اخلاقيات التغيير .. اتباع التعاليم الالهية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: لا يخلو انسان من مرجعية يتبعها في حياته وفي سلوكه، وهذه المرجعيات تشكل الاطار النظري الذي يستلهم منه الانسان صحة فعله او خطأه.

لا فرق في ذلك بين الديانات التوحيدية الكبرى، وبين الديانات والفلسفات الوضعية، المنتشرة على مساحة الارض جميعها.

الاطار النظري للافعال، ليس بالقدر الواحد الحاكم على افعال الانسان وسلوكه، فهناك من تجده مندفعا خلف هذا الاطار، يحاول تمثله والتماهي  فيه بالكامل، وهناك من يقترب قليلا او كثيرا، او يبتعد عن هذا الاطار، وهو مايفترض مستويات جديدة من توصيف او تفسير هذا القرب او هذا الابتعاد.

في الديانات التوحيدية، مقدار هذا الاستلهام يتحدد بدرجة اتباع التعاليم الدينية لكل دين من قبل المتدينين بهذا الدين، ومدى توافق سلوكهم مع الاطار النظري العام لكل ديانة.

الاسلام واحد من هذه الديانات الثلاث، الايمان الذي يجب الاعتقاد به من قبل المسلمين، يتحدد بثلاثة خصائص تشكل الاطار النظري والعملي له في حياة الانسان وسلوكه.. هذه الخصائص الثلاث يتحدث عنها المرجع الديني السيد صادق الشيرازي (دام ظله) في كتابه (نهج الشيعة.. تدبرات في رسالة الامام الصادق عليه السلام الى الشيعة) منطلقا من قول الامام الصادق عليه السلام في رسالته وهو: (واعلموا أن  أحدا من خلق الله لم يصب رضى الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد  صلوات الله عليهم ومعصيتهم من معصية الله ولم ينكرلهم فضلا عظم أو صغر). ويقرن هذه الخصائص برضا الله عز وجل من خلال توفرها في كل انسان، حيث يشرح ماورد في هذه الفقرة، بقوله: (ليس لاحد نيل رضا الله تعالى من دون اتباع تعاليمه وتعاليم رسوله وتعاليم اولي الامر وهم ال بيت الرسول (عليهم السلام).

وهم ليسوا اولوا الامر الذين افترق اليهم بقية المسلمين منذ انتقال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الى رفيقه الاعلى، وجعلوا من هؤلاء الولاة معاوية ويزيد وغيرهم ممن لفوا لفهم في حكم المسلمين والتسلط على رقابهم، وهم ليسوا ولاة الامر الذين هادنهم فقهاء الجور والاستبداد، وجعلوا طاعتهم من طاعة الله ومعصيتهم من معصيته، ليتساوى في ذلك عندهم الحسين (عليه السلام) ويزيد، حتى وصل بهؤلاء الفقهاء الى اعتبار الحسين قد قتل بسيف جده.

اذا اجتمعت هذه الخصائص الثلاث، يستمر السيد صادق الشيرازي في شرحه وتفسيره للفقرة السابقة من الرسالة  (طاعة الله وطاعة الرسول وطاعة اهل البيت (عليهم السلام) في احد، فقد اصاب رضا الله تعالى، ولن ينال احد رضا الله تعالى لو فقد احدى هذه الخصائص الثلاث).

ويضيف السيد صادق الشيرازي: (وفق الاية الكريمة (وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهكاكم عنه فانتهوا)، منطوقا ومفهوما، فان ماياتي به النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فيه الخصوصية نفسها لما ياتي به القران الكريم.ومن جملة ماجاء به الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قوله المتواتر: (علي مع الحق والحق مع علي)، وقوله (صلى الله عليه واله وسلم): (اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي اهل بيتي).

هذه الخصائص الثلاث، هي مايمكن التعبير عنه من خلال ثلاثية (المرسل – الرسول – الرسالة) وهي متعلقة ببعضها البعض، لايمكن فصل احدها عن الاخرى، ولايمكن الاكتفاء بواحدة منها بمعزل عن الاخريين، لانها خصائص ثابتة تشكل الاطار النظري الذي يرسم ويضبط حركة الانسان المسلم في هذه الدنيا، من اجل نيل رضا الله سبحانه وتعالى.

حول هذا التلازم البديهي بين الخصائص الثلاث يقول السيد المرجع: (لا يمكن القبول بالقران الكريم من دون الرسول، ولا ثمرة للايمان بالقران وبالرسول اذا كان منفكا عن الايمان بخلفائه واوصيائه).. ثم يقوم السيد المرجع باقامة تفريق كثيرا ماياتي في وارد التداخل او التشابه القسري في اذهان كثير من الناس، وهذا التفريق الذي يقوم به السيد صادق الشيرازي يتعلق برضا الله وعفوه، فهو يقول: (ان تحصيل رضا الله تعالى يختلف عن مقام العفو الرباني، فلعل الله تبارك وتعالى يعفو عن احد ولما يرض عنه.. الا ان السعي الى تحقيق رضا الله بحاجة الى احياء الخصائص الثلاث المذكورة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الثاني/2014 - 22/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م