الاحترار المناخي.. عنف من نوع آخر

 

شبكة النبأ: التغيرات المناخية المتفاقمة التي تسببت بحدوث إضرار خطيرة في النظام البيئي لكوكب الأرض، لاتزال محط اهتمام وترقب دولي خصوصا مع تزايد الأنشطة البشرية، التي يعتبرها الكثير سببا مهما في حدوث هذه التغيرات نتيجة ما يعرف بالاحتباس الحراري أو ظواهر الطقس العنيفة، وقد أدت هذه الظواهر المناخية وبحسب بعض التقارير إلى حدوث الكثير من المخاطر والإضرار التي تهدد صحة والحياة الإنسان وباقي الإحياء الأخرى، ومنها نضوب طبقة الأوزون وفقدان التنوع الحيوي والضغوط على الأنظمة المنتجة للغذاء وانتشار الأمراض المعدية بشكل عالمي، فقد قدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) وقوع 160000 حالة وفاة منذ 1950 مرتبطة بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية. والكثيرون يعتقدون أن هذه تقديرات محافظة.

ويرى بعض المتخصصين في هذا الشأن ان على المجتمع الدولي الإسراع بإيجاد خطط واتفاقات ملزمة، من اجل التغلب على هذه المخاطر او الحد منها، وهو ما اعتبره البعض الأخر أمرا مستبعدا بسبب سباق المصالح الذي يشهده العالم في شتى المجالات، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة توسيع دائرة الضغط الشعبي من اجل اجبار بعض الحكومات والدول على الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها بهذا الخصوص.

فخلال السنوات القليلة الماضية بذل العلماء جهدا كبيرا لمعرفة ما اذا كان تغير المناخ الناجم عن الانبعاثات الغازية او ما يعرف باسم البيوت الزجاجية قد زاد من حدة أنماط الطقس ومعرفة تحديد أثره على العالم.

وفي هذا الشأن فقد تظاهر مئات الالاف من الاشخاص في مدن عدة من العالم، من بينهم 310 الاف متظاهر في نيويورك وحدها، للمطالبة بتحرك عاجل لمواجهة التغير المناخي. وشارك في تظاهرة نيويورك حشد من الشخصيات العامة والوجوه الفنية، منهم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي اعتمر قبعة زرقاء وقميصا كتب عليه "انا اناصر التحرك لحماية المناخ". وشارك في التظاهرة ايضا الممثل ليوناردو دي كابريو، ونائب الرئيس الاميركي السابق آل غور، ورئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو، ووزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، ووزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال.

ورأى فابيوس ان "وجود تظاهرة كهذه في نيويورك يشير الى اننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن ما زال امامنا الكثير من العمل". واضاف "لا يمكن ان نغير شيئا الا اذا اتفق العالم بأسره على ضرورة التغيير، شعوبا وحكومات". وقال دي بلازيو "هدفنا ان ندفع باتجاه قرار حاسم في وقت سريع"، معلنا عزمه تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة في مدينته نيويورك بنسبة 80 % بحلول العام 2050، بالمقارنة مع انبعاثات العام 2005.

وكان منظمو التظاهرة يتوقعون مشاركة 100 الف شخص، لكن العدد وصل الى 310 الاف في هذا التحرك الذي اطلق عليه اسم "مسيرة الشعب من اجل المناخ"، وفقا لتقديراتهم. ولم يصدر عن الشرطة تقدير لاعداد المشاركين. وجرت التظاهرة بتنظيم من 1400 مجموعة نقابية وبيئية وعلمية وطلابية وفنية ودينية من مختلف الولايات الاميركية. كما ان بعض المتظاهرين اتوا من الهند وزيمبابوي والسنغال ومن جزر مارشال في المحيط الهادئ المهددة بالغرق تماما جراء ارتفاع منسوب المحيطات الناجم عن التغير المناخي.

وقالت سيدة من جزر مارشال اتت مع اولادها للمشاركة "لا يمكننا ان ننتظر أكثر من ذلك، نحتاج الى تحرك عاجل". ورفع المتظاهرون شعارات منها "حافظوا على امنا الارض"، ولافتات منددة بالطاقة الملوثة، وطالبوا بعضهم بوقف استخراج الغاز الصخري، والبعض الآخر بوقف النشاطات النووية. ومن اللافتات المرفوعة ايضا "التغير المناخي يطالنا جميعا"، و"لنتحرك بشكل عاجل لانقاذ كوكبنا". وضمت التظاهرة اعدادا كبيرة من الطلاب، والعائلات، والنقابات، والمدافعين عن البيئة، والسكان الاصليين باللباس التقليدي، واجتمعوا كلهم حول شعار "نريد افعالا لا اقوالا". بحسب فرانس برس.

وشهدت مدن عدة تظاهرات مماثلة وان كانت اقل عددا، فقد سجل خروج عشرات الالاف من المتظاهرين في لندن وبرلين وباريس وستوكهولم وملبورن ونيودلهي ومدريد وريو دي جانيرو. ووفقا للمنظمين، فقد 2500 تظاهرة جرت 158 دولة شارك فيها ما مجموعه 580 الف شخص.

أضرارا كبيرة

في السياق ذاته قالت مسودة تقرير للأمم المتحدة إن التغيرات المناخية قد يكون لها آثار "خطيرة وواسعة ولا يمكن تغييرها" على الانسان والطبيعة. وتنص مسودة التقرير على أنه ما زال هناك وقت أمام الحكومات لتفادي الأسوأ. وسيجتمع مبعوثون من أكثر من مئة حكومة وعلماء كبار في كوبنهاجن لتنقيح التقرير الذي يهدف إلى أن يكون الدليل الرئيسي للدول التي تعمل على التوصل الى اتفاق تحت رعاية الأمم المتحدة لمواجهة آثار التغير المناخي خلال قمة تعقد في باريس بنهاية عام 2015.

واتفق زعماء الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على خفض الانبعاثات بحلول عام 2030 بأقل من 40 بالمئة من معدلات عام 1990 بالتحول من الوقود الحفري إلى الطاقة المتجددة كما حثوا الدول الأخرى المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة على أن يحذوا حذوهم. وقال وزير بيئة بيرو مانويل بولجار فيدال "التقرير سيكون دليلا بالنسبة لنا." ومن المقرر أن يستضيف فيدال اجتماع الأمم المتحدة لوزراء البيئة في ليما بنهاية عام 2014 لتمهيد الطريق أمام قمة باريس. وأضاف أن مسودة التقرير التي أعدتها لجنة حكومية دولية للتغير المناخي -معتمدة على ثلاثة تقارير علمية نشرت منذ سبتمبر أيلول عام 2013- ستوضح الحاجة لعمل عاجل وطموح خلال السنوات المقبلة. بحسب رويترز.

وفي فقرة توجز المخاطر تقول مسودة التقرير إن الارتفاع المستمر في انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم "يزيد من احتمال أن تكون هناك نتائج خطيرة ومنتشرة ولا يمكن تغييرها على الناس والنظام البيئي." وتضيف مسودة التقرير أن الخفض "الكبير والثابت في انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري يمكن أن يحد من مخاطر التغير المناخي."

مخاطر فورية

في السياق ذاته حذر البنتاغون من ان ارتفاع درجات الحرارة بشكل عام والذوبان السريع للجليد وعوامل اخرى في تغير المناخ تطرح "مخاطر فورية" على الامن القومي للولايات المتحدة وعملياتها العسكرية والانسانية في العالم. وفي تقرير قدمته كخارطة طريق للتأقلم مع التغير المناخي، قالت وزارة الدفاع الاميركية انها بدأت تنظم نفسها كي لا تتأثر مهماتها بارتفاع مستوى المياه وبالكوارث الطبيعية او شح المياه والمواد الغذائية في الدول النامية.

واعتبر البنتاغون ان "التغير المناخي سيؤثر سلبا على قدرة الوزارة على الدفاع عن الامن ويطرح مخاطر فورية على الامن القومي للولايات المتحدة". واضاف ان "مناخا يتغير ستكون له تداعيات حقيقية على جيشنا وعلى الطريقة التي ينفذ فيها مهماته". وتهدف خارطة الطريق هذه الى التأقلم مع التغير المناخي عبر أخذ هذه المخاطر بالحسبان في جهود الحرب والخطط الاستراتيجية للدفاع والشكل الذي يعمل فيه الجيش على تخزين او نقل مواده.

ورسم وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل صورة قاتمة عن ذوبان الجليد والعواصف الهوجاء والمحاصيل السيئة الناتجة من التصحر الذي يضر بملايين الاشخاص ويمكن ان "يؤدي الى موجات كثيفة من الهجرة". وقال "لقد شاهدنا اصلا مثل هذه التطورات تحصل في مناطق اخرى من العالم وتوجد علامات مقلقة تجعلنا نعتقد ان التغير المناخي قد يؤثر بشكل خطير على استقرار قارتنا". واضاف "انه يمكن تقييم استعداد جيوشنا وتعزيز قدراتنا". واوضح ان "الكوارث الطبيعية التي باتت اكثر حضورا وكثافة قد تتطلب مزيدا من الدعم لقدراتنا المدنية ومزيدا من المساعدات الانسانية". بحسب فرانس برس.

واشار الى ان هذه التحديات قد تؤدي الى اسقاط حكومات هي اصلا ضعيفة وقد "تفتح الطريق امام ايديولوجيات متطرفة وتؤمن ظروفا لتشجيع الارهاب". وبالنسبة لمؤتمر الامم المتحدة حول المناخ الذي سيعقد في وقت لاحق ، اعتبر تشاك هيغل ان "وزراء الدفاع يجب ان يشاركوا في هذه المناقشة العامة".

تحمل المسؤولية

الى جانب ذلك دعي زعماء العالم الى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة الاحترار المناخي الذي يهدد العالم وذلك خلال قمة تاريخية انعقدت في الامم المتحدة. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امام اكثر من 120 من زعماء العالم المجتمعين في مقر المنظمة الدولية في نيويورك "اطالبكم بالتحلي بروح الريادة" مضيفا "لسنا هنا لكي نتحدث، نحن هنا لكتابة التاريخ".

واوضح ان "التغييرات المناخية تهدد السلام المكتسب غاليا والرخاء وفرص النجاح لمليارات الاشخاص" مشيرا الى انه مع نهاية القرن "يجب ان لا تكون انبعاثاتنا من الكربون اكثر مما يمكن لكوكبنا ان يمتصه". ودعا خصوصا الحكومات الى ضخ مائة مليار دولار سنويا في الصندوق الاخضر للمناخ. والمانيا هي الدولة الوحيدة حتى الان التي قدمت مساهمة كبيرة بمليار دولار، في حين وعدت فرنسا بتقديم مليار دولار.

وهذه القمة التي يحضرها اكثر من 120 رئيس دولة وحكومة تهدف الى تسهيل التوصل الى اتفاق ملزم في مؤتمر باريس المقرر عقده في كانون الاول/ديسمبر 2015 ويشمل المرحلة الحاسمة القادمة في مفاوضات المناخ. والاتفاق الذي سيعتمد في باريس سيدخل حيز التنفيذ عام 2020.

وقال الامين العام للامم المتحدة "اطلب من كل الحكومات التعهد بابرام اتفاق عالمي مهم بشان المناخ في باريس في كانون الاول/ديسمبر 2015 والقيام بكل ما في وسعها لقصر ارتفاع حرارة العالم على اقل من درجتين مئويتين" وهو الهدف الذي حدد في كوبنهاغن. ويقول العلماء انه اذا ما بقيت انبعاثات غازات الدفيئة ومنها غاز الكربون على مستواها الحالي فان حرارة الارض سترتفع بنسبة اربع او خمس درجات مع نهاية القرن الحالي ما سينجم عنه ظواهر جوية خطيرة وارتفاع مستوى مياه البحار.

في هذا الاطار حصل بان كي مون على دعم النجم السينمائي الاميركي ليوناردو دي كابريو الذي تلاه على المنصبة مؤكدا ان "الهواء النقي والمناخ الصحي من الحقوق الاساسية للانسان" وان الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة "سياسة اقتصادية سليمة". وحث بطل "تايتانك" الذي عينته الامم المتحدة مؤخرا رسول سلام للمناخ زعماء الدول على "مواجهة اكبر تحد للبشرية بشجاعة وشرف". وقال "اكسب قوتي بالتمثيل لكن انتم لا يمكنكم ان تسمحوا لانفسكم بذلك".

رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو ذكر ان هذا الموضوع "اكثر الحاحا" بالنسبة لمدينته حيث تسبب الاعصار ساندي منذ عامين في فيضانات كارثية ادت الى مصرع 44 شخصا. ووعد بان تخفض المدنية انبعاثاتها الملوثة بنسبة 80% قبل عام 2050. وعلى الاثر توزع الزعماء المشاركون في القمة على ثلاث جلسات موسعة موازية للتباحث وتحديد مواعيد للقاء تمهيدا لمؤتمر باريس. وتشارك ايضا في القمة اكثر من 200 مؤسسة يمكن ان تعلن عن شراكات ومبادرات ملموسة. بحسب فرانس برس.

لكن عدم مشاركة اثنين من اكبر ثلاثة ملوثين في العالم مع الولايات المتحدة، وهما الهند والصين، على مستوى زعيميهما يلقى ظلالا من الشك على نجاح هذه القمة. فمنظمة اوكسفام غير الحكومية اعتبرت ان "قلة فقط من الحكومات ستكون قادرة على اتخاذ تعهدات حقيقية" بالارقام. موضحة ان المبادرات التي قد تتخذ في هذه المناسبة من قبل القطاع الخاص او المؤسسات او الشركات "ستكون مفيدة لكنها لن تكون كثيرة او حاسمة" التاثير. صندوق الاخوين روكفلر للاستثمار الذي يملك 840 مليون دولار اعلن انه سيتخلى عن اثنين من انواع الطاقة الشديدة التلويث، الفحم والرمال الزفتية، فيما وعد رئيس آبل تيم كوك بالتركيز من الان فصاعدا على الاستثمارات الاكثر احتراما للبيئة.

المال وتغير المناخ

على صعيد متصل قال أحد مؤسسي جماعة تعمل مع مستثمرين إن التحرك المتزايد من جانب أفراد ومؤسسات لبيع أسهم مرتبطة بالوقود الحفري لديه القدرة على تحفيز الجهود العالمية لوقف التغير المناخي. وتلقى هذا التحرك دفعة حينما أعلنت أسرة روكفيلر التي بنت ثروتها من النفط وغيرها من محبي الإحسان والأغنياء عن تعهدهم بسحب استثمارات مجملها 50 مليار دولار من قطاع الوقود الحفري. وقال تشاك كولينز المشارك في تأسيس منظمة دايفست إنفست إنديفيديوال التي تدعم الأفراد الذين يريدون سحب استثماراتهم من الوقود الحفري "هذه نقطة تحول في الحركة.. إنها اعتراف بأن هيئاتنا السياسية أخفقت في الاستجابة لوتيرة التغير المناخي."

وبينما استمر بعض الساسة في مناقشة ما إذا كان التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري موجودا بالفعل فإن التحرك الرامي لسحب الاستثمارات يشير إلى تحول قد يصبح مهما ومن شأنه أن يساعد في تشكيل تكتل مهم من البشر لا يقتصر نشاطهم على المطالبة بالتحرك في موضوع التغير المناخي ولكن في وضع أموالهم بحسب المواقف التي يتبنونها. وقال كولينز "الناس سيصوتون بدولاراتهم.. إن تحرك الأفراد سيدعم الجهود المؤسسية لوقف التغير المناخي.. وسيساعد في بناء سوق للاستثمارات البعيدة عن الوقود الحفري." وتطلب منظمة دايفست إنفست إنديفيديوال من الناس تقديم تعهد ينص على ان قيمة الاستثمارات الشخصية التي يعتزمون اجراءها أو التي أجروها بالفعل لا تشمل الوقود الحفري.

والهدف هو سحب استثمارات من كبرى شركات النفط والغاز والفحم البالغ عددها 200 وإعادة استثمار الأموال في مشاريع للطاقة المتجددة والتنمية الاقتصادية المتواصلة. ويأمل القائمون على الحملة أن تساعد آلية سحب الاستثمار وإعادة الاستثمار في المساعدة في إحياء الاستثمار في الطاقة النظيفة. وبلغ حجم الاستثمار في الطاقة النظيفة أعلى مستوى له في عام 2011 عند 318 مليار دولار. ولكنه تراجع منذ ذلك الحين.

وتأسست حركة سحب الاستثمار من الوقود الحفري عام 2011 في ست جامعات حيث دعا الطلاب كلياتهم لسحب الأوقاف المتعلقة بالفحم والغاز الطبيعي والنفط. ومنذ يناير كانون الثاني الماضي زاد إلى أكثر من المثلين تعهد الجامعات والكنائس والبلديات والمستشفيات وصناديق التقاعد والأفراد في الولايات المتحدة وفي الخارج ليصل إلى 180 كيانا بحسب مكتب أرابيلا الاستشاري الخيري. وانضم كذلك أكثر من 650 فردا منهم الممثل مارك روفالو الذي لعب البطولة في فيلم (أفينجرز). بحسب رويترز.

وفي أكبر خطوة لسحب الاستثمارات في القطاع الأكاديمي تعهدت جامعة ستانفورد في مايو أيار 2014 بأن أموال الوقف البالغة قيمتها 18.7 مليار دولار لن تستخدم بعد الآن في الاستثمار في مجال الفحم. ولكن جامعات أخرى كهارفارد وجامعة كاليفورنيا قالتا إنهما ستبقيان على الاستثمار في مجال النفط والغاز الطبيعي والفحم. وشبه كولينز هذه الحملة بحملة من جانب حركة مناهضة الفصل العنصري في الثمانينات بسحب الاستثمارات من الشركات التي لها أعمال في جنوب أفريقيا. ووصف دزموند توتو كبير الأساقفة في جنوب أفريقيا وهو من أقوى مؤيدي حركة سحب الاستثمار وإعادة الاستثمار التدمير البيئي بأنه "تحدي حقوق الإنسان في وقتنا" مشددا على أن الفقراء هم من يتحملون وطأة التغير المناخي.

البشر والظواهر المناخية

من جانب اخر يأمل علماء المناخ ان يقولوا للعالم رأيا نهائيا فيما اذا كان ارتفاع درجة حرارة الارض او ما يعرف بالاحتباس الحراري له يد في ظواهر الطقس العنيفة وذلك بفضل مبادرة يأملون اطلاقها عام 2015. وخلال السنوات القليلة الماضية بذل العلماء جهدا كبيرا لمعرفة ما اذا كان تغير المناخ الناجم عن الانبعاثات الغازية او ما يعرف باسم البيوت الزجاجية قد زاد من حدة أنماط الطقس ومعرفة تحديد أثره على العالم.

وتقود المبادرة منظمة الصحافة العلمية وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة لتسريع هذا التحليل بالتعاون مع مركز الصليب الاحمر والهلال الاحمر للمناخ وعلماء جامعة أوكسفورد والمعهد الملكي الهولندي للارصاد الجوية وآخرين. وأظهرت مراجعة لستة عشر حدثا طقسيا عام 2013 ان تغير المناخ الذي يتسبب فيه البشر زاد بشكل واضح من حدة وامكانية حدوث موجات حارة خضعت للتحليل شملت استراليا واليابان والصين.

وقال الباحثون انه في عوامل أخرى منها الجفاف والامطار الغزيرة والعواصف كان رصد الانشطة البشرية المسؤولة أكثر صعوبة. ولعب التغير المناخي الذي يسببه البشر دورا في بعض الاحيان لكن تأثيره كان أقل وضوحا وكانت العوامل الطبيعية هي الغالبة. وفي عام 2004 قدم فريق من العلماء البريطانيين بحثا قدروا فيه ان تأثير الانسان ضاعف على الاقل مخاطر موجات الحر مثل تلك التي ضربت أوروبا في صيف عام 2003 وتسببت في وفاة عشرات الالاف. بحسب رويترز.

ومنذ ذلك الوقت زادت رغبة العلماء في معرفة ما اذا كانت الانبعاثات التي يسببها الوقود الاحفوري تفاقم من احوال الطقس وما اذا كانت الاحوال الجوية الحادة قد زادت. والمراجعة التي نشرت في دورية الجمعية الامريكية للارصاد الجوية هي ثالث دراسة سنوية من هذا النوع. وفي عام 2011 أصدرت لجنة التعاون بين الحكومات بشأن التغير المناخي تقريرا قالت فيه انه من المرجح بما يزيد على الثلثين ان درجة الحرارة القصوى والدنيا في العالم زادت بالفعل بسبب تأثير البشر وهو ما حدث ايضا لمستويات البحر والأمواج التي تضرب السواحل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تشرين الأول/2014 - 5/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م