التعليم كوسيلة لتقليل اللامساواة

حاتم حميد محسن

 

في الاسبوع الماضي (23 أغسطس 2014) بحثت الايكونومست الاسباب الكامنة وراء فشل العولمة في تقليل اللامساواة في الدول النامية. العديد من النظريات طُرحت حول الموضوع، سنناقش الآن احدى هذه النظريات للاقتصادي Eric Maskin من جامعة هارفرد. كان ماسكين يعمل لأكثر من عقد في تطوير هذه النظرية برفقة زميله مايكل كريمر من هارفرد ايضا. بايجاز، يرى ماسكن ان العمال الماهرين في الدول النامية يتم استقطابهم من جانب الشركات المتعددة الجنسيات ويتقاضون اجوراً عالية. بينما العمال غير الماهرين جرى تجاهلهم فكانت اجورهم قليلة.

 في الاجتماع الخامس للعلوم الاقتصادية المنعقد في مدينة لندا الالمانية (للفترة من 20 الى 23 اغسطس 2014)، تسائل ماسكن حول افضل السبل لتقليل عدم المساواة. وبافتراض صحة نظرية ماسكن، برزت لنا واحدة من اهم التوصيات. وهي ان العمال غير الماهرين في البلدان النامية بحاجة الى تعليم افضل.

 38% من الافريقيين البالغين هم اميين ونسبتهم تجاوزت 50% في بعض الدول. يستمر الجدال بالقول، ان العمال الفقراء حين تتوفر لديهم المهارات الجيدة سيكونون اكثر جاذبية للشركات الاجنبية التي ستقدم لهم المزيد من النقود. الدليل يشير الى ان الشركات المتعددة الجنسية تدفع بالفعل اجورا عالية، وان اللامساواة ستتضائل لو انخرط المزيد من الناس في العولمة.

بعض الاقتصاديين مثل ماسكن يستبعدون امكانية ان يدفع العمال غير الماهرين النقود لأجل التعليم، لسبب بسيط انهم لا يستطيعون ذلك. هناك عامل آخر مهم هو ان العمال الفقراء يميلون للتقليل من اهمية التعليم.

يرى ماسكن ان الحكومات والمانحين يجب ان يتحملوا المسؤولية. في الاجتماع المذكور، عبّر ماسكن عن إعجابه بالتقدم الذي حققته بعض دول امريكا اللاتينية. في الحقيقة، ان دول امريكا اللاتينية هي من بين الدول التي شهدت القليل من اللامساواة منذ تسعينات القرن الماضي.

طبقا لنظرية ماسكن، ان التعليم الجيد سيكون له تأثيراً كبيراً. في عام 1970 كانت نسبة اطفال امريكا اللاتينية المسجلين في المدارس المتوسطة اقل من 30%. اليوم ارتفعت النسبة الى 88%.

في ورقة لمركز التنمية العالمية وُجد ان "هبوط اللامساواة في توزيع دخل العمل لكل بالغ يتقرر، الى جانب اشياء اخرى، بتأثير التغيرات في كمية واسعار التوزيع في التعليم". الدول القليلة الدخل عموما يُعتقد انها فشلت في مسايرة نجاحات التعليم في امريكا اللاتينية.

يؤكد ماسكن على اهمية الدور الذي تلعبهُ الإعانات الاجنبية في تطوير التعليم في الاقطار النامية. غير ان المانحين لم يرتقوا بعد لمستوى التحديات. الإعانات للدول النامية بلغت أعلى نسبة لها في السنة الماضية. مع ذلك، في عام 2013، كانت نسبة المساعدات التي خصصتها مجموعة دول التعاون والتنمية الاوربية التسع والعشرون OECD للتعليم قليلة قياسا بما خصصته في السنوات العشر الماضية(1). سياسات وكالات الدعم الدولية نأت بنفسها كثيراً عن التعليم: لذا، طبقا لنظرية ماسكن، اذا كنا حقا مهتمين باللامساواة في الدول النامية، فلابد من ان يتركز اهتمام الدول الغنية على قضية التعليم.

........................................

(1) جرى هنا احتساب نسبة الدعم التعليمي الذي تقدمه لجنة الدول الداعمة للتنمية كنسبة من الدعم الكلي لجميع القطاعات في الدول المستفيدة بسعر الدولار الامريكي الحالي.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/آيلول/2014 - 5/ذو القعدة/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م