الحرب على داعش في العراق واللعب غير النظيف

 

شبكة النبأ: حجم الإرهاب الذي يتعرض له العراق كبير جدا، يفوق إمكانية الحكومة العراقية، كما يرى خبراء ومختصون، وقد استهدف الانتحاريون من خلال المفخخات والاغتيالات والتهجير وقطع الرؤوس جميع فئات المجتمع العراقي منذ عام 2003، بعد ان أسس تنظيم القاعدة موطن قدم له في مناطق غرب العراق، واستطاع تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش) من تكثيف هجماته، بعد سيطرته على مناطق الرقة ودير الزور في سوريا، والسيطرة على مناطق واسعة من العراق، سيما مع سقوط الموصل بيد التنظيم بشكل كامل إضافة الى سيطرة على مدن وارضي في خمس محافظات أخرى، والتي استدعت من الدول الكبرى تنظيم تحالف دولي، دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية لمجابهة خطر تمدد التنظيم الى أراضي ودول جديدة في الشرق الأوسط، والتي قد تسهل من حركة للوصول الى اوربا او تهديد المصالح الغربية في المنطقة.

واستخدم تنظيم داعش عوامل طائفية ومذهبية لتوفير بيئة مناسبة له في العراق، ومع استهدافه لأغلب مكونات واطياف الشعب العراقي، الا ان الحصة الأكبر كانت من نصيب المسلمين الشيعة (وهم المكون الأكبر في العرق)، بعد ان هجر الالاف منهم، وفجر مئات المفخخات في المحافظات الجنوبية، التي راح ضحيتها عشرات الالاف، كما استهدف المزارات والأماكن المقدسة لدى الشيعة، بعد ان اعتبرهم خارجين عن الإسلام، وهي نفس السياسة التي اتبعها التنظيم الام (بعد ان فجر تنظيم القاعدة مرقد الامامين العسكريين في سامراء عام 2006، تنامى العداء الطائفي الى مديات غير مسبوقة، وادت الى احداث دامية وصفت بحرب أهلية استمرت قرابة السنتين)، من اجل احداث أوضاع امنية غير مستقرة عبر اذكاء الخلافات المذهبية بين المسلمين.

وما زالت تداعيات الفتنة الطائفية، واثارها المخيفة شاخصة في عيون المواطنين العراقيين، سيما وان التهديد الذي يمثله تنظيم داعش، اضعاف ما كان يمثله تنظيم القاعدة في العراق، الا ان مراقبين وشهود عيان، أكدوا ان المسلمين السنة الذين رفضوا مبايعة تنظيم داعش وحملوا السلاح بوجه، قاتلوا التنظيم الى جانب متطوعين من المسلمين الشيعة، مما عده محللين، بارقة امل قد تعيد احياء روح التسامح التي تعود العراقيين من خلالها التعايش ولمئات السنين جنبا الى جنب من دون ان يكون هناك سبب يستدعي تفريقهم او مقاتله بعضهم البعض.

ضحايا الحرب

فقد شهد فارس الكعبي متعهد دفن الموتي في مدينة كربلاء العراقية التي تحظى بمنزلة خاصة لدى الشيعة صيفا مشحونا بالعمل على غير العادة، واختصاصه هو دفن الجثث التي لم يطالب بها أحد والمجهولة الهوية من كل أرجاء العراق والتي بلغت في الشهور القليلة الماضية مئات من ضحايا الحرب ضد المتشددين الإسلاميين السنة، وقال الكعبي وهو يمر بصف مرتب من القبور في القسم الذي يختص به في المقابر وتركت شواهدها البيضاء المخروطية الشكل بلا كتابة "الوضع الصعب الذي نواجهه في هذا العمل هو أن معظم الجثث التي نتسلمها متحللة وأشلاء"، وتحديد هوية الضحايا أمر شبه مستحيل لكن الكعبي يقول إنهم يأتون من الفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت، وهي مناطق تشهد أشرس المعارك بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وجيش عراقي غالبيته من الشيعة ضعيف للغاية ومحبط بشدة إلى درجة أنه استعان بميليشيات المتطوعين.

ويتزايد السخط من جديد بين الأغلبية الشيعية في العراق حيث قمعوا في عهد صدام حسين وكانوا قوة مهيمنة في عهد رئيس الوزراء المنتخب نوري المالكي وتحكمهم الآن حكومة عاجزة على ما يبدو عن وقف تقدم تنظيم الدولة الإسلامية، وكانت الجماعة الأصولية السنية الجهادية المنبثقة عن جناح تنظيم القاعدة والمسؤولة عن الكثير من جولة المذابح الطائفية السابقة بالعراق في عامي 2006 و2007 اجتاحت شمال البلاد في يونيو حزيران الماضي وسيطرت على الموصل ثاني أكبر المدن العراقية وتسيطر الآن على ثلث العراق، وقال الكعبي "تسلمنا حوالي 8000 جثة منذ سقوط الموصل بينها جثث مجهولة الهوية لأناس قتلوا في التفجيرات وأعمال القتل الطائفية وحوالي ثلاثة آلاف جندي".

ولا تظهر أي علامة على انحسار الزيادة في أعداد الجثث المسجلة في كربلاء وفي أماكن أخرى وبدأ صوت بعض الشيعة يعلو بالشكوى من أن الحكومة وقيادة الجيش عاجزان في أفضل تقدير وملومان في أسوأ تقدير ويتسترون على الحجم الحقيقي لخسائر المعركة، وسارع الأتباع للاستجابة لدعوة آية الله علي السيستاني أكبر مرجعية شيعية في العراق لحمل السلاح ضد المقاتلين المتشددين ولكن كثيرا منهم يريدون الآن شخصا ما يحملونه مسؤولية سقوط آلاف القتلى، وقال نضال عبد محمد الذي فقد ابنه حيدر "يجب على الحكومة أن تقدم أولئك الذين خذلونا للمحاكمة، وإذا لم يحاكموهم فإننا سنقدمهم للعدالة، سنطيح بالدولة"، وكان حيدر من بين نحو 1500 جندي وضابط أمن يقول تقرير للأمم المتحدة إن تنظيم الدولة الإسلامية أسرهم وقتلهم في يونيو حزيران في سبيتشر كامب وهي قاعدة سابقة للجيش الأمريكي.

وقال مسؤول أمني كبير إن المتشددين قتلوا أو أسروا ما بين 400 و600 جندي الشهر الماضي عندما اجتاحوا قاعدة الصقلاوية التي تقع على مسيرة ساعة واحدة من بغداد، والحكومة نفسها لم تصدر أرقاما محددة وتقدم باستمرار تقديرات لعدد القتلى أقل من روايات شهود العيان، وكثير من العائلات التي تفترض أن أبناءها موتى وليسوا "مفقودين" غاضبون لأن الحكومة غير قادرة على الأقل على إعادة الجثث إليهم، وقال فاضل عباس إن ابنه البالغ من العمر 27 عاما وهو مجند في الاحتياط في وحدة مكلفة بحماية أنابيب النفط كان في قاعدة كامب سبيتشر، ولم تأت منه كلمة بعد آخر رسالة أرسلها عبر الهاتف المحمول وجاءت الجهود غير المثمرة للعثور عليه بوالده إلى مطار المثنى في بغداد الذي نقل إليه جميع المصابين والقتلى.

وتابع قائلا "مكثنا هناك لخمسة أيام أو لأسبوع، وبقينا طوال اليوم إلى أن قالوا لن تصل طائرات، ومر وقت على الجثث التي كانت هناك وكانت منتفخة ومسودة بفعل الجو الحار في شهر يونيو"، ويذهب آخرون إلى مشرحة بغداد للتنقيب في ملف من صور الموتى، وقال دبلوماسي أجنبي إنه منذ بدء العمليات العسكرية في محافظة الأنبار التي يغلب السنة على سكانها في يناير كانون الثاني الماضي فإن المسؤولين الطبيين يرسلون جثث ما بين 250 و300 جندي أسبوعيا إلى وزارة الدفاع، وقال "دمر الجيش تماما، ليس لديهم أسلحة ولا إمدادات، يرسلون هؤلاء الشبان إلى أماكن مثل سامراء تحت وهج الشمس ودون مياه لأيام إلى أن يقضوا"، وسمع قصصا عن جنود يعانون من خلل في الدماغ بسبب نقص المياه. بحسب رويترز.

وفي الديوانية جنوبي بغداد تنظم عشرات العائلات احتجاجات يومية للمطالبة بالثأر، ويريدون إعلان نتيجة التحقيقات التي تجرى في المذابح ويحثون مجلس البلدة على مقاطعة الحكومة المركزية إلى أن يلبى طلبهم، ويريد مصطفى وهو مقاتل متطوع عمره 28 عاما استجاب لنداء السيستاني الثأر لصديقين قتلا بالقرب من الفلوجة، لكنه كان يتحدث في بغداد معبرا عن غضبه لأنه لم يجر تنظيم المتطوعين ولم يتلقوا تدريبا، وقال "من يقاتلون معي ليس لديهم خبرة، أنا أقاتل إلى جانب حلاق وبائع ملابس، وبعد صدور الفتوى خرجوا من منازلهم إلى ساحة القتال"، وأضاف قوله "الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، وإذا استمر فسوف يثور الناس على الحكومة لأنهم لا يقدمون أي تعزيزات".

وتعهد رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي بإصلاح الجيش الذي انهار تحت وطأة هجوم الدولة الإسلامية وفي غضون ذلك تخلى عن ترسانة من الأسلحة المتقدمة التي سلمتها الولايات المتحدة للعراق، لكن لا يزال من السابق لأوانه ولم يمر سوى شهر على ولايته معرفة ما إذا كان قادرا على إجراء تغييرات كبيرة بينما الحرب دائرة، وهناك مخاوف من أن تكون هناك تصدعات بين الميليشيات الشيعية التي جرى تجنيدها لمحاربة المقاتلين السنة، فالعداوات الطائفية والعرقية عميقة في العراق بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية التي اصابت كل عائلة من عائلات العراق تقريبا، ومع عودة الجهاديين السنة لارتكاب فظائع ضد الشيعة الذين يعتبرونهم خارجين على الإسلام إلى جانب الأكراد والمسيحيين واليزيديين عادت للظهور مرة أخرى تقارير منتظمة عن ميليشيات شيعية تنفذ عمليات للثأر في مواطنين من السنة.

وبالعودة إلى كربلاء مرة أخرى وصف موظف في الجبانة السرية التي تحيط دفن الجثث "المجهولة" وتجعل من الصعب جمع أدلة عن العدد المتزايد للقتلى، وقال "يحضرون الجثث في شاحنات تبريد ويمنعون أي شخص من استخدام هاتفه المحمول للتصوير أثناء عملية التسليم"، وأضاف "العملية كلها تحاط بسرية لتجنب إثارة ضجة حول العدد المتزايد للجنود القتلى"، وبالنسبة للكعبي متعهد الدفن فلا يمكنه عمل شيء سوى تسجيل ملاحظات للحالات النادرة عندما تأتي العائلات التي عثرت في بغداد على صورة أو على تحليل للشفرة الوراثية في بغداد للبحث عن رفات ذويها، وفي أحسن الأحوال يمكن للكعبي أن يطلع العائلة على مكان دفن ذويها أو رفاتهم على الأقل، ويدون أمام بعض الجثث التي يتسلمها كلمة "أشلاء".

تحالف نادر

الى ذلك وعندما حاول مقاتلو الدولة الإسلامية اقتحام مدينة الضلوعية التي تقع على نهر دجلة إلى الشمال من بغداد تصدى لهم تحالف نادر من مقاتلي العشائر السنية في المدينة والشيعة من مدينة بلد على الضفة الأخرى من النهر، وبدأ الهجوم واستمر لايام، وكان واحدا من عدة معارك كبيرة في الأيام الماضية انضمت خلالها عشائر سنية إلى الميليشيات الموالية للحكومة ضد المقاتلين الإسلاميين وهو ما تأمل بغداد وواشنطن أن يكون علامة على تعاون متزايد بين الطوائف العراقية لإنقاذ البلاد، وإلى الشمال قاتلت عشيرة سنية قوية أخرى بجانب القوات الكردية لطرد مقاتلي الدولة الإسلامية من ربيعة وهي بلدة تسيطر على إحدى نقاط التفتيش الرئيسية على الحدود مع سوريا والتي يستخدمها مقاتلو الدولة الإسلامية الذين يتدفقون عبر الحدود من سوريا.

وفي غرب العراق قاتلت عشائر سنية إلى جانب القوات الحكومية في هيت التي استولى عليها مقاتلو الدولة الإسلامية وحدث الشيء نفسه في حديثة التي يوجد بها سد إستراتيجي على نهر الفرات، ومثل هذه التحالفات المحلية لا يزال نادرا، ففي معظم المناطق السنية بالعراق أظهرت العشائر قليلا من التحول ضد المقاتلين الإسلاميين مثلما حدث عندما جندتها الولايات المتحدة فيما سمي "مجالس الصحوة" عامي 2006 و2007، وكذلك فإن الكثيرين من قادة "مجالس الصحوة" اعتقلتهم بغداد في وقت لاحق وهو ما رآه السنة خيانة، والعداء الطائفي والعرقي عميق بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية التي مست تقريبا كل أسرة عراقية وجعلت من الصعب على السنة والشيعة والأكراد أن يثق بعضهم في بعض.

لكن بعد شهرين من حملة القصف الجوي التي تقودها الولايات المتحدة قدمت معارك أقوى العلامات الأولى على ما تأمل واشنطن وبغداد أن يكون إحياء للتحالف مع العشائر في سبيل التصدي للدولة الإسلامية، والضلوعية مدينة صغيرة على نهر دجلة ويمر بها طريق سريع يربط بين الجنوب والشمال وهو ما يجعلها واحدة من المحطات الأخيرة المحتملة للمقاتلين الذين يحاولون مهاجمة بغداد من الشمال، وعندما وصل مقاتلو الدولة الإسلامية في يونيو حزيران رفض افراد عشيرة الجبور طلبهم تسليم أكثر من 35 من ضباط الأمن المحليين، ومنذ ذلك الوقت وقعت هجمات وهجمات مضادة حوصر خلالها معظم رجال العشيرة السنية داخل المدينة، وفي وقت لم يجد فيه رجال العشيرة السنية مخرجا بدأ السكان في مدينة بلد على الضفة الأخرى من النهر والتي تسكنها أغلبية شيعية في مد يد العون لهم.

قال عبد الله محمد وهو مقاتل من عشيرة الجبور "ليس لنا منفذ الآن ماعدا القوارب التي تذهب إلى بلد المكان الوحيد الذي يساعدنا، أهل بلد ساعدونا بالطعام والذخيرة والسلاح واستقبال المصابين"، وقال تركي خلف تركي رئيس المجلس البلدي في الضلوعية إن هذا التعاون يمكن أن يكون نموذجا يحتذى للعراق، وأضاف ان نقطة البداية لوحدة العراق ستكون هي الضلوعية التي أرادت الوحدة بينما أرادت الدولة الإسلامية الفرقة، وشن مقاتلو الدولة الإسلامية ما بدا أنه هجوم منسق للاستيلاء على المدينة نهائيا، وقال العقيد حسين الجبوري من قوة الشرطة في الضلوعية إن المقاتلين الإسلاميين ضربوا المدينة من الجانبين الشرقي والشمالي مستخدمين قذائف المورتر وآر.بي.جي والبنادق الآلية والقنابل اليدوية.

وقال "استطعنا أن نوقفهم" وكانت معنويات الناس عالية لأنهم كانوا يدافعون عن مدينتهم وأسرهم، وأضاف أن المدينة كانت تتعرض لهجوم بقذائف المورتر في الوقت الذي يتحدث فيه، وقتل تسعة من السكان وأربعة مقاتلين، وعلى الجانب الآخر من النهر شن المقاتلون الإسلاميون أيضا هجوما على مدينة بلد قرب ضريح شيعي وهو ما كان يمكن أن يسمح لهم بحصار الضلوعية من الجهات الأربع، وقال أبو غيث وهو شيخ شيعي صاحب نفوذ إن مقاتلي بلد دافعوا عن المكان لمساعدة رجال العشائر في الضلوعية، وقال "لو سيطروا على هذه المنطقة لا قدر الله لاختنقت الضلوعية ولكان من الصعب علينا مد يد العون".

وقال شهود عيان إن الجيش العراقي استعاد الضلوعية التي تقع على نهر دجلة شمالي العاصمة بغداد بعد هجمات مستمرة عليها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات واسعة من شمال البلاد، وتابع الشهود إن قائدا في الجيش العراقي وصل إلى المدينة التي تبعد 70 كيلومترا عن بغداد، وقال شاهد "أعلن (القائد) أن الضلوعية تحررت بالكامل"، وأضاف أن الاحتفالات عمت المدينة بعد ذلك، هذا التعاون السني الشيعي نادر لكنه ليس حالة فريدة، وفي الشمال ساعد أفراد عشيرة الشمر القوات الكردية (البشمركة) في الاستيلاء على ربيعة وهي نقطة العبور الرئيسية بين شمال العراق والأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في شرق سوريا. بحسب رويترز.

وقال عبد الله ياور وهو عضو بارز في العشيرة التي كانت علاقتها مريرة لوقت طويل مع الأكراد إنه يجري مفاوضات لإقامة تحالف مع زعيم كردستان العراق مسعود برزاني منذ اجتياح مقاتلي الدولة الإسلامية لمدينة الموصل أكبر مدن شمال العراق في يونيو حزيران، وقبل هجوم الأكراد على ربيعة اتصل ياور بسكان البلدة لإبلاغهم بأن القوات المهاجمة "صديقة"، وقال "كل الشمر مع البشمركة وبيننا تعاون كامل"، في هيت التي تقع على نهر الفرات غربي بغداد والتي سقطت في أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية ذكرت أنباء أن عشيرة البونمر اشتبكت مع مسلحي التنظيم، وقال أحد أفراد العشيرة طالبا ألا ينشر اسمه إنهم فعلوا ذلك "عندما رأينا مقاتلي الدولة الإسلامية يقتلون المدنيين والأبرياء ويدمرون المنازل، بل إنهم أخذوا بعض رجالنا ولا نعرف مصيرهم إلى الآن"، واضاف "عندما اكتشفنا سلوكهم وأعمالهم المناقضة لتعاليم الإسلام قررنا أن نقف ضدهم وقررنا أن نقاتل أي احد يقف ضد الجيش والحكومة".

وفي حديثة التي تجاور سدا استراتيجيا على الفرات إلى الغرب من هيت تحالفت عشيرة الجغيفي أيضا مع قوات الأمن لصد عدة هجمات شنتها الدولة الإسلامية، وقال إحسان الشمري وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة بغداد إنه يرى ما حدث صدى لمجالس الصحوة في عامي 2006 و2007، وأضاف "أعتقد أنه يمثل تحولا كبيرا في قتال الدولة الإسلامية على مستوى المجتمع العراقي"، وفي الضلوعية كان الأمل يحدو قادة عشيرة الجبور في باديء الأمر أن يتجنبوا الاشتباك مع الدولة الإسلامية عندما اقتحم مقاتلوها ضواحي المدينة مستخدمين نحو 25 سيارة يوم 14 من يونيو حزيران بعد أربعة أيام من الاستيلاء على الموصل.

أبلغ المقاتلون سكان المدينة بأن هدفهم هو بغداد وأنهم لا يعتزمون القتال للسيطرة على الضلوعية، ويتذكر شرطي انهم أعلنوا أنهم لا يريدون سوى دخول المدينة ليكون بإمكانهم إعلان أنهم اجتاحوها مشددين على أنهم سيرفعون أعلامهم على المباني وينصرفون، وكان الشيخ محمد خميس أحد قادة العشيرة من بين مجموعة من ممثلي المدينة اجتمعوا مع مقاتلين الدولة الإسلامية، وفي البدء وافق خميس على ترك المقاتلين يدخلون وذلك لحرصه على تجنب المواجهة، وقال خميس إن المتمردين طلبوا تسليمهم 35 من ضباط الأمن في المدينة وعندها "عقدت العشيرة اجتماعا ورفضنا طلبهم وحملنا سلاحنا ضدهم"، وأضاف "قالوا إن هذا يعني إعلان الحرب علينا"، وبعد ذلك بدأت المعارك، ويوم الخامس من يوليو تموز شن المقاتلون الإسلاميون هجوما متعدد المحاور على المدينة ونسفوا جسرا خشبيا كان يربط بلد بالضلوعية، وتقول الشرطة إن 90 شخصا قتلوا وأصيب 400 آخرون منذ يونيو حزيران.

وأشاد ممثل للمرجع الشيعي ألأعلى آية الله علي السيستاني في إحدى خطبه بقرار رجال العشائر السنة الصمود أمام المقاتلين الإسلاميين داعيا الجيش لمساعدتهم، وكان من شأن تعاون سنة الضلوعية وشيعة بلد أن تغلب الناس في الجانبين على عداء طائفي أثارته سنوات عشر من الحرب الأهلية، وقال أبو غيث الشيخ الشيعي في بلد الذي دعا أهل المدينة للوقوف إلى جانب أهل الضلوعية إن مقاتلين سنة قتلوا واحدا من أبنائه بالرصاص في 2008، لكن وصول مقاتلي الدولة الإسلامية أقنعه بالتغلب على عدائه لجيرانه السنة في مواجهة ما رآه خطرا أكبر، وقال "نعم أريد الثأر لمقتل ابني لكني أشعر بالحزن الآن عندما أسمع أن قصف مقاتلي الدولة الإسلامية استهدف أي قرية سنية"، واضاف "رغم أن بلد استهدفت كثيرا في الماضي الآن أهل بلد يساعدون الضلوعية في هذه الأوقات العصيبة"، وتابع "استمرار هذه العلاقة (من التعاون) ليس سهلا، إنه يحتاج إلى وقت وأن يطهر بعض الناس قلوبهم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/تشرين الأول/2014 - 18/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م