يوميات نائب سابق

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: يشتهر ساسة الغرب بكتابة يومياتهم، عن فترة شغلهم لمناصب رسمية، او عن فترات قضائهم سنوات في احزابهم.. وهم في تلك اليوميات يميلون عادة الى الاعتراف ببعض القضايا، او كشف بعض الاسرار، او توضيح مواقف سابقة اتخذوها في فترة ماضية.. وفي تلك اليوميات يختلط العام بالخاص.. الاعتراف نوع من طلب الاعتذار او الغفران من الاخرين.

في مجتمعاتنا لم نتعود على كتابة اليوميات او المذكرات، لاننا لم نتعود على المكاشفة والصراحة مع الاخرين، قريبين منا او بعيدين، وهو جزء من سلوك عام يشترك الجميع فيه، اصحاب مناصب او الناس البسطاء، لهذا ابتلينا بالازدواجية والنفاق وكثرة الاقنعة في مجتمعاتنا.

السطور القادمة، محاولة في كتابة اليوميات، دونها احد النواب في بلدان التغيير الديمقراطي العربية، ربما يكون العراق او تكون ليبيا او تكون تونس، او حتى احد البلدان العربية الاخرى، لذا فجميع الاماكن والاحداث هي من نسج الخيال وليس لها اساس من الواقع، لاجله اقتضى التنويه..

السبت:

عدت البارحة من رحلة الحج.. لم تكن هذه المرة متعبة كالمرات السابقة. فقد حفظت الشعائر وتمرست عليها. انها المرة الثالثة التي احج فيها. اتعبني اختيار الهدايا كثيرا، اضافة الى ما أوصوني عليه. احساس رائع ان تكون في حضرة رب العالمين.. اتصل بي"....." بعد العشاء، حول عمولتي عن احد المشاريع، طلبت منه تحويلها الى حسابي في دبي.

الاحد:

اتصل بي محمود على خطي الدولي، مدير المشروع المقيم في دبي، اخبرني ان المجمع التجاري الذي اشيده بحاجة الى اموال اضافية، اخبرته ان لا يهتم فالمال في طريقه اليه.

الاثنين:

استمعت البارحة الى صوت ياتي من بعيد.. كانت اغنية لام كلثوم.. تذكرتها.. رغم ابتعادي عن سماع الاغاني منذ سنوات.. فالغناء باطل وهو من لغو الحديث.. انفعلت مع الكلمات الاتية من بعيد.. القلب يعشق كل جميل..

الثلاثاء:

اتصلت بي زوجتي من لبنان.. طمأنتني عليها وعلى الاطفال.. كانت عائدة من ال shopping ..اشترت ملابس الشتاء لها وللاطفال.. لم تكفها الخمسة الالف دولار لاكمال تسوقها.. وكانت قد اشترت سابقا كيلو ذهب من احد محلات الصاغة،.. طلبت منها الا تقصّر على الاطفال.. اخبرتني انها ستاخذهم الى مدينة الالعاب، وقد ابتاعت لهم تذاكر لحفلة اليسا..

الاربعاء:

كانت جلسة اليوم صاخبة في البرلمان.. كانت عن زيادة رواتب المتقاعدين.. كنت احد المعارضين للزيادة لانها ستكلف خزينة الدولة الكثير من المبالغ ونحن على اعتاب ازمة مالية.. اعتقد ان مايحصل عليه المتقاعدون يكفيهم، اضافة الى الحرية التي يتمتعون بها.

الخميس:

كنمت مدعوا للوليمة التي اقامها النائب "....." في جناحه الخاص في الفندق.. كثيرون من النواب والوزراء حضروا.. سهرنا حتى ساعة متاخرة من الليل.. كانت اصناف الطعام والفاكهة لذيذة.. احتاجت الى الكثير من المشروبات الغازية لهضمها.. احد الخبثاء تساءل وهو يغمز بعينه: كيف يقضي المتزوجون لياليهم وهم بعيدون عن زوجاتهم؟ ضحكنا على دعابته، وتحسسنا موبايلاتنا..

الجمعة:

اتصل بزوجتي في لبنان.. لا يوجد رد.. تذكرت هي اليوم في مدينة الالعاب.. الضجيج  يمنع من سماع الرنين.. بعد اسبوع ساكون معهم.. اشتقت الى احمد (بزر الكعدة)، والى محمود يعيش مراهقة سعيدة في لبنان.. والى شذى، ياعيني عليهه، تشبه امها..

خبر عاجل على قناة "...." : انفجار سيارة مفخخة في احد الاسواق الشعبية، والحصيلة الاولية ستون قتيلا وجريحا..

السبت:

هيأت اوراقي التي احتاج اليها.. فغدا سنناقش رواتب الاعضاء والامتيازات الاخرى التي ساطالب باضافتها الى الامتيازات الموجودة اصلا.. نتعب كثيرا في عملنا.. ونضع نصب اعيننا هموم المواطنين وحاجاتهم... فانا احد ممثليهم.. ويفترض ان يكون لي دخل محترم لكي استطيع الدفاع عن هذه الحقوق داخل قبة البرلمان..

الاحد:

اتصلت بي زوجتي من شارع الحمراء.. تبحث عن فستان للسهرة.. فزواج ابن اخيها يوم الخميس.. ولا شيء في خزائنها يليق بالمناسبة.. شاهدتني في التلفزيون اخطب في جلسة البرلمان.. (عفية عليك.. لاتنطيهم مجال).. طلبت مني ارسال الاقساط الدراسية للاطفال.. ومبلغ اخر لشراء هدية الزواج لابن اخيها.. اريد ارفع راسه امام اهل زوجته.. (لا تديرين بال.. تكاليف القاعة والزفة علي.. سارسل لك ثلاث شدات على مكتب النبال.. بوسيلي الاولاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/تشرين الثاني/2014 - 19/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م