مستقبل الحكومة العراقية القادمة

في ظل التحديات الراهنة

حوراء رشيد مهدي الياسري/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

 

اضطر رئيس وزراء العراق المنتهية ولايته نوري المالكي إلى التنحي والتنازل عن السلطة لصالح رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لجملة من الأسباب منها:-

(1) تأكيد المرجعية الدينية العليا على مبدأ التداول السلمي للسلطة وعدم التمسك بها وإفساح المجال أمام الآخرين من اجل المشاركة في العملية السياسية وتقديم الأحسن بما يخدم الصالح العام، وإعلان المرجعية على لسان ممثلها الشيخ عبد المهدي الكربلائي في يوم الجمعة الموافق 8/8/2014 من خلال خطبة الجمعة على الآتي: (يجب على من يشعر بالمسؤولية اتجاه شعبة تجنب التمسك بالمناصب، ودعا القوى السياسية العراقية إلى العمل وفق رؤية موحدة على أن تراعي حقوق جميع المواطنين وبدون استثناء) وكان هذا وقعه كبيرا على الشارع العراقي خصوصا بعد إلزام المرجعية في يوم الأربعاء الموافق 13/8/2014 المالكي بالتنحي وترك رئاسة الوزراء للرئيس المكلف الجديد حيدر العبادي.

 (2) الرفض الشعبي لتولية المنصب للمرة الثالثة على التوالي نظرا لما يشهده البلد من أوضاع سيئة قبل وبعد 9/حزيران/2014م حيث أن أحداث الموصل والمحافظات الشمالية الأخرى قد أشعلت الأوضاع السياسية في البلد ووضعته على حافة الهاوية.

(3) الرفض الإقليمي والدولي لسياسة وشخص المالكي بعد الإخفاقات الأمنية والعسكرية التي حدثت في البلد والتي راح ضحيتها العديد من أبناء الشعب العراقي من الأغلبية والأقلية خصوصا بعد سيطرة الجماعات الإرهابية للدولة الإسلامية في العراق والشام وهي ما تعرف بـ (داعش) على المحافظات الشمالية وممارسة الترهيب ضد قاطنيها.

(4) التأييد والترحيب الداخلي والخارجي لحيدر العبادي من اغلب أطراف العملية السياسية أملا منهم في أن يحقق ما عجزت عنه الحكومتان السابقتان وخصوصا في مجالي الأمن والدفاع.

وبعد تكليف العبادي لتشكيل الكابينة الوزارية خلال المدة الدستورية المقررة، فان حكومته المرتقبة ستواجه عدد من التحديات التي قد تعيق نجاحها منها ما يأتي:-

1- التحدي الأمني: الذي يتمثل في الضعف والانحلال الكبير للمؤسسة الأمنية والعسكرية العراقية، وهذا الضعف يرجع لعدة عوامل أهمها:

 أ) ضعف البناء المؤسسي لهذا المفصل المهم في الدولة.

 ب) عدم تطور منظومات الأسلحة التي يمتلكها الجيش العراقي مقارنة مع تلك التي تمتلكها جيوش الدول المتقدمة.

ج) عدم توفر الكفاءات العلمية والعسكرية القادرة على إدارة المؤسسات الأمنية، وان توفرت فان انتماء وولاء الكثير من أفرادها لا يكون لهذه المؤسسة وإنما للجة التابعة لها والمنتمية إليها.

د) ضعف ارتباط الجندي العراقي بأرضه ووطنه وغياب العقيدة العسكرية الواضحة لديه.

ه) انخراط إعداد ليست بقليلة من المليشيات داخل هذه المؤسسة، وظهور التحزب والتكتلات داخل هذه المؤسسة التي يجب أن تخلو من إي تحزب.

2- التحدي السياسي: يعد هذا التحدي من ابرز التحديات التي تواجه بناء الحكومة الجديدة لأنه مرتبط برجالات الدولة وساستها، فقد واجهت الحكومة الجديدة العديد من المواقف ما بين مؤيد ومعارض لها وإنها اليوم تضطلع بمهمة كبيرة تتمثل في تحقيق التوافقات السياسية ما بين المواقف السياسية المختلفة والمتنوعة والمتشنجة لدى أطراف العملية السياسية في العراق من جهة، وتحقيق التوازن والانسجام بين المواقف الإقليمية والدولية المتقاطعة من جهة أخرى.

3- التحدي الاقتصادي: يشكل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه العراق خصوصا بعد تأخير إقرار الموازنة العامة، والنزوح الجماعي الكبير جراء العمليات الإرهابية والتهجير القسري من قبل عصابات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فضلا عن الحاجة الاقتصادية لوجود برنامج اقتصادي متكامل يحقق العدالة الاجتماعية ويضع العراق على الطريق الصحيح للنهضة الاقتصادية. هذه الأمور وغيرها تشكل تحديا مهما أمام حكومة العبادي وستشكل مقياسا مهما لمقدار نجاحها من عدمه.

مما تقدم نخلص إلى القول: أن حكومة العبادي يقع على عاتقها الكثير من المهام والمسؤوليات التي يجب أن تقوم بها، وسوف تبرز جدارتها من خلال وضع الحلول والخطط المناسبة لمعالجة التحديات الجسيمة التي تعترض طريقها.

* باحثة مشاركة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

www.fcdrs.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/آب/2014 - 30/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م