الصفقات السياسية وغياب الحقوق

ملتقى النبأ الاسبوعي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: مر العراق ومنذ العام 2003 بالكثير من مفترقات الطرق والمآزق التي ادخلته اكثر من مرة الى عنق الزجاجة ولم تتركه يخرج منها.

كان للمواطن العراقي النصيب الاكبر من تداعيات هذا المازق المستمر في السياسة والاجتماع، فهو تحمل دوما دفع اثمانه وكلفه المرتفعة، من دمه او ماله، ومن حاضره ومستقبله.

وكثيرا ما أنتهت الحلول لهذه المآزق عن طريق صفقات سياسية بين الفرقاء لاتأخذ بنظر الاعتبار حقوق اولئك المواطنين التي انتهكتها افعال وقرارات السياسيين.. وهو ما يطرح تساؤلا بدأ به احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات في ملتقى النبأ الاسبوعي، جاء على الشكل التالي: هل تعتقد ان هذه الصفقات تساهم في حلحلة الامور ام تعقيدها؟ مثل الصفقة السياسية التي يدور الحديث عنها في مايتعلق بالعفو العام او جريمة سبايكر، وهل تعتقد ان مثل هذه الصفقات سوف تساوي بين الجناة والابرياء، وتهدر حقوق الضحايا وانها ذريعة للسياسيين للبقاء في مناصبهم، ام انها على المستقبل البعيد ستسهم في تحقيق العدالة ولتشريع قوانين تحفظ الحقوق؟.

يرفض محمد مصطفى معاش، مدير العلاقات العامة في المؤسسة وهو يفتتح باب المداخلات والاجوبة هذا الربط التعسفي بين الحقوق والصفقات، لانه يعتقد بعدم وجود حقوق في جوهر الصفقات السياسية الحالية، لشعور السياسيين بالامان من المساءلة او المحاسبة، والذين هم باكثريتهم لايفكرون باللحظة الحالية، بل ينصب تفكيرهم على ما بعد السنوات الاربع القادمة، وما يمكن ان يحققوه لانفسهم من مصالح شخصية، على حساب حقوق المواطنين المضيعة.

وهو يعتقد ايضا، ان كل صفقة تخضع للتفاوض، وكل تفاوض هو بحث عن مصلحة معينة، قد لاترضي الطرف المفاوض والذي يشعر بانه صاحب الحق في القضية التي يتم التفاوض عليها، كما حدث في فتح مكة او صلح الحديبية او صلح الامام الحسن (عليه السلام) والتي كانت تنظر الى مصالح اكبر من مصالح اللحظة الراهنة في حينها.

يطرح عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث في بداية مداخلته تساؤلا مفاده: السياسي في العراق من يمثل؟ ينطلق في اجابته من هذا الفهم المغلوط الذي رافق عمل السياسيين في العراق، وانهم يدافعون عن مصالح محافظاتهم او طوائفهم او قومياتهم، مع الدفاع عن مصالح الناس الذين انتخبوه، وان كان مثل هذا الفهم لدور السياسي له جزء من الصحة، الا انه لايعدم او ينفي الدفاع عن حقوق العراقيين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم، وعلى السياسيين ان يفهموا، ان الصفقات السياسية التي يقومون بابرامها، يجب ان تكون المصلحة منها هي (حفظ الكل مقابل الجزء).

 

 

يعتقد الصالحي، ان لاحصانة للحقوق في العراق، لان القانون نفسه يفقتد مثل تلك الحصانة امام من يريد استغلاله، وبالتالي لم  يرتق ان يكون القانون في العراق حاكما على السياسي.

للخروج من هذا المازق، يطالب الصالحي بضمانات للحفاظ على الحقوق، ولا يتاتى ذلك الا من خلال وجود الجماعات الضاغطة، من اعلام ومنظمات مجتمع مدني. 

يرجع علي الطالقاني مدير ادارة المؤسسة، ان مايحدث هو نتيجة ازمة الثقة المتعاظمة بين السياسيين، والتي تعود برايه الى عدم الاعتراف بالاخر او قبوله، وهو ما يتكشف عبر صراعات سياسية مؤطرة بالطائفية لاسقاط الخصم والاطاحة به.

ويعتقد الطالقاني، ان هناك ثوابت تتعلق بحقوق الانسان يجب ان يهتم بها السياسيون بعيدا عن صفقاتهم، ومحاولة الاستفادة قدر الامكان من الايجابيات  رغم الاختلاف في الرؤية.

في مداخلته يعتقد جواد العطار الناشط السياسي، ان الصفقات تحدث بين قوى فيها نوع من التوازن، بحثا عن حلول بالسلم او التوافق وليس العنف.

وهي احيانا تكون حلا اضطراريا لمشكلة معينة، مثلما يحدث الان من تنازلات او صفقات  لتشكيل الحكومة  وهدفها تحقيق السلم الاهلي.

من حيث المبدأ العام يعتقد العطار  ان الصفقات السياسية هي مبدأ عقلائي، ويضرب مثلا بصلح الحديبية وكيف ان المصلحة العليا هي درء الحرب ومفاسدها.

نعم قد تكون الصفقات على حساب الحقوق، لكن من يحدد تلك الحقوق والاوليات، اذا تنازعت مع الثوابت العليا وحاولت ان تتجاوزها؟

يجيب العطار بقوله، ان الثوابت  يحددها الفقيه، بينما الاولويات يحددها السياسي، والاولويات تحدد بالمصلحة، التي ترى ان التجاوز على بعض الحقوق احيانا هو من اجل الحفاظ على حقوق اكبر.

ماهي الضمانات التي يمكن لها ان تحافظ على الحقوق ولاتهدرها في اي صفقة سياسية؟

تتمثل تلك الضمانات برأي العطار في: تغيير ثقافة المجتمع - توفر الشفافية من قبل القائمين على العمل السياسي -  منظمات المجتمع المدني - استقلالية مؤسسة القضاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/آيلول/2014 - 12/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م