ساعد قوات مشاة البحرية الأمريكية على دحر القاعدة، وسيجد مثل هذا التحالف نفسه في مواجهة عدو أقوى ممثلا في الدولة الإسلامية التي تملك ترسانة أقوى من العتاد العسكري والتمويل، وقال العقيد بالشرطة شعبان برزان العبيدي قائد وحدة الرد السريع في الأنبار إن قوات الأمن استعادت السيطرة على ثماني قرى، ولم يتسن على الفور التحقق من روايته.

المعركة مستمرة

من جانب اخر قالت مصادر بالجيش والشرطة إن مهاجما انتحاريا قتل ما لا يقل عن 27 مسلحا ينتمون لجماعات شيعية عندما فجر نفسه على مشارف بلدة جرف الصخر العراقية بعدما طردت قوات الأمن مقاتلي جماعة الدولة الإسلامية من المنطقة، وأصاب المهاجم (الذي كان يقود عربة همفي ملغومة جرى الاستيلاء عليها على الأرجح من القوات الحكومية) 60 مسلحا شيعيا ممن ساعدوا القوات الحكومية على استعادة البلدة التي تقع إلى الجنوب مباشرة من العاصمة، ويتأهب العراقيون لمزيد من الهجمات الطائفية على الشيعة، وكانت احداث العنف تفسد في الماضي الاستعدادات والاحتفالات الخاصة بعاشوراء، وقالت مصادر طبية وشرطية إن 15 شخصا على الأقل لاقوا حتفهم في انفجار سيارة ملغومة بوسط بغداد، ووقع الهجوم في شارع تجاري بحي الكرادة الذي يقطنه السنة والشيعة على السواء وكذلك طوائف ومجموعات عرقية أخرى.

وينظر تنظيم الدولة الإسلامية إلى الشيعة بوصفهم مرتدين يستحقون القتل وأدت الهجمات عليهم إلى عودة مستوى العنف إلى ما كان عليه عامي 2006 و2007 في ذروة الحرب الاهلية، والسيطرة على جرف الصخر ذات أهمية بالغة لقوات الأمن العراقية التي تمكنت أخيرا من طرد المقاتلين السنة بعد اشتباكات دامت شهورا، ومن شأن السيطرة على البلدة ان يتيح للقوات العراقية منع المسلحين السنة من الاقتراب بدرجة أكبر من بغداد وقطع اتصالاتهم بمعاقلهم في محافظة الأنبار في غرب البلاد وأيضا منعهم من التسلل إلى جنوب العراق الذي تسكنه أغلبية شيعية، وهددت الجماعة بالزحف إلى بغداد حيث ترابط قوات خاصة وآلاف من مقاتلي الجماعات الشيعية المسلحة المتوقع أن يبدوا مقاومة باسلة إذا تعرضت العاصمة للخطر، لكن المكاسب التي تتحقق في مواجهة الدولة الإسلامية عادة ما تكون هشة حتى في ظل دعم من الضربات الجوية الأمريكية على أهداف المتشددين في العراق وسوريا.

وقال الجيش الأمريكي إن الولايات المتحدة قادت ما يقرب من 12 ضربة جوية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بما في ذلك مدينة كوباني السورية الحدودية المحاصرة، وبينما كان جنود القوات الحكومية ومقاتلو فصائل شيعية يحتفلون بالنصر ويلتقطون صورا لجثث مقاتلي الدولة الإسلامية أمطر مقاتلو التنظيم الذين فروا إلى البساتين غربي جرف الصخر البلدة بوابل من قذائف المورتر، وقال شاهد عيان إن الهجوم الانتحاري اصاب مسلحي الجماعة الشيعية ليقتل العشرات فيما تناثرت اشلاء القتلى، والمعركة الكبيرة التالية المتوقعة ستكون إلى الغرب مباشرة في محافظة الأنبار معقل السنة، ويحاصر مقاتلو الدولة الإسلامية بلدة عامرية الفلوجة من ثلاث جهات منذ أسابيع، ويقول مسؤولو أمن إن القوات الحكومية تستعد لتنفيذ عملية لكسر الحصار، وتحقيق مكاسب في الأنبار معقل الجماعة المتشددة قد يرفع من معنويات القوات العراقية بعدما انهارت في مواجهة هجوم خاطف شنه المقاتلون في الشمال في يونيو حزيران. بحسب رويترز.

وفي اجتماع مع قادة عشائر سنية من محافظة الأنبار بثه التلفزيون الرسمي قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن البلاد بحاجة إلى جنود ينضمون إلى الجيش من أجل البقاء والدفاع عن البلاد لا لكسب قوتهم، وأضاف أنه يتعين التركيز على جبهة واحدة للهجوم بدلا من القتال على أكثر من جبهة مشيرا إلى أن "الإرهابيين" يمكنهم نقل المعركة إلى منطقة أخرى، وقال إنه يجب هزيمة "الإرهابيين" في مكان واحد ثم الانتقال إلى الجبهة الأخرى، ومن أجل تحقيق الاستقرار في العراق يتعين على العبادي وهو شيعي كسب تأييد السنة بمحافظة الأنبار الذين كثيرا ما اعتقدوا أن الزعماء الشيعة لديهم أجندة طائفية، ويدعم بعض السنة هناك الدولة الإسلامية، وواصلت جماعة الدولة الإسلامية الضغط على قوات الأمن حيث هاجمت قوات من الجيش والشرطة ومقاتلين شيعة في بلدة المنصورية شمال شرقي بغداد، وقالت الشرطة إن ستة من قوات الأمن قتلوا، وحققت قوات البشمركة الكردية تقدما أمام الدولة الإسلامية التي اعلنت الخلافة في قلب منطقة الشرق الاوسط فيما تسعى جاهدة لاعادة رسم خريطة المنطقة المنتجة للنفط.

وينصب اهتمام كبير على خطط البشمركة إرسال قوات إلى كوباني السورية المحاصرة التي يدافع الأكراد عنها في وجه هجوم قوات الدولة الإسلامية منذ 40 يوما، وقال مسؤولون أكراد عراقيون ومسؤول كردي في سوريا إنه كان من المقرر أن يتوجه مقاتلو البشمركة إلى كوباني عبر تركيا لكن ذلك تأجل، وقال المسؤول الكردي سينام محمد ممثل اكراد سوريا في اوروبا "لم يذهبوا حتى الآن، كان من المفترض أن يذهبوا، تقول (حكومة إقليم كردستان) إنها مستعدة لإرسالهم لكن لا أدري ماذا حدث، أعتقد أن المشكلة في تركيا"، وقال متحدث رسمي كردي إن القوات الكردية العراقية لن تشارك في قتال بري في كوباني لكنها ستوفر دعما بالمدفعية للأكراد هناك، ويحاول مقاتلو الدولة الإسلامية الاستيلاء على كوباني منذ أكثر من شهر ويواصلون جهودهم رغم الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة على مواقعهم ورغم مقتل المئات من مسلحيهم.

وصوت برلمان كردستان بالموافقة على إرسال قوات البشمركة إلى كوباني، وتخوض البشمركة معركة أخرى ضد الدولة الإسلامية في الشمال، واتهم مسؤول كردي سوري تركيا بالمماطلة في تنفيذ اتفاق يسمح لمقاتلي البشمركة العراقيين الأكراد بالعبور إلى سوريا للمساعدة في إنهاء حصار كوباني، وقال صالح مسلم الرئيس المشارك في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي إن مقاتلي البشمركة مستعدون منذ ثلاثة أيام للدخول إلى كوباني التي يدافع عنها أكراد سوريا، وأضاف "ولكننا لا نعرف ما يدور بينهم وبين تركيا، التأخير سببه تركيا"، والجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي هو وحدات حماية الشعب، وهو الذي يتصدى لمتشددي الدولة الإسلامية في كوباني على مدى شهر، وتتردد تركيا في الانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في مواجهة الدولة الإسلامية المنشقة على تنظيم القاعدة، ولكن بعد ضغط من جانب الحلفاء الغربيين قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بعض مقاتلي البشمركة من العراق سيسمح لهم بالانتقال إلى كوباني عبر تركيا، وقال مسؤول تركي اشترط عدم الإفصاح عن اسمه إن الأطراف المعنية ما زالت تبحث تفاصيل الاتفاق، وأضاف "تركيا جزء من هذه المناقشات، قلنا نعم من حيث المبدأ لنقل البشمركة، والبقية مجرد تفاصيل، لذا فليس من الصواب القول إننا نمنع (مرورهم)"، واندلعت اشتباكات عنيفة وتراشق متقطع بقذائف المورتر في كوباني وتصاعدت عدة أعمدة من الدخان فوق شرق المدينة حيث احتدم القتال في الأيام الماضية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/تشرين الثاني/2014 - 23/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م