المخدرات.. آفة العصر تستشري برعاية القانون

 

شبكة النبأ: يعد الادمان على المخدرات بمختلف انواعها، من أكبر المشكلات التي تعاني منها جميع دول العالم دون استثناء خصوصا، وان الكثير من التقارير تشير الى أن هناك تزايداً ملحوظاً في عدد المتعاطين لها في العالم ولأسباب متعددة، ومنها وكما يقول بعض المراقبين ظهور خطوط جديدة لعصابات التهريب نتيجة تأثير الحروب والصراعات الأهلية والإقليمية، التي اسهمت بتنامي وتطور أسواق المخدرات التي تستهدف الشباب وخصوصا الذين يعانون من البطالة والفراغ والامية.

وتشير أغلب التقارير لا سيما تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى الترابط المعقد بين الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد وتهريب المخدرات، وللإدمان مراحل مخاطر وآثار وتأثير كبير على ارتفاع معدلات الجرائم، وبحسب بعض الدراسات وكما تشير بعض المصادر الاعلامية فأن علاقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين رئيسيين هما: تغير في الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي وما يحدث نتيجة ذلك التغير من اختلال في وظائف الإدراك والتفكير وبالتالي ضعف السيطرة على ضبط الذات وفقدانها، ما يجعل الفرد المدمن يطلق العنان لرغباته وشهواته فيقترف الجرائم دون وازع من ضمير أو خوف من عقاب.

من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان سبب ازدياد اعداد المدمنين في الكثير من دول العالم، يرجع الى ضعف الرقابة واعتماد بعض الدول قوانين خاصة بإباحة واستخدام بعض انواع المخدرات، وانتشار الفساد في العديد من المؤسسات الحكومية هذا بالإضافة الى تسرب المخدرات الطبية إلى الاسواق غير المشروعة وارتباط ظاهرة المخدرات بالجريمة المنظمة والارهاب وغسيل الأموال.

الكوكايين و الماريوانا

وفي هذا الشأن قال مسؤول في ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ان نسبة الكوكايين المتدفق على الولايات المتحدة من منطقة الكاريبي زادت ثلاثة أمثال خلال الثلاث سنوات الماضية وهو ما أعطى ثقلا للرأي القائل بأن المنظمات الاجرامية عادت مرة أخرى الى استخدام طريق كانت هجرته منذ سنوات. وقال وليام براونفيلد مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون المخدرات الدولية وانفاذ القانون ان 16 في المئة من المخدرات دخلت الولايات المتحدة من خلال الجزر بزيادة خمسة في المئة عن عام 2011.

وتعادل هذه النسبة نحو 47 طنا من الكوكايين. ورغم ان هذا لا يقارن بحجم تدفق المخدرات من دول امريكا الوسطى والمكسيك الا انه يثير قلق المسؤولين الأمريكيين. وقال براونفيلد "لا أود ان أقول ان كمية المنتج المتدفقة عبر الكاريبي تقترب ولو من بعيد من مستويات (المتدفق) من أمريكا الوسطى والمكسيك لكن المقلق هو التوجه وهذا حقا يثير قلقنا."

وتهرب شحنات الكوكايين من كولومبيا وفنزويلا وتنقل في زوارق سريعة وسفن شحن الى الجزر والنقطة الأكثر جذبا لهذه الشحنات هي جزيرة إسبانيولا التي تتشارك في السيادة عليها الدومنيكان وهايتي. وهذه الزيادة في عمليات التهريب تثبت صحة توقعات أوباما بأن الجهود المشتركة التي تبذلها الولايات المتحدة والمكسيك لمكافحة المخدرات ستدفع المهربين الى العودة مرة أخرى الى طريق الكاريبي.

على صعيد متصل قال تقرير للأمم المتحدة إن عدد الامريكيين الذين يدخنون الماريوانا يتزايد نظرا لتراجع ادراكهم بمخاطرها الصحية لكن عدد من يسعون للحصول على العلاج من المشاكل المرتبطة بتعاطي المخدر في تزايد. وقال مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إنه لازال من المبكر جدا معرفة تأثير خطوات اتخذت في الاونة الاخيرة لتقنين استخدام الماريوانا في ولايتي واشنطن وكولورادو الامريكيتين وفي اوروجواي بأمريكا الجنوبية.

وقال المكتب في تقريره السنوي عن المخدرات في العالم إن الابحاث تشير إلى أن الادراك المتراجع لمخاطر الماريوانا وتوفرها المتزايد قد يؤديان إلى انتشارها على نطاق اوسع وإلى اقبال مزيد من الشبان علي استخدامها. وذكر التقرير أن الاستخدام العالمي للماريوانا انخفض على ما يبدو مما يعكس انخفاضا في بعض بلدان غرب ووسط اوروبا. وقال التقرير دون ان يحدد السبب الذي ربما ادى إلى هذا التغير "لكن في الولايات المتحدة ادى تراجع الادراك بمخاطر القنب إلى زيادة في استخدامها."

وذكر التقرير أن عدد من هم في سن 12 عاما او اكبر واستخدموا القنب مرة واحدة على الاقل العام الماضي ارتفع إلى 12.1 بالمئة مقابل 10.3 في عام 2008. لكن مزيدا من الاشخاص يسعون للعلاج من "الاضطرابات المرتبطة بالقنب" في غالبية مناطق العالم ومنها امريكا الشمالية. بحسب رويترز.

وفي ديسمبر كانون الأول وافق الكونجرس في اوروجواي على قانون يسمح بزراعة القنب وبيع الماريوانا لتصبح بذلك الدولة الأولى في العالم التي تقنن هذا بهدف ابعاد هذه التجارة عن العصابات الاجرامية. وفيما يتعلق بانواع اخرى من المخدرات مثلت زيادة انتاج الافيون في افغانستان "انتكاسة" حيث ارتفعت فيها مساحة الارض المزروعة بنبات الخشخاش الذي يستخرج منه المخدر بنسبة 36 بالمئة عام 2013 بينما تراجع توافر الكوكايين في العالم مع انخفاض الانتاج خلال الفترة من 2007 إلى 2012. وقال مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إن الانتاج العالمي للهيروين "عاد للمستويات العالمية التي شهدها" في 2008 و 2011.

قوانين للترخيص

من جانب اخر قال مسؤولون إن شركة مقرها سياتل تصنع مشروبات وحلوى تحتوي على الماريوانا اصبحت أول شركة في ولاية واشنطن تحصل على الموافقة لتصنيع منتجات تحتوي على هذا المخدر لبيعها في متاجر افتتحت حديثا في الولاية. وحصلت شركة (دي.بي-3) التي ستسوق منتجاتها تحت اسم "زوتس" على الرخصة مما يعني ان بمقدرها زراعة الماريوانا واستخدامها في تصنيع المأكولات الترويحية في مصنع مرخص.

وقال مسؤولون في الولاية إن شركتين اخريين حصلتا على رخصتين مماثلين لكنهما لا تملكان حتى الان اماكن للتصنيع. وقال مايكل ديفلين رئيس (دي.بي-3) في بيان "هذا يوم مهم ليس فقط لشركة دي.بي-3 بل للمستهلكين الذين يواجهون نقصا محتملا في منتجات الماريوانا في منافذ التجزئة." ولم يتضح على الفور متى ستطرح منتجات الماريوانا الجديدة في الاسواق.

ومن المقرر ان تدرس هيئة تنظيم قطاع تداول المايوانا الوليد مقترحا حول معايير التعبئة والعلامات التجارية للمأكولات الجديدة. وافتتحت اولى متاجر بيع الماريوانا الترويحية في الولاية يوم الثلاثاء مما يجعلها ثاني ولاية امريكية بعد كولورادو تتيح بيع هذه المنتجات.

على صعيد متصل اضطر متجر كانيباس سيتي أول متجر لبيع الماريوانا الترفيهية والمتجر الأوحد في سياتل إلى غلق أبوابه بعد نفاذ مخزون الماريوانا خلال ثلاثة أيام فقط بعد سماح واشنطن ببيع الماريوانا للبالغين لتصبح بذلك ثاني ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية تسمح بهذا. وافتتح كانيباس سيتي في سياتل بمخزون من الماريوانا بلغ أربعة كيلو جرامات ونصف الكيلوجرام للبيع نفدت كلها. وخطط بعض أصحاب المتاجر للحد من كمية الماريوانا التي يمكن للعملاء الأوائل شرائها في محاولة لكي يستمر المخزون.

وقالت أمبر ماكجوان مديرة كانيباس سيتي إن المتجر يحتمل ألا يكون به مخزون كاف ليظل مفتوح طيلة ساعات العمل المقررة بصورة منتظمة حتى التسليم المقرر. وقالت إن المتجر يمكن أن يفتح فقط طالما حدد ستة جرامات للعميل في كل عملية شراء بدلا من الحد القانوني المقرر عند 28 جراما. وقدرت كولورادو الطلب الإجمالي للولاية على الماريوانا هذا العام عند 130 طنا.

الى جانب ذلك وقع أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك قانونا يسمح باستخدام القنب الهندي لأغراض طبية، فأصبحت نيويورك بالتالي الولاية الأميركية الثالثة والعشرين التي تخفف من صرامة القوانين المعتمدة في هذا الخصوص. ويفرض هذا القانون مراقبة مشددة على توزيع القنب الهندي من قبل أطباء مرخص لهم يصفونه للمصابين بأمراض خطرة لا غير، من قبيل السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (ايدز) وباركنسون والتصلب اللويحي والصرع. وينبغي اولا أن يقبل هؤلاء الأشخاص في البرنامج. بحسب فرانس برس.

وستخول خمس شركات لا غير زراعة القنب الهندي في 20 مزرعة على أقصى تقدير في الولاية. ولن تتخطى مدة العلاج 30 يوما وهو لا تقدم للمرضى على شكل سجائر. ولطالما عارض أندرو كومو المرشح لولاية جديدة في الخريف قانونا من هذا القبيل، لكنه أشاد بهذا التشريع عند توقيعه مقرا بأنه "أفضل ما يمكن للماريجوانا الطبية أن تقدمه بطريقة يتم التحكم بها إلى أبعد حد". وتسمح 23 ولاية أميركية بالإضافة إلى العاصمة واشنطن باستخدام الماريجوانا لأغراض طبية، حتى أن ولايتي كولورادو (الغرب) وواشنطن (شمال غرب) شرعتا استهلاك القنب الهندي.

أوروبا و زراعة المخدرات

في السياق ذاته تشهد العديد من المدن الأوروبية ظاهرة مثيرة، حيث يقوم العديد من الأشخاص بزراعة القنب الهندي وغيرها من المخدرات في شرفاتهم وحدائقهم وحتى في خزانة ملابسهم. ظاهرة تحاول السلطات التصدي لها عبر العديد من الإجراءات. وتنمو نباتات القنب الهندي أو الحشيش في الحقول المفتوحة، ولكن أيضا في الحدائق وعلى الشرفات، وحتى في بعض الحجرات والخزانات المغلقة.

وتشهد أوروبا في السنوات الأخيرة نموا كبيرا في زراعة نبتة القنب الهندي، ليس فقط للاستهلاك الشخصي، ولكن أيضا من قبل العصابات الإجرامية، التي تحاول تحقيق أرباح كبيرة. هذه الظاهرة تثير قلق السلطات المختصة في ألماني وغيرها من البلدان الأوروبية. ويؤكد مركز الرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان (EBDD) في تقريره السنوي الأخير على تنامي هذه الظاهرة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن الشرطة في دول الاتحاد الأوروبي قد دمرت ما يزيد عن سبعة ملايين نبتة للقنب الهندي في سنة 2012. هذا الرقم تضاعف ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة، حسب خبراء من وكالة الاتحاد الأوروبي لمكافحة المخدرات.

وتزدهر هذه الزراعة غير المشروعة بشكل خاص في المملكة المتحدة وهولندا وبولندا وبلجيكا. ففي منطقة الحدود البلجيكية الفرنسية مثلا، قامت السلطات في منتصف يونيو /حزيران بتدمير أكثر من 4 آلاف نبتة قنب بقيمة مالية تصل إلى حوالي 600 ألف يوريو. وفي السنة الماضية تمكن المحققون الفرنسيون من ضبط حوالي 141 ألف نبتة مخدرة في مواقع متفرقة من البلاد.

وأما في ألمانيا فقد قامت السلطات بضبط حوالي 17 ألف نبتة سنة 2013، حسب وكالة الأمن الفدرالي، الذي تقول إن هذا التوجه قد بدء بشكل ملفت في السنوات الأخيرة، حيث أصبح بعض الشباب يزرعون النباتات المخدرة للاستهلاك الخاص.

ولكن المثير للقلق هو تورط العديد من العصابات في هذه الزراعة غير المشروعة. ولهذا تقوم السلطات في مختلف الدول الأوروبية بمداهمات لمزارعي النباتات المخدرة ومحاكمتهم. غير أن الأرباح الكبيرة لا تمنع العديد منهم في مواصلة الزراعة و التجارة بهذه المادة المخدرة.

من جهة اخرى وفي سابقة هي الأولى من نوعها في ألمانيا، سمحت المحكمة الإدارية في مدينة كولونيا لذوي الحالات المرضية الصعبة بزراعة نبات القنب واستعماله للعلاج. ونظرت المحكمة في خمس دعوات قضائية تقدم بها مصابون بإمراض الآلام المزمنة وطالبوا فيها السماح لهم بزراعة نبات النقب للاستفادة من مخدره واستعماله في تخفيف ألام أمراضهم.

هؤلاء المرضى يحملون ترخيص خاص من الدائرة الاتحادية للمستلزمات والمنتجات الطبية يسمح لهم بتعاطي المخدر كعلاج لتخفيف آلامهم. وكان هؤلاء قد قدموا طلبا للسماح لهم بزراعة نبات النقب واستعمال مخدره بصورة شخصية لأنه لا يمكنهم تكلف مصاريف شرائه الباهظة، ولأن شركات التأمين الصحي لا تدفع تكاليفه. لكن الدائرة الاتحادية للمستلزمات والمنتجات الطبية رفضت طلبهم ما قادهم إلى التوجه إلى المحكمة في النظر في قضيتهم.

قرار محكمة كولونيا وافق على ثلاث طلبات مقدمة له واشترط أولا أن يكون المريض قد استنفد وسائل العلاج الأخرى وأن يحصل على ترخيص خاص من الدائرة الاتحادية للمستلزمات والمنتجات الطبية للسماح له بزراعة نبات النقب، وأن يكون مكان النبات في السكن الخاص بالمريض محمي ولا يسمح بدخول شخص ثالث قد يستعمل أوراق النبات. بحسب وكالة الانباء الألمانية.

في حين رفضت المحكمة دعوتان مقدمتان الأولى بسبب عدم توفر الأدلة الطبية التي تشير إلى استنفاد وسائل العلاج الأخرى وتضمن أهمية التعالج بالمخدر والدعوة الثانية لعدم توفر سكن للمريض يضمن عدم المساس بالنبات من قبل آخرين. وكانت الدائرة الاتحادية للمستلزمات والمنتجات الطبية في ألمانيا قد سمحت في عام 2009 للمصابين بحالات مرضية مزمنة، ومن يعانون من آلام مزمنة، بشراء المخدر من الصيدليات لتخفيف الآلام وللعلاج. واستطاع ما يقارب 300 مريض الحصول على تراخيص خاصة لشراء المخدر الذي يستورد من هولندا ويباع في الصيدليات بسعر 15 يورو للغرام الواحد.

بريطانيا

على صعيد متصل انضمت بريطانيا إلى البلدان التي تحظر استخدام القات، الذي يستخدمه بكثرة اليمنيون والصوماليون والكينيون والإثيوبيون. وتقيم جاليات كبيرة من الجنسيات المذكورة على الأراضي البريطانية. ويعاقب من يضبط بحوزته القات بالسجن لمدة تصل إلى سنتين، وفقا للقانون الجديد.

وتمضغ أوراق القات من أجل الوصول إلى مفعول مخدر. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مقال نشره موقع صومالي على الإنترنت إن القانون سيحمي أفراد المجتمع الضعفاء، وأضاف أن الأثر الاجتماعي لاستخدام القات يدعو للقلق، وقد ساهم في تفكك الأسر والبطالة.

وكانت بريطانيا قد أصبحت البوابة الأوروبية لتهريب القات، بعد أن حظرته معظم دول القارة بالإضافة إلى الولايات المتحدة وكندا. وكان ما يربو على 2560 طنا من القات يستورد سنويا إلى بريطانيا، ويجلب ما قيمته 2.8 مليون جنيه من الضرائب. ويذكر أن القات يستخدم منذ قرون في بلدان القرن الإفريقي.

من جهة اخرى وقع أكثر من 90 شخصية عامة في بريطانيا، تضم مشاهير وسياسيين ومحامين وخبراء في مجال الصحة، خطابا موجها لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، للمطالبة بمراجعة سياسة الحكومة بشأن التعامل مع المخدرات غير المشروعة. وتضمنت هذه المجموعة الفنان ستينغ، والسير ريتشارد برانسون، والكاتب ويل سيلف، والفنان الكوميدي راسيل براند، والمحامي مايكل مانسفيلد كيو سي. ويطالب موقعو الخطاب بتغيير القانون القائم بحيث لا تصبح حيازة المخدرات جريمة.

وتشمل قائمة الموقعين على الخطاب أيضا مجموعات من المعنيين بإنفاذ القانون في بريطانيا مثل اتحاد رؤساء السجون، والاتحاد الوطني للشرطة من السود، والذي يهتم بمنع التمييز العنصري بين أفراد الشرطة في بريطانيا. وقدمت جمعية "ريليز" لمكافحة المخدرات صياغة ذلك الخطاب. بحسب بي بي سي.

وجاء في الخطاب أن استخدام الحظر القانوني لحيازة المخدرات في بريطانيا أدى إلى "تجريم غير ضروري" لأكثر من 1.5 مليون شخص في السنوات الـ15 الماضية. ويذكر الخطاب أن ثمة أدلة من أستراليا، وجمهورية التشيك، والبرتغال على أن المشكلات الصحية المرتبطة بتعاطي المخدرات تقل "بدرجة كبيرة جدا" عند تقديم الدعم الطبي لمتعاطيها بدلا من تقديمهم إلى النيابة.

عقاقير الهلوسة

في السياق ذاته توصل علماء يعكفون على دراسة أثر مادة كيماوية تسبب الهلوسة موجودة في فطر عيش الغراب السحري الى ان المخ البشري يبدي نمطا من النشاط خلال الأحلام يشبه تماما ما يحدث للمخ بسبب تعاطي اي مادة مخدرة. والمواد المهلوسة كعقار (ال اس دي) وعيش الغراب السحري يمكن ان تقلب رأسا على عقب الطريقة التي نرى بها العالم الا ان العلماء لم يعرفوا سوى النزر اليسير عما يحدث وظيفيا في المخ جراء تعاطي هذه المواد.

وخلال دراسة نشرت نتائجها في دورية خريطة المخ البشري فحص الباحثون أثر مادة سايلوسيبين وهي المادة ذات الفعل المسبب للهلوسة في عيش الغراب السحري، وذلك بالاستعانة بمعلومات فحص مخ متطوعين بالأشعة المقطعية ممن حقنوا قبلا بالمادة المخدرة. وقال انتسو تالياتسوكي المشرف على هذه الدراسة بجامعة جوته الألمانية "أنسب طريقة لفهم كيفية عمل المخ هي ارباك المنظومة على نحو ملحوظ ومبتكر. تقوم عقاقير الهلوسة بذلك بدقة شديدة لذا فانها أدوات قوية لاستكشاف ما يجري في المخ عندما يجري تغيير الوعي بصورة تامة."

وينمو عيش الغراب السحري طبيعيا في جميع انحاء العالم ويستخدم منذ أقدم العصور في الطقوس الدينية والترويح عن النفس. ويجري الباحثون البريطانيون دراساتهم للوقوف على مدى قدرة مادة سايلوسيبين على تخفيف الأنواع الشديدة من الإكتئاب لدى المرضى الذين لا يستجيبون لعلاجات أخرى وحصل الباحثون على نتائج ايجابية من تجاربهم الاولية. وبالمثل حصل الباحثون في الولايات المتحدة على نتائج ايجابية في تجاربهم بالاستعانة بصورة نقية من عقار النشوة (ام دي ام ايه) وعالجوا اضطرابات ما بعد الصدمة.

ولاستطلاع الاساس البيولوجي لتجارب عقاقير الهلوسة حلل الفريق البحثي لتالياتسوكي المعلومات المستقاة من صور للمخ تخص 15 متطوعا حقنوا بالعقار في الوريد فيما كانوا تحت اجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. واجريت فحوص بالأشعة على المتطوعين وهم تحت تأثير عقار الهلوسة ثم بعد ان اتاولوا عقارا مموها وراقبوا ورصدوا تذبذب مستويات النشاط بالمخ. بحسب رويترز.

ووجدوا انه مع استخدام عقار الهلوسة زاد نشاط شبكة بدائية بالمخ مرتبطة بالتفكير الانفعالي فيما زاد بالمثل نشاط مراكز اخرى في المخ. ويضاهي هذا النمط ما يحدث للانسان اثناء الأحلام. وتوصل الباحثون ايضا الى ان المتطوعين الذين تعاطوا عقار الهلوسة كانوا يعانون من عدم ترابط وعدم تنسيق نشاط شبكة المخ المرتبطة بالتفكير العالي المستوى بما في ذلك الوعي بالذات.

مرض الفصام

من جانب اخر قال باحثون بعد ان درسوا أكثر من ألف حالة لأشخاص يتعاطون المخدرات ان الجينات التي تزيد مخاطر الاصابة بمرض الفصام هي المسؤولة أيضا عن زيادة امكانية تعاطيهم لمخدر القنب. وتماشت هذه النتائج مع دراسات سابقة ربطت بين الفصام وتعاطي القنب لكنها مضت أبعد من ذلك لتقول ان هذا الارتباط يرجع الى جينات مشتركة لا الى صلة عارضة حيث يؤدي استخدام مخدر القنب الى زيادة مخاطر الاصابة بمرض الفصام. بحسب رويترز.

ومخدر القنب من أكثر أنواع المخدرات شيوعا في العالم وهو منتشر بين مرضى الفصام أكثر من أي فئة أخرى. وقال روبرت باور الذي قاد الدراسة في معهد سايكياتري بكلية كينجز كوليدج في لندن "نعرف ان مخدر القنب يزيد مخاطر الاصابة بالفصام. ودراستنا بالقطع لا تنفي ذلك لكنها تشير الى صلة مرجحة في الاتجاه الاخر أيضا - وهو ان كونك عرضة للفصام يزيد من احتمالات تعاطيك مخدر القنب." والفصام هو خلل نفسي خطير وتصل نسبة الاصابة بالمرض الى واحد في المئة والناس الذين يتعاطون مخدر القنب هم أكثر عرضة للإصابة بالفصام بمقدار الضعف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/آيلول/2014 - 6/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م