أسيا على رمال متحركة من التطرف

 

شبكة النبأ: ان تنافس التنظيمات المتطرفة ذات التفسير الإسلامي المتشدد له ما يبرره، فقارة اسيا التي تضم دولا كبيرة يعيش فيها مئات الملايين من المسلمين، إضافة الى طوائف واديان أخرى، ويمكن ان تتحول بلدان مثل الهند وباكستان وإندونيسيا وماليزيا وغيرها، مصدر رئيسي لإمداد التنظيمات الجهادية (مثل تنظيم الدولة الإسلامية، القاعدة) بالمقاتلين المتشددين، سيما وان تقارير استخبارية عالمية، أشارت الى تنامي الرغبة بين صفوف المسلمين (السنة) بالانخراط ضمن صفوف هذه التنظيمات، سواء بالبقاء داخل بلدانهم (الخلايا النائمة)، او بالسفر نحو مناطق القتال في سوريا والعراق، وقد شكل اعلان القاعدة لفرعها في الهند والدول المجاورة لها، بداية الازمة التي اقلقت دول اسيا من خطر تنامي الحركات الإسلامية المتطرفة التي باتت تجذب المزيد من المقاتلين.

وقال الاميرال صامويل لوكلير الذي يرأس قيادة القوات المسلحة الأمريكية في منطقة المحيط الهادي إن نحو 1000 مجند من الهند إلى منطقة المحيط الهادي انضموا إلى القتال في سوريا والعراق، ولم يحدد الدول أو يقدم إطارا زمنيا، وقال لوكلير للصحفيين في مقر وزارة الدفاع (البنتاجون) "هذا العدد يمكن ان يصبح أكبر بمضي الوقت"، وبالإضافة إلى الهند فإن مسؤولية قيادة منطقة المحيط الهادي ومقرها هاواي تغطي 36 دولة من بينها استراليا والصين ودول أخرى في منطقة المحيط الهادي، ولا تغطي هذه القيادة باكستان، ويقول محللون أمنيون إنه في هذه المنطقة بايع الآلاف الدولة الإسلامية فيما تستغل الجماعات المتشددة المحلية تسجيلات فيديو على الإنترنت ونداءات للجهاد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول مسؤولون أمنيون إن هذا الأمر له تداعيات مثيرة للقلق بالنسبة للمنطقة لاسيما عندما يعود المقاتلون الذين اشتد عودهم نتيجة للمعارك إلى أرض الوطن قادمين من الشرق الأوسط.

واستغلت التنظيمات الإرهابية الخلافات الدينية والمذهبية بين المسلمين والأديان الأخرى من اجل تعزيز موقفها الجهادي واستقطاب الساخطين من الضغوط التي يتعرض لها المسلمين في بلدان لا تسير وفق قواعد الإسلام، كما حدث في استقطاب الاوربيين (المسلمين او من ينتمون الى أصول اسيوية او افريقية)، كما يرى بعض الخبراء، وتم ذلك من خلال اقناعهم بدولة الخلافة الإسلامية المفترضة والتي استطاع ما يسمى (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش) اقامتها على مساحات واسعة من العراق وسوريا، فيما تبدو، حتى الان، الدول الاسيوية غير جدية في مجابهة المخاطر المحدقة بها، مع تنامي هذه التيارات من الداخل، الامر الذي قد يؤدي مستقبلا الى نكسة امنية كبيرة في اكبر قارة في العالم، خصوصا على المستوى الاقتصادي.

الهند

فقد دعت جماعة اسلامية هندية متشددة تعمل من باكستان إلى شن هجمات على غير المسلمين في منطقة جنوب آسيا ردا على غارات جوية تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا على تنظيم الدولة الإسلامية، وحث زعيم جماعة أنصار التوحيد في بلاد الهند وهي جماعة غير معروفة المسلمين على قتل الأجانب ومن وصفهم "بالكفار" الآخرين في المنطقة التي يغلب على سكانها الهندوس والتي ابتعد مسلموها عن الجهاد إلى حد بعيد، وقال مولانا عبد الرحمن الندوي الهندي في مقطع فيديو مدته 30 دقيقة ونشر على الانترنت "إذا كنت في موضع يسمح لك بقتل أمريكي أو أوروبي سواء كان فرنسيا أو أستراليا أو كنديا أو غيرهم من الكافرين الذين أعلنوا الحرب على الدولة الاسلامية فافعل"، وقال محللون أمنيون هنود إن مولانا عبد الرحمن اسم مستعار للجهادي الهارب سلطان عبد القادر ارمار والذي كان يعيش في جنوب الهند قبل أن ينتقل إلى باكستان، وقال الهندي في إشارة إلى الهندوس "اقتلوا عبدة الأوثان حيث وجدتموهم"، ويأتي ظهور جماعة هندية متشددة تتحالف مع الدولة الاسلامية بعد أسابيع من اعلان تنظيم القاعدة عن تأسيس جناح له في الهند.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن تنظيم القاعدة سيجد صعوبة بالغة في تجنيد أعضاء في بلاده التي أشاد بمسلميها ووطنيتهم، وكان التنظيم قد أعلن عن إنشاء أول جناح له في جنوب آسيا، وبعد أيام أعلن مسؤوليته عن خطف سفينة حربية باكستانية، وقال مودي إن مسلمي الهند أناس وطنيون لن يخونوا بلدهم، ومودي قومي هندوسي انتخب في مايو أيار الماضي ويواجه انتقادات لصمته أمام أحداث اعتبرها المسلمون معادية لهم، وقال رئيس الوزراء "مسلمو الهند سيحيون من أجل الهند وسيموتون من أجل الهند، هم لا يريدون أن يمس الهند سوء، إذا ظن أحد أن مسلمي الهند سينقادون له فهو واهم". بحسب رويترز.

وقالت القاعدة في بيان إنها تهدف لإنهاء معاناة المسلمين في أماكن مثل كشمير حيث اندلع تمرد عنيف ضد حكم نيودلهي في التسعينات ولا تزال مشاعر الاستياء واضحة، ومودي شخصية مكروهة بين الجماعات الإسلامية منذ فترة طويلة بسبب أحداث العنف الطائفية التي وقعت عام 2002 حين كان رئيسا لوزراء ولاية جوجارات وقتل فيها أكثر من ألف شخص معظمهم مسلمون، ويشكل المسلمون ما يصل إلى 15 في المئة من سكان الهند ويقدر عدهم بنحو 175 مليون نسمة مما يجعل الهند ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين، وحين سئل مودي عن سبب عدم انضمام مسلمين هنود لتنظيم القاعدة باستثناء فئة قليلة وصف رئيس الوزراء الخطر الذي يمثله التشدد الإسلامي بأنه لا يتعلق بدولة أو عرق وإنما هو قتال بين "الإنسانية واللاإنسانية"، من جهة أخرى قال مودي قبل زيارة للولايات المتحدة يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العلاقات بين واشنطن والهند التي كانت حليفا للاتحاد السوفيتي السابق إبان الحرب الباردة ستستمر في التحسن، وقال "منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين ونحن نشهد تغيرا كبيرا، هذه العلاقات ستتعمق أكثر".

باكستان

من جهته أعلن جناح القاعدة في جنوب آسيا مسؤوليته عن خطف سفينة حربية باكستانية ومحاولة استخدامها في إطلاق صواريخ على السفن الحربية الأمريكية في بحر العرب في أول هجوم كبير تشنه الجماعة التي تشكلت حديثا، ونقل موقع سايت الذي يراقب الجماعات المتشددة عن أسامة محمود المتحدث باسم الجناح قوله إن مجموعة تابعة للتنظيم نجحت في السيطرة على الفرقاطة الباكستانية ذو الفقار وحاولت استخدامها في مهاجمة سفن حربية أمريكية قريبة، وقال المتحدث "هؤلاء المجاهدين سيطروا على السفينة الباكستانية وكانوا يتقدمون صوب الأسطول الأمريكي عندما أوقفهم الجيش الباكستاني"، وأضاف "النتيجة أن المجاهدين أسد الله الزائدين عن الأمة ضحوا بأرواحهم في سبيل الله وأن الجنود الباكستانيين أفسدوا آخرتهم بأن ضحوا بحياتهم دفاعا عن أعداء الأمة الأمريكيين".

وقال موقع سايت إن محمود قدم صورة وبيانا مفصلا عن الفرقاطة ذو الفقار، ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من سلاح البحرية الباكستانية أو المكتب الإعلامي للجيش، والقاعدة البحرية الباكستانية على بحر العرب منشأة مهمة من الناحية الاستراتيجية وتقع في قلب التعاون الأمريكي الباكستاني في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والتهريب، ويأتي الهجوم الفاشل في وقت تشعر فيه القوى الإقليمية بالقلق إزاء استقرار المنطقة بينما تواصل القوات التي تقودها الولايات المتحدة الانسحاب من دولة أفغانستان المجاورة الأمر الذي يمكن أن يتسبب في ثغرة أمنية يستغلها المتمردون، ويبين الهجوم الذي استمر عدة ساعات إلى أي مدى يستطيع المتشددون الإسلاميون أن يضربوا في قلب الأجهزة الأمنية الباكستانية الضخمة ويثير تساؤلات عن قدرة الدولة النووية على حماية منشآتها. بحسب رويترز.

وكانت طالبان الباكستانية المتحالفة عن قرب مع القاعدة قالت إن الهجوم الذي وقع في السادس من سبتمبر أيلول نفذ بمساعدة مخبرين، وفي وقت لاحق ألقت السلطات الباكستانية القبض على عدد من أفراد سلاح البحرية للاشتباه بتعاونهم مع المهاجمين، وأعلنت القاعدة تشكيل الجناح الجديد في الرابع من سبتمبر أيلول مع وعد من زعيمها أيمن الظواهري بنشر الحكم الإسلامي وكذلك "رفع راية الجهاد" في جنوب آسيا حيث يعيش نحو 400 مليون مسلم، ويقول محللون إن هذه الخطوة جزء من خطة القاعدة للاستفادة من الانسحاب المقرر للقوات الأمريكية من أفغانستان وزيادة نفوذها في أفغانستان وباكستان وكذلك الهند، ويأتي الهجوم أيضا على خلفية عملية واسعة قام بها الجيش الباكستاني ضد متشددي طالبان في منطقة وزيرستان الشمالية بعد هجوم أوقع قتلى على مطار كراتشي في يونيو حزيران.

بنغلادش

من جانبها خففت محكمة بنغلادش العليا عقوبة اعدام صادرة بحق قيادي اسلامي كبير الى السجن المؤبد، متراجعة عن حكم اثار في العام الفائت اعمال عنف سياسية من بين الاكثر دموية في تاريخ البلاد، واعلن النائب العام محبوبي علم للصحافة ان دلوار حسين سيدي نائب زعيم الجماعة الاسلامية الذي يعد من اهم وجوه المعارضة سيمضي "ما تبقى من حياته" في السجن، واضاف "اعتقدنا ان المحكمة ستؤكد عقوبة الاعدام"، واعرب محامو المتهم عن الاستياء من القرار، علما ان الداعية الاسلامي البالغ 74 عاما ادين في العام الفائت بثماني تهم من بينها القتل والاغتصاب واضطهاد افراد من الاقلية الهندوسية اثناء الحرب الدامية في 1971 بين بنغلادش وباكستان التي كانت دكا تتبع لها تحت مسمى باكستان الشرقية.

وصرح خاندكر محبوب حسين للصحافيين "كان ينبغي تبرئته من جميع التهم لان القضية شهدت الكثير من العناصر المثيرة للجدل"، واثار الحكم الصادر في شباط/فبراير عن محكمة لجرائم الحرب تظاهرات دامية ادت الى مقتل اكثر من 100 شخص ودفعت بالبلاد الى ازمة سياسية كبرى، وتم تعزيز الامن استعدادا لقرار المحكمة فنشر الاف الشرطيين وعناصر القوات شبه العسكرية في كبرى مدن البلاد، وكان الداعية سيدي الذي كان يتبعه ملايين الاشخاص صرح ان الحكم بالاعدام الصادر بحقه تقرر تحت تاثير "الملحدين" والمتظاهرين الموالين للحكومة الذين طالبوا باعدامه.

وقالت شرطة بنجلادش إنها اعتقلت بريطانيا عمره 24 عاما للاشتباه في تجنيده مقاتلين في صفوف الدولة الاسلامية في سوريا، وقال منير الإسلام القائد المشترك لفرقة التحريات والمباحث الجنائية ان المشتبه به ساميون رحمن وهو من سكان لندن وصل إلى بنجلادش في فبراير شباط لتجنيد مقاتلين للدولة الاسلامية ولجبهة النصرة التابعة للقاعدة، وقال منير الاسلام في مؤتمر صحفي في داكا "كان يخطط لتجنيد وارسال فريق من بنجلادش للقتال في سوريا"، وذكرت الشرطة ان رحمن اعترف بانه كان يحاول تجنيد مقاتلين وان لم يتضح ما اذا كان نجح في مسعاه، وأضافت انه كان يخطط أيضا لاقامة شبكة للمتشددين في بنجلادش وميانمار المجاورة. بحسب رويترز.

وسيطرت الدولة الاسلامية على مناطق شاسعة من سوريا والعراق خلال الاسابيع القليلة الماضية وتتعرض لحملة قصف جوي تقودها الولايات المتحدة، ويجيء اعتقال رحمن في بنجلادش وسط مخاوف من سعي الدولة الاسلامية الى تجنيد مقاتلين من جنوب وجنوب شرق اسيا لمساعدتها على اقامة الخلافة الاسلامية في المناطق التي تسيطر عليها، وقال سكان إنه ظهرت مؤخرا الدعاية التي يروج لها التنظيم المتشدد في مناطق من باكستان وشرق أفغانستان، وأعلنت جماعة واحدة على الاقل منشقة على طالبان الباكستانية تأييدها للدولة الاسلامية كما رفعت رايتها في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من كشمير ورصدت كتابات مؤيدة لها على الحوائط، ويعتقد مسؤولون أمنيون ومحللون ان أكثر من مئة شخص من اندونيسيا وماليزيا وجنوب الفلبين انضموا الى الدولة الاسلامية في العراق وسوريا.

اليابان

فيما نسب قائد القوات الجوية اليابانية السابق توشيو تاموجامي إلى مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية قوله إن تسعة يابانيين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية لكن كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية قال إنه لم يتم التأكد من تلك المعلومة، وقال تاموجامي وهو الآن مسؤول كبير في حزب سياسي جديد على مدونته إن نسيم بن شطريت المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية أبلغه أن تسعة يابانيين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية، وعندما سئل عن احتمال انضمام مواطنين يابانيين للتنظيم قال يوشيهيدي سوجا كبير أمناء مجلس الوزراء خلال مؤتمر صحفي اعتيادي "الحكومة لم تؤكد مثل هذه المعلومة"، وقال تاموجامي إنه لم يحصل على أي تفاصيل باستثناء عدد المنضمين اليابانيين خلال اجتماعه مع نسيم بن شطريت وهو سفير إسرائيلي سابق في اليابان، وقال تاموجامي "لم أعرف أي شيء أكثر، التزم (هو) الصمت"، وتظهر مدونة تاموجامي أن الاجتماع حدث يوم 12 سبتمبر أيلول في إسرائيل. بحسب رويترز.

كما اعلن متحدث باسم الحكومة اليابانية ان الشرطة تستجوب يابانيا مسلما عمره 26 عاما يشتبه بانه اراد الانضمام الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وعرف عن الشاب الذي لم تكشف هويته بانه طالب في جامعة هوكايدو (شمال اليابان) كان ينوي التوجه الى الشرق الاوسط بحسب افادته التي نقلتها صحيفة ماينيشي شيمبون، والمسلمون في اليابان اقلية ضئيلة جدا لا تتضمن فئة راديكالية كما في بلدان اخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/تشرين الأول/2014 - 20/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م