اليمن... بقايا دولة تحت سطوة الصراعات الاقليمية

 

شبكة النبأ: ما زالت اليمن تعيش أوضاعا سياسية امنية صعبة، ففي حين يحاول تنظيم القاعدة مد نفوذه من خلال السيطرة على المزيد من الأراضي اليمنية، ما زال الخلاف السياسي يهدد الوصول الى أي تسوية محتملة بين الفرقاء، إضافة الى تأجيل الاتفاق على تسمية رئيس للحكومة لما بعد عطلة عيد الأضحى، بحسب تصريحات رسمية، وشهد اليمن مؤخرا حركة احتجاجات واسعة من قبل الحوثيين، إثر اتهام الحكومة في اليمن بدعم الحركات السلفية المتشددة لمقاتلة الحوثيين، إضافة الى عدم اشراكهم (حركة أنصار الله التي تمثل الحوثيين) في الحكومة او في أي مناصب أخرى (على الرغم من كونهم يشكلون ثلث المواطنين في اليمن)، فيما كان قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود بداية هذه الاحتجاجات، والتي تمكن المحتجون من خلالها السيطرة على اغلب مرافق الدولة في العاصمة اليمنية صنعاء، إضافة الى موافقة الرئيس اليمني على توقيع اتفاق يقضي بإنهاء الازمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ اكثر من أسبوعين.

وقد لعبت التدخلات الإقليمية دورا بارزا في زيادة حدة الخلافات السياسية والأمنية في اليمن، الذي يعاني تدهورا اقتصاديا ملحوظا، وضعة في قائمة الدول الأكثر فقرا على مستوى العالم، وغالبا ما تتبادل إيران والسعودية الاتهامات بدعم حركات التمرد والمسلحين من اجل مصالحهما الخاصة، خصوصا وان الطرفان يخشيان من تمكن الجهة التي يدعمهما الطرف الاخر من السيطرة على الحكم في اليمن ذات الموقع الاستراتيجي بالنسبة لكلا البلدين، كما يرى مراقبون ومحللون سياسيون، وهو امر دائب البلدان على نفيه باستمرار.

في سياق متصل أدت سيطرة المتمردين الذين تربطهم صلة بإيران على العاصمة اليمنية إلى إحداث هزة في السعودية جعلت الرياض تبذل جهودا حثيثة لمنع غريمتها الشيعية من استغلال سيطرة المتمردين على صنعاء في خلق مشكلة في الفناء الخلفي للمملكة، وتنتاب السعودية أيضا مخاوف من أن يصب تدهور الوضع الأمني في اليمن الذي سيطر فيه المقاتلون الحوثيون الشيعة على صنعاء في 21 من سبتمبر أيلول في مصلحة عدو قديم آخر هو القاعدة، وبالنسبة للنظام الملكي الحاكم في السعودية فإن الحدود المتعرجة الممتدة في جبال وصحراء نائية بطول 1400 كيلومتر مع اليمن الذي يعاني حالة من عدم الاستقرار كانت تشكل على الدوام كابوسا أمنيا.

ولكن مع تراجع قدرة المملكة على التأثير في الأحداث جنوبي الحدود لأدنى مستوى لها منذ عقود فإن آل سعود يسعون جاهدين لإيجاد حلفاء يمنيين يمكنهم إعادة شيء من النظام مع الإبقاء على صداقة الرياض، وحذر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من "الظروف المتسارعة شديدة الخطورة" وقال في نيويورك إن أعمال العنف في اليمن تعرض للخطر الأمن والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية، ولطالما كان للرياض تأثير في اليمن أكبر من باقي الدول، ولكن مع استمرار كون المملكة أكبر مانح للمعونات فإن الفوضى التي أعقبت انتفاضة عام 2011 جعلت للرياض كثيرا من الأعداء المحتملين وقليلا من الأصدقاء الذين يوثق فيهم.

وبالنسبة للسعودية فإن الخطورة لا تقتصر على أن إيران ستكسب موطئ قدم جديدا على الجانب الآخر من الحدود من خلال علاقاتها مع الحوثيين بل إن بمقدور تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أن يستغل الاضطرابات القائمة ليشن هجمات جديدة، وقال عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي الذي يقدم المشورة للحكومة بشأن السياسات "الصراع في اليمن يشكل تهديدا لدول الجوار وينبغي أن تهتم السعودية بذلك، فيمكن أن يصير (اليمن) أرضا لطالبان أخرى"، وقع الحوثيون والأحزاب السياسية الأخرى اتفاقا الشهر الماضي لتشكيل حكومة أكثر استيعابا للقوى الأخرى بعد أيام من القتال في ضواحي صنعاء، وأعطى الاتفاق الحركة المتمردة حصة جديدة أكبر على مسرح السياسة اليمنية.

واضاف العسكر "إن التحرك ضد المتشددين يتطلب حكومة حقيقية، ولا ينبغي ترك صنعاء بيد الحوثيين والإيرانيين، ينبغي أن تكون إيران خاضعة لضغوط دولية في هذا الصدد، لم يعد الأمر محتملا، وينبغي أن يوقفوه"، وتربط إيران بالحوثيين صلة قديمة، وكان الحوثيون قد أرسلوا أعضاء بارزين منهم إلى طهران كي يتلقوا تدريبا ونهلوا بشكل عام من الإيديولوجيا الثورية الإيرانية، ولكن مدى الصلة بينهما غير واضح، ولكن ما يخشاه العسكر وغيره من السعوديين هو أن يتبع الحوثيون النموذج الذي أرساه حزب الله في لبنان باستخدام الدعم الشعبي بين الشيعة والوجود العسكري القوي في السيطرة على الساحة السياسية ولإظهار قوة إيران، ومن شأن هذا أن يقوض موقف السعودية فيما صار جبهة مهمة لصراعها في المنطقة مع إيران، ويتمثل ذلك في وجود حليف لطهران في الفناء الخلفي للرياض، وتركزت الأنظار على التهديد الأمني في يوليو تموز حينما قامت مجموعة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعبور الحدود وقتل عدد من أفراد حرس الحدود السعودي وتفجير قنبلة في مبنى تابع للشرطة. بحسب رويترز.

ولطالما لم تكن السعودية مطمئنة للحوثيين الذين ظهروا في العقد الماضي مطالبين بإنهاء تهميش الشيعة الزيديين الذين تمثل نسبتهم ثلث اليمنيين وخاضوا حربا حدودية قصيرة معهم عامي 2009 و2010، وعلى الرغم من أن جماعة الحوثيين بدأت كمجموعة احتجاجية صغيرة النطاق في جزء من شمال اليمن فإنها سرعان ما اكتسبت قوة من خلال تبني مظالم الزيديين والمشاعر المناهضة للحكومة ومن خلال التحالف مع طهران، وتختلف العقيدية الزيدية كثيرا عن الشيعية التي تتبناها إيران ويتبناها معظم شيعة الشرق الأوسط، وكانت لهذه الطائفة تاريخيا علاقات طيبة مع السنة في اليمن، ولكن واحدا من أهم مظالم الحوثيين كان ظهور سلفيين متشددين من السنة في المناطق الزيدية، ويعتقدون أن ذلك كان بتشجيع من السعودية، وأدى القتال الذي نشب بين الحوثيين والجماعات السلفية نتيجة لذلك وتحالفهم الوثيق مع إيران وتبني بعض الشعارات الثورية الإيرانية إلى وضع اليمن في مهب صراع طائفي طرفاه تابعان للرياض ولطهران.

وفي مارس آذار حظرت السعودية نشاط تنظيم الحوثيين إلى جانب حزب الله والحركات السنية المتشددة بما في ذلك الإخوان المسلمون والقاعدة والدولة الإسلامية، وأعلنتها جميعا تنظيمات إرهابية، وقال مصدر دبلوماسي في الخليج "ما حدث في اليمن مع الحوثيين أسهم في مسلك السعودية بعدم الوثوق مطلقا في إيران"، غير أن جهود الرياض للتصدي للنفوذ المتزايد للحوثيين صادفته تعقيدات تمثلت في الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح الذي ظل يرأس اليمن فترة طويلة وتراجع سطوة حلفاء السعودية في صنعاء وحالة انعدام الثقة المتبادل بين البلدين.

وبنت السعودية نظام رعاية قبليا بين قبائل اليمن وساستها في ظل وزير الدفاع السعودي الأسبق الأمير سلطان الذي خطط لدور الرياض في الحرب الأهلية اليمنية في ستينيات القرن الماضي، وكان من بين أهم حلفائه اليمنيين الشيخ عبد الله الأحمر زعيم اتحاد قبيلة حاشد الذي توفي عام 2007 مما أدى إلى تراجع بطيء لسطوة أسرته بين القبائل في الوقت الذي صعد فيه نجم الحوثيين، وترك ذلك الرياض بلا حليف موثوق منه في التوقيت الذي تشتد فيه الحاجة لحلفاء لإظهار التأثير بينما تشهد البلاد تحولا سياسيا من صالح إلى الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، وأعطت الحرب التي خاضها وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب له سيطرة على السياسة اليمنية أكبر من باقي أمراء السعودية، وعمل عن كثب مع حكومة هادي ولكن قليلا من الناس يرون تأثيرا للزعيم اليمني المؤقت على المدى الطويل.

وقال أستاذ سعودي للعلوم السياسية طلب عدم الإفصاح عن اسمه "الوضع اليمني معقد للغاية ولا أدري من هم الأصدقاء حتى نستطيع العمل معهم، ولكن على الأقل نعلم من هم أعداؤنا، والحوثيون والقاعدة على رأس القائمة"، ومن بين اللاعبين السياسيين الرئيسيين في اليمن الحركة الانفصالية الجنوبية التي لا تثق بها الرياض وحزب الإصلاح الذي تراه القيادة السعودية بغيضا لصلته بجماعة الإخوان المسلمين، وربما يعني هذا أن الرياض ليس أمامها سوى القبول بصعود الحوثيين والعمل معهم، ويقول محللون إن هناك احتمالا آخر هو أن يدعم السعوديون أي محاولة يقوم بها الرئيس السابق صالح الذي ما زال له تأثير كي يعود للمشهد السياسي، وكان صالح وصف نجاحه في حكم اليمن بأنه "كالرقص على رؤوس الأفاعي"، ولم يكن صالح يوما حليفا مقربا للسعودية وأدى خلاف البلدين على غزو العراق للكويت عام 1990 إلى طرد الرياض ملايين العمال اليمنيين وهو ما أدى إلى أزمة اقتصادية عجلت بسقوط البلاد في حرب أهلية عام 1994، ولكن قلة الخيارات دفعت بعض السعوديين إلى النظر إلى الاستقرار النسبي لحكمه بشيء من الحنين، وقال محلل "الدولة المركزية في اليمن ضعيفة للغاية، والجيش مهلهل ولا يمكنه التصدي للقاعدة ولا للحوثيين، في الماضي، أبقى صالح الأمور هادئة".

مخاوف خليجية

فيما طالبت الدول الاعضاء بمجلس التعاون الخليجي باستعادة سلطة الحكومة في اليمن وأصدرت انتقادات مغلفة للمتمردين الذين تربطهم صلة بإيران ممن سيطروا على العاصمة صنعاء، واستولى المقاتلون الحوثيون الشيعة على صنعاء في 21 سبتمبر ايلول الماضي بعد ان اجتاحوا لواء للجيش ينتمي لحزب الاصلاح الاسلامي المعتدل مما جعلهم بالفعل القوة ذات القول الفصل في البلاد، ويرفض الحوثيون منذئذ الانسحاب من العاصمة ويسيطرون عليها رغم اتفاق وقعوه مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لتشكيل حكومة أكثر استيعابا للقوى الأخرى، وعبر اجتماع طارئ لوزراء داخلية الدول الاعضاء بمجلس التعاون الخليجي عن "قلقهم البالغ من التهديدات التي وجهت للحكومة اليمنية وأجهزتها، واستنكار عمليات النهب والتسلط على مقدرات الشعب اليمني".

وشدد بيان صدر عقب الاجتماع الذي عقد في جدة بالسعودية "على أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية الفئوية حيث أن أمن اليمن وأمن دول المجلس يعتبر كلا لا يتجزأ"، ولم يحدد البيان هذه القوى الأجنبية، وطالب البيان "بضرورة إعادة كافة المقار والمؤسسات الرسمية للدولة اليمنية وتسليم كافة الأسلحة وكل ما تم نهبه من عتاد عسكري وأموال عامة وخاصة"، ويضم المجلس في عضويته السعودية ودولة الامارات العربية وسلطنة عمان والبحرين والكويت وقطر، ودعا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (وهو جناح القاعدة في اليمن) مقاتليه الى مهاجمة الحوثيين، ويسعى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الى الاطاحة بالرئيس اليمني الا انه ركز انتباهه على الحوثيين منذ ان سيطروا على العاصمة اليمنية.

وحث بيان لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بثه موقع سايت (الذي يتابع مواقع الإسلاميين المتشددين) مقاتليه على الا يتركوا اي نقطة تفتيش للحوثيين لم يضربوها ولا مقرا لم يفجروه، وحرضهم على التربص بهم والحاق الضرر بهم على الطرق ونصب الكمائن لهم حتى لا يغمض لهم جفن، وقال شهود إنه منذ 21 سبتمبر ايلول يقوم رجال قبائل مسلحون من الحوثيين بدوريات في الشوارع وإقامة نقاط التفتيش والسيطرة على الدخول لعدة مبان تابعة للحكومة المركزية، ويمثل استقرار اليمن أولوية للولايات المتحدة وحلفائها من دول الخليج العربية بسبب موقعه المتاخم للسعودية والخطوط الملاحية عبر خليج عدن.

وتنظر السعودية للحوثيين (وهم من الشيعة الزيديين) بوصفهم حلفاء لخصمها إيران، ويعترف الحوثيون بانهم على وفاق مع طهران لكنهم يصرون على انها لا تدعمهم، وتنفي ايران التدخل في شؤون اليمن، وفي غضون اسبوع من سيطرة الحوثيين على صنعاء افرج اليمن عن ثلاثة على الاقل من العناصر المشتبه بانها تابعة للحرس الثوري الايراني ممن احتجزوا عدة اشهر بسبب صلتهم المزعومة بالحوثيين، وافرج ايضا عن اثنين مشتبه بانهما من عناصر جماعة حزب الله اللبنانية احتجزا للاشتباه في قيامهما بالتخطيط لتقديم عون عسكري للحوثيين، ولم تقدم السلطات اليمنية أي تفسير علني للإفراج عن هؤلاء إلا ان هذه الخطوة توحي بان الجماعة الشيعية تملي شروطها على العاصمة. بحسب رويترز.

قيود على الإنفاق

الى ذلك أمر المتمردون اليمنيون الذين يسيطرون على العاصمة وزارة المالية بوقف كل المدفوعات ماعدا رواتب موظفي الدولة في اطار تشديد قبضتهم فيما يبدو على المؤسسات الحكومية، وقال عبد الملك العجري عضو المكتب السياسي لحركة الحوثيين الشيعية (أنصار الله) ان هذا الإجراء تم بناء على طلب موظفين حريصين على حماية الأموال العامة في وقت يسوده عدم اليقين، وقال العجري وهو يفسر تعليمات الحركة الحوثية الى وزارة المالية انه في ضوء "الوضع الاستثنائي القائم الآن هناك تخوف حقيقي أن تقوم الحكومة السابقة وتتصرف بطريقة تؤدي الى تصفير الحسابات أو تهريب الأموال مما يؤدي الى انهيار الدولة".

وقال ان التعليمات نقلت بواسطة من سماهم اللجان الشعبية التي تشرف على عمليات الوزارات المختلفة وتسعى الى ضمان الأمن في المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة بعد الاستيلاء عليها يوم 21 من سبتمبر أيلول، وكان من المقرر أن يبقي رئيس الوزراء محمد باسندوة (الذي استقال في نفس اليوم الذي تم فيه اجتياح العاصمة) على حكومته بصفة مؤقتة بموجب الاتفاق بين هادي والحوثيين، لكن معظم الوزارات تعمل في أضيق الحدود وكثير من الوزراء والمسؤولين الكبار لا يذهبون الى العمل، وقال موظف بوزارة طلب عدم الكشف عن هويته ان لجنة اشراف وزارية شكلها الحوثيون سلمت التعليمات بشأن العمليات المالية، وقال الموظف "اللجنة أمرت المسؤولين بالالتزام بتعليماتها الى ان يتم تشكيل حكومة جديدة".

وقال العجري ان اللجان تتألف من مجموعات انضمت الى المظاهرات المناهضة للحكومة التي أطلقها الحوثيون في صنعاء في اغسطس اب احتجاجا على زيادات أسعار الوقود، ويقول بعض اليمنيين ان الحوثيين تحلوا بضبط النفس منذ ان استولوا على صنعاء، وباستثناء مداهمة منازل شخصيات معروفة يتهمونها بأنها كانت وراء الحروب التي شنتها الحكومة على معاقلهم في صعدة بشمال البلاد في الفترة 2004-2010 لم يتدخل الحوثيون في شؤون المواطنين العاديين، لكن المسؤولين يقولون ان الإجراءات التي اتخذها الحوثيون على مستوى الدولة وصلت الى درجة لم يسبقها مثيل من سيطرة المصالح الخاصة على مؤسسات الدولة، وقال مسؤولون في شركة نفط صافر المملوكة للدولة ان المسؤولين الحوثيين يراقبون أنشطتها وكلفوا مسؤولا بمراجعة الوثائق قبل توقيعها، وقال الموظفون أيضا ان مسؤولي لجنة الاشراف الحكومي أمروا أيضا بتجميد التعيينات الجديدة في جهاز الخدمة المدنية الى ان تتولى حكومة جديدة السلطة، ويمثل استقرار اليمن المجاور للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم أولوية للولايات المتحدة.

الصراعات السياسية والأمن الغذائي

على صعيد اخر قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن تصاعد الفوضى السياسية في اليمن (وهو من أفقر دول العالم) يهدد بزيادة تردي الأمن الغذائي المتدهور بالفعل، وسيطر متمردون شيعة على العاصمة اليمنية صنعاء مما دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى التحذير من الانجرار إلى حرب أهلية في بلد تعصف به بالفعل الانقسامات السياسية والدينية والقبلية، وقال آد شبيكرز منسق منظمة الفاو الإقليمي في مؤتمر صحفي في أبوظبي إن واحدا من كل أربعة يمنيين يعاني سوء التغذية وإن أكثر من نصف اليمنيين البالغ تعدادهم 25 مليونا "مهددون غذائيا" أي لا يستطيعون الحصول على ما يفي احتياجاتهم الغذائية.

وقال مسؤولون في منظمة الفاو إنه بينما تعيش نسبة كبيرة من السكان على ما تنتجه الأرض وفي ظل استغلال 90 في المئة من الموارد المائية في الزراعة فإن الناس ما زالوا معرضين للخطر حينما تؤدي الصراعات إلى تعطيل الإنتاج الزراعي، وقال شبيكرز "في كل مسعى يرمي إلى تحسين الأمن الغذائي والتغذية فإنك بحاجة إلى الاستقرار، وفي اليمن يعتمد ثلثا السكان على الزراعة، لذا فإنهم إذا نزحوا فلن يستطيعوا زراعة غذائهم لإطعام أسرهمن عندها سيكون الوضع شديد الصعوبة"، ومما يفاقم محنة اليمن أن نحو نصف مياه الري تذهب لزراعة القات الذي يعود على الزارع بأسعار كبيرة في السوق المحلية بدلا من زراعة المحاصيل الرئيسية، ويتعين على الحكومة التي لا تملك أموالا استيراد 90 في المئة من القمح ومئة في المئة من الأرز الذي تحتاجه لإطعام الناس. بحسب رويترز.

وقالت منظمة الأغذية والزراعة إن هذا الاعتماد الكبير على أسواق الغذاء العالمية إلى جانب تراجع الاحتياطيات النقدية الأجنبية جراء تراجع صادرات النفط يزيد من معاناة اليمن الغذائية، وجنى اليمن 671 مليون دولار فقط من تصدير النفط الخام بين يناير كانون الثاني ومايو أيار نزولا بنحو 40 في المئة من المستوى المسجل في الفترة نفسها قبل عام جراء تكرار تفجير أنابيب النفط والغاز على يد رجال قبائل ساخطين على الدولة في أغلب الأحيان، وقال صالح الحاج حسن ممثل منظمة الأغذية والزراعة في اليمن إن الصراعات في اليمن تعوق حتى برامج المساعدات الأساسية مثل توزيع مواد الزراعة على المزارعين في المناطق الريفية.

وأضاف "وبينما نحن نتحدث فإننا نحاول إرسال بعض المساعدات لمحافظة الجوف ولكن لدينا مشكلة في عمل ذلك جراء شدة الوضع هناك"، وبالإضافة إلى العنف في صنعاء يواجه اليمن هجمات بصورة مستمرة من جانب القاعدة آخرها حينما قتل انتحاري 15 شخصا على الأقل وكذا احتجاجات ينظمها جنوبيون يطالبون بالانفصال عن الشمال، وعدم الاستقرار في اليمن يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها في دول الخليج العربية بسبب موقع اليمن المجاور للمملكة العربية السعودية وبسبب الخطوط الملاحية التي تمر بخليج عدن، وتعمل المنظمة مع الجهات المانحة الدولية في المساعدة على تحديث قطاع الزراعة في اليمن، وهناك نحو 40 مشروعا تم تحديدها في العامين الماضيين، وقال سر الختم محمد وهو مسؤول في مجال الاستثمار في منظمة الأغذية والزراعة يعمل على هذه القضية "بعض هذه المشاريع رأى النور بعدما اختارته عدة جهات مانحة لكن الوضع الحالي في اليمن، يعوق التقدم على الأرض ولن يقدم المانحون المزيد إلا إذا رأوا نتائج".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/تشرين الأول/2014 - 13/ذو الحجة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م