الصراع على الثروات قد يعيد تشكيل الشرق الاوسط

 

شبكة النبأ: تشهد منطقة الشرق الاوسط، الذي رسمت اغلب حدوده، اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916(تم خلالها اقتسام الهلال الخصيب لأغلب دول العالم العربي)، صراعات وازمات كبيرة، تمتاز بالاستمرارية والتداخل، ويمكن تقسيم هذه الصراعات الى ثلاث انواع رئيسية:

1. صراعات سياسية: تسببت في الكثير من الحروب والتدخلات الاقليمية والعالمية، وزادت وتيرتها في الآونة الاخيرة، بعد احداث الربيع العربي عام 2011، حيث شهدت العديد من الدول العربية انتفاضات وثورات ضد الانظمة القائمة فيها منذ عقود من الزمن، جرت خلالها، وبعدها، صراعات سياسية بين الدول الكبيرة في المنطقة على تقاسم النفوذ والحفاض على المصالح، الامر الذي انعكس سلبا على طبيعة هذه الثورات العربية.

2. صراعات اقتصادية: لكون منطقة الشرق الاوسط غنية جداً بالثروات الطبيعية (وتحديدا النفط)، ويحتل العالم العربي (خصوصا دول الخليج) مركز الصدارة في هذه الثروات، فقد تحول الى محطة رئيسية للصراعات الاقتصادية وتقاسم الثروات والبحث عن المصالح النفطية، بين الدول الكبرى وشركات النفط العابرة للقارات، وقد اندلعت من اجل النفط العديد من الازمات السياسية والحروب العسكرية والتدخلات الاجنبية خلال العقود الماضية.

3. صراعات فكرية: برغم ان الاغلبية ممن يسكن منطقة الشرق الاوسط يعتنق الديانة الاسلامية، الا ان الصراعات الفكرية كانت سببا في اثارة الكثير من المشاكل والتوترات في هذه المنطقة، سيما مع تنامي التيارات والمنظمات والحركات الفكرية المتطرفة، والتي شنت مؤخرا العديد من الهجمات لدواعي طائفية ومذهبية وعرقية، خلفت الالاف القتلى والجرحى وملايين النازحين في سوريا والعراق، كما نشطت جماعات تكفيرية اخرى في العديد من الدول التي تشهد اضطرابات امنية كلبنان ومصر وليبيا...الخ.

ويشير المحللين الى ان جميع هذه الصراعات يمكن صهرها في بوتقة المصالح، التي من اجلها يمكن افتعال الازمات واثارة الحروب والصراعات في هذه المنطقة الغنية من اجل تقاسم النفوذ والحفاظ على هيمنة طرف ما على حساب الاخرين.

وتعتبر هذه المنطقة، مصدرا دائما للتوتر، كما تعتبر مصدرا دائما للنفط، الامر الذي يشكل ثنائية غريبة لا يمكن فصل احداها عن الاخرى، كما يرى خبراء.       

العراق وسوريا أزمة للسعودية

في سياق متصل مع اكتساب المتشددين الإسلاميين النصيب الأكبر في الحركة المعارضة في سوريا وسيطرتها على مساحات كبيرة في غرب العراق فإن الأسرة الحاكمة السعودية تواجه أزمة مزعجة ومتفاقمة، واعتبر آل سعود منذ زمن بعيد الصراعات في العراق وسوريا معارك محورية بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط فهي تضع المسلمين السنة في مواجهة إيران الراديكالية الثورية الشيعية، ولكن في سوريا والعراق فإن الحلفاء المفضلين للمملكة هزموا في مواجهة مع جماعات أكثر تشددا، وتواجه الرياض سيناريو يشكل كابوسا ماثلا في متابعة تحول دولتين عربيتين كبريين إلى تابعتين لغريمتها طهران أو أسوأ، أن تظلا دولتين فاشلتين بشكل دائم.

وما يريده آل سعود في البلدين هو حكومة مستقرة فيها تمثيل سني قوي يمكن أن يشكل حصنا في مواجهة ما يعتبرونه نهجا توسعيا من جانب إيران والفكر السني المتشدد الذي يهدد حكمهم، وفي سوريا حيث السعوديون الداعم الرئيسي للجماعات المتمردة بما في ذلك الجيش السوري الحر العلماني والجبهة الإسلامية التي تضم مقاتلين سنة أقل تشددا فإنه ما زال لدى الرياض بعض الخيارات التي يمكنها التأثير في نتيجة الحرب، ولكن في العراق الذي تشاركه السعودية حدودا طولها 850 كيلومترا فإن لدى السعودية بضعة اصدقاء مجربين أو صلات راسخة مع الجماعات السنية، وهي تعلم أن الأغلبية الشيعية ستبقى القوة المهيمنة.

وقال مصطفى العاني وهو محلل سياسي عراقي له صلات وثيقة بوزارة الداخلية في الرياض "فيما يتعلق باللعبة الاستراتيجية فإن السعوديين ينتظرون لمعرفة ما سيحدث، ليست لديهم أي جماعة يمكنهم الاعتماد عليها بين العرب السنة، هم غائبون منذ عام 2003 وهذا كلفهم الكثير"، وبالنسبة للسعوديين فإن تقدم المتشددين هذا الصيف ألحق ضررا محمودا بطهران وبرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المنتهية ولايته الذي تتهمه بأنه "إيراني مئة في المئة" ولكن المتشددين فعلوا ذلك جزئيا على حساب أمن السعودية نفسه.

وعلى الرغم من أن أراضي الدولة الإسلامية لا تحد السعودية ويبدو من المستبعد أن تشكل تهديدا عسكريا فإن كثيرا من مواطني المملكة انضموا للجماعة مما زاد المخاوف من أن يعودوا وينقلبوا ضد حكومتهم، وبالنسبة لآل سعود فإن معظم الفصائل الإسلامية تشكل تحديا فكريا خطيرا على النظام الملكي في البلاد مما دفعهم لشن حملة على الإخوان المسلمين في مصر والتعاون مع واشنطن في التعامل مع تنظيم القاعدة، وانتابت الأسرة الحاكمة مخاوف جمة تحفها ذكريات لهجمات شنها مقاتلون سابقون سعوديون قاتلوا في العراق في العقد الماضي، وأصدر العاهل السعودي الملك عبد الله في فبراير شباط قوانين مشددة جديدة استنفرت مؤسسة رجال الدين كي تنشر الوعي ضد التطرف، وكتب الأمير محمد بن نواف سفير المملكة في لندن في صحيفة بريطانية يقول "لقد فعلنا وسنفعل كل ما بوسعنا لوقف انتشار السم الزعاف في بلادنا ومنطقتنا ونشجع كل الحكومات على أن تفعل الشيء نفسه".

وتقول السلطات السعودية إنها على صلة مستمرة بالعراقيين، وربما تملك السعودية بعض القدرة على استخدام صلاتها التقليدية للتأثير في القبائل السنية التي لها امتدادات على جانبي الحدود، وقال نيل باتريك من معهد رويال يونيتد سيرفيسز "هناك تقليد قديم عند وجهاء القبائل في العراق والدول العربية الأخرى بزيارة أمراء السعودية وغيرهم من الشخصيات المهمة وتقديم طلبات بدعم مالي لمساعدتهم في النهوض بمصالحهم الاجتماعية والسياسية الواسعة"، ولكن ليس لدى الرياض سفير في العراق منذ عام 1990 حينما غزا صدام حسين الكويت وهدد الأراضي السعودية، وزاد تدهور العلاقات منذ عام 2003 حينما منح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأغلبية الشيعية مزيدا من السلطات.

وقال واحد من عدة دبلوماسيين في الخليج جرت معهم مقابلة لغرض إعداد هذا التحليل إن السعودية أكبر داعم للمعونة الإنسانية للعراق بعد منحة قيمتها 500 مليون دولار قدمت من خلال الأمم المتحدة، ولكن محاولات السعودية دعم القيادات السياسية السنية شمالي الحدود كانت متقطعة وغير ناجحة، وقال دبلوماسي "الناس يعتقدون أن السعوديين أكثر تأثيرا مما هم عليه، هناك بعض الاتصالات ولكنها ليست اتصالات كثيرة"، وقال دبلوماسيون إن الرياض وقطر على تواصل مع عدد من "القيادات السنية المعتدلة" في العراق تدعمانها من أجل محاصرة التأييد لمتشددي الدولة الإسلامية، ولكن العاني قال إن مثل هذه العلاقات ليست قوية، وقال دبلوماسي إنه بينما قدمت الرياض بعض التمويل لقبائل سنية عراقية بعدما أوقفت بغداد تمويل مجالس الصحوة هناك فإن الاتصالات وخاصة عبر قبائل شمر التي تنتمي إليها زوجة الملك عبد الله كانت محدودة، وحتى القيادات الدينية السعودية فإنه ليس لديها تأثير يذكر على السنة في العراق الذين يتبع معظمهم مذاهب سنية مختلفة عن الفكر الوهابي المهيمن في المملكة.

وفور الإعلان عن أن حيدر العبادي سيصير رئيسا للوزراء صرح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بأن ذلك الخبر الطيب الوحيد الذي سمعه في الآونة الأخيرة، وينتمي العبادي لنفس الكتلة السياسية التي ينتمي إليها المالكي ولكنه (على حد تعبير أحد الدبلوماسيين) "القاسم المشترك الأصغر الذي يقبله الجميع"، وقال عبد الله العسكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السعودي الذي يقدم المشورة للحكومة فيما يتعلق بالسياسات إن "العبادي ينتمي لنفس الحزب الشيعي المتطرف الذي ينتمي إليه المالكي، لذا سيتعين عليها الانتظار لمعرفة كيف ستبدو أفعاله وليس مجرد أقواله"، وقال مصدر خليجي كبير طلب عن الإفصاح عن اسمه إن محاولة مبكرة للتواصل معه لم تلق أي اهتمام، ولم يتسن التأكد من رواية هذا المصدر.

وقال إن قائد الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله التقى مسؤولين عراقيين بعد ترشيح العبادي عارضا المشورة بشأن التعامل مع التشدد السني ولكنه كانوا "أقل ترحيبا مما كان متوقعا" ونأى المسؤولون بأنفسهم عنه، وأضاف المصدر أن "الأمير أوصل رسالته مع مسؤولين يعملون مع العبادي وكانت رسالته حازمة وواضحة بأن قضية الأعمال المسلحة على يد متشددين ينبغي التعامل معها بحزم"، وتابع قوله أنه بينما يزيل رحيل المالكي عداوة شخصية مسمومة من طريق العلاقات السعودية العراقية فإن الرياض تقبل أيضا بواقع القيود السياسية والطائفية في بغداد، وقال "يوجد تفهم لحقيقة أنه في الوقت الراهن، ينبغي أن يكون رئيس وزراء العراق شيعيا"، ويأمل بعض العراقيين أن تقود التغييرات في بغداد إلى توافق أكبر بين طهران والرياض مما يساعد على تهدئة التوترات في بلادهم وفي أنحاء الشرق الأوسط. بحسب رويترز.

وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري "أعتقد أنه ستكون هناك تطورات إيجابية بين إيران والسعودية بسبب التقدم الذي أحرزته الدولة الإسلامية، سيلعب الطرفان دورا الآن في العراق بسبب الدولة الإسلامية"، ولكن منذ اجتماع مسؤولين سعوديين وإيرانيين في المحادثات الثنائية الأولى للبلدين منذ تولي الرئيس حسن روحاني السلطة العام الماضي ظلت تغطية وسائل الإعلام الرسمية في البلدين لهذا التواصل ضعيفة إلى أدنى درجة، ويقول محللون إن تلك كانت إشارة على مدى الشكوك المتبادلة القائمة ومدى صعوبة أن يعمل الجانبان سويا في التعامل مع الدولة الإسلامية.

العلاقات الخليجية

الى ذلك حققت دول مجلس التعاون الخليجي انفراجا في أزمتها الداخلية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، دون تحديد موعد لعودة سفراء الدول الثلاث إلى الدوحة، وذلك في ظل وضع إقليمي يهيمن عليه القلق إزاء تقدم المتطرفين الإسلاميين في العراق وسوريا، بحسبما أفاد وزير الخارجية الكويتي، وقال الشيخ صباح خالد الصباح في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة، غرب السعودية، خصص بشكل أساسي للعلاقات الخليجية، أنه "تم الاتفاق على وضع أسس ومعايير لتجاوز (الخلافات) في أقرب وقت ممكن عبر تنفيذ الالتزامات والتأكد من إزالة كل الشوائب وما علق بمسيرة في المرحلة الماضية".

وأوضح الوزير الكويتي الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس التعاون أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه يأتي "في مرحلة الكل يدرك ويعي فيه المخاطر التي تحيط، بالمنطقة، وبالتالي علينا الاستعجال في إزالة كل العوائق والشوائب واستكمال هذه المسيرة" الخليجية المشتركة، وكان وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي أكد في وقت سابق أن "الأزمة الخليجية حلت ببابين مفتوحين"، مؤكدا ردا على سؤال حول ما إذا كان السفراء الثلاثة سيعودون إلى الدوحة "سيعودون" دون أن يحدد موعدا لذلك، وفي موضوع السفراء الثلاثة الذين سحبتهم السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة في آذار/مارس الماضي، أكد وزير الخارجية الكويتي بدوره أيضا أن عودة السفراء قد تتم "في أي وقت"، وأشار إلى أنه "في أقرب وقت ستكون النتائج ظاهرة للجميع". بحسب فرانس برس.

ودارت أزمة دبلوماسية كبيرة بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى إذ اتهمت الدول الثلاث الدوحة بانتهاج سياسات معادية لها لاسيما من خلال دعم تنظيم الإخوان المسلمين وتجنيس معارضين خليجيين، إضافة إلى الخط التحريري لقناة الجزيرة، واتهمت الدول الثلاث قطر بعدم التزام اتفاق في هذا الإطار تم التوصل إليه ضمن مجلس التعاون الخليجي في الرياض، وقد سحبت الدول الثلاث سفراءها من الدوحة في آذار/مارس الماضي في خطوة غير مسبوقة بين دول المجلس الذي تأسس في 1981 ويضم السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في الأيام الأخيرة جولة شملت الدوحة والمنامة وأبوظبي في مسعى دبلوماسي أخير قبل اجتماع جدة الذي أشارت صحف خليجية إلى أنه بالغ الأهمية بالنسبة لموضوع العلاقات الخليجية.

الصراع على ليبيا

من ناحية اخرى، هل شنت مصر والإمارات غارات جوية على مواقع ليبية لميليشيات إسلامية متشددة؟ سؤال يبقى معلقا في ظل التراجع الأمريكي عن التأكيدات السابقة بهذا الشأن، لكن الكثير من القراءات تؤكد أن إمكانية ذلك واردة، وتثار الكثير من الأسئلة حول حقيقة قيام سلاح الجو المصري والإماراتي بشن غارات على مواقع إسلاميين متشددين في ليبيا، بعد أن تراجعت واشنطن عن تصريحات أكدت فيها ذلك، إلا أن بعض المراقبين اعتبروا التراجع الأمريكي غير مقنع، وبعد أن تحدثت واشنطن عن أن مصر والإمارات كانتا وراء الغارات، تراجعت الخارجية الأمريكية عن ذلك عبر بيان ذكرت فيه أنها أشارت إلى تقارير أفادت أن الدولتين المعنيتين شاركتا في العملية.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الأميرال جون كيربي، قال إنه يعتقد أن مصر والإمارات "نفذتا تلك الضربات" دون أن يذكر التفاصيل، كما صرحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي قائلة "ندرك أن الإمارات ومصر نفذتا في الأيام الأخيرة ضربات جوية" في ليبيا، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت أن مقاتلات إماراتية شنت سرا ضربات جوية ضد مواقع لميليشيات إسلامية ليبية، بعد أن وافقت مصر على أن تستخدم الطائرات العسكرية الإماراتية قواعدها، وفي تصريح، قال الإعلامي الليبي أسامة الكميش، لا يوجد اتهام رسمي لأي طرف أجنبي بكونه انتهك سيادة البلاد، فيما سجل الكميش "عدم وضوح ردود فعل القوى السياسية الليبية حتى الآن"، بهذا الخصوص، وكانت هذه الردود، بالنسبة لمحاورنا، "شخصية لا تمثل أي شيء" في المشهد السياسي الليبي.

واعتبر الباحث المصري محمد محسن أبو النور، المتخصص في العلاقات الدولية، "الأنباء المتواترة عن التدخل المصري في ليبيا أو حتى السماح بمقاتلات إماراتية بضرب أهداف داخل الأراضي الليبية تنسجم مع العقيدة الاستراتيجية لدى الإدارة المصرية الحالية، لأن النظام المصري الحالي ظل على جفاء مع قادة الثورة الليبية وأعضاء المؤتمر الوطني طيلة السنوات الثلاث المنقضية"، وقال محسن أبو النور إن " ثمة تنافر في وجهات النظر حول مسائل الحدود وقيادة الدولة والتعامل مع المستجدات على الأرض بين طرابلس والقاهرة، كما أن النظام المصري الحالي تكبد خسائر سياسية كبرى بمقتل عمال مصريين مسيحيين على الأراضي الليبية فضلا عن عمليات اختطاف الدبلوماسيين التي تكررت"، وأضاف أن "الوضع الإقليمي الذي يسمح بتوغل خطر التسليح الأهلي على مصر من جهة الشرق، خاصة في تلك المناطق الحدودية التي يتعثر ضبطها وضبط عمليات تهريب الأسلحة من خلالها" من الممكن أن يجر القاهرة إلى تحرك من هذا النوع، أولا "لإظهار قوتها، وثانيا للتأكيد على أنها قادرة على حماية مواطنيها خاصة بعد استياء المصريين الشديد من ما يحدث لمواطنيهم في هذا البلد".

وإن كان لمصر مصلحة في أن تساهم بالتدخل العسكري في ليبيا، يجيب محاورنا أن "حدثا كهذا كان مهما لحماية النظام وضبط هيبته في محيطيه الإقليمي والدولي"، مستدركا "لكن استقراء المستقبل يشير إلى أن عملا كهذا شديد الخطورة على العلاقات الثنائية مع دولة جارة وشقيقة مثل ليبيا، مهمة لمصر من الناحية الجيوستراتيجية ومن الناحية الاقتصادية بسبب العملة الصعبة التي توفرها العمالة المصرية فيها"، وحول العوامل التي قد تكون أدت بكل من مصر والإمارات العربية إلى وضع اليد في اليد للتدخل عسكريا في ليبيا، يقول محسن أبو النور "إن هناك حالة من حالات العداء لدى كل من القاهرة وأبو ظبي تجاه الإسلام السياسي، وفي خضم التحركات الحازمة التي اتبعتها الإمارات تجاه هذا التيار فإن عملية عسكرية قد تكون سهلة ومأمونة العواقب خاصة لو توفرت لها قاعدة في مصر، في الوقت الذي تنعدم فيه قدرة قوات الدفاع الجوي في ليبيا". بحسب فرانس برس.

ويبقى الهدف مشتركا بين بلدين لا يخفيان رفضهما للإسلام السياسي، برأي محدثنا، ألا وهو "إجهاض تطور ونفوذ حركات الإسلام السياسي في ليبيا، والإتيان بنظام حليف يتماشى مع المزاج العام للدولتين المنتصرتين مؤخرا على جماعة الإخوان في مصر"، وقال الباحث الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، إن "الأخبار بشأن هذا الموضوع متناقضة"، مشيرا إلى "تراجع واشنطن عن تصريحاتها" المرتبطة بالموضوع، وفسر الصمت الرسمي للإمارات بكون الدولة "لا يمكن لها أن ترد على كل إشاعة صحفية"، لكن عبد الخالق عبد الله أكد في نفس الوقت أن "هناك أسباب ملحة لأن يتحرك المجتمع الدولي والدول العربية حتى لا تتحول ليبيا إلى مرتع للجماعات الإسلامية المتطرفة"، معتبرا أن "هناك ظروفا ملحة للقيام بهجمات من هذا النوع وخاصة من قبل مصر المعني الأول بالوضع في ليبيا"، وأكد في نفس السياق أن "الوضع الليبي لا يهم مصر لوحدها وإنما الإمارات كذلك وجميع البلدان العربية، مشددا على أن "تقوم هذه الدول بما يجب القيام به في هذا البلد في ظل التردد الأمريكي وعجز المجتمع الدولي"، على حد تعبيره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/آيلول/2014 - 6/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م