الذئاب المنفردة... إرهاب ينهش جسد الشرق الأوسط

 

شبكة النبأ: يحاول المجتمع الدولي التصدي للتنظيمات الإرهابية (وبالأخص تنظيم ما يسمى الدولة الاسلامية/ داعش) التي باتت تنتشر بشكل كبير وتستقطب المتعاطفين معها، سواء بالمال او القتال، من مختلف انحاء العالم بما فيها الدول الغربية، وقد تمكنت الدول الكبرى من اصدار قرار اممي يستهدف أخطر تلك التنظيمات، والشخصيات القيادية فيها، الامر الذي عده كثير من المحللين، التحول الى مرحلة العالمية في مواجهة خطر انتشار التنظيمات الإرهابية، بعد ان كانت اخطار محلية يقتصر تهديدها على دول معينة كسوريا والعراق، سيما وان الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوربية تخشى من تنفيذ تلك المنظمات لتهديداتها السابقة باستهداف مصالح الدول الغربية، إضافة الى تنفيذ هجمات محتملة من خلال خلايا موجودة داخل هذه الدول ويطلق عليها (الذئاب المنفردة).

ويبدو ان احداث التاسع من حزيران، والتي تمكن من خلالها تنظيم داعش من السيطرة على مناطق واسعة في شمال وغرب العراق، قد شكلت صدمة بالنسبة للمجتمع الدولي، الذي بات يدرك حجم الإمكانات والنفوذ الذي يتمتع به هذا التنظيم، وانه صار لزاما على الدول المؤثرة في العالم، ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي، وربما العسكري، للحد من الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعات المسلحة من اشخاص ومنظمات ودول لها مصالح وتوجهات تدفعها لدعم التكفيريين، على حد وصف خبراء في شؤون منطقة الشرق الأوسط.

واستهدف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة متشددين إسلاميين في العراق وسوريا بإدراج ستة منهم بينهم المتحدث باسم جماعة الدولة الإسلامية في القائمة السوداء وبالتهديد بفرض عقوبات ضد من يمول أو يجند أو يزود المتشددين بالسلاح، ووافق المجلس المؤلف من 15 دولة بالإجماع على قرار يستهدف إضعاف الدولة الإسلامية (وهي جماعة منشقة على تنظيم القاعدة سيطرت على مساحات من الأرض في العراق وسوريا وأعلنت خلافة إسلامية) وجبهة النصرة وهي جناح لتنظيم القاعدة في سوريا.

ويدرج مجلس الأمن الدولي جماعة الدولة الإسلامية على القائمة السوداء منذ فترة طويلة بينما أضيفت جبهة النصرة للقائمة في وقت سابق هذا العام، وتخضع الجماعتان لنظام العقوبات الذي تفرضه الأمم المتحدة على القاعدة، وذكر بيان اسماء الأشخاص الستة الذين سيخضعون لحظر على السفر للخارج وتجميد أصول وحظر للأسلحة وبينهم المتحدث باسم جماعة الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني وهو عراقي وصفه خبراء في الأمم المتحدة بأنه أحد "أمراء الجماعة الأكثر نفوذا" ومقرب لزعيم الجماعة أبو بكر البغدادي.

فقد جاء في نص القرار أن قرار مجلس الأمن "يدين بأقوى العبارات الأعمال الإرهابية للدولة الإسلامية وفكرها المتطرف العنيف وانتهاكاتها المستمرة الجسيمة الممنهجة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني"، وشملت القائمة أيضا سعيد عريف وهو ضابط سابق في الجيش الجزائري فر من الإقامة الجبرية في فرنسا في عام 2013 وانضم إلى جبهة النصرة في سوريا والسعودي عبد المحسن عبد الله إبراهيم الشارخ الذي يتزعم جبهة النصرة في منطقة اللاذقية بسوريا، وتضم القائمة أيضا حامد حمد حامد العلي وحجاج بن فهد العجمي وهما كويتيان يشتبه في أنهما يقدمان دعما ماليا لجبهة النصرة، وأدرج عبد الرحمن محمد ظافر الدبيسي الجهني وهو سعودي في القائمة السوداء لأنه يشرف على شبكات المقاتلين الأجانب في جبهة النصرة. بحسب رويترز.

وتضمن القرار إدانة تجنيد مقاتلين أجانب والاستعداد لإدراج أي أشخاص يقومون بتمويل أو تسهيل سفر المقاتلين الأجانب على القائمة السوداء، وعبر عن القلق لاستخدام عائدات النفط من الحقول التي تسيطر عليها الجماعتان في تنظيم هجمات، وأعدت بريطانيا مسودة القرار واستهدفت في بادئ الأمر أن يتم إقرار النص بحلول نهاية أغسطس آب ولكنها عجلت خطتها بعد تصعيد من قبل الدولة الإسلامية التي تشكل أكبر خطر على العراق منذ أن أسقط غزو قادته الولايات المتحدة صدام حسين في 2003، وقال مارك ليال جرانت سفير بريطانيا في الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بعد إقرار القرار "لا يمكنهم البقاء بشكل مستقل عن العالم الخارجي وإذا تسنى وقف هذا الدعم من العالم الخارجي فلن يملك هذا التنظيم الموارد لمواصلة أنشطته، واتخذ القرار ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الأمر الذي يجعله ملزما للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويعطي مجلس الأمن سلطة لتنفيذ القرارات بالعقوبات الاقتصادية أو بالقوة، لكنه لا يسمح باستخدام القوة العسكرية للتعامل مع المسلحين المتشددين.

السعودية والكويت ملتزمتان

من جهتهما وافقت السعودية والكويت على الالتزام بقرار للأمم المتحدة يستهدف منع التمويل عن جماعات إسلامية متشددة في سوريا والعراق بعد ورود أسماء أربعة من مواطني البلدين ضمن مجموعة أدرجتها المنظمة الدولية على القائمة السوداء، ويعتقد مسؤولون غربيون ان عربا أثرياء بدول الخليج مثل السعودية والكويت يمثلون مصدرا رئيسيا لتمويل المتشددين الاسلاميين السنة الذين يقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

وبينما تعتبر السعودية داعما رئيسيا للثورة ضد الأسد حليف إيران الشيعية إلا أن الرياض تقول إنها حريصة على توجيه الدعم الحكومي للجماعات المعتدلة، وأدرجت السعودية هذا العام الدولة الاسلامية وجبهة النصرة ضمن المنظمات الارهابية وأصدرت مراسيم بسجن كل من يقدم لهما دعما ماديا أو معنويا ووجهت رجال الدين هناك إلى التحذير من التبرعات الشخصية للمتشددين، ويدرج مجلس الأمن الدولي جماعة الدولة الإسلامية على القائمة السوداء منذ فترة طويلة بينما أضيفت جبهة النصرة للقائمة في وقت سابق هذا العام، وتخضع الجماعتان لنظام العقوبات الذي تفرضه الأمم المتحدة على القاعدة.

وقالت وسائل إعلام خليجية إن اثنين ممن وردت أسماؤهم على القائمة السوداء سعوديان تطالب الرياض بالقبض عليهما لصلاتهما بمتشددين إسلاميين والاثنان الآخران من الكويت بينهما الشيخ حجاج بن فهد العجمي وهو رجل دين بارز متهم بصلاته بجبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن بيان لمندوب الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي ان الكويت ستلتزم بقرار الأمم المتحدة رقم 2170 وستنفذ كل بنوده، وبموجب القرار فإن الأشخاص الستة سيكونون هدفا لحظر دولي على سفرهم وتجميد أموالهم وحظر تسليحهم، ويطلب القرار من خبراء الأمم المتحدة (المكلفين بمراقبة الانتهاكات لنظام عقوبات القاعدة الذي وضعه مجلس الأمن) برفع تقرير خلال 90 يوما عن التهديدات التي تمثلها الدولة الاسلامية وجبهة النصرة وتفاصيل تمويلهما وتجنيد أتباعهما. بحسب رويترز.

وقالت صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن إن السعوديين عبد المحسن عبد الله ابراهيم الشارخ وعبد الرحمن محمد ظافر الجهني مدرجان على قائمتين للمتشددين المطلوب القبض عليهم عامي 2009 و2011، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتابع عدد الضحايا في القتال الدائر في سوريا إن الشارخ قتل قرب مدينة اللاذقية في مارس آذار، وكان يعتقد أن الجهني هارب في مكان ما خارج السعودية، وقال السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي إن الرياض ملتزمة بتنفيذ القرار، وكانت السعودية والكويت قد شددت في الآونة الأخيرة القوانين بهدف منع المواطنين من التورط في الصراعات الخارجية وأمرت رجال الدين في المساجد بالالتزام بالسياسات الحكومية في خطبهم، وفي السعودية أصدرت محاكم شرعية مؤخرا سلسلة من الأحكام تقضي بسجن أشخاص لسفرههم للقتال في الخارج أو قيامهم جمع أموال للمتشددين الاسلاميين.

واعلنت السلطات الكويتية انها مصممة على "محاربة الارهاب وتمويله" وذلك غداة عقوبات اميركية بحق كويتيين اتهموا بجمع اموال لصالح منظمات متطرفة في سوريا والعراق، ونقلت وكالة الانباء الكويتية الرسمية عن السفير الكويتي بواشنطن الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح قوله "ان الكويت مصممة على محاربة الارهاب وتمويله"، واضاف ان "الكويت اقرت قانون لمحاربة الارهاب" وان بلاده "تتعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة الخطرة"، واعلنت الولايات المتحدة انها وضعت على لائحتها السوداء ثلاثة افراد اتهموا بتمويل منظمات ارهابية في سوريا والعراق.

وبين المعاقبين الشيخ شافي العجمي (41 عاما) وحجاج العجمي (26 عاما) المتهمين بجمع اموال لجبهة النصرة الفرع السوري للقاعدة، بحسب وزارة المالية الأميركية، والشخص الثالث هو عبد الرحمن خلافة العنزي الاربعيني التي لم توضح السلطات الاميركية جنسيته والمتهم بدعم داعش في العراق، وبحسب الوكالة الكويتية، فان الثلاثة يحملون الجنسية الكويتية، وقال ديفيد كوهين مساعد وزير المالية الاميركي المكلف مكافحة تمويل الارهاب "من خلال الدعوات لجمع الاموال عبر الشبكات الاجتماعية وبواسطة شبكات مالية" فان المتهمين "مولوا معارك ارهابية في سوريا والعراق"، وتعني العقوبات تجميد الارصدة المحتملة لهؤلاء الاشخاص في الولايات المتحدة كما تحظر على الاميركيين التعامل تجاريا معهم.

والمدعوان العجمي يحظيان بشعبية كبيرة على الشبكات الاجتماعية في الكويت حيث ينشطان في جمع اموال لصالح "الشعبين السوري والفلسطيني"، حسب قولهما، ويؤكد الاثنان انهما ضد داعش وتحظى حملاتهما بدعم الكثير من رجال الدين المعروفين، وبعد القرار الاميركي اصبح متعذرا الوصول الى حسابيهما على موقع تويتر، ولا يملك العنزي حسابا على تويتر، وقالت صحف كويتية ان السلطات فرضت قيودا على جمع الاموال من قبل جمعيات خيرية اسلامية يتم توظيف قسم منها لدعم منظمات ارهابية.

وقال مصدر أمني إن الكويت احتجزت رجل دين سنيا في مطار الكويت بعد أن أدرجت الولايات المتحدة اسمه في قوائم العقوبات بشبهة تحويله أموالا إلى المتشددين في العراق وسوريا، وجاء احتجاز حجاج العجمي في المطار عقب وصوله قادما من قطر التي تدعم قيادتها جماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين في مصر وتستضيف شخصيات كبيرة من حركة حماس وطالبان ولكنها لا تدعم المتشددين الإسلاميين في العراق وسوريا، وسعيا للتضييق على تمويل المتشددين في سوريا والعراق احتجزت السلطات الكويتية لفترة وجيزة رجل دين هو شافي العجمي الذي ينتمي إلى نفس قبيلة حجاج العجمي، وأفرج عن شافي العجمي في وقت لاحق دون أن توجه إليه اتهامات.

جهاديو المغرب

من جهة أخرى أعلنت وزارة الداخلية في المغرب في بيان أن "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أوقفت، بناء على معلومات شخصين من الموالين للتنظيم الإرهابي المعروف ب"الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وأضاف المصدر نفسه أن الشخصين "كانا على أهبة مغادرة التراب الوطني للالتحاق بمعسكرات" التنظيم المتطرف، و"تربطهما علاقات بمتطرفين أجانب، خططوا للاستفادة من تكوين عسكري وميداني في أفق نقل تجربته داخل أراضي المملكة"، ولم يشر البيان إلى مكان اعتقال الشخصين وتاريخه، كما لم يقدم أي تفاصيل عما كانا يخططان له، وأضافت الداخلية المغربية "أن أحد الموقوفين على صلة وطيدة بشبكة إجرامية تنشط بمدينة فاس (وسط)، يقودها معتقل سابق بمقتضى قانون الإرهاب، متورطة في تنفيذ اعتداءات جسيمة على المواطنين باستعمال أسلحة بيضاء".

وقد أسفرت التحقيقات المنجزة، بحسب المصدر نفسه، عن "توقيف أربعة أشخاص بهذه المدينة (فاس) لهم علاقة بهذه الشبكة الإجرامية سيتم تقديهم للعدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة"، وأعلنت الداخلية المغربية في 14 آب/أغسطس تفكيك خلية لتجنيد مقاتلين للانضمام لتنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف، وقال محمد حصاد وزير الداخلية المغربي منتصف تموز/يوليو أمام أعضاء مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، إن "المعلومات الاستخبارية المتوافرة تفيد أن هناك أكثر من ثلاثة آلاف جهادي مغربي يقاتلون في صفوف "الدولة الإسلامية" وتم تعيين خمسة منهم مؤخرا في مسؤوليات مهمة". بحسب فرانس برس.

وصنف وزير الداخلية هؤلاء المقاتلين إلى مجموعتين، واحدة مكونة من 1122 فردا جاؤوا مباشرة من المغرب، والثانية تضم ما بين 1500 إلى 2000 شخص يقيمون في الدول الأوروبية، وأوضح أنه حتى اليوم "قتل 200 جهادي مغربي في العراق على الجبهة، 20 منهم أقدموا منذ إعلان "الدولة الإسلامية" على عمليات انتحارية، فيما عاد 128 إلى المغرب ويخضعون للتحقيق تحت إشراف السلطات الأمنية"، ووفق أرقام نشرتها "الإدارة العامة للأمن الوطني" حول الإجرام في المغرب، فقد تم في الفترة الممتدة بين 2011 و2013 تفكيك 18 "خلية إرهابية" تنشط في مجال تجنيد وتدريب الجهاديين في المغرب.

إلى أحضان داعش

من ناحية أخرى فأن إسلام يكن، أبو سلمه بن يكن وبعد ذلك "أبو سلمة"، ثلاثة أسماء لشخص واحد تم تداولها بكثافة في الأيام الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الجهادية خاصة المصرية منها، بعد أن انتقل صاحبها من الدراسة في "الليسيه الفرنسية" بالقاهرة ومن صالات كمال الأجسام، هوايته الرياضية المفضلة لوقت ليس بالبعيد، إلى أحضان تنظيم الدولة الإسلامية والقتال في صفوفها، الصورة قد تكون في ظروف أخرى، عادية، شاب يتباهى بجسمه الجميل في صالة لكمال الأجسام في مصر، ولكن المثير أن صاحبها اليوم جهادي يقاتل في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

إسلام يكن، شاب مصري في الثلاثينات من العمر، خريج "الليسيه الفرنسية" بالقاهرة في 2009 وحقوق جامعة عين الشمس في 2013، يهوى رياضة كمال الأجسام، وكغيره من الشباب المصري في مثل سنه كان يرتاد المقاهي ويهوى التنزه ويولي اهتماما كبيرا لجسمه، لينتقل في أيام قليلة إلى المطب المضاد، جهاد، وذبح وغنائم، يتباهى بها علنا على الإنترنت، والتحاق إسلام بالجهاديين في سوريا لم يبعده عن شبكات التواصل الاجتماعي، التي تنشط الحركات الجهادية على صفحاتها، والمثير في قصة إسلام هو استعماله اللغة العامية المصرية في رسائله عبر تويتر وحواراته مع متابعيه الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم، خاصة بين المصريين الذين يحاولون اكتشاف سر "ابن بلدهم" الذي كان بينهم وانتقل للجهاد في سوريا.

موقع "المدن" اللبناني سأل الجهادي المصري "كل اللي قتلتهم كانوا كفار؟"، ويجيب إسلام "المهم هتلاقي الناس اللي بتتهمنا أننا بنكفرهم ونكفر العوام والعياذ بالله، هم الذين يكفروننا أصلا"!، وغالبا ما يجيب إسلام على أسئلة حول تنظيم الدولة الإسلامية عبر تويتر، كما يعلق على ما يحدث في مصر من سياسة ومجتمع، بلغة مصرية عامية يفهمها الجميع، بل أكثر من ذلك يستعمل أحيانا تعبيرات بذيئة من الشارع المصري، وفي رسالة على تويتر حول فنانة مصرية تدعى ميريهان حسين كتب إسلام "ما بقي إلا العاهرات تتحدث عن المؤمنين المجاهدين راح يوصلون لك المجاهدين ويرجمونك مسألة وقت". بحسب فرانس برس.

جهاديون بوجه اخر

فيما أثار جهادي يتخذ لنفسه اسم عبد الله ضجة على الانترنت مؤخرا لكن ذلك (ولخيبة أمله) لم يكن بسبب تأييده لمقاتلي الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وكانت الضجة بفعل تعليقات وضعها على موقع تويتر بشأن وفاة الممثل الكوميدي الامريكي روبن وليامز وانتشرت سريعا لتفجر عاصفة من التساؤلات الطريفة بشأن ما يفضله من أفلام، وإلى وقت قريب كانت مواقع المتشددين الاسلاميين على الانترنت تمثل ركنا مظلما وخفيا الى حد بعيد ونادرا ما يرتادها آخرون بخلاف أجهزة المخابرات والشرطة.

غير ان جماعات مثل الدولة الاسلامية (التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة والتي كانت تعرف باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام) باتت تستخدم نفس المنبر مثل أي طرف آخر وغالبا باللغة الإنجليزية، وعبر اسلاميون متشددون آخرون يستخدمون حسابا على موقع تويتر عن أراء غاضبة ضد روبن وليامز حيث رحب كثيرون منهم بموته لاسباب منها الصورة الساخرة التي قدمها في عام 2002 وتهكم فيها على الجهاديين، وأشار بعضهم الى زياراته للقوات الامريكية في العراق وأفغانستان.

وبينما قال عبد الله ان الممثل (روبن وليامز) يحترق الان في نار جهنم تبادل التعليقات مع متشدد آخر بشأن استمتاعهما المشترك بفيلم الاطفال "جومانجي" "Jumanji" وهو فيلم مغامرات خيالي أمريكي قدمه وليامز في عام 1995، ثم وجد نفسه يدخل في مناقشات مع آخرين بشأن تذوقه للأفلام كاشفا عن أن فيلم "ذا ليون كينج" "The Lion King" هو المفضل لديه بين أفلام ديزني، وجمع موقع Buzz feed  قائمة بتلك التعليقات وتعقيبات مماثلة من جهاديين آخرين أذكت المناقشات بدرجة أكبر، وفي سلسلة تعليقات قصيرة كتب عبد الله في حسابه على تويتر إنه قلق مما يكتبه، وأضاف "إنني بالفعل أشعر بالقلق من ان يبدأ الناس متابعتي بدافع معرفة أفلامي المفضلة بدلا من الحديث عن الجهاد"، ومضى يقول "أنا هنا كي أقوم بنشر أخبار لا تقييم أفلام كوميدية رومانسية".

والهوية الحقيقية لعبد الله غير معروفة، وحسابه على تويتر يصفه بأنه شاب عمره 19 عاما يؤيد الدولة الاسلامية وهدفها بإعلان دولة الخلافة، ويضيف انه "معاد للديمقراطية" رافض للشيعية و"صارم مع الكفار"، وتظهر صورته التي وضعها على حسابه شابا ملثما يرتدي ملابس عسكرية، واستخدامه للكلمات والأحرف يشي بأنه قد يكون بريطانيا، ويقول خبراء ومسؤولو أمن إن عدة مئات أو أكثر من البريطانيين يقاتلون في سوريا والعراق، وقال جون باسيت وهو مسؤول كبير سابق بجهاز مخابرات بريطاني والان زميل بجامعة أكسفورد عن التعليقات الخاصة بروبن وليامز "مع افتراض أنها حقيقية فأنها تعطي مثالا واضحا على مدى غرابة وتعقيد ما آلت اليه الامور الان".

وقال باسيت الذي كان يعمل في السابق في جهاز المخابرات البريطاني المعروف "بمقر الاتصالات الحكومية" وهو جهاز أمني ومخابراتي يعمل على الحفاظ على سلامة وأمن بريطانيا "بعض هؤلاء الناس يأتون من نفس الخلفية التي ننتمي اليها وهم يستخدمون بالضبط نفس الادوات"، ومن المستحيل التحقق من صحة هذا الحساب، وبعد ان قاتل مسلحو الدولة الاسلامية القوات الحكومية السورية لمدة تزيد على عامين أصبحوا يسيطرون في الاسابيع الاخيرة على معظم مناطق شمال ووسط العراق، وتتباهى الدولة الإسلامية بتزايد مؤيديها ونشطائها على الانترنت بينما لا يبدو ان لها وجودا رسميا على الشبكة أو حسابا على تويتر. ولم يغلق تويتر حسابات مقاتليها رغم نداءات متكررة لكي يفعل ذلك، ويقول خبراء انه حتى لو قامت إدارة موقع تويتر بذلك فانهم سيظهرون مجددا تحت عناوين أخرى. بحسب رويترز.

ويبدو تنظيم الدولة الاسلامية بوجه عام أكثر ثقة على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من نظرائه مثل حركة الشباب الصومالية وبوكو حرام النيجيرية أو فرعي تنظيم القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا، وفي مارس اذار نشرت الدولة الاسلامية تقريرا سنويا ثانيا على الانترنت عن أنشطتها جاء في 400 صفحة تتضمن احصائيات بالهجمات التي شنتها، ويقول جون دريك وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط لدى شركة إيه.كيه.إي. الاستشارية في لندن "القاعدة والتنظيمات المنبثقة عنها كانت دائما جماعة متباينة وهذ يعني ايضا ان جهودها في مجال التعريف بها وبأنشطتها متباينة للغاية"، ومضي يقول "في حالة الدولة الاسلامية هناك تنوع كبير من بشر لهم تجارب حياتية وآراء مختلفة، ويحدث هذا بكثرة الان".

ومن بين عشرات التعليقات التي تعبر عن التمسك بالشريعة ورفض القانون الدولي والغضب من جماعات اسلامية اخرى لعدم تأييدها للدولة الاسلامية ضد الهجمات الجوية الامريكية عبر عبد الله عن موقف مماثل، وكتب عبد الله "هل من الصعب ان تتصور أنني أدعم الدولة الإسلامية واشاهد الافلام؟"، ويرحب بعض المتشددين بهذه الاصوات الجديدة، وكتب مستخدم لحساب اسلامي على تويتر يدعو حسابه الى فتح الامريكيتين "الدولة الاسلامية تحتاج الى وجه يخاطب الغرب نشأ هناك ويتفهم المشاعر ومفوه لكنه أيضا لديه معرفة غزيرة اسلاميا"، ويقول مسؤولو أمن غربيون حاليون وسابقون انهم يأخذون على محمل الجد الحوار المتبادل بين المتشددين على الانترنت بما في ذلك تهديداتهم من وقت لاخر بمهاجمة أمريكا والغرب.

وإذا كان هؤلاء المتشددين يعيشون في دول غربية فان مخاطر القاء القبض عليهم كبيرة بموجب قانون مكافحة الارهاب أو جرائم الكراهية، واذا كانوا يتواجدون حاليا في مناطق صراع مثل سوريا أو العراق فقد يكون من الصعب اعتقالهم لكن قد يتم كشف هوياتهم ثم محاكمتهم لدى عودتهم، وما من شك في ان حسابات تويتر (مثل حساب عبد الله) تجعل المقاتلين الاسلاميين أكثر قدرة على التواصل وأقرب الى الناس، ويخشى بعض خبراء الامن أن ذلك يمكن ان يساعدهم على جذب وتجنيد مزيد من المقاتلين، لكن هذا التواصل ينتج عنه أيضا قدرا من الازدراء، فقد انتشرت التعليقات المعادية للدولة الاسلامية من المستخدمين الغربيين على نحو أكبر، وكتب أمريكي على حسابه على تويتر في اشارة الى الغارات الامريكية ضد مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق "لا أستطيع الانتظار لأرى كم واحد منكم سيصبحون شهداء الليلة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/آب/2014 - 29/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م