مسلمو بورما.. بين الاضطهاد المزمن والعنف المستطير

 

شبكة النبأ: قضية الأقلية المسلمة في ميانمار وعلى الرغم من معانتها الانسانية الكبيرة وتعرضها للإبادة الجماعية من قبل الجماعات البوذية المتطرفة، التي سعت الى توسيع اعمال العنف والقتل والتهجير ضد هذه الاقلية، لاتزال هذه القضية وبحسب بعض المراقبين خارج اطار الاهتمام الدولي والعربي والاسلامي هذا بالإضافة الى التشجيع الحكومي غير المعلن من قبل حكومة ميانمار الطائفة الذي اسهم بقتل وإبادة المسلمين وترحيلهم من هذه البلاد، التي شهدت أشدّ مجازر الإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان، يضاف الى ذلك معاناتهم المتزايدة في البلدان الاخرى التي هجروا اليها حيث سعت بعض الحكومات إلى إعادتها إلى موطنها، رغم الخطر المحدق بهم. وقد أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان أن مسلمي ميانمار تُفرض عليهم الأحكام العرفية، وتُدمر منازلهم، فضلاً عن تقييد حرية العبادة. وبحسب الأمم المتحدة تعتبر الأقلية المسلمة في بورما أكثر الأقليات في العالم اضطهادًا ومعاناة وتعرضًا للظلم من الأنظمة المتعاقبة، وهي أفقر الجاليات وأقلها تعليمًا.

وفيما يخص بعض معاناة الاقلية المسلمة في بورما والدول الاخرى فقد اتهم المسلمون في ثاني اكبر مدينة في بورما الشرطة بعدم التحرك لمنع مجموعة من البوذيين من احراق مدرسة وعدد من المباني الاخرى. وخرج بوذيون غاضبون الى شوارع مدينة ماندالاي بعد جنازة بوذي (36 عاما) قتل في الاضطرابات الدينية التي وقعت مؤخرا، بحسب شهود عيان. وشوهدت مدرسة مع مسكن للطلاب في منطقة مسلمة على مشارف المدينة وقد احترقت.

وقال وين ناينغ احد سكان المدينة المسلمين الذي شاهد الهجوم من منزل صديقه البوذي "كان يتواجد اكثر من 70 شرطيا في المكان الا انهم لم يفعلوا شيئا". وقال ان بعض المهاجمين كانوا يحملون العصي والقضبان المعدنية والمناشير. ويعتقد ان المدرسة كانت خالية من التلاميذ وقت الهجوم، ولم يبلغ عن اصابة اي شخص بجروح. وقتل احد المسلمين واصيب 14 اخرون خلال ايام من العنف بسبب اتهامات في حادث اغتصاب.

وقال زاز زاو لات المسلم العضو في مجموعة تدعو لحوار الاديان في المدينة "كان يمكن للشرطة ان توقف الغاضبين، ولكنها لم تفعل". ولم يتسن الحصول على تعليق من الشرطة. وقتل 250 شخصا على الاقل في بورما منذ 2012 في اشتباكات بين المسلمين والبوذيين القت بظلالها على الاصلاحات لاسياسية في البلاد. واتهمت الشرطة بعدم التحرك في الماضي، بينما نشرت الحكومة الجنود في بعض الحالات لاستعادة النظام.

الى جانب ذلك قالت الشرطة في ميانمار إنها أطلقت الرصاص المطاطي لتفرقة بوذيين ومسلمين اشتبكوا في شوارع ماندلاي ثاني أكبر مدن البلاد. وذكرت شرطة ماندلاي في بيان أنها نشرت حوالي 600 شرطي بعد أن تجمع نحو 300 بوذي بينهم 30 راهبا وبدأوا إلقاء الحجارة على مقهى يملكه مسلم. وقال البيان إن "شرطيا وثلاثة بوذيين ومسلم جرحوا بسبب الحجارة" مضيفا أن "اثنين من البوذيين الثلاثة المصابين يتلقون العلاج في مستشفى ماندلاي في حين أن البقية تلقوا العلاج دون الحاجة لإدخالهم المستشفى."

وأشارت الشرطة إلى أنها أطلقت الأعيرة المطاطية أثناء محاولتها السيطرة على الحشد الذي تفرق بعد أن ساعد الرهبان في إقناعهم بالمغادرة. وقال شاهد يقيم في الحي الذي تقطنه أغلبية مسلمة إن حشدا بوذيا تجمع بعد شائعات بأن مالك مقهى مسلم اغتصب بوذية. وأكدت شرطة ماندلاي أن هناك بلاغا بواقعة الاغتصاب ضد صاحب المقهي وأشارت إلى أنها ستضع المقهى تحت المراقبة لتلقيها أنباء عن احتمال استهدافه. بحسب رويترز.

وقال الشاهد إن الشرطة وقفت بين المسلمين والبوذيين أثناء الاشتباكات وحاولت ابعاد البوذيين. وأضاف الشاهد الذي طلب بدوره عدم الكشف عن اسمه حفاظا على سلامته أن "الشرطة والحشد اشتبكوا ورشق الحشد الشرطة بالحجارة." وأشار إلى أن البوذيين نهبوا المتاجر وأحرقوا السيارات قبل أن تتمكن الشرطة من إعادة النظام إلى المنطقة. وأضاف أن البوذيين ما زالوا يجوبون الأحياء المسلمة بسياراتهم ويصرخون في السكان.

ازمة صحية متفاقمة

على صعيد متصل وحين يصل الزوار الى المنشأة الطبية في واحدة من أفقر مناطق ميانمار النائية يجدون بوابة مغلقة ولافتة تقول "المستوصف مغلق حتى اشعار آخر". ويغطي تراب كثيف عربة كانت تستخدم في نقل الاطباء والمرضى لكنها الآن متوقفة امام المجمع الأنيق الذي يتكون من مبان من الخيزران والطوب في ولاية راخين بغرب البلاد. ومنذ طرد جماعات المساعدات الدولية من المنطقة في فبراير شباط ومارس آذار يقول افراد اقلية الروهينجيا المسلمة الذين اعتمدوا عليهم إن الخدمات الاساسية للرعاية الصحية اختفت تقريبا.

ووقع أكبر الضرر على المقيمين في شمال ولاية راخين التي تضم 1.3 مليون شخص من طائفة الروهينجيا في ميانمار والذين يلاحقهم المرض وسوء التغذية ولم تصلهم بعد الاصلاحات في ظل حكومة نصف مدنية تولت السلطة في 2011 . وكثير من الناس في قرية إن دين وحولها وهي تجمع من بيوت من الخيزران تبعد ساعتين بالسيارة عن مونجداو أكبر مدن ولاية راخين يتحدثون عن المرض وحالات وفاة كان يمكن تجنبها. ونتج طرد منظمات المساعدات الدولية من العنف الذي اندلع في انحاء ولاية راخين في 2012 بين بوذيين راخين عرقيين وروهينجيا مسلمين مما أدى الى مقتل 200 شخص ونزوح 140 ألفا أغلبهم من الروهينجيا.

وحين قال الفرع الهولندي لمنظمة اطباء بلا حدود انه عالج اناسا يعتقد انهم ضحايا للعنف الطائفي قرب مونجداو في يناير كانون الثاني طردت الحكومة الجماعة بعدما اتهمتها بمحاباة المسلمين. وقال بيير بيرون المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية إن "رحيل اطباء بلا حدود ترك اثرا انسانيا كبيرا." وأضاف ان "اطباء بلا حدود شكلت برنامجا على مدى 20 عاما وكانت تصل الى اماكن يصعب جدا الوصول اليها وهذا ليس شيئا يمكن عمله بين عشية وضحاها."

وتأمل المنظمة ان تعود قريبا بعدما قالت الحكومة إن بامكانها العودة الى راخين وهو قرار رحبت به المنظمة. والوقت مهم في التصدي للأوضاع الصحية هناك. فالازمة الصحية يمكن ان تتفاقم مع اقتراب الامطار الموسمية مما يجعل الأوضاع اصعب ويحذر الخبراء من خطر انتشار امراض مثل الملاريا والسل في غياب رعاية طبية موثوق بها. بحسب رويترز.

وكانت ميانمار دكتاتوية عسكرية على مدى 50 عاما تقريبا إلى ان تولت حكومة نصف مدنية السلطة في 2011 لكن الاصلاحات تجاوزت ولاية راخين الى حد كبير ولا يمكن لكثير من الروهينجيا السفر او الزواج او طلب علاج طبي بدون تصريح رسمي. وواجهت الزعيمة المعارضة اونج سان سو كي التي قادت النضال من اجل الديمقراطية حين كان الجيش يدير البلاد انتقادا نادرا في الخارج بسبب عدم دفاعها عن الروهينجيا.

اعادة لاجئين

من جانب اخر قالت الحكومة العسكرية في تايلاند انها ستعيد 100 ألف لاجيء يقيمون في مخيمات منذ عشرين عاما وأكثر الى ميانمار في اجراء تقول الجماعات الحقوقية انه سيخلق فوضى في توقيت عصيب للدولتين. وعزل الجيش في تايلاند وزراء الحكومة المنتخبة في مايو ايار بعد عدة اشهر من احتجاجات الشوارع التي اتسمت بالعنف في بعض الاحيان. واتخذ المجلس الوطني للسلام والنظام عددا من الاجراءات الصارمة يقول ان هناك حاجة اليها لاستعادة النظام ووعد بإعادة الديمقراطية العام القادم.

بينما تخرج ميانمار - التي كانت تحمل في السابق اسم بورما - من نحو خمسة عقود من العزلة في ظل الحكم العسكري القمعي. وتحدثت حكومتها المدنية عن اعادة اللاجئين عبر الحدود الى ميانمار لكن المنظمات غير الحكومية تقول انها قلقة من نقص البنية الاساسية لمساعدة العائدين في اعادة بناء حياتهم.

وقال نائب المتحدث باسم الجيش التايلاندي فيراتشون سوخونتاباتيباك "لم نصل الى المرحلة التي نقوم فيها بترحيل الناس لاننا يجب ان نتحقق أولا من جنسيات هؤلاء الذين في المخيمات." وأضاف "بمجرد ان يتم هذا سنجد سبلا لاعادتهم. يوجد نحو 100 ألف شخص يقيمون في المخيمات منذ سنوات عديدة بدون حرية. تايلاند وميانمار ستساعدان في تسهيل عودتهم بسلاسة." وكانت التعليقات التي أدلت بها متحدثة باسم الحكومة العسكرية وهي تهدد باعتقال وترحيل العمال المهاجرين غير المسجلين قد تسببت في ترحيل أكثر من 200 ألف كمبودي وهم عنصر اساسي في القوة العاملة في صيد الاسماك والبناء وقطاعات أخرى. بحسب رويترز.

وسارعت تايلاند الى وقف هذا النزوح الجماعي بفتح مراكز خدمية لمساعدة العمال المهاجرين في الحصول على تصاريح عمل. ويوجد عدد يقدر بنحو مليوني عامل مهاجر من بورما يمثلون أكبر مجموعة من العمال في البلاد. لكن بدون أي وضع قانوني أو مهارات تحتاج اليها السوق ترى الدولة في تايلاند انهم يمثلون عبئا عليها.

عالقون في الهند

الى جانب ذلك وعندما فرت كوهينور -وهي من مسلمي الروهينجا المحرومين من الجنسية- من منزلها في ميانمار بعد موجة هجمات شنها أفراد من الغالبية البوذية كانت تأمل في فرصة لإعادة بناء حياتها في بلد جديد. وكانت تعرف أن الرحلة شاقة ستستغرق أياما وأن الطعام والماء قليلان وأنها ستخاطر بحياتها أثناء تهريبها عبر الحدود لكنها لم تكن تتخيل أن تكون الحياة على صورتها الحالية من البؤس والتمييز في الهند التي اختاروا اللجوء اليها.

وقالت كوهينور (20 عاما) وهي تجلس في مخيم مؤقت أقيم على أرض قفر في جنوب نيودلهي "طردونا من بورما (ميانمار) وطردونا من بنجلادش. واليوم نحن في الهند والناس هنا يقولون لنا إن الهند ليست بلدنا. فإلى أين نذهب؟" وأضافت كوهينور التي فرت من ميانمار قبل عامين مع ابنتها البالغة من العمر عامين وأسرة شقيقتها "ليس لدينا أرض تخصنا. أولادنا لا يذهبون إلى المدارس الحكومية لأنها ترفض تسجيلهم. وعندما نضطر للذهاب إلى المستشفى يرفضون استقبالنا."

وعلى الرغم من أن أقلية الروهينجا المسلمة عاشت لأجيال في ولاية راخين في غرب ميانمار أقرت الحكومة المكونة في معظمها من بوذيين قانونا للمواطنة عام 1982 واستبعدتهم منه مما حرمهم من بطاقات الهوية التي يحتاجونها لكل شيء بدءا من التسجيل في المدارس وتوثيق عقود الزواج وانتهاء بالالتحاق بعمل واستخراج وثائق المواليد والوفيات.. أصبحوا بلا جنسية.

وفي عام 2012 قتل المئات من الروهينجا في أعمال عنف مع البوذيين مما زاد من مأساتهم. وفي العامين الأخيرين غادر أكثر من 86 ألفا من الروهينجا البلاد وفروا إلى بلدان مجاورة مثل تايلاند وماليزيا والهند وبنجلادش. والروهينجا من بين ما يقدر بنحو عشرة ملايين شخص "بدون" أو بلا جنسية في أنحاء العالم.

ويناقش المنتدى العالمي الأول لبحث قضايا "البدون" مشكلة أقلية الروهينجا مع انعقاده في لاهاي قبيل حملة طموح تنوي الأمم المتحدة إطلاقها للقضاء على حالات انعدام الجنسية في حميع أنحاء العالم في غضون عشر سنوات. وتقول جماعات حقوق الانسان إن الهند لا تعترف رسميا بطالبي اللجوء على الرغم من استضافتها نحو 30 ألف لاجئ مسجل.. الأمر الذي يحرم هذه الفئة من خدمات أساسية مثل التعليم والعلاج. وتقول إن لاجئي الروهينجا بين المجموعات الأكثر عرضة للخطر.

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن هناك نحو تسعة آلاف من أقلية الروهينجا مسجلون في دلهي. ويعيش آلاف آخرون غير مسجلين في أماكن أخرى من البلاد مثل جامو وحيدر أباد. وفي دلهي يعيش معظمهم حياة بائسة في مخيمات متناثرة حول المدينة. وهم يجاهدون للحصول على قوت يومهم من خلال جمع القمامة وبيعها أو القيام بأعمال يدوية للهنود الذين يبخسون حقهم عادة أو يستغلونهم.

ويقول كثيرون إنهم يضطرون إلى النوم على جوانب الطرقات لأسابيع أو لأشهر قبل أن تجبرهم الإدارة المحلية أو السكان على الانتقال. وقال عبد الشكور (21 عاما) الذي يعيش في مخيم يضم 60 أسرة في منطقة أوكهلا في دلهي "وطننا هو ميانمار ولكنهم طردونا منه." وأضاف "نحن أيضا لا ننتمي إلى هذا المكان. الناس يسيئون معاملتنا لاننا نعيش في الشوارع ويقولون إننا نجعل المكان قذرا. علينا أن نتنقل باستمرار. نحتاج أرضا دائمة في الهند يمكن أن نستقر فيها وتكون لدينا وثائق هوية سليمة يمكننا إظهارها عند طلبها منا."

وتعد الهند ملاذا في منطقة متقلبة إذ تستضيف منذ عقود لاجئين فارين من نزاعات أو اضطهاد جاءوا من بلدان مختلفة مثل سريلانكا وبوتان وأفغانستان والصين وميانمار. لكن لاجئيها ليس لهم وضع قانوني. والقرارات المتعلقة باللاجئين تتخذ كلا على حدة ويتم منح بعض المجموعات مثل التاميل السريلانكيين وأبناء التبت حقوقا معينة ودعما خاصا. وعرقلت نيودلهي مرتين إقرار مشاريع قوانين تتيح الاعتراف باللاجئين. بحسب رويترز.

ونظرا لحدودها التي يسهل اختراقها والعلاقات المتوترة مع جيرانها والحركات المسلحة الخارجية فإنها تريد أن تكون طليقة اليد في تنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها دون أن تتقيد بأي التزامات قانونية. لكن هذه العلل لا تبدو منطقية بالنسبة إلى كوهينور. قالت "لا أعرف شيئا عن القوانين. "كل بلد يركلنا ككرة القدم والناس يلعبون بنا من دولة إلى أخرى. نريد أن يتخذ العالم قرارا بشأننا وأن يعطونا رقعة في أي بلد يمكن أن نسميها وطنا."

خطر الفيضانات

من جانب اخر أدت الأمطار الغزيرة التي سقطت على في ولاية راخين غرب ميانمار مؤخراً بالإضافة إلى الآثار التي ترتبت على الانسحاب الأخير لعمال الإغاثة إلى بروز مخاوف صحية لأكثر من 140,000 نازح داخلي، معظمهم من أقلية الروهينجا المسلمة المضطهدة. وقال عامل رعاية صحية محلي طلب عدم الكشف عن اسمه: "عندما تهطل الأمطار بغزارة، تغمر المياه بعض المخيمات، مما يجعل كبار السن والأطفال عرضة للمرض بشكل كبير". وأضاف أن "النازحين معرضون للإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل الإسهال وأمراض الجلد لأن المراحيض، إن وجدت، تغمر بالمياه وتفيض بعد سقوط الأمطار".

ووفقاً للأرقام الحكومية، هطل نحو 46 بوصة من الأمطار في راخين حتى الآن في عام 2014، وتشير البيانات التاريخية إلى أن يوليو هو عادة الشهر الأكثر غزارة لهطول المطر، وهو ما قد يعني أن نحو 46 بوصة إضافية قد تسقط في هذا الشهر وحده. ووفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود، حصلت راخين، وهي ثاني أفقر ولاية في ميانمار، على أقل حجم استثمار في مجال الرعاية الصحية مقارنة بمناطق أخرى من البلاد. وقبل انسحاب المنظمات الإغاثية في مارس، كانت هناك 47 منظمة ناشطة في الولاية، يعمل 16 منها في مجال الصحة، أي أكثر من أي قطاع آخر. وبعد رحيل المنظمات الدولية تولّت وزارة الصحة مهام الاستجابة في مجال الرعاية الصحية.

وِأشار تقرير صدر في عام 2014 عن منظمة تحصين الحقوق (Fortify Rights)، وهي منظمة تراقب حقوق الإنسان مقرها بانكوك، بعنوان سياسات الاضطهاد: إنهاء سياسات الدولة التعسفية ضد المسلمين الروهينجا في ميانمار، إلى أنه "يتم منع الروهينجا من السفر بحرية إلى القرى أو البلدات المجاورة لتلقي العلاج الطبي"، وأن مثل هذه السياسات، إلى جانب تدهور الوضع الإنساني في الدولة تؤدي إلى "حالات وفاة يمكن تجنبها". وتبذل وكالات الإغاثة جهوداً لإعادة العمليات في راخين كما كانت. ويقول مسؤولون أن بعض الخدمات قد تحسنت في الأشهر الماضية، ولكن لا يزال هناك عجز في الدعم الإنساني والمخاطر المرتبطة به.

وقال مسؤول حكومي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حظر على إجراء المقابلات الإعلامية: "يمكن للأشخاص النازحين الحصول على العلاج بسهولة ودون تأخير من خلال عيادات متنقلة تبعد عن المخيمات بضع دقائق سيراً على الأقدام". وأضاف أنه كانت هناك حالات تفشي للإسهال في بعض المخيمات ولكن تمت السيطرة عليها. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، كان 15 فريقاً يديرون العيادات المتنقلة للنازحين في راخين في نهاية مايو.

واعترف المسؤول الحكومي قائلاً: "مع اكتظاظ مخيمات النازحين داخلياًبالناس، يمكن لأي من الأمراض المعدية أن ينتشر بسهولة بينهم" مضيفاً أن إصابة الناس في المخيمات بالأنفلونزا أو نزلات البرد هو أمر شائع. ويقول مسؤولون إنسانيون أن الخدمات تظل محدودة، إذ أفاد بيير بيرون، مسؤول الإعلام والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في ميانمار: "لا تزال بعض الأنشطة المهمة تجري ضمن مستويات مخفضة.

ولا تزال هناك صعوبات في إحالة الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والذين يعانون من مضاعفات صحية من مخيمات النازحين إلى مستشفى سيتوي، بسبب استمرار القيود المفروضة على خدمات الإحالة الطبية" مدللاً بتقارير حصلت عليها المكتب من المنظمات العاملة في راخين. وفي وقت سابق قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن نحو 2,700 من الأطفال المصابين بسوء التغذية في راخين قد تأثروا بسبب تعليق الخدمات في أعقاب انسحاب وكالات الإغاثة.

من جهته، قال بيرون: "واصلت المنظمات الإنسانية دعم الفرق الطبية التابعة لوزارة الصحة ومؤسسات صحية وطنية لاستعادة قدرة النازحين والمجتمعات المعرضة للخطر على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية". وأشار إلى زيادة في عدد الموظفين المشاركين في فرق الاستجابة السريعة التي تقودها الحكومة من 83 شخصاً إلى 100 شخص، لكنه أوضح أنه لا تزال خدمات "منظمة أطباء بلا حدود هولندا، التي كانت قبل شهر مارس أكبر مزود للرعاية الصحية في الدولة، معلقة، مما ترك ثغرة خطيرة في الخدمات، لاسيما في موانغداو وبوثيداونغ،" وهما بلدتان تقعان بالقرب من الحدود مع بنجلاديش. بحسب شبكة إيرين.

وتابع بيرون حديثه قائلاً: "لا تزال العديد من المنظمات تعمل بطاقة مخفضة، مع تمكّن 60 بالمائة فقط من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية من العودة إلى سيتوي [عاصمة راخين] بحلول نهاية مايو". وأوضح أن العامل المقيّد في كثير من الحالات هو المرافق المتاحة. وختم بيرون حديثه قائلاً: "العائق الرئيسي هو محدودية المكاتب والمباني المتاحة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية في ... المنطقة التي تم تحديدها للمنظمات الإنسانية لإقامة مكاتبها حيث تقدم الحكومة مستويات إضافية من الأمان".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/آيلول/2014 - 24/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م