فوائد السفر

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: للسفر فوائد سبع، هي: (تفريج الهموم - طلب الرزق - طلب العلم النافع - تحصيل الآداب - صحبة كرام الناس- إستجابة الدعاء - الخبرة في الناس). وسمي السفر سفرا لانه (يُسفر) أي يظهر أخلاق الناس.

ومن معانيه حسب موقعه في الجملة المراد الاخبار عنها: (وضح وانكشف  - أضَاءَ ، أشْرَقَ - سَفَرَتِ الشَّمْسُ : طَلَعَتْ - سفَر وجهه حُسْنًا : أشرق وعلاه جمال - سفَرتِ المرأةُ : كشفت عن وجهها - سفَر عن الشَّيءُ : نتج واتضح - سَفَرَ البيتَ : كَنَسَه - سَفَرَ الكِتَابَ : كَتَبَهُ - سَفَرَ البَعِيرَ : وَضَعَ عَلَى أنْفِهِ السِّفَارَ). والسَّفَر قطعة من العذاب ايضا كما في حديث نبوي شريف..

والعذابات كثيرة، يمكن احتمال عدد كبير منها، لكن ما لا يمكن احتماله او تكون جالسا في السيارة في الرابعة فجرا، وخلفك راكبان لم يكف لسانهما عن الحديث طيلة السفر، وياليت حديثهما فيه جملة مفيدة، كحكمة او مقولة عظيمة تكتنز خبرات وتجارب العظماء، لكنه حديث عادي حول امور وقضايا لا تستأهل كسر هذا الصمت الصباحي الجميل لاجله.

بداية ابدى اعجابه بالوزارة الجديدة التي شكلها حيدر العبادي واعلن عنها في الليلة السابقة، انها "خوش وزارة" لم يشرح لصاحبه مزايا تلك الوزارة الجيدة، ثم انتقل الى ابداء اعجابه باقتناء سيارة ستاريكس، لانها كاملة المواصفات كما قال، وهو بالمقابل لا يريد التفريط بسيارته الحالية لانها سيارة صالون ستيشن، ومن يريد شراءها سيتمكن من العمل عليها بتوزيع الحلويات والدهينة الشهيرة، وذلك لاتساع حقيبتها الخلفية.

لم يكمل حديث الحلويات والدهينة، فالسيارة اكتمل عدد ركابها وانطلقت، واخذ مع صديقه بالحوقلة والهلهلة والاستغفار.

ليعود الحديث بعدها ليس من حيث توقفا بل موضوع اخر جديد تماما.

تنقلا بين الصادرة والواردة لاحد الدوائر، ووصلا الى الحاسبة وتواقيع اللجنة على اوراقهما، من العقيد نور الى المقدم محمود، كنت انصت اليهما رغما عني، لكني كنت امني النفس بانهما سيرسمان خريطة طريق لتلك الدائرة افيد اصدقائي من خلالها اذا اضطر احد منهم لمراجعتها. لم تكتمل امنيتي تلك، فقد قطع الاول الحديث وسأل صاحبه من اين حصلت على هذا (الجايجي) وهو الرجل الذي يبيع الشاي في مطعمه، واخذ يحدثه عن قصة المطعم، وماذا كان يعمل قبلها، وكيف ان عمله كان يختص بنقل الفواكه والاتجار بها، واضطراره الى المبيت في الكراجات ليالي كثيرة.

لم يجب عن السؤال، فقد ضاع في هذا الحديث الطويل عن الماضي..

ليبدأ موضوع جديد اخر مختلف كليا عن المواضيع السابقة وغير المكتملة.

فالاول لديه عدد من الخطوط لنقل الطالبات والموظفات، وهو غير راض عما الت اليه حالة احدى الطالبات، حيث طلب ابيها تخفيض مبلغ النقل المطلوب، وهو نادم على موافقته على ذلك، لان الوالد مضطر للاتفاق معه، وسيكون مجبرا على دفع اي مبلغ يقرره.

ايده صاحبه على ذلك، ولامه كثيرا على هذه الموافقة المتسرعة، وهو قرر ان يزيد من اسعار اشتراكات المرتبطات بخطه، فالفرصة سانحة لذلك، ويمكن اطفاء جهاز التبريد في سيارته اذا مارفضن زيادة في المبلغ..

كانا يحوقلان ويهللان ويستغفران.

انعطافة اخرى اتخذها مجرى الحديث، وهذه المرة حول سفرة الى ايران اسهب الثاني في شرح وتوصيف علاقاته هناك مع مجموعة من الاشخاص، ليعرض عليه الثاني مرافقته في سفرة قادمة، يستفيد منها من شبكة العلاقات تلك.

مثل هذه النماذج من الناس تصادفها كثيرا في حياتك، سواء في السفر او العمل، في المقاهي او الدوائر، رغبة طاغية في الحديث والكلام، وليس هناك من فسحة للصمت، او مجالا للتامل في ما قيل او يقال.

وهي تشبه ايضا حالة الكثيرين من المتحاورين في البرامج الفضائية، حديث متواصل في شتى المواضيع لاتخرج في الوافر منها باي فائدة، غير اضاعة الوقت وانهاك الاعصاب والغضب.

وتجد ذلك ايضا في الكثير من الندوات المتخصصة حول شان من شؤون السياسة او الثقافة او الاقتصاد وغيرها من مواضيع تعقد لها الندوات وتوجه الدعوات للحضور.

الرغبة في الكلام لدى معظم الناس تطغى على اي رغبة اخرى، طبيعية او مكتسبة، ربما هي الاسهل والايسر في الاشباع، وربما هي لاتكلف شيئا من الاموال وكما قيل في الامثال (الكلام بدون نقود)، او ربما هي رفض للكبت الذي يطوق الناس بانواعه المتعددة، او ربما هي صرخات احتجاج غير مفهومة، على الحكومات او الاوضاع العامة او الحياة نفسها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/آيلول/2014 - 15/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م