الإستنجاد السعودي بطهران

هادي جلو مرعي

 

رفضت المملكة العربية السعودية وبشدة مشاركة الجمهورية الإسلامية في إيران بأعمال مؤتمر جنيف الخاص بالمشكلة السورية الذي عقد لمرات وفشل فيها جميعا، وكانت الرياض عدت طهران سببا في المشكلة وشريكا لنظام الأسد، وتجاهلت شراكتها لمجموعات دينية متطرفة كانت تسحب البساط من تحت الداعمين الأساسيين للمعارضة السورية التي إنزوت وذهبت مع الريح مع صعود تيارات دينية متطرفة تحصل بإنتظام على أموال قطرية، وسعودية سواء من أنظمة الحكم، أو من الجمعيات الخيرية والمتبرعين لنصرة الإسلام النصروي والداعشي، ولم تهتم إيران كثيرا للأمر فهي على أية حال تعلم الى ماتمضي إليه الأمور في قادم الأيام.

بالفعل فقد ظهر بعبع داعش، الذي تتملقه الرياض بملايين الدولارات لمنع إجتياحه لأراضيها، وكذلك تفعل قطر التي ترفض إلا أن تسمي داعش بتنظيم الدولة الإسلامية، بينما كان الإيرانيون لهم من يمثلهم في كل محفل، وكلما إبتعد عنهم الغربيون والعرب في مشكلة عادوا إليهم فيما بعد ليطلبوا النجدة، وهاهي الرياض تتخلى عن رغبتها بالتخلص من الأسد، وتنشغل بصراعها مع الإرهابيين الذين تدعمهم قطر وبعض المنظومات الإقليمية، وتمارس دورا ما لوقف تقدم داعش الى أراضيها بكل الطرق المتاحة. أحد المحللين الأمريكيين يقول لفضائية عربية من واشنطن، إن الأمير بندر إتفق مع داعش على عدم إستهداف بلاده مقابل مبالغ مالية ضخمة تدفع للتنظيم، وعما إذا كانت الحكومة الأمريكية على علم بالإجراء السعودي؟ قال المحلل، إذا كنت أنا على علم، فكيف لاتكون حكومتي على علم بالأمر؟.

في التاسع من مايو الماضي كان تشاك هيغل وزير الدفاع الأمريكي في زيارة للرياض وطلب في حينه من السعوديين فتح قنوات إتصال مع الإيرانيين، الذين رفضوا دعوة سعودية، وحينها إعتذر وزير الخارجية محمد جواد ظريف عن قبول تلك الدعوة لأسباب بروتوكولية كما صرحت الخارجية الإيرانية، غير إن الحقيقة كانت خلاف ذلك فالرفض الإيراني هو تنكيل بالسعوديين الذين رأوا في تقدم المعارضة السورية وتعثر مفاوضات النووي نوعا من الإنكسار تعيشه السياسة الإيرانية التي ردت بقوة فيما بعد في العراق واليمن وسوريا ولبنان، وعلى صعيد التعاون مع الحركات الإسلامية كحماس والإخوان، وتواصلها مع تركيا وقطر، ثم عودة النظام السوري لتحقيق مكاسب على الأرض، وكان الأدهى ظهور داعش البعبع المخيف، والثعبان السام، بل السم الزعاف الذي تجرعته حكومات وأنظمة عربية قبل أن يصل إليها فداعش وحد الشيعة، وقوّى النظام السوري، وأخاف الأمريكيين وحلفاءهم الغربيين، وبعث بإشارات الرغبة في إجتياح المنظومة العربية وإسقاطها، والوصول الى عنوان الخلافة الإسلامية العريض.

الغرب والعرب معا يبحثون عن حل، السعوديون مهددون، ففشل مشروع سوريا، وفشل مشروع إسقاط الحكم الشيعي في العراق، وتقدم الحوثيين نحو صنعاء وجمود الأوضاع في لبنان، وإستمرار الخلاف مع قطر وتركيا، كانت عوامل كافية لإعادة تقييم السلوك والإجراءات والنوايا، وهاهي الرياض تبحث مع طهران التصدي لهذه الملفات بطريقة مختلفة لعلها أن تنجو بنفسها من شر مستطير يهددها ومعها كل الخليج.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آيلول/2014 - 14/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م