عاشوراء.. من قاموس الامام الشيرازي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: منذ استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف، وعاشوراء تستوطن في الوجدان الشيعي، استذكار واستحضارا لتلك اللحظة التاريخية، ولجميع ما مثلته من قيم وفضائل، هي الاكثر قربا الى فطرة الانسان التي اودعها الخالق سبحانه وتعالى فيه.

فهي تمثل وفق منظور الفطرة الانسانية السليمة، تحديا للظلم وثورة عليه، وتحديا لانتهاك حرية الانسان وثورة لاستعادتها، وتحديا للاستبداد وثورة لكسر شوكته، وتحديا لمصادرة الاسلام وثورة لاستعادته، وتحديا للرذائل وثورة لاحياء الفضائل، وهي تحدي لكل المعوج الذي طرأ على الواقع الاسلامي وثورة لاصلاحه وتقويمه.

انها في الوجدان الشيعي كل ذلك وغيره، لهذا هي حاضرة ومستوطنة فيه، تفرش ظلها المستديم على هذا الوجدان، ليس فقط في شهرين من العام الهجري، بل هي ممتدة الى جميع الشهور، من خلال تفاعل الاخرين مع كل ما يرتبط بالامام الحسين (عليه السلام).

في كتابه (الاستفادة من عاشوراء) يؤكد الامام الراحل محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) على القيم والفضائل التي تمثلها عاشوراء في الوجدان الشيعي، وهو الذي تمثل قيمها النبيلة تمثلا تاما واندغم فيها، تحديا وثورة واصلاحا، لواقع المسلمين وعليه ولاجله.

فهو يطالب في كتابه تركيز جملة من القيم هي: (الإيمان والفضيلة والتقوى والمثل الأخلاقية الرفيعة في المسلمين، وتوسعة دائرتها).

وهذا التركيز تكون من نتيجته ان يمنح الحصانة للمسلمين من جميع الامراض النفسية التي انتشرت في العالم المادي، أي بعبارة اخرى، ان تلك القيم هي عودة الى الروح الحقيقية للاسلام.. وهذه المناسبة ايضا، (منطلقاً للإرشاد والتبليغ ونشر أحكام الله وتعاليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الداعية إلى الحياة الطيّبة عبر تطبيق الشورى وإطلاق الحريات الإسلامية والأمة الواحدة والأخوّة الإسلاميّة والسلام، وعبر تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

ثم هي ايضا، منطلقا للاهتمام بالانسان، ذكرا او انثى، ولجميع المراحل العمرية، (الشباب والنساء والعجزة والأطفال).

وهي ايضا مناسبة لارجاع الحقوق الإنسانية التي سلبها الاستبداد في انظمة الحكم، وعاشوراء مناسبة لحل المشاكل السياسية التي تعاني منها الأمة، والتي منها:

أولاً: مشكلة الإستبداد والدكتاتورية السائدة في العالم الثالث، وفضح الطواغيت الذين اتَّخذوا عباد الله خولاً وماله دولاً ودينه دغلاً.

ثانياً: العنصرية التي تعاني منها أغلب بلاد العالم ـ حتى التي تطلق على نفسها المتحضّرة. فالتمييز العنصري والفروق اللغوية والجغرافية والقومية والعرقية هي الحاكمة في عالم اليوم.

ثالثاً: إخماد نار الحروب في البلاد الإسلامية التي أضرمتها الدوائر الإستعمارية في بلادنا ومنذ خمسين عاماً، فإن 80% من صراعات العالم مسرحها الدول الإسلامية.

رابعاً: إيحاد المؤسسات الإنسانية لإنقاذ بني الإنسان من الجوع والفقر والمرض وأمثال ذلك.

كما ان الاستفادة من عاشوراء يتم من خلال ( إزالة المنكرات، أو التقليل ـ على الأقل ـ من شيوعها وانتشارها، حسب المقدور).

ويمكن الاستفادة من عاشوراء حسب الامام الراحل، (في التأكيد على ضرورة العودة إلى الإسلام وإلى أحكامه وشعائره).

ومن جملة الاستفادة من عاشوراء، هداية غير المسلمين، توسيع دائرة التبليغ لتشمل غير المسلمين، والحث على التكافل الاجتماعي، والاهتمام بالمؤسسات وترميمها، والحث على الكسب والاكتساب، من خلال تحسين الشؤون الاقتصادية للمسلمين، جمع التبرعات.

ويتحدث الامام الراحل عن المجالس الحسينية ومهامها في هذه المناسبة، وهي:

(تقويم الانحراف وهداية الناس إلى الحياة السليمة - إرجاع قاعدة (السبق والحيازة) إلى التنفيذ - إرجاع قاعدة (السلطنة على النفس والمال) إلى حيز التطبيق).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/تشرين الأول/2014 - 4/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م